رغم منظرها الفريد... الأضواء القطبية للعاصفة الشمسية تخفي وراءها مخاطر متعددة

تعطّل الشبكات الكهربائية والأقمار الاصطناعية وتعرّض رواد الفضاء لإشعاعات خطرة

أضواء الشفق القطبي كما تظهر في كندا (رويترز)
أضواء الشفق القطبي كما تظهر في كندا (رويترز)
TT

رغم منظرها الفريد... الأضواء القطبية للعاصفة الشمسية تخفي وراءها مخاطر متعددة

أضواء الشفق القطبي كما تظهر في كندا (رويترز)
أضواء الشفق القطبي كما تظهر في كندا (رويترز)

أبهر شفق قطبي شمالي وجنوبي سكّان الأرض في الآونة الأخيرة، إذ أضاء السماء ليلاً بألوان مختلفة ووصل تأثيره إلى المكسيك وجنوب أوروبا وأفريقيا، لكن بالنسبة إلى المسؤولين عن حماية المنشآت الأرضية المعرضة للخطر جراء العواصف الشمسية، تخفي هذه الألوان المذهلة تهديدات على مستويات مختلفة.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول منسق برنامج السلامة الفضائية في وكالة الفضاء الأوروبية كانتان فيرسبيرين: «علينا أن نفهم أنّ ثمّة خطراً يكمن وراء هذا الجمال».

ويشير مايك بيتوي من المركز الأميركي للتنبؤ بالطقس الفضائي، إلى المسألة نفسها، ويركّز «على التأثيرات الضارة التي يمكن أن تحملها» العواصف الشمسية التي قد تعطّل الشبكات الكهربائية والأقمار الاصطناعية، وتعرّض رواد الفضاء لإشعاعات خطرة.

وكانت الأضواء الشمالية التي لوّنت السماء يومي 11 و12 مايو (أيار) ناجمة عن أول عاصفة مغناطيسية أرضية «شديدة» منذ العاصفة التي سُجلت عام 2003 وأطلق عليها اسم «عواصف الهالوين» الشمسية، وتسببت في انقطاع التيار الكهربائي بالسويد، وألحقت أضراراً بشبكات في جنوب أفريقيا.

أضواء الشفق القطبي كما تظهر في أستراليا (أ.ف.ب)

وأشار بيتوي إلى أنّ الأضرار هذه المرة كانت على ما يبدو أقل، مع العلم أنّ اكتشاف شركات الأقمار الاصطناعية لأي ضرر قد سُجّل يستغرق بضعة أسابيع أو بضعة أشهر.

وسُجّلت بعض البلاغات عن توقف جرارات أميركية آلية عندما تعطّل نظام التوجيه الخاص بها الذي يستند إلى نظام تحديد المواقع «جي بي إس».

النشاط الشمسي «لم ينته بعد»

تحدث العواصف المغناطيسية الأرضية عندما يتم إطلاق كميات كبيرة من الجسيمات المشحونة كهربائياً من سطح الشمس وتصل إلى الغلاف المغناطيسي الذي يشكل الحقل المغناطيسي للأرض.

وتكون هذه التدفقات من الجسيمات كثيفة جداً خلال الانبعاث الكتلي الإكليلي، وتحدث توهجات قوية جداً بالقرب من البقع الشمسية.

ومع دوران الشمس، تصبح هذه البقعة بالقرب من حافة النجم، ما يؤدي إلى انحراف تدفق الجزيئات عن الانفجارات المحتملة. ولكن في غضون أسبوعين تقريباً، تصبح مرة جديدة مقابل الأرض.

أضواء الشفق القطبي كما تظهر في كندا (أ.ب)

ويقول منسق الطقس الفضائي في وكالة الفضاء الأوروبية أليكسي غلوفر، في حديث لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن بقعة جديدة «تظهر الآن» وقد تؤدي إلى «نشاط مكثف في الأيام المقبلة».

ويؤكد أن النشاط الشمسي «لم ينته بعد»، رغم أنه يصعب التنبؤ بخطورة الانفجارات المحتملة أو ما إذا كانت ستتسبب في شفق قطبي.

