معرض «رقة الثنائيات» يرصد المتضادات المعقدة عبر الفن المعاصر

7 فنانين جمعتهم صداقة متينة وشعور واحد عن المتغيرات

جانب من المعرض الذي استقطب عدداً كبيراً من الزوار (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض الذي استقطب عدداً كبيراً من الزوار (الشرق الأوسط)
TT

معرض «رقة الثنائيات» يرصد المتضادات المعقدة عبر الفن المعاصر

جانب من المعرض الذي استقطب عدداً كبيراً من الزوار (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض الذي استقطب عدداً كبيراً من الزوار (الشرق الأوسط)

تحت سقف واحد، اجتمع 7 فنانين لينثروا إبداعاتهم في المتغيرات التي عاشوها، وذلك بعد غياب وترحال كلّ منهم، في معرض «رقة الثنائيات»، محاولين بعفوية اكتشاف الجمال الكامن في رقصة الثنائيات الرقيقة، ومعيدين شيئاً من الذكريات التي جمعت بينهم قبل أن تُبعدهم مشاغل الحياة وهمومها.

من اتجاهات السعودية الأربعة، اتحد الفنانون السبعة، ندى العلي، ومعن العبادي، ونوف الشريف، ورشا صديق، وعبد الله البقمي، وعيدة الزهراني، وأحمد حداد، في «ستوديو شعشعي» بحي جاكس في العاصمة الرياض، ليناقشوا من خلال لوحاتهم التناقضات التي تفرضها البيئة المتغيرة باستمرار، وكيفية إدراك الإنسان لها وسعيه لإيجاد توازن رقيق في لحظات هذا التّحول، في الوقت الذي يتحرّك فيه بوعي في ممرات الحياة المجهولة والمعقدة.

جذب المعرض شرائح مختلفة من المجتمع (الشرق الأوسط)

«رقة الثنائيات»، يستمر حتى نهاية شهر مايو (أيار) الحالي؛ في ظاهره هو معرضٌ واحدٌ يجمع فنانين التقوا بعد غياب، بيد أن مضمونه أبعد من ذلك، فهو إنساني صرف، تتوافق فيه الرؤى وتختلف قراءة ما يُعرض فيه، حيث يسرح الزائر في تأمّل أذواق أعمال الفنانين السبعة وتفاصيلها المختلفة التي تحاكي تجربتهم وتجربة كل إنسان في لوحة ما، ورؤيته لما فيها من تقلبات عصفت أو تعصف به حالياً.

لدى التّجول في أروقة المعرض، ومشاهدة 14 عملاً فنياً، يكتشف الزائر الجمال الكامن في متضادات الكون، ويدرك إيجابيات التّحولات والتغيرات التي تطرأ على الحياة واختلافاتها من موقع إلى آخر. وتشكل لوحات المعرض دعوة للزائرين بمختلف هواجسهم للتأمل في رحلتهم وهم ينحتون مفاهيم عميقة برقّة، من خلال مجموعة من المواد والتقنيات المتنوعة. ولا يفوتك وأنت تسير بين الجَمال أن تعرّج على تجربة مبسّطة لبعض الفنانين تحت مظلة «ستوديو مخطوط» في حي جاكس.

جانب من معرض «رقة الثنائيات» (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، تؤكّد خيرية رفعت القيّمة الفنية، على أهمية المعرض في تجسيده مثالاً حياً للتعاون بين الفنانين بهدف التّعبير عن مفاهيمهم العميقة والمشتركة بينهم، والمستمدة من قصصهم وتجاربهم الإنسانية، التي أدّت إلى إخراج معرض فنيّ مليء بالأعمال المعبّرة والتي تلامس مشاعر الزائر وتؤثر في تجربته وآرائه في هذا الفن المعاصر. وتابعت: «يعرف الفنانون السبعة المشاركون في المعرض بعضهم بعضاً منذ سنوات عدة، رغم وجودهم في مدن مختلفة من السعودية، ولديهم أفكار مشتركة ورغبة ظهرت في المشاركة معاً في معرض جماعي. تواصلوا معي وشاهدت أعمالهم قبل الموافقة على إقامة المعرض، ومن خلال هذه الأعمال وُلدت الفكرة، ليخرج المعرض على هذا النحو الذي كان التعاون سبب نجاحه».

زائرة تتأمل إحدى اللوحات (الشرق الأوسط)

ولفتت القيّمة الفنية، إلى أن فكرة المعرض راودتهم جميعاً، خصوصاً أن اللوحات تتحدث عن الصرعات الداخلية التي تولد بعد مرور الإنسان بمراحل انتقالية، لتتكوّن وتتبلور من قلب هذه الصراعات، مشاعر مختلطة ومتضاربة. وقد عبّر الفنانون السبعة عن هذا الأمر لبعضهم في وقت سابق، وهذا التعبير ساهم في إخراج هذه المشاعر التي جسّدت جماليات واضحة للعيان في لوحاتهم».

