أخذت لقاح «أسترازينيكا»... ما الذي يتوجب عليَّ فعله؟

لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)
لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)
TT

أخذت لقاح «أسترازينيكا»... ما الذي يتوجب عليَّ فعله؟

لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)
لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كوفيد - 19» (رويترز)

ما زالت أصداء اعتراف شركة «أسترازينيكا» بأن لقاحها المضاد لـ«كوفيد - 19» قد يسبب آثاراً جانبية نادرة مثل جلطات الدم وانخفاض الصفائح الدموية، تتصاعد، وسط تساؤلات بين من تلقوا لقاح «أسترازينيكا» حول ما الذي يجب عليهم فعله الآن، وهل هناك مضاعفات جانبية أخرى قد تحدث لهم في المستقبل، وكيفية تفاديها.

وزعت «أسترازينيكا» أكثر من 3 مليارات جرعة من لقاحها «فاكسيفريا» حول العالم. وسبَّب اعتراف «أسترازينيكا» بالآثار الجانبية للقاح حالة من الذعر، دفعت الأنظمة الصحية في دول عدة لإصدار بيانات لطمأنة المواطنين الحاصلين على اللقاح، وكان بينها وزارة الصحة المصرية التي أوضحت أن التجلط بوصفه عرضاً جانبياً للتطعيمات «نادر الحدوث ومعروف منذ عام 2021 بمعدل 3 حالات لكل مليون مُطعم».

لا داعي للقلق

وطمأن أستاذ الطب الوقائي بجامعة فاندربيلت الأميركية، الدكتور ويليام شافنر، الأشخاص الذين حصلوا على لقاح «أسترازينيكا». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «التأثير الجانبي الخطير والنادر، والمتمثل في جلطات الدم وانخفاض عدد الصفائح الدموية، يحدث فقط خلال الشهر التالي من تلقي اللقاح»، مشيراً إلى أنه «لا داعي للقلق الآن بسبب مرور وقت كافٍ بعد التطعيم»، موضحاً أنه «إذا تلقى الشخص اللقاح أخيراً، وظهرت عليه أي أعراض مثل الصداع أو آلام البطن أو أي دليل على النزف، فيجب عليه الاتصال بطبيبه على الفور، وإخباره بتلقيه اللقاح أخيراً».

ويمكن للجلطات أن تؤدي لفقدان تدفق الدم في مناطق محددة من الجسم مثل الدماغ أو البطن، وتشمل الأعراض صداعاً شديداً أو مستمراً، وعدم وضوح الرؤية، وضيق التنفس، وألماً في الصدر، وتورماً في الساق، أو ألماً مستمراً في البطن، وقد تظهر بين 4 إلى 42 يوماً بعد التطعيم. ووفقاً للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، يجري تصنيف هذه الحالة بناءً على موقع الجلطة الدموية وشدة الأعراض.

بينما قالت رئيسة قسم الأوبئة في جامعة ديكين بأستراليا، الدكتورة كاثرين بينيت، إن الأعراض الجانبية الخطيرة والنادرة جداً للقاح «أسترازينيكا» مثل جلطات الدم وانخفاض الصفائح الدموية، ظهرت لدى المُطعمين خلال الأيام أو الأسابيع الأولى من تلقي اللقاح. لذلك، لا داعي للقلق بالنسبة للأشخاص الذين تلقوا اللقاح قبل فترة طويلة، بعد مرور أشهر أو سنوات على آخر جرعة.

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن لقاح «أسترازينيكا» لم يجرِ تكييفه للمتغيرات الجديدة لفيروس «كورونا»؛ لذلك جرى سحبه من الاستخدام في أستراليا مارس (آذار) 2023. ورغم الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الشركة فإنه «لم تظهر أي معلومات جديدة حول هذا الأمر خلال إجراءات المحكمة».

«أسترازينيكا» وزعت أكثر من 3 مليارات جرعة من لقاحها ضد «كورونا» (رويترز)

مستوى المناعة

بينيت أشارت إلى أن الآثار الجانبية النادرة جداً للأدوية واللقاحات قد لا تلاحظ في التجارب الأولية، لكن حتى عندما يجري اكتشافها، فإنه من غير المعتاد سحب المنتج إذا كانت المخاطر الصحية الناجمة عن عدم استخدامه أكبر كثيراً من المخاطر النادرة للتفاعلات. وأوضحت أنه «بحلول بداية عام 2022، وبعد تلقي الملايين من الجرعات، أصبحت التفاعلات النادرة المتعلقة بتجلط الدم واضحة، ولكن المخاطر الصحية الناتجة عن الإصابة بالمتحور (دلتا) كانت أعلى كثيراً».

