غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: أغاني اليوم ليست امتداداً لتراثنا الفني

يحيي أول حفل غنائيّ له بعد غياب

الفنان اللبناني غسان صليبا (إنستغرام الفنان)
الفنان اللبناني غسان صليبا (إنستغرام الفنان)
TT

غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: أغاني اليوم ليست امتداداً لتراثنا الفني

الفنان اللبناني غسان صليبا (إنستغرام الفنان)
الفنان اللبناني غسان صليبا (إنستغرام الفنان)

بدأ الفنان اللبناني غسان صليبا مشواره الغنائي مع برنامج «استوديو الفن»، وشارك في أول عمل مسرحي له مع الرحابنة في عام 1977، لتكرّ بعدها سبحة نجاحاته بين مسرح «روميو لحود»، وإطلاق أشهر أغانيه «يا حلوة شعرك داريه».

طرح صليبا مؤخراً هذه الأغنية بتوزيع موسيقي جديد، وأرفقها بفيديو كليب من إخراج مارك الأسمر؛ فبعد مرور نحو 40 عاماً على صدورها لا يزال اللبنانيون يرددونها في المناسبات والحفلات.

يعلق صليبا في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أتفاءل بهذه الأغنية، لا سيما أنها أسهمت في بناء شهرتي. لم تتح لي يومها، فرصة تصويرها فيديو كليب؛ لذا أعدت إصدارها في قالب موسيقي معاصر ضمن كليب جميل. هناك جيل من الشباب لا يعرفونها، ومع هذه الخطوة أسهم في إيصالها إليهم».

يرى صليبا أن أغاني اليوم لا تشكل امتداداً لتراثنا (إنستغرام الفنان)

أغنيات كثيرة يحفظها محبو غسان صليبا في لبنان والعالم العربي، من بينها «وطني بيعرفني»، و«غريبين وليل»، و«لمعت أبواق الثورة»، و«شو همّ القمر»... وغيرها. فلماذا برأيه هناك أغنيات لا تموت؟ يرد: «لأنها تتألف من جمالٍ متكاملٍ يتألّف من الشعر واللحن والأداء. هناك أغنيات وُلدت لتبقى وتستمر. نماذج عديدة في لبنان وعالمنا العربي تشير إلى ذلك، كما أن فنانين كثيرين يعيدون اليوم أغنيات قديمة لإحيائها من جديد».

إصدارات فنية كثيرة تشهدها الساحة الفنية اليوم، ولكن معظمها يمرّ مرور الكرام. لماذا تظهر وتختفي كأنها فقاعات هواء؟

يقول غسان صليبا في سياق حديثه: «إنها بالفعل كذلك؛ لأنها لا تشكّل امتداداً لتراثنا الفني، فلا الموضوعات التي تتناولها ولا اللهجات الغريبة التي تُقدّم بها تُشبهنا. وهناك عملية نسخ ولو مجتزأة عن ألحان أجنبية. فلا نشتمّ منها رائحة موسيقى عباقرة من لبنان كالراحلين فليمون وهبي وزكي ناصيف، فأمثال هؤلاء أسسوا لهويتنا الفنية التي تطبع زمن الفن الجميل».

يرى صليبا أن معظم البلدان الراقية تتمسك بتراثها الفني وتحافظ عليه، ولكن «نحن على عكسهم نعمل على تخبئته، ونُكثر من الإصدارات السطحية بدلاً منه».

يعلل أسباب تراجع مستوى أغاني اليوم إلى خللٍ في تربيتنا الوطنية والفنية: «هناك تقصير من قبل الإعلام أيضاً الذي يروّج لأغنيات هابطة. ربما الأزمة الاقتصادية التي نمرّ بها أثّرت على تلك المؤسسات، فاضطُرت لقبول أي عمل يسهم في مدخول مادي أفضل لها. ولكن هناك مبالغة في دعم هذا النوع من الأعمال، وأصفه بالمعيب».

يشاركه نجله وسام صليبا أداء بعض الأغنيات (إنستغرام الفنان)

أما عن الحنين لحقبة الزمن الجميل فيعدّها ترجمة لواقع لا يمكننا غض النظر عنه: «إنه الزمن الراسخ في عقولنا وأذهاننا؛ فالفن الراقي هو بمثابة حالة ثقافية تبني الشعوب. وعندما تهتم البلدان بتشجيع ذلك فمن أجل إعداد شعب متذوق ومبدع».