لا يدرك علماء الفلك سوى أنّ الشمس تقترب من ذروة نشاطها في دورتها التي تستمر إحدى عشرة سنة، وتكون بعدها مخاطر حدوث عاصفة مغناطيسية أرضية جديدة في أعلى مستوياتها «من الآن وحتى نهاية العام المقبل»، بحسب بيتوي.

أي مخاطر؟

تُنشئ العواصف الجيومغناطيسية شحنة كهربائية تحرق دوائر الأقمار الاصطناعية، ما يتسبب في زيادة الضغط على شبكات الطاقة. ويعود أحدث وأقوى مثال على هذه الظاهرة إلى حدث كارينغتون عام 1859، الذي تسبب باضطرابات في خطوط التلغراف.

لكن ماذا لو حدثت عاصفة مغناطيسية أرضية بهذه القوة مرة أخرى؟ عمدت معظم البلدان إلى تقوية شبكات الكهرباء الخاصة بها، من أجل تجنب انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة كما حدث في السويد عام 2003 أو في كندا عام 1989.

أضواء الشفق القطبي كما تظهر في أستراليا (إ.ب.أ)

ويوصي بيتوي بالاحتفاظ بمعدات الإسعافات الأولية لمواجهة أي انقطاع في الكهرباء يدوم يوماً أو يومين، بالإضافة إلى تخزين كميات من المياه في حالة تأثر محطات معالجة المياه.

ويواجه رواد الفضاء تحديداً خطر التعرض لكميات كبيرة من الإشعاع، لكن ثمّة قسم في محطة الفضاء الدولية تُوفَّر الحماية لهم.

وقد يمرّ الإشعاع المصاحب لعاصفة مغنطيسية أرضية عبر جسم طائرة تحلّق قرب القطب الشمالي، بحسب بيتوي. وتغيّر شركات الطيران أحياناً مسارات طائراتها في حالة حدوث عاصفة شديدة.

ويتم الإعداد لبعثات فضائية عدة بهدف تحسين الأرصاد الجوية المتعلقة بالشمس، ومنح المسؤولين على الأرض مزيداً من الوقت للاستعداد لأي حدث خطير.


مقالات ذات صلة

مقهى في برلين للزبائن... والقطط

يوميات الشرق حبٌ بطَعْم خاص (غيتي)

مقهى في برلين للزبائن... والقطط

أسَّس ريتشارد غوتلوب وشريكه باتريك فراونهايم مقهى «النعناع البرّي» بوسط برلين، ليتيح مساحة يمكن للبشر فيها أن ينعموا بصحبة القطط، في جوّ من الألفة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق تضرَّرت القاعدة حيث وقف (مجلس مدينة لاندودنو)

اختفاء تمثال للملكة فيكتوريا عمره 138 عاماً

اختفى تمثال برونزي للملكة فيكتوريا كان يطلّ على رصيف مدينة لاندودنو في ويلز، طوال أكثر من قرن، عن قاعدته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأمير هاري ينشد المحاسبة (رويترز)

المعركة القضائية بدأت... الأمير هاري ينشد «المحاسبة»

يقاضي هاري مؤسّسة «نيوز غروب نيوزبيبرز»، (إن جي إن)، لاتهامها بارتكاب أنشطة غير قانونية نفَّذها صحافيون ومحقّقون خاصون عملوا لمصلحة صحيفتيها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من معرض «التقاليد الخالدة» (الشرق الأوسط)

«التقاليد الخالدة» لهيبت بلعة بواب... «الحياة حلوة بس نفهمها»

تُخبر الفنانة التشكيلية هيبت بلعة بواب في لوحاتها قصصاً تنبثق من قطار العمر. تأخذ على عاتقها جرّ عربات الركاب على سكّة واحدة عنوانها الإيجابية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حارس سجن باليابان يقف في أحد الأقسام المخصصة للسجناء من كبار السن (رويترز)