رئيسة قسم الأوبئة في جامعة ديكين بأستراليا لفتت إلى أن «معظم سكان العالم الآن يحملون مستوى مناعة معيناً ضد العدوى بفيروس (كورونا)، سواء عن طريق الإصابة أو اللقاح، وبالتالي تتغير حسابات المخاطر والقرارات المستندة إليها، لذا ليست هناك حاجة للخوف من أي مخاطر أو آثار محتملة في المستقبل»، موضحة أنه في أستراليا على سبيل المثال لم يعد يُنصح بالحصول على جرعات معززة منتظمة من لقاحات «كوفيد - 19» من أي نوع.

في السياق نفسه، قال أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إنه «لا يوجد الآن إجراء خاص يُمكن أن يقوم به الأشخاص الذين تلقوا اللقاح في السابق؛ لأن الآثار الجانبية شديدة الندرة للقاحات تظهر فقط بعد وقت قصر من الحصول على اللقاح، وليس بعد عام أو عامين». وطالب الذين حصلوا على اللقاح بأن «يثقوا بالتقييمات العلمية والموافقات الرسمية التي تُعطى للقاحات، حيث تجري هذه العمليات بدقة»، مشدداً على ضرورة عدم الخوف من اللقاحات بشكل عام، وليس فقط من لقاحات «كورونا»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «كل لقاح تجري الموافقة عليه من قبل هيئات الدواء العالمية يخضع لتقييم دقيق للمخاطر والفوائد». وأوضح عنان أنه في سياق الجائحة، تبين أن فوائد اللقاحات تفوق بكثير المخاطر النادرة؛ لذا، أفادت هذه الهيئات بأن اللقاحات، بما في ذلك لقاح «أسترازينيكا» آمنة للاستخدام العام رغم الآثار الجانبية النادرة التي قد تظهر.

«أسترازينيكا» اعترفت بآثار جانبية نادرة للقاح (رويترز)

آثار نادرة

بينما أكد عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة»، عضو «الجمعية العالمية للحساسية»، الدكتور مجدي بدران، أن لقاح «أسترازينيكا» كان في المُجمل فعالاً وآمناً أثناء استخدامه، وأن الآثار الجانبية الشديدة الخطورة التي أثارت الكثير من الجدل كانت نادرة للغاية، وشملت نقصاً في الصفائح الدموية أو حدوث جلطات، وهي حالات نادرة تحدث بمعدل حالة لكل أكثر من 10 آلاف مُطعَّم. وأوضح بدران لـ«الشرق الأوسط» أن الآثار الجانبية للقاحات تظهر فقط خلال التطعيم وتحديداً خلال 6 ساعات إلى 3 أيام من الحصول على اللقاح، لذا لا داعي للذعر الآن، ومن لم تظهر عليه آثار جانبية حينها فلن تظهر عليه الآن، لذا لا حاجة للخوف من ظهور أعراض في المستقبل»، لافتاً إلى أنه من السهولة على الأطباء تشخيص نقص في الصفائح الدموية عبر إجراء تحليل لمعرفة عدد الصفائح في عينة الدم، ومن السهولة أيضاً التدخل الطبي بالعلاج في حينه.

وبعيداً عن الآثار الجانبية شديدة الخطورة، أشار بدران إلى أن هناك أعراضاً شائعة تحدث بعد التطعيم مثل الألم والحكة والدفء والقشعريرة والشعور بالحمى والصداع والغثيان والإعياء، وتصيب شخصاً من كل 10، وتعالج الأعراض بمسكنات الآلام مثل «الباراسيتامول»، وتظهر في غضون 6 ساعات، وتختفي خلال يومين. وهناك أيضاً أعراض أقل شيوعاً تظهر لدى واحد من كل أكثر من 10 أشخاص، مثل التورم والاحمرار في موقع الحقن وقيء وإسهال وارتفاع في درجة الحرارة وصداع نصفي، وتختفي في غضون 3 أيام من التطعيم.

