مصر: ملاحقات قضائية وبرلمانية لـ«تكوين»

وسط ترتيبات لمناظرة بين قادة المركز الفكري ومعارضيه

مشاركون في إطلاق مؤسسة «تكوين» ( صفحة فاطمة ناعوت على «فيسبوك»)
مشاركون في إطلاق مؤسسة «تكوين» ( صفحة فاطمة ناعوت على «فيسبوك»)
TT

مصر: ملاحقات قضائية وبرلمانية لـ«تكوين»

مشاركون في إطلاق مؤسسة «تكوين» ( صفحة فاطمة ناعوت على «فيسبوك»)
مشاركون في إطلاق مؤسسة «تكوين» ( صفحة فاطمة ناعوت على «فيسبوك»)

تصاعدت الدعوات المطالِبة بإغلاق مؤسسة «تكوين الفكر العربي»، مع الإعلان عن ملاحقات قضائية وأسئلة برلمانية ضدها. فيما تجرى ترتيبات لعقد مناظرة إعلامية بين قادة المركز الفكري ومعارضيه.

وتستهدف المؤسسة الفكرية «إرساء قيم العقل والاستنارة والإصلاح وقبول الآخر والإيمان بمبادئ السّلام العالمي بين المجتمعات والثقافات والأديان» حسبما ورد في مبادئها التعريفية، في حين يرى منتقدوها أنها «تُشكِّك في ثوابت دينية».

وذكر الإعلامي عمرو أديب، في برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، أنه سيسعى لعقد مناظرة بين الباحث إسلام البحيري، أحد الأعضاء المؤسسين لـ«تكوين»، والداعية الإسلامي عبد الله رشدي، بشأن مناقشة أفكار المؤسسة.

إلى ذلك، تقدّم المحامي مرتضى منصور بدعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، ضد أعضاء مجلس أمناء مؤسسة «تكوين»، وطالب بإلغاء الترخيص الصادر لها، واختصم مرتضى منصور في دعواه كلاً من وزيرة التضامن الاجتماعي بصفتها، إلى جانب إبراهيم عيسى، وإسلام البحيري، ويوسف زيدان، وفراس السواح، وألفة يوسف، ونائلة أبي نادر، وفاطمة ناعوت، بصفتهم أعضاء مجلس أمناء «تكوين»، حسبما ورد في الدعوى، التي أشارت إلى أن «المطعون بحقهم أعلنوا إنشاء مؤسسة متخصصة في محاربة دين الله عزّ وجل، بدلاً من إنشاء كيان أو مؤسسة للدفاع عن أطفال ونساء غزة الذين يُبادون».

وكتب منصور، عبر صفحته الشخصية على موقع «فيسبوك»، أن الدائرة الأولى في محكمة القضاء الإداري حدّدت جلسة 26 مايو (أيار) الحالي للنّظر في الدعوى.

وسبق أن تقدم المحامي عمرو عبد السلام، ببلاغ عاجل للنائب العام المصري ضد مجلس أمناء المركز، قائلاً إن «ما يفعله القائمون على المركز بمنزلة إهدار ثوابت علم الحديث ومصادره»، مؤكداً أنهم «يقصدون زعزعة أمن واستقرار وسلامة البلاد ونشر الفتنة والإضرار بالأمن القومي المصري وهو ما يُعدّ جريمة جنائية»، حسب البلاغ.

ودخل أعضاء مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) على خط التفاعل مع القضية، إذ تقدم عدد من النواب بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة بشأن المؤسسة، مطالبين بضرورة التصدي لها، ومواجهة أفكارها.

وقال النائب والإعلامي مصطفى بكري، (الأحد)، في بيان عاجل إلى رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، ورئيس مجلس النواب، حنفي الجبالي: «فوجئ الرأي العام بالإعلان عن مركز (تكوين) الذي تبنّى آراءً وأفكاراً من شأنها بثّ البلبلة والطعن في الثوابت الدينية للمجتمع». مطالباً بمناقشة بيانه العاجل «حفاظاً على أمن المجتمع واستقراره، وحماية ثوابتنا الدينية القيّمة من هذا النهج الذي سيؤدي في النهاية إلى إثارة الفتنة في البلاد».