موسم الصيف الفني يفتتحه غسان صليبا بحفل يحييه على خشبة كازينو لبنان في الأول من يونيو (حزيران)، وهي العودة الأولى له إلى المسرح منذ عام 2018، ويعلق لـ«الشرق الأوسط»: «سيتضمن أغنيات جديدة وقديمة، وستشاركني رنا زيدان فيه، الفتاة التي أطلت معي في كليب (يا حلوة). وستكون هناك إطلالة لابني وسام، فنقدم معاً أكثر من أغنية على طريقة الـ(ديو)».

نحو 20 أغنية رومانسية ووطنية يتضمنها الحفل إضافة إلى واحدة يعمل على إنجازها حالياً: «إنها من ألحان جهاد حدشيتي وكلمات نعمان الترس، وموضوعها مختلف، يتناول شخصية امرأة متفائلة ومبتسمة رغم معاناتها».

ويعرّج صليبا في حديثه على الانفتاح الذي تشهده السعودية: «تشكّل اليوم محط أنظار العالمين العربي والغربي. ويعود الفضل الأكبر بذلك لحكامها وفي مقدمتهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. والأهم أن السعودية كما بلدان خليجية أخرى حافظت على تراثها الفني، لم تخسر هويتها، أو تأثرت بعناصر سطحية».

ويختم صليبا حديثه غير مستبعد دخوله المجال التمثيلي مرة أخرى: «في الحقيقة أحب التمثيل، وتجربة مسلسل (وأشرقت الشمس) كانت ناجحة جداً. وإذا ما تلقيت العرض المناسب لتطلعاتي فسأعيد التجربة من دون شك».


مقالات ذات صلة

أسترالي فَقَد ساقه بهجوم قرش يتعهَّد بركوب الأمواج «قريباً جداً»

يوميات الشرق أقوى من مباغتات القدر (مواقع التواصل)

أسترالي فَقَد ساقه بهجوم قرش يتعهَّد بركوب الأمواج «قريباً جداً»

عبَّر راكب الأمواج الأسترالي كاي ماكنزي (23 عاماً) عن امتنانه للدعم اللامحدود بعد هجوم تعرَّض له من «أكبر قرش رأيته على الإطلاق».

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق المتحف يتراجع عمّا ارتكبه (أ.ب)

متحف في دبلن يزيل تمثالاً أظهر المغنّية شينيد أوكونور أشبه بـ«روبوت»

تسبَّب سيل من الانتقادات الحادّة بإزالة تمثال من الشمع للمغنّية الآيرلندية الراحلة شينيد أوكونور من متحف الشمع الوطني الآيرلندي في دبلن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يستطيع الفنّ أن يُنقذ (إكس)

معرض هولندي زوّاره مُصابون بالخرف

لم تكن جولةً عاديةً في المعرض، بل مثَّلت جهداً متفانياً للترحيب بالزوّار المصابين بالخرف ومقدِّمي الرعاية لهم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحبّ يقهر الزمن (أ.ب)

لمُّ شمل أميركية وكلبها بعد فراق 9 سنوات

انهارت جوديث موناريز بالبكاء لتلقّيها عبر بريدها الإلكتروني خبر العثور على كلبها «غيزمو» المفقود منذ 9 سنوات، حياً.

«الشرق الأوسط» (لاس فيغاس)
يوميات الشرق مقدمة مسلسل «عائلة الحاج متولي» (الشرق الأوسط)

«أغاني المسلسلات»... سرد موسيقي يُعيد إحياء روائع الدراما العربية

لطالما ارتبط الجمهور بأغنيات مقدمات أو نهايات مسلسلات عربية، وخلد كثيرٌ منها في ذاكرته، مثل المسلسل الكويتي «خالتي قماشة»، والمصري «عائلة الحاج متولي».

إيمان الخطاف (الدمام)

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
TT

مسرحية «جبل الأمل» تحية لأطفال جنوب لبنان

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)
«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

18 طفلاً من جنوب لبنان اختارتهم «سيناريو» للتعليم التشاركي والفني لتقديم مسرحية بعنوان «جبل الأمل». الهدف من هذه المبادرة هو دعم هؤلاء الأطفال وتزويدهم بفسحة أمل. فما يعانونه من الحرب الدائرة في بلداتهم وقراهم دفعهم إلى النزوح وترك بيوتهم.

تأتي هذه المسرحية من ضمن برنامج «شو بيلد» (إظهار البناء) الذي بدأته «سيناريو» في 22 يوليو (تموز) الجاري في بلدة الزرارية الجنوبية. فأقيمت التمارين للمسرحية التي ستعرض في 29 الجاري، وتستضيفها مؤسسة سعيد وسعدى فخري الاجتماعية في البلدة المذكورة.

