علماء يطورون الأبجدية الصوتية لـ«حوت العنبر» بهدف فهم عالمه الغامض

حوت العنبر يخرج من البحر أثناء غوصه في البحر بالقرب من راوسو باليابان (رويترز)
حوت العنبر يخرج من البحر أثناء غوصه في البحر بالقرب من راوسو باليابان (رويترز)
TT

علماء يطورون الأبجدية الصوتية لـ«حوت العنبر» بهدف فهم عالمه الغامض

حوت العنبر يخرج من البحر أثناء غوصه في البحر بالقرب من راوسو باليابان (رويترز)
حوت العنبر يخرج من البحر أثناء غوصه في البحر بالقرب من راوسو باليابان (رويترز)

فيما يبدو كأنه مشهد من فيلم خيال علمي، يتجه العلم نحو فهم أعمق للتواصل بين الإنسان وأحد أكبر المخلوقات البحرية، «حوت العنبر».

ومع استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة، يسعى العلماء لفك رموز لغة الحيتان، وما إذا كان لديها نظام تواصل معقد يشبه لغة البشر. وإذا نجح الأمر، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها البشر مع الكائنات الأخرى. حسبما أفادت شبكة «سكاي».

التقدم الحديث يأتي من خلال مشروع «Ceti»، حيث يعمل فريق من الخبراء على فك شفرة النقرات الصادرة عن «حوت العنبر». ومن خلال دراسة عشائر هذه المخلوقات في شرق البحر الكاريبي، تم اكتشاف استخدامها «شفرة مورس» المعقدة، مع إضافة تفاصيل موسيقية لنقل المعنى.

والمكالمات بين هذه الحيتان ليست مجرد أصوات عابرة، بل تحمل ثروة من المعلومات التي يمكن أن تكون مفتاحاً لفهم أعمق لحياتها وسلوكها. ويعتقد العلماء أن هذا الاكتشاف قد يساعد في توحيد العمليات الجماعية لهذه الكائنات، بدءا من البحث عن الطعام وصولاً إلى تربية الصغار.

قال الدكتور ديفيد غروبر، مؤسس مشروع «Ceti»: «إنه يلقي الضوء على إمكانية وجود نظام اتصالات معقد لدى هذه الحيتان، ما يدفعنا لمواصلة جهودنا في استكشاف عالمهم».

وفي دراسة نُشرت في مجلة «Nature Communications»، كشف الباحثون عن تفاصيل جديدة حول تركيب الأصوات التي تصدرها «حيتان العنبر». بالإضافة إلى النقرات التي تشكل «شفرة مورس» الخاصة بها، وتغير الحيتان إيقاعاتها ونغماتها بناءً على سياق المحادثة.

ومن خلال تحليل السجلات الصوتية، تم تحديد ما يُعرف الآن بالأبجدية الصوتية لـ«حوت العنبر»، حيث يقول الباحثون إنها تمثل مجموعة معقدة من النماذج الصوتية يمكن أن تحمل معاني مختلفة.

وفي وقت سابق، أظهرت دراسات سابقة من المشروع أن الحيتان تشير إلى هويتها عبر نقرات متعددة، ما يُظهر القدرة الكبيرة لهذه المخلوقات على التواصل المعقد.

مع استمرار التقدم في هذا المجال، يأمل العلماء أن يكون لديهم يوماً ما القدرة على تبادل الحوار مع الحيتان، وربما تكون هذه اللحظة هي بداية فترة جديدة من التواصل الحقيقي بين الإنسان والكائنات الأخرى في هذا العالم البحري الغامض.


مقالات ذات صلة

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

يوميات الشرق السمكة المجدافية كما أعلن عنها معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

جرف البحر سمكة نادرة تعيش في أعماق البحار، إلى أحد شواطئ جنوب كاليفورنيا، بالولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
الاقتصاد د. خالد أصفهاني الرئيس التنفيذي لـ«المؤسسة العامة للمحافظة على الشعب المرجانية» وعدد من الشخصيات عند انطلاق المؤتمر

دراسة مع «البنك الدولي» لتحديد القيمة الفعلية للشعاب المرجانية في السعودية

تقترب السعودية من معرفة القيمة الفعلية لمواردها الطبيعية من «الشعاب المرجانية» في البحر الأحمر.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق يأتي الاكتشاف ضمن سلسلة الجهود لتعزيز المعرفة بالسلاحف البحرية وبيئاتها الطبيعية (واس)

اكتشاف أكبر موقع تعشيش لـ«السلاحف» في البحر الأحمر بالسعودية

أعلنت السعودية، السبت، عن اكتشاف أكبر موقع تعشيش للسلاحف البحرية يتم تسجيله على الإطلاق في المياه السعودية بالبحر الأحمر، وذلك في جزر الأخوات الأربع.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق يمكن أن يتحول فَردان من قناديل البحر بسهولة فرداً واحداً (سيل برس)

