صور مبهرة لطاقات وأضواء وجسيمات... العاصفة الشمسية تضرب الأرض

الأشد منذ 2003... وتثير الشفق القطبي الممتع

يضيء الشفق القطبي سماء الليل فوق Molenviergang في Aarlanderveen، هولندا، في وقت مبكر من اليوم 11 مايو 2024 (إ.ب.أ)
يضيء الشفق القطبي سماء الليل فوق Molenviergang في Aarlanderveen، هولندا، في وقت مبكر من اليوم 11 مايو 2024 (إ.ب.أ)
TT

صور مبهرة لطاقات وأضواء وجسيمات... العاصفة الشمسية تضرب الأرض

يضيء الشفق القطبي سماء الليل فوق Molenviergang في Aarlanderveen، هولندا، في وقت مبكر من اليوم 11 مايو 2024 (إ.ب.أ)
يضيء الشفق القطبي سماء الليل فوق Molenviergang في Aarlanderveen، هولندا، في وقت مبكر من اليوم 11 مايو 2024 (إ.ب.أ)

ضربت الأرض مساء أمس (الجمعة) عاصفة جيومغناطيسية أو ما يسمى أيضاً بـ«العاصفة الشمسية» من المستوى الخامس على مقياس من 5 درجات وهو مستوى يوصف بأنه «شديد»، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2003، وفق ما أعلنت الوكالة الأميركية لمراقبة المحيطات والغلاف الجوي (NOAA).

وذكرت الوكالة الأميركية أن هذه العاصفة ناجمة من وصول سلسلة انبعاثات كتلية إكليلية من الشمس إلى الأرض.

ويتوقع استمرار العاصفة خلال عطلة نهاية الأسبوع مع وصول مزيد من تلك الانبعاثات وفق الوكالة.

وآخر حدث من هذا النوع بلغ المستوى الخامس كان في أكتوبر (تشرين الأول) 2003، وأطلق عليه اسم «عواصف الهالوين» الشمسية حسب الوكالة.

لكن ما هي العاصفة الشمسية؟

كل 11 عاماً، أو نحو ذلك، تمر الشمس بفترات من النشاط الشمسي المنخفض والعالي، والذي يرتبط بكمية البقع الشمسية على سطحها. تدفع الحقول المغناطيسية القوية والمتغيرة باستمرار للشمس هذه المناطق المظلمة، والتي يمكن أن يصل بعضها إلى حجم الأرض أو أكبر.

وفق وكالة «ناسا»، فإن العاصفة الشمسية هي انفجارات عملاقة تحدث في الشمس وترسل الطاقة والضوء والجسيمات عالية السرعة إلى الفضاء. وغالباً ما ترتبط هذه التوهجات بالعواصف المغناطيسية الشمسية المعروفة باسم الانبعاثات الكتلية الإكليلية (CMEs).

وتحدث التوهجات في المناطق النشطة وغالباً، ولكن ليس دائماً، تكون مصحوبة بانبعاثات جماعية إكليلية، وأحداث جسيمات شمسية، وغيرها من الظواهر الشمسية الانفجارية. ويختلف حدوث التوهجات الشمسية باختلاف الدورة الشمسية التي تبلغ 11 عاماً.

يُعتقد أن التوهجات الشمسية تحدث عندما تؤدي الطاقة المغناطيسية المخزنة في الغلاف الجوي للشمس إلى تسريع الجسيمات المشحونة في البلازما المحيطة. وينتج عن ذلك انبعاث الإشعاع الكهرومغناطيسي عبر الطيف الكهرومغناطيسي.

يتم امتصاص الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية الشديدة الناتجة عن التوهجات الشمسية من جانب ضوء النهار من الغلاف الجوي العلوي للأرض، وخاصة الغلاف الأيوني، ولا تصل إلى السطح.

ويمكن أن يؤدي هذا الامتصاص إلى زيادة تأين الغلاف الأيوني بشكل مؤقت مما قد يتداخل مع الاتصالات اللاسلكية على الموجات القصيرة. يعد التنبؤ بالتوهجات الشمسية مجالاً نشطاً للبحث.

صورة للشمس تسمح للعلماء بمراقبة نشاط التوهج الشمسي (ناسا إس دي أو)

لماذا تحصل العاصفة الشمسية؟

على مدار الدورة الشمسية، ستنتقل الشمس من فترة هادئة إلى فترة مكثفة ونشطة. خلال ذروة النشاط، والتي تسمى الحد الأقصى للطاقة الشمسية، تنقلب أقطاب الشمس المغناطيسية. بعد ذلك، سوف تصبح الشمس هادئة مرة أخرى خلال فترة الحد الأدنى للطاقة الشمسية، بحسب شبكة «سي إن إن».

كانت الدورة الشمسية الحالية، المعروفة باسم الدورة الشمسية 25، مليئة بالنشاط، أكثر مما كان متوقعاً. لقد قام العلماء في مركز التنبؤ بالطقس الفضائي التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) في بولدر، كولورادو، بتتبع عدد أكبر من البقع الشمسية مقارنة بتلك التي تم حسابها في ذروة الدورة السابقة.

وقد شمل النشاط المتزايد أيضاً التوهجات الشمسية القوية والانبعاثات الكتلية الإكليلية، أو السحب الكبيرة من الغاز المتأين الذي يسمى البلازما والمجالات المغناطيسية التي تندلع من الغلاف الجوي الخارجي للشمس.

تُظهر هذه الصورة التي قدمتها وكالة ناسا توهجًا شمسيًا كما يظهر في الوميض الساطع في أسفل اليمين والذي تم التقاطه بواسطة مرصد ديناميكيات الطاقة الشمسية التابع لناسا في 9 مايو 2024 (أ.ب)

ماذا يعني هذا بالنسبة لكوكب الأرض؟

يمكن أن تؤثر التوهجات الشمسية على الاتصالات ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على الفور تقريباً، لأنها تعطل الغلاف الأيوني للأرض، أو جزءاً من الغلاف الجوي العلوي. يمكن للجسيمات النشطة التي تطلقها الشمس أيضاً أن تعطل الإلكترونيات الموجودة على المركبات الفضائية، وتؤثر على رواد الفضاء من دون حماية مناسبة خلال 20 دقيقة إلى عدة ساعات.

وقالت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) إن الإشعاع الناتج عن هذا النشاط بدأ يضرب المجال المغناطيسي للأرض يوم الجمعة وسيستمر حتى نهاية الأسبوع.

ويشير تحذير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) من الطقس الفضائي المتطرف إلى أن العاصفة يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات عديدة على الحياة على الأرض، وربما تؤثر على شبكة الكهرباء، وكذلك الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، والاتصالات اللاسلكية عالية التردد، والإنترنت.

وفي هذا الإطار، أعلن الموقع الإلكتروني لشركة ستارلينك مزود خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، والتابعة لشركة الملياردير إيلون ماسك سبيس إكس، اليوم بأن الخدمات تشهد اضطرابا وأن الفريق يبحث في المشكلة.

وقال ماسك في منشور على منصة إكس في وقت سابق إن الأقمار الصناعية الخاصة بشركة ستارلينك تعاني من ضغط كبير بسبب العاصفة الشمسية، لكنها صامدة حتى الآن.

هل تؤثر العاصفة الشمسية على البشر؟

لحسن الحظ، ليس لدى البشر ما يدعو للقلق مع تفعيل مراقبة العاصفة الشمسية. وعلى الرغم من قوتها، تؤكد وكالة «ناسا» أن الإشعاع الضار الناتج عن التوهجات الشمسية «لا يمكن أن يمر عبر الغلاف الجوي للأرض ليؤثر جسدياً على البشر على الأرض».

يظهر الشفق القطبي في السماء فوق وهج المعركة في اتجاه الحدود الروسية ويمكن رؤيته من المدينة في خاركيف أوكرانيا (إ.ب.أ)

الشفق القطبي الممتع

يمكن أن تنجم الأضواء الشمالية عن العواصف الشمسية. وفي حين أن هذا ليس له تأثير على الأرض من الناحية الفنية، إلا أن البشر سوف يحصدون عرض مذهل مليء بالألوان المتدرجة من الأرجواني والأخضروالفيروز المتلألئ في سمائهم.

بألوانه الخضراء والزرقاء الشفق القطبي يضيء السماء فوق مدينة تارا بجنوب غرب سيبيريا، منطقة أومسك روسيا (رويترز)

وعادة، من الأفضل رؤية الأضواء الشمالية من خطوط العرض الشمالية العالية خلال فصل الشتاء في ألاسكا وكندا والدول الاسكندنافية. ومن المتوقع أن تكون هذه العاصفة مرئية من شمال كاليفورنيا والولايات الجنوبية مثل ألاباما، وفقاً لمقياس الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).

لكن توقعت وكالات أنباء أن هذا العام يمكن رؤية الشفق القطبي في نصف الكرة الشمالي في نهاية هذا الأسبوع، بحسب صحيفة «إندبندنت».