«جبل الأمل» تحية لأطفال الجنوب (سيناريو)

غالبية الأطفال يقيمون في البلدة وبعضهم الآخر يأتيها من بلدتي أرزاي والخرايب على الشريط الحدودي. وتشير مخرجة المسرحية ومدرّبتهم زينة إبراهيم، إلى أن فكرة العمل وضعها الأطفال بأنفسهم. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد زودناهم بكلمات محددة كي يستلهموا منها أفكارهم. وتتألف هذه الكلمات من حب وسفر وأمل ورحلة ومغامرة واكتشاف... وغيرها. وعلى أساسها كتبوا قصة المسرحية بعنوان (جبل الأمل). وكما تلاحظون ابتعدنا عن استخدام كلمة حرب ضمن المفردات التي عرضناها عليهم».

يتراوح أعمار الأولاد المشاركين ما بين 10 و17 عاماً. خضعوا في برنامج «شو بيلد» إلى 7 جلسات شائقة تركز على اللعب والتمثيل والأداء المسرحي. وتستغرق كل جلسة نحو ساعتين، وذلك على مدى أسبوعين. وتأتي هذه المسرحية لتختتم البرنامج الفني لـ«سيناريو». وتضيف إبراهيم: «هذا البرنامج يوفّر للأولاد متنفساً للتعبير والإبداع، لا سيما خلال هذه الأوقات الصعبة التي يعيشونها في منطقة الجنوب».

تصف زينة إبراهيم هذه التجربة باللبنانية بامتياز. فقد سبق أن قامت ببرامج تعليمية سابقة شملت أولاداً لبنانيين وغيرهم من فلسطينيين وسوريين. وتقول إننا نرى قلقاً كبيراً في عيون أطفال الجنوب. وتتابع: «أكثر ما يخافونه هو أصوات الانفجارات. فهي تشكّل مفتاح الرعب عندهم، ويحاولون قدر الإمكان تجاوزها بابتسامة. وبينهم من كان يطمئنني ويقول لي (لا تخافي إنه ببساطة خرق لجدار الصوت). لا أعرف ما إذا كان تجاوزهم لهذه الأصوات صار بمثابة عادة يألفونها. وقد يكون أسلوباً للهروب من واقع يعيشونه».

تتناول قصة المسرحية رحلة تخييم إلى جبل يصادف فيه الأولاد مجموعة مساجين. وعندما يهمّون بالتواصل معهم يكتشفون أنهم يتحدثون لغة لا يفهمونها. ولكنهم ينجحون في التعبير عن أفكارهم المشتركة. ويقررون أن يمكثوا على هذا الجبل حيث يشعرون بالأمان.

وتعلق المخرجة إبراهيم: «اسم المسرحية استوحيته من عبارة قالتها لي فتاة في العاشرة من عمرها. فبرأيها أن الأمل هو نتيجة الأمان. وأنها ستحارب للوصول إلى غايتها هذه. أما فكرة اللغة غير المفهومة فنشير فيها إلى ضرورة التواصل مع الآخر مهما اختلف عنا».

تروي إبراهيم عن تجربتها هذه أنها أسهمت في تقريب الأولاد بعضهم من بعض: «لقد بدوا في الجلسة الأولى من برنامج (شو بيلد) وكأنهم غرباء. حتى في الحلقات الدائرية التي كانوا يرسمونها بأجسادهم الصغيرة كانوا يحافظون على هذا البعد. أما اليوم فتحولوا إلى أصدقاء يتحدثون في مواضيع كثيرة. كما يتشاركون الاقتراحات حول أفكار جديدة للمسرحية».

أثناء التدريبات على مسرحية «جبل الأمل» (سيناريو)

إضافة إلى التمثيل ستتلون مشاهد المسرحية بلوحات راقصة وأخرى غنائية. وتوضح إبراهيم: «حتى الأغنية كتبوها بأنفسهم ورغبوا في أن يقدموا الدبكة اللبنانية كتحية للبنان».

إحدى الفتيات المشاركات في العمل، وتدعى غزل وعمرها 14 عاماً، تشير في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه المسرحية تعني لها الكثير. وتتابع: «لقد نقلتني من مكان إلى آخر وزادتني فرحاً وسعادة. وكان حماسي كبيراً للمشاركة في هذه المسرحية التي نسينا معها أننا نعيش حالة حرب».

بدورها، تقول رهف ابنة الـ10 سنوات: «كل شيء جميل في هذا المكان، ويشعرني بالسعادة. أنا واحدة من أبطال المسرحية، وهي جميلة جداً وأدعوكم لمشاهدتها».