ولتجنب الآثار الجانبية للتطعيمات، شدد بدران على «ضرورة احترام مقدمي الرعاية الصحية لشكوى المُطعَّمين ومتابعتهم بعد التطعيم، وتوفير قنوات اتصال دائمة بين الأطباء والمُطعَّمين لتقديم العلاجات اللازمة وتجنب المضاعفات». كما ينبغي لمقدمي الرعاية الصحية إيضاح الآثار الجانبية المتوقعة للمريض للحصول على موافقة مستنيرة على اللقاح، وعدم ترك المريض يغادر المكان؛ إلا بعد التأكد من حالته الصحية، وعدم تركه يغادر مكان التطعيم؛ إلا بعد مرور ساعتين.


مقالات ذات صلة

السعودية: دعم مالي شهري لفلسطين لمعالجة غزة ومحيطها

الخليج الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي (الشرق الأوسط)

السعودية: دعم مالي شهري لفلسطين لمعالجة غزة ومحيطها

أعلنت السعودية عن تقديم دعم مالي شهري للأشقاء في فلسطين للمساهمة في معالجة الوضع الإنساني في قطاع غزة ومحيطها استمراراً للعناية الكريمة من القيادة السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الملك سلمان بن عبد العزيز مترئساً الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء في الرياض (واس)

السعودية تجدد دعمها لكل ما يسهم في تعزيز الأمن والسلم إقليمياً ودولياً

جدد مجلس الوزراء السعودي التأكيد على سعي بلاده إلى تعزيز الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، ودعم الجهود للوصول إلى حلول سياسية للأزمات في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
آسيا سريلانكيون ينتظرون أدوارهم للاقتراع في كولومبو (أ.ف.ب)

أول انتخابات رئاسية في سريلانكا منذ الانهيار الاقتصادي

يدلي الناخبون في سريلانكا بأصواتهم، اليوم السبت، لاختيار رئيس جديد في انتخابات تعد بمثابة استفتاء على خطة التقشف التي أقرها صندوق النقد الدولي.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
العالم أجهزة بيجر معروضة في مكتب «غولد أبولو» في مدينة تايبيه الجديدة بتايوان... 18 سبتمبر 2024 (رويترز)

عصر جديد من التخريب: تحويل الأجهزة العادية إلى قنابل يدوية على نطاق واسع

في الانفجارات الأخيرة التي استهدفت أجهزة الاتصالات اللاسلكية لجماعة «حزب الله» في لبنان، ظهر شكل جديد من الأعمال التخريبية الذي قد يصبح استخدامه شائعاً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا حاملة الطائرات الصينية لياونينغ تبحر إلى هونغ كونغ في 7 يوليو 2017 (أ.ب)

حاملة طائرات صينية تقترب من اليابان أكثر من أي وقت مضى

دخلت حاملة طائرات صينية المياه المتاخمة لليابان لأول مرة الأربعاء، مما دفع طوكيو إلى نقل «مخاوفها الجادة» إلى بكين بشأن الإجراءات العسكرية الصينية المتزايدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

تقنية قديمة تكسب الروبوتات لمسات ناعمة

تتميز الطريقة المطورة بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية (المعهد الإيطالي للتكنولوجيا)
تتميز الطريقة المطورة بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية (المعهد الإيطالي للتكنولوجيا)
TT

تقنية قديمة تكسب الروبوتات لمسات ناعمة

تتميز الطريقة المطورة بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية (المعهد الإيطالي للتكنولوجيا)
تتميز الطريقة المطورة بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية (المعهد الإيطالي للتكنولوجيا)

نجح فريق بحثي ياباني - أميركي مشترك، في تطوير تقنية قديمة تتميز بتكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية، لتصميم وإنتاج محركات هوائية من القماش تكسب الروبوتات قدراً أكبر من النعومة. وعلى عكس الأجزاء الروبوتية التقليدية الصلبة، يمكن للمحركات الهوائية الناعمة المصنوعة من القماش التفاعل بأمان مع البشر والأشياء الأخرى الأكثر حساسة.

