احتفاء في مصر بمئوية التشكيلية الرائدة إنجي أفلاطون

احتفاء بمئوية الفنانة المصرية إنجي أفلاطون (إدارة الغاليري)
احتفاء بمئوية الفنانة المصرية إنجي أفلاطون (إدارة الغاليري)
TT

احتفاء في مصر بمئوية التشكيلية الرائدة إنجي أفلاطون

احتفاء بمئوية الفنانة المصرية إنجي أفلاطون (إدارة الغاليري)
احتفاء بمئوية الفنانة المصرية إنجي أفلاطون (إدارة الغاليري)

بعد مرور قرن كامل على ميلاد الفنانة المصرية الراحلة إنجي أفلاطون، ينظم غاليري «سفرخان» في حي الزمالك بالقاهرة، معرضاً استيعادياً بعنوان «تَذكُر إنجي: المجموعة المئوية»، احتفاءً بدورها البارز في تاريخ الفن المصري الحديث وتوثيقاً لمسيرتها الطويلة التي تُعد نموذجاً مختلفاً لتزاوج الفن والنضالين السياسي والاجتماعي.

احتلت الطبيعة جانباً من أعمال الفنانة (إدارة الغاليري)

وحسب منى سعيد مديرة غاليري «سفرخان»، فإن أعمال الفنانة تعبّر عن نبض المجتمع المصري خلال فترات زمنية مختلفة ومهمة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «يضم المعرض مجموعة تذكارية مُعدّة خصيصاً للفنانة والناشطة المصرية الرائدة إنجي أفلاطون؛ ويفخر الغاليري بأنه المزوّد الحصري لأعمالها المتبقية، وقد قرّرنا الاحتفاء بالذكرى المئوية لميلادها عبر تقديم السيرة الذاتية لحياتها وأعمالها في هذا المعرض متعدّد الوسائط؛ الذي يعتمد على مصادر مختلفة لإنشاء عرض شامل، فضلاً عن مقاطع فيديو مصوّرة من سيرة ذاتية حديثة عن الفنانة، والتي أعدها المعرض بإشراف الإعلامية والمقتنية شيروت شافعي».

جسّدت المرأة الريفية في أعمالها (إدارة الغاليري)

ويضمّ المعرض كذلك الأعمال الزيتية غير المعروضة سابقاً من مجموعات الغاليري الخاصة للأغراض التعليمية، ويُضيء على الأعمال المهمة من الفترات الرئيسية لفنها من خلال تعليقات سردية ثاقبة؛ ممّا يوفّر للمشاهدين جولة تفصيلية دقيقة وغنية بالمعلومات عن القصة المؤثرة للفنانة التي تركت إرثاً إبداعياً ألهم، ولا يزال، الفنانين والناشطين ومحبي الفن بعد عقود من وفاتها».

كانت لوحاتها توثق للمجتمع بكل فئاته (إدارة الغاليري)

وترى الفنانة والناقدة الفنية منى فتحي أن هذا النوع من المعارض التي تحتفي بأعمال الرواد ورموز الفن التشكيلي المصري، هو إضافة حقيقية للمشهد الفني الراهن، وتوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «المعرض لا يمثل متعة للجمهور فقط، لكنه أيضاً يلعب دوراً تعليمياً مهماً؛ فالإبداع لا يعرف الانتقال من جيل إلى آخر عبر الأسلوب التلقيني، والفن لا يصل إلى الدارسين داخل قاعات الجامعات والأكاديميات المتخصصة وحدها، لكنه يُتاح كذلك وربما بشكل أكثر فاعلية في القاعات والمتاحف الفنية العريقة، ومن هنا تنبع أهمية هذا المعرض».

احتفاء بمئوية الفنانة المصرية إنجي أفلاطون (إدارة الغاليري)

ومن خلال المعرض المستمر حتى 21 مايو (أيار) يتأكد لدى الزائر كيف كانت إنجي أفلاطون تتمتع بالوعي المبكر للعدل الاجتماعي، إذ تُعد لوحاتها مرآةً تعكس مشكلات المجتمع وتطلعاته وتحدياته وقضاياه الإنسانية، على الرغم من انتمائها إلى أسرة أرستقراطية عريقة، ولذلك شبّهها المفكر الراحل د.جابر عصفور بالروائي الروسي تولستوي الذي ينتمي إلى أسرة شديدة الثراء، لكنه كان يعبّر عن الفقراء ومