مصر: تفاعل «سوشيالي» مع حبس «يوتيوبر» اتُّهم بـ«التحريض على الإلحاد»

شريف جابر يتحدث عن الحكم الجديد الصادر ضده (يوتيوب)
شريف جابر يتحدث عن الحكم الجديد الصادر ضده (يوتيوب)
TT

مصر: تفاعل «سوشيالي» مع حبس «يوتيوبر» اتُّهم بـ«التحريض على الإلحاد»

شريف جابر يتحدث عن الحكم الجديد الصادر ضده (يوتيوب)
شريف جابر يتحدث عن الحكم الجديد الصادر ضده (يوتيوب)

حظي «اليوتيوبر» المصري شريف جابر، بتفاعل واسع على «السوشيال ميديا» بعد الحكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة ازدراء الأديان والتحريض على الإلحاد، وظهرت ردود فعل متباينة على «إكس» بعد بروز اسمه وهاشتاغ «على الإلحاد» في قوائم «الترند»، الاثنين.

وقضت محكمة جنح الإسماعيلية، بالسجن المشدّد 5 سنوات على «اليوتيوبر» المصري في القضية رقم 3391 لسنة 2024، لاتهامه بنشر فيديوهات تحرض على الإلحاد وتزدري الدين الإسلامي، حسب وسائل إعلام محلية.

جاء الحكم بناءً على بلاغ قدمه أحد المحامين يتهم فيه «اليوتيوبر» المصري ببثّ فيديوهات تنطوي على إساءات للأديان وتحرض على الإلحاد، وعقب صدور الحكم كتب المحامي على صفحته الشخصية في منصة «فيسبوك»، الأحد: «بفضل الله، صدر حكم بحبس شريف جابر خمس سنوات».

وجاء في الحكم أن «فيديوهات جابر فيها تطاول على الذات الإلهية، وسخرية من الدين الإسلامي، وهو ما يجرمه الدستور والقانون في مصر وفقاً لنصوص المواد 98، و160، و161 من قانون العقوبات».

وتعاقب المادة 98 من قانون العقوبات «كلّ من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية» بالحبس مدة لا تقلّ عن 6 أشهر ولا تجاوز 5 سنوات، في حين تنص المادتان 160 و161 على المعاقبة بالحبس والغرامة لمن يشوّش أو يعطل إقامة الشعائر الدينية أو يسخر من أحد الأديان.

وسجّل «اليوتيوبر» المصري مقطع فيديو تحدث فيه عن الحكم وقال إنه للمرة الثالثة يصدر ضده، وإنه بالفعل صدر ضده حكم سابق بالسجن 4 سنوات، ومن وقتها وهو يتفادى الظهور أو النزول إلى الشارع، وينتقل من مكان إلى آخر، ويقوم بمحاولات عدة للسفر إلى الخارج.

وتفاعل مستخدمو «إكس» مع الواقعة، فكتبت نجوى أشرف في حسابها على «إكس» أنها رأت مقاطع فيديو كثيرة لشريف جابر ولم تسمعه يحرّض على الإلحاد، بل يقدم انتقادات من داخل الكتب الإسلامية نفسها، واعتبرت أنهم «حبسوه لأنهم عاجزون عن مواجهته»، حسب ما ذكرته.

في حين كتب محمود مراد على «إكس» معلقاً على صورة شريف جابر والحكم، أن هذا الشخص «كان واخد حكم قبل كده، والحكم لم يُنفّذ، والحكم كاد أن يسقط بالتقادم لأنه لم يُنفذ، وما زال مستمراً في عمل فيديوهاته. ياريت تشاركوا في الهاشتاغ والضغط لتنفيذ الحكم عليه».

وتفاعلت الكاتبة المصرية سحر الجعارة على «إكس» وكتبت: «هذا الخبر معناه أن مصر لن تتقدم للأمام خطوة واحدة #حرية_العقيدة مكفولة بالقرآن والدستور».

وكتب رشاد حامد على «إكس»: «شريف جابر حر في أن يعتقد ما يشاء، والمحكمة لم تصادر حريته، والعقوبة ليست على اعتقاده، ولكنها على ارتكابه جريمة (ازدراء الأديان) وجريمة (التحريض على الإلحاد)، والحكم ليس باتاً، وما زال ممكناً الطعن فيه».

وأضاف: «لا أفهم وجهة نظر المدافعين عن هذا المُدان، خاصة أنني شاهدت بعض الفيديوهات له، وتأكدت من ارتكابه الجريمة المنسوبة إليه».

وكانت مصر قد شهدت أكثر من واقعة حُكم فيها على أشخاص بتهمة ازدراء الأديان، من بينها القضية رقم 121 لسنة 2022 ضد ماركو جرجس صليب شحاتة بالحبس 5 سنوات مع الشغل والنفاذ على خلفية ما أُسند إليه من اتهامات هي: «استغلال الدين في الترويج ﻷفكار متطرفة، وازدراء الأديان، والتعدي على قيم اﻷسرة المصرية».

وحسبما أوردت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، هناك قضايا عدّة حُكم فيها بازدراء الأديان خلال عامي 2021 و2022، من بينها قضية المحامي والباحث في الفكر الإسلامي أحمد عبده ماهر، الذي حُكم عليه بالسجن 5 سنوات، وكذلك الحكم بحبس عبد الرحمن الجندي 5 سنوات بتهمة ازدراء الأديان السماوية.


مقالات ذات صلة

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

يوميات الشرق لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

تطوّر اختبار «اللهجة الفلاحي» إلى «وصم اجتماعي» في مصر بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، مع انتشاره عبر مواقع التواصل.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق العقل هو مَن حلَّق أولاً (الباريزيان)

تحليق شراعي حُرّ لمُقعدين فرنسيين مع كراسيهم المتحرّكة

في بلدة أندليس بشمال فرنسا، يمكن للمُقعدين ممارسة التحليق الشراعي الحُرّ. فاستقبل نادٍ عدداً من ذوي الحاجات الخاصة ممّن دُرِّبوا على ممارسة هذه الرياضة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مشاهير وفنانون يحرصون على الحصول على لوحات مميزة لسياراتهم (صفحة حمو بيكا على «فيسبوك»)

مصر: اقتناء اللوحات المميزة للسيارات يكرس «الوجاهة الاجتماعية»

مسؤولون ومتابعون يشيدون بالمعارض الحكومية الدائمة التي دُشّنت بالشوارع والميادين لمحاربة الغلاء ودعم الفئات الاجتماعية الأقل دخلاً.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنان أشرف زكي نقيب الممثلين المصريين (إنستغرام)

مصر: معركة «الممثلين» ضد «البلوجرز» تتصاعد

تصاعدت معركة نقابة المهن التمثيلية في مصر ضد صناع المحتوى (البلوجرز والتيك توكرز) الذين يدخلون مجال التمثيل، عقب تصريحات حول إجراءات مشددة ستتخذها النقابة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق وزير الشباب والرياضة المصري وعدد من المسؤولين خلال الاتفاق على إنشاء صالة ألعاب رياضية للموظفين (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

«صالات جيم» المقار الحكومية تفجِّر جدلاً في مصر

فجَّر خبر افتتاح «صالة جيم» في إحدى المصالح الحكومية بمصر «جدلاً سوشيالياً»، حيث عدَّه البعض خطوة جيدة، بينما رأى معلقون أنه «ليس من الأولويات».

محمد الكفراوي (القاهرة )

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».