ووفقاً لنتائج الدراسة المنشورة في دورية «ساينتفيك روبروتس (Scientific Reports)»، استطاع الباحثون استخدام ما تُعرف بـ«أنماط تورينغ» لتطوير طريقة جديدة لتصميم وإنتاج تلك المحركات الهوائية الناعمة المصنوعة من القماش (FSPAs).

تألّف الفريق البحثي من الدكتور ماساتو تاناكا، والدكتور تسويوشي نومورا من مختبرات البحث والتطوير المركزية لشركة «تويوتا» في اليابان، والدكتور يويانغ سونغ من شركة «تويوتا لهندسة وتصنيع المحركات» في أميركا الشمالية في الولايات المتحدة.

قال تاناكا، في بيان صحافي، صادر السبت: «ينبع الدافع وراء هذا البحث من الحاجة إلى تصنيع روبوتات ناعمة يمكنها إجراء حركات محكومة باستخدام آليات بسيطة».

وأوضح نومورا: «كان هدفنا تطوير أنظمة (FSPA) بسيطة ومنخفضة التكلفة قادرة على تغيير شكلها». وأضاف سونغ: «استلهمنا من عمل آلان تورينغ طريقة لتطوير عملية تصميم الأغشية السطحية للأجهزة».

ووفق الدراسة تنتج «أنماط تورينغ» من أنظمة تحتوي على مكونات تتيح لها التفاعل والانتشار، حيث يمكن لمادتين متفاعلتين أن تعزز حركة إحداهما الأخرى، أو أن تقمع حركة إحداهما الأخرى. وتتكون المحركات الهوائية الناعمة من القماش المستخدَم في بناء المحرك الذي يؤدي تلك الحركات استجابةً للضغط عليه.

كانت الخطوة الأولى في طريقتهم هي تحسين عمليات توجيه تشكّل المادة عبر ترتيب ألياف القماش المرن على سطح المحرك، واعتماداً على أسس تلك الطريقة القديمة تمكّنوا من إنتاج أنماط معينة من المادة يتم التحكم فيها آلياً، إذ تضمن هذه الأنماط تشكل وتشوه المادة بالطريقة المرغوب فيها.

والمحركات الهوائية الناعمة القائمة على القماش هي أجهزة مرنة وناعمة يمكن أن تتشوه، متخذة كثيراً من الأشكال والأوضاع المختلفة أو تتحرك عند الضغط عليها، إذ تعمل عن طريق النفخ أو الانكماش، مما يجعل القماش ينحني أو يمتد أو يلتوي؛ مما يكسب هذه الأجهزة مزيداً من المرونة والنعومة.

وبفضل طبيعتها الناعمة وخفة وزنها، تعدّ تلك المحركات مناسبة للغاية لتطبيقات مثل الأجهزة القابلة للارتداء، وخيام القماش التي يأوي إليها المتنزهون والمغامرون في الأماكن النائية، والأيادي الروبوتية، وبعض الأجهزة المساعدة. وتكمن قيمتها في تكلفتها المنخفضة وسلامتها ومرونتها العالية.

ومع ذلك، فإن تصميم وتصنيع هذا النوع من المحركات يشكلان تحدياً. وقد عالج فريق البحث هذا التحدي من خلال تطوير عمليات التصنيع، مرتكزاً على طريقة آلان تورينغ القديمة. «تستخدم الهياكل الهوائية التقليدية عادةً مواد ذات سمات هندسية محددة»، كما أوضح الدكتور تاناكا.

في حين تُعرف المواد الناعمة بخصائصها التي تتيح لها أن تنتفخ أو تنحني بشكل منتظم عند تطبيق الضغط عليها. ومع ذلك، فإن تصميم وتصنيع مادة تتشوه بطريقة محكومة ويمكن التنبؤ بها يتطلبان التجربة والخطأ، وقد يستغرقان وقتاً طويلاً.

كان هدف فريق البحث تجاوز هذه القيود من خلال أتمتة العمليات وتحسينها بصورة آلية، مما يؤدي إلى حركات أكثر تقدماً، ولكن مع ضمان التحكم في تطبيقاتها.

وكما أوضح نومورا: «يعالج بحثنا هذا التحدي من خلال الاستفادة من (أنماط تورينغ) في تطوير تصميم يرتكز على توجيه تشكل تلك المواد واستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في إنتاجها».