وتستطرد خيرية رفعت قائلة: «أعتقد أنها أفضل طريقة لإقامة معرض يريد الفنان أن يعبّر من خلاله عمّا في داخله من مشاعر، ومن ثمّ يبحث عن فنانين آخرين يحملون المشاعر نفسها تلك المفعمة بالإنسانية، لتكون لها التأثيرين المباشر والكبير على المتلقّي، خصوصاً لما يتميّز به المعرض من تجربة إنسانية مشتركة، وصداقة متينة تجمع بين الفنانين».

تأملات لفهم اللوحة وأبعادها (الشرق الأوسط)

ولا بدّ من الإشارة إلى أن الفنانين السبعة لم يهتموا قط لدى تحضيراتهم للمعرض بكم الأعمال الشخصية المشاركة بقدر اهتمامهم بقيمة الفكرة التي تحملها. فكلُّ لوحة هي حالة خاصة لكلّ فنان، وفق خيرية رفعت، التي تقول: «على الرغم من تقيّد المعرض بالمساحة المتاحة له، فإن كلّ فنانٍ عرض ما يجول في داخله بلوحة تعبّر عن المضمون»؛ موضحة أنّ «المعارض الفردية هي تجربة فنان يتحدث فيها عن شعور أو فكرة محدّدة، بخلاف المعارض الجماعية التي يُشاهَد فيها الموضوع من زوايا مختلفة حتى وإن كان المعرض قائماً على فكرة واحدة، إلا أنك تستطيع رصد الجوانب المختلفة في كل لوحة، وهذا ما يميز المعارض الجماعية، وإن كان لكل معرض أثره على المجتمع».

لوحة لأحد الفنانين المشاركين في المعرض (الشرق الأوسط)

ورغم التحديات التي تواجه الفن التشكيلي، تؤكد خيرية رفعت، أن محبّي الفن وهواته ما زالوا يهتمون وبشكل كبير بالمعاصر منه، مشدّدة على أن الفجوة التي كانت موجودة في وقت سابق، بدأت بالتلاشي، وهذا بالفعل ما رصده معرض «رقة الثنائيات» مع توافد أعداد كبيرة من الزائرين ليس فقط من المهتمين بالفن التشكيلي بل غير المهتمين به أيضاً، بغية التّعرف به عن قرب وفهمه، لافتةً إلى أهمية توقيت المعرض وأيام العرض، التي تُساعد أيضاً في نشر هذا الفن وتستقطب أكبر عددٍ ممكن من الزائرين من مختلف شرائح المجتمع.



العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
TT

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)
الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

وأظهرت الدراسة، التي قادها فريق من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ونُشرت نتائجها، الجمعة، في دورية «The Lancet Psychiatry»، أن كثيرين من المصابين بالاكتئاب لا يتلقون العناية اللازمة، ما يزيد من معاناتهم ويؤثر سلباً على جودة حياتهم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 300 مليون شخص الاكتئاب، مما يجعله السبب الرئيسي للإعاقة عالمياً. وتشير التقديرات إلى أن 5 في المائة من البالغين يعانون هذا المرض. وضمّت الدراسة فريقاً من الباحثين من منظمة الصحة العالمية وجامعتيْ واشنطن وهارفارد بالولايات المتحدة، وشملت تحليل بيانات من 204 دول؛ لتقييم إمكانية الحصول على الرعاية الصحية النفسية.

وأظهرت النتائج أن 9 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الشديد تلقّوا العلاج الكافي على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة فجوة صغيرة بين الجنسين، حيث كان النساء أكثر حصولاً على العلاج بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بــ7.2 في المائة للرجال. ويُعرَّف العلاج الكافي بأنه تناول الدواء لمدة شهر على الأقل، إلى جانب 4 زيارات للطبيب، أو 8 جلسات مع متخصص.

كما أظهرت الدراسة أن نسبة العلاج الكافي في 90 دولة كانت أقل من 5 في المائة، مع تسجيل أدنى المعدلات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا بنسبة 2 في المائة.

وفي أستراليا، أظهرت النتائج أن 70 في المائة من المصابين بالاكتئاب الشديد لم يتلقوا الحد الأدنى من العلاج، حيث حصل 30 في المائة فقط على العلاج الكافي خلال عام 2021.

وأشار الباحثون إلى أن كثيرين من المرضى يحتاجون إلى علاج يفوق الحد الأدنى لتخفيف معاناتهم، مؤكدين أن العلاجات الفعّالة متوفرة، ومع تقديم العلاج المناسب يمكن تحقيق الشفاء التام. وشدد الفريق على أهمية هذه النتائج لدعم خطة العمل الشاملة للصحة النفسية، التابعة لمنظمة الصحة العالمية (2013-2030)، التي تهدف إلى زيادة تغطية خدمات الصحة النفسية بنسبة 50 في المائة على الأقل، بحلول عام 2030. ونوه الباحثون بأن تحديد المناطق والفئات السكانية ذات معدلات علاج أقل، يمكن أن يساعد في وضع أولويات التدخل وتخصيص الموارد بشكل أفضل.

يشار إلى أن الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم، حيث يؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، ويرتبط بشكل مباشر بمشاعر الحزن العميق، وفقدان الاهتمام بالنشاطات اليومية، مما يؤثر سلباً على الأداء الوظيفي والعلاقات الاجتماعية.