كما قدم النائب أشرف أمين، طلب إحاطة، قال فيه إن «المركز أثار حالة من الغضب الشديد بين مختلف أطياف الشعب المصري، الذين عدُّوه منبراً للمشككين فى الثوابت الدينية والمعتقدات الراسخة والثابتة بإجماع جمهور الفقهاء والعلماء، الأمر الذي يتطلّب ضرورة التصدي له».

وتقدم النائب هشام سعيد الجاهل؛ عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة، قال فيه «إن ما يحدث هو مشروع للحرب على ثوابت الإسلام لنشر اللادينية والشكوكية؛ وإنكار السّنة بين المسلمين ممّا يشكّل خطراً بالغاً على الأمة الإسلامية والمجتمع بأكمله».

في حين حذرت البرلمانية آمال عبد الحميد، في طلب الإحاطة المقدم من جانبها، من استمرار أنشطة هذا المركز والترويج لها في المجتمع المصري من دون وقفة جادة وحاسمة من المؤسسات الدينية والمعنية في الدولة، إذ «يشكل خطراً على المجتمع، ويؤدي إلى مزيد من الاستقطاب بين طوائف المجتمع»، وفق قولها.

وأضافت آمال عبد الحميد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه التحركات البرلمانية تأتي محاولة لتعديل الأمور غير المنضبطة، فمن مهامنا نحن البرلمانيين أن نتصدى لأي تطرف»، وتابعت: «نحن معنيون بأن يشعر الشارع المصري وكذلك العربي بأن هناك من يقف أمام مزاعم المعاصرة والتنوير، لذا جاء تحركنا لمواجهة هذه المحاولات والمزاعم».

وطالبت بأن «تكون هناك موافقات مسبقة للترخيص لمثل هذه الكيانات من جانب وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر، التي عليها أيضاً مواجهة مثل هذه الأفكار بفكر آخر متفتح».

إلى ذلك، ردّ الدكتور يوسف زيدان، عضو مجلس أمناء «تكوين»، على تلك الدعاوى والتحركات البرلمانية كاتباً على صفحته الرسمية في موقع «فيسبوك»: «ما كلُّ هذه الكراهية تجاه التفكير والعقلانية وإعادة النظر في المفاهيم العامة... وكيف يمكن أن تتقدَّم بلادنا على هذه الطريق المفروشة بالأشواك؟».

من جانبها أشارت الكاتبة فاطمة ناعوت، من المشاركين في أنشطة المؤسسة، إلى أن «من يهاجمون المؤسسة لا يعرفون أهدافها أو ما تقدّمه من أفكار، لم يقرأوا حتى عناوين جلسات المؤتمر التأسيسي»، ورأت في تصريحات متلفزة أن «الهجوم كلّه ينصبّ على الأشخاص الموجودين في المؤسسة وليس على الأفكار». مؤكدةً أن «الدولة المصرية هي التي ترعى المؤسسة، وأنه لا يمكن أن يكون هدف المؤسسة المساس بالثوابت الدينية أو الاجتماعية، وإنما هدفها مناقشة الأفكار ومواجهة المتطرفة منها».


مقالات ذات صلة

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

يوميات الشرق مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الشيف بوراك في أحد المقاطع الدعائية  (صفحته على فيسبوك)

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

جددت أسعار فواتير «باهظة» لمطعم تركي افتُتح حديثاً بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية نادي باريس سان جيرمان (الشرق الأوسط)

سان جيرمان يحتكم إلى الاتحاد الفرنسي في نزاعه مع مبابي

قدّم نادي باريس سان جيرمان طلبا لمناقشة نزاعه المالي مع مهاجمه السابق كيليان مبابي أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بعد القرارات المؤيدة للاعب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الطبيبة المصرية التي نشرت مقطع فيديو أثار جدلاً (جزء من المقطع على يوتيوب)

توقيف طبيبة لـ«إفشاء أسرار المرضى» يثير انقساماً «سوشيالياً» بمصر

أثار توقيف طبيبة مصرية بتهمة «إفشاء أسرار المرضى»، تبايناً وانقساماً «سوشيالياً» في مصر، بعد أن تصدرت «التريند» على «غوغل» و«إكس»، الثلاثاء.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)

«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

يصرخ الأطفال عالياً في الكليب: «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، ويعبّرون عن إحباطهم من عالَمٍ لا يكترث لغدهم، ينادون بتغيير جذري يجعل من رفاهيتهم ومستقبلهم أولوية.

فاطمة عبد الله (بيروت)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».