لماذا تسعى بعض النساء المسنات في اليابان لدخول السجن؟

في ظاهرة غريبة من نوعها، يقوم عدد متزايد من المسنين، لا سيما النساء، في اليابان بارتكاب مخالفات قانونية لدخول السجن، في محاولة منهن للهروب من الفقر أو الوحدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

مقهى في برلين للزبائن... والقطط

حبٌ بطَعْم خاص (غيتي)
حبٌ بطَعْم خاص (غيتي)
TT

مقهى في برلين للزبائن... والقطط

حبٌ بطَعْم خاص (غيتي)
حبٌ بطَعْم خاص (غيتي)

أسَّس ريتشارد غوتلوب وشريكه باتريك فراونهايم مقهى «النعناع البرّي» بوسط برلين، ليتيح مساحة يمكن للبشر فيها أن ينعموا بصحبة القطط، في جوّ من الألفة وهم يتناولون مشروباتهم المفضّلة.

وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أنّ المقهى يستضيف «سناغلز»، و«سيمبا»، و«فيربي» والأميرة «غونكو»؛ وهي القطط التي أُنقذت من التشرُّد بعدما تخلّى عنها أصحابها، وأصبحت الآن تمضي أوقاتها في اللعب والاسترخاء والاستمتاع بعطف الزوّار.

وافتتح غوتلوب وفراونهايم مقهى «النعناع البرّي» قبل نحو عام، بعدما استلهما الفكرة من مقاهي القطط في هونغ كونغ وسنغافورة، حيث نشأ هذا الاتجاه فيهما منذ سنوات.

وفي مقهى برلين، لرفاهية القطط التي أصبحت من سكان المكان أولوية؛ فيكون لها منفذاً لملاذ خاص تلجأ إليه بعيداً عن صخب المقهى، كلما شعرت بالحاجة إلى هذا الهروب من الضجيج.

واختار الشريكان بعناية مجموعة القطط لإيوائها، على أساس أنّ شخصياتها تتوافق مع بيئة المقهى، مما يكفل أن تكون ذات طباع اجتماعية، ولا يمكن إخافتها بسهولة.

قطّة في المقهى (غيتي)

وقبل الافتتاح، خضع مالكا المقهى لفترة تدريب على طرق الرعاية المناسبة للقطط، كما فحص المكتب البيطري المحلّي المقهى للتأكُّد من أنّ مكان إقامة القطط مناسب لها.

ويُعرَّف الزوّار بالقواعد المُتّبعة في المكان التي تحظر حمل القطط أو مطاردتها أو إطعامها. وفي حال تجاهلها يُحذَّرون مرّة أو مرّتين، ثم يُطلب منهم بعد ذلك المغادرة.

ورغم هذه الإجراءات الاحتياطية، لا تزال جمعيات الرفق بالحيوان متوجّسة إزاء اتجاه إقامة مقاهٍ للقطط. وتحذّر المتحدّثة باسم الجمعية الألمانية لرعاية الحيوان، ناديه الوتد، من أنّ هذه المقاهي قد لا تراعي دائماً حاجات هذه الحيوانات الأليفة.

وإذ تتبنّى الطبيبة البيطرية ساندرا غيلتنر هذه المخاوف، تشير إلى أنّ علامات الإجهاد عند القطط يمكن أن تكون خفيّة، ورغم أنّ بعضها قد يتعايش ويكون في حالة جيّدة وسط بيئة حافلة بالحركة والنشاط، فإنّ البعض الآخر قد يشعر بأنّ هذه البيئة ساحقة بالنسبة إليه.

وتقول غيلتنر إنه في حين أنّ مقاهي القطط تستطيع تحقيق التوازن أحياناً، فإنّ ثمة انتقادات شديدة توجَّه إلى ممارسة تمارين اليوغا أمام صغار القطط التي تداعب الممارسين. وتوضح أنه «من منظور رعاية الحيوان، فإنّ هذه الممارسة تمثّل كارثة»، ذلك لأنها تتضمَّن غالباً فصل صغار القطط عن أمهاتها ووضعها في بيئات غير مألوفة. ورغم أنّ الصغار قد تستمتع بالاهتمام في البداية، لكنها سرعان ما تشعر بالإرهاق.