قناديل البحر قد تندمج في جسد واحد عند الإصابة

توصل باحثون إلى اكتشاف مدهش يفيد بأن أحد أنواع قناديل البحر المعروف بـ«قنديل المشط» يمكن أن تندمج أفراده في جسد واحد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الدلافين دائماً ما تفتح فمها بصورة تظهرها مبتسمة أثناء لعبها مع بعضها بعضاً (رويترز)

دراسة: الدلافين تبتسم لبعضها بعضاً «لتجنب سوء الفهم»

كشفت دراسة جديدة، عن أن الدلافين تبتسم لبعضها بعضاً أثناء اللعب لتجنب سوء الفهم.

«الشرق الأوسط» (روما)

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
TT

نوبات غضب الأطفال تكشف اضطراب فرط الحركة

من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)
من المهم مراقبة مسارات تطوّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال (جامعة واشنطن)

كشفت دراسة بريطانية عن أنّ الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة الذين يواجهون صعوبة في التحكُّم بمشاعرهم وسلوكهم عبر نوبات غضب، قد يظهرون أعراضاً أكبر لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند بلوغهم سنّ السابعة.

وأشارت الدراسة التي قادتها جامعة أدنبره بالتعاون مع جامعتَي «نورثمبريا» و«أوكسفورد» إلى أهمية مراقبة تطوّر التنظيم العاطفي لدى الأطفال في مرحلة مبكرة من حياتهم، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «Development and Psychopathology».

والتنظيم العاطفي لدى الأطفال هو القدرة على إدارة مشاعرهم بشكل مناسب، مثل التعبير الصحّي عن المشاعر والتحكُّم في الانفعالات القوية منها الغضب والحزن، ويساعدهم ذلك على التفاعل إيجابياً مع الآخرين والتكيُّف مع التحدّيات اليومية.

أمّا اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، فهو حالة تؤثّر في قدرة الفرد على التركيز والتحكُّم في الانفعالات والسلوكيات، ويتميّز بصعوبة في الانتباه، وفرط النشاط، والاندفاعية، ويظهر في الطفولة وقد يستمر إلى البلوغ، مع عوامل وراثية وبيئية وعقلية تسهم في حدوثه.

وأوضح الباحثون أنّ دراستهم الجديدة تُعدّ من أوائل البحوث التي تستكشف العلاقة بين أنماط تنظيم المشاعر في المراحل المبكرة من الطفولة والصحّة النفسية في مرحلة المدرسة. فقد حلّلوا بيانات نحو 19 ألف طفل وُلدوا بين عامي 2000 و2002. واستندت الدراسة إلى استبيانات ومقابلات مع أولياء الأمور لتقويم سلوكيات الأطفال الاجتماعية وقدرتهم على تنظيم مشاعرهم.

واستخدموا تقنيات إحصائية لفحص العلاقة بين مشكلات المشاعر والسلوك وأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عند سنّ السابعة.

وتوصل الباحثون إلى أنّ الأطفال الذين يُظهرون استجابات عاطفية شديدة ويتأخرون في تطوير القدرة على تنظيم مشاعرهم يكونون أكثر عرضة للإصابة بأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والمشكلات السلوكية والانطوائية، مثل القلق والحزن.

وأظهرت النتائج أنّ هذه العلاقة تنطبق على الجنسين، حتى بعد أخذ عوامل أخرى في الحسبان، مثل وجود مشكلات نفسية أو عصبية مسبقة.

وقالت الدكتورة آجا موراي، من كلية الفلسفة وعلم النفس وعلوم اللغة بجامعة أدنبره، والباحثة الرئيسية للدراسة: «تُكتَسب مهارات تنظيم المشاعر في سنّ مبكرة وتزداد قوة تدريجياً مع الوقت، لكنّ الأطفال يختلفون في سرعة اكتساب هذه المهارات، وقد يشير التأخُّر في هذا التطوّر إلى احتمال وجود مشكلات نفسية أو عصبية».

وأضافت عبر موقع الجامعة: «تشير نتائجنا إلى أنّ مراقبة مسارات تطوُّر تنظيم المشاعر لدى الأطفال يمكن أن تساعد في تحديد مَن هم أكثر عرضة للمشكلات النفسية في المستقبل».

ويأمل الباحثون أن تُسهم هذه النتائج في تطوير برامج وقائية تستهدف الأطفال في المراحل المبكرة من حياتهم، لتقليل احتمالات تعرّضهم لمشكلات نفسية وسلوكية عند الكبر.