مكن رؤية الشفق القطبي، المعروف باسم الأضواء الشمالية، خلف تمثال أنتوني غورملي في كروسبي، بريطانيا (إ.ب.ا)

وستكون الأضواء الشمالية مرئية يومي الجمعة والسبت في أقصى الجنوب حتى ليفربول في المملكة المتحدة، بينما تصل أيضاً إلى أكثر من اثنتي عشرة ولاية أميركية. اعتماداً على شدة النشاط الشمسي، هناك احتمال ضئيل أن تكون المشاهدة ممكنة في جميع أنحاء المملكة المتحدة.

تموجات الألوان من البنفسي الى الأخضر في سماء مدينة تارا (رويترز)

ويأتي هذا الحدث السماوي نتيجة لأربعة على الأقل من الانبعاثات الكتلية الإكليلية (CMEs) من الشمس، والتي ستشهد انبعاث كميات كبيرة من البلازما والتدفق المغناطيسي من أقرب نجم لنا.

ووفقاً لما ذكرته هيئة الأرصاد الجوية البريطانية، فإنه «عندما تكون السماء صافية ومظلمة بدرجة كافية، من المتوقع أن تتطور المشاهدات بعد وصول الانبعاث الإكليلي عبر النصف الشمالي من المملكة المتحدة، مع احتمال أن يصبح الشفق القطبي مرئياً في جميع أنحاء المملكة المتحدة وخطوط العرض المغناطيسية الأرضية المماثلة».

لوحة رسمها الشفق القطبي في سماء الليل فوق شارع Fusch an der في أستراليا (أ.ف.ب)

وأشارت هيئة الأرصاد إلى أنه «قد يظل نشاط الشفق القطبي معززاً بعد ذلك، نظراً لاحتمال وجود المزيد من الانبعاث الإكليلي الموجه نحو الأرض في الأيام المقبلة».

كما يذكر أن أبرز عاصفة شمسية مسجلة في التاريخ حدثت في عام 1859، والمعروفة باسم حدث كارينغتون، واستمرت لمدة أسبوع تقريباً، مما أدى إلى ظهور شفق امتد إلى هاواي وأميركا الوسطى، وأثر على مئات الآلاف من الأميال من خطوط التلغراف.

يضيء الشفق القطبي سماء الليل فوق Molenviergang في Aarlanderveen، هولندا (أف.ب)

وعادة، أفضل وقت لمشاهدة الشفق القطبي الشمالي هو بعد غروب الشمس مباشرة، أو قبل شروق الشمس مباشرة.

كما من المتوقع حدوث المزيد من التوهجات والعواصف الشمسية، وفي الأسابيع المقبلة قد تظهر البقع الشمسية مرة أخرى على الجانب الأيسر من الشمس، لكن يصعب على العلماء التنبؤ بما إذا كان ذلك سيسبب نوبة أخرى من النشاط الشمسي.


مقالات ذات صلة

«سبيس إكس» و«ناسا» تطلقان مهمة «كرو-9» إلى الفضاء الشهر المقبل

علوم صاروخ «فالكون 9» (شركة «سبيس إكس»)

«سبيس إكس» و«ناسا» تطلقان مهمة «كرو-9» إلى الفضاء الشهر المقبل

قالت شركة «سبيس إكس» ووكالة «ناسا»، الجمعة، إنهما تعتزمان إطلاق مهمة «كرو-9» التابعة لـ«ناسا» إلى محطة الفضاء الدولية في موعد لا يتجاوز 18 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق هل هناك طريقة لجعل الألماس صلباً؟ (شاتر ستوك)

دراسة: كوكب عطارد به طبقة من الألماس بعمق 18 كيلومتراً

قد يكون عطارد أصغر كواكب المجموعة الشمسية، لكنه يُخفي سراً كبيراً. يشير بحث جديد إلى أن القشرة على سطح كوكب عطارد تُخفي أسفلها طبقة من الألماس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكون لا يبخل بالمفاجآت (أ.ب)

رصدُ كوكب مشتري «آخر» يحتاج إلى قرن ليدور حول نجمه

قُطره تقريباً مثل قُطر المشتري، لكنه يبلغ 6 أضعاف كتلته. كما أنّ غلافه الجوي غنيّ بالهيدروجين مثل المشتري أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم الذهاب إلى الفضاء يغيرك (ناسا)

في زمن السياحة الفضائية... مخاطر صحية خارج عالمنا حتى للزيارات القصيرة

يقال إن الذهاب إلى الفضاء يغيرك، والفكرة هي أن الناس يحصلون على منظور جديد عن رؤية عالمنا من الأعلى يطلق عليه تأثير النظرة العامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء

تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء

تزايد عدد الأقمار الاصطناعية في المدار الأرضي المنخفض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.