منذ انطلاقتها الأولى في عام 2016، تؤكد «ليلة الأفكار» بنسَخِها المتتالية حملها شعلة الثقافة والمعرفة في موضوعات مختلفة تتطرق إليها. وكعادته في كل عام ينظم المركز الثقافي الفرنسي هذا النشاط في عدة دول، بينها لبنان. وفي نسخته التاسعة التي تُقام تحت عنوان «خطوط الصدع»، تحضر الحوارات والعروض الفنية، وتخصص مساحة للأولاد (ليلة الأفكار للصغار) ليتبادلوا النقاشات البيئية والفلسفية.
ويتألَّف برنامج هذه الليلة التي يستضيفها مبنى المركز في بيروت، 14 مايو (أيار)، من المعرض الفني «عالم بلا نهاية». وهو مستوحى من كتاب القصص المصورة بقلم الكاتب كريستوف بلاين، والمهندس المتخصص في مجال الطاقة والمناخ، جان مارك جانوكوفيسي. ويدعو الزوار إلى التفكير في مسببات الاضطرابات المناخية وآثارها، في أجواء فكاهية. وتفتتح «ليلة الأفكار» مع الممثل الكوميدي شاكر أبو عبد الله، يليها نقاش «حروب حقيقية»، مع الوزير السابق غسان سلامة. وتختتم بعرض فني «تحت قناطر المركز الفرنسي في لبنان».
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، تشير مديرة المركز في لبنان، سابين سيورتينو، إلى أن هذه النسخة كغيرها تحط في نحو 100 دولة، وبينها لبنان. أما المعنى الجيولوجي لعنوانها «خطوط الصدع»، فنابع عن تكتونية الصفائح، ويتعلق بالحركات غير المنتظمة على سطح الأرض التي تتسبب بالتشققات والصدمات.
وتتابع: «أردنا بالفعل، خلال أمسية استثنائية، أن نتأمل بدقة في هذه الديناميكيات الجديدة التي تعبر عالمنا وتهزه. وعلى الجانب السلبي، يمكننا بالفعل تسليط الضوء على المخاوف المشروعة التي يثيرها تغير المناخ أو ظهور توازن جديد للقوى بين الدول، مما يؤدي إلى صراعات من نوع جديد في القرن الحادي والعشرين. ولكن على الجانب الإيجابي، يمكننا أيضاً التركيز على الإمكانيات التحويلية التي تجلبها التقنيات الجديدة. وبعضها يولد الآمال، وتثيرها الأشكال الجديدة من التعبئة التي تتجاوز الحدود الوطنية أو الاجتماعية أو الثقافية المعتادة. وهو ما ندعو لمناقشته بالفرنسية والعربية في (ليلة الأفكار)».
لطالما يركّز «المركز الثقافي الفرنسي» في نشاطاته الفنية والثقافية على الفئة الشبابية في المجتمع اللبناني. وفي النسخة التاسعة من هذا الحدث يوسع بيكار نشاطاته لتشمل الأولاد مستقبل لبنان.
وتوضح سابين سيورتينو: «من جهتي، لديَّ قناعة راسخة بأنه لا حدَّ أدنى للعمر، للبدء بالنقاش والتساؤل حول العالم مِن حولنا. ولهذا السبب صممنا (ليلة صغيرة من الأفكار) في البرنامج هذا العام. وذلك بمساعدة مجموعة من طلاب جامعة القديس يوسف في تخصصات الأدب والتاريخ والفلسفة. وسنعطي الكلمة للأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عاماً. ويتناولون مواضيع حياتهم اليومية: ما المدرسة؟ هل يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين حياتنا؟ والعديد من الأسئلة الأخرى. إن مناقشة الأفكار ليست حكراً على البالغين؛ فهناك كثير مما يمكن كسبه من جَعْل الأطفال يتناقشون ويفكرون. وبالتأكيد هناك الكثير لنتعلمه بالنسبة لنا من خلال الاستماع إليهم».
حلقة نقاشية يجريها الوزير السابق غسان سلامة بعنوان «حروب حقيقية وافتراضية»، إلا أن افتتاح هذا الحدث يحمل طابعاً كوميدياً؛ فكيف تفسِّر مديرة المركز هذا التناقض؟ توضح سابين سيورتينو لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة لي، لا يوجد تناقض حقيقي في اختيار دعوة كل من الفكاهي شاكر أبو عبد الله والعالم السياسي والدبلوماسي غسان سلامة للسهرة نفسها؛ فالهدف من هذه الأمسية على وجه التحديد تقديم آراء مبتكرة حول مجتمعاتنا، لإخراجنا من أفكارنا المسبقة، ومساعدتنا في اكتساب منظور جديد».
وتختم سيورتينو متمسكةً بهذه المشهدية الفنية: «ما الذي يمكن أن يكون أفضل من أن يقدم لنا شاكر أبو عبد الله، أحد أفضل ممثلي المشهد الكوميدي اللبناني الجديد، مقدمة على طريقته الخاصة؟ أما غسان سلامة، أحد الشخصيات الرئيسية في الفكر الجيوسياسي المعاصر، فيشارك تحليلاته في حوار مع المحرر الصحافي أنتوني سمراني. وتنتهي الأمسية بالفن الجميل مع عرض كرتوني يستضيفه مؤلفو مجموعة (يا بيروت) على أنغام موسيقى (DJ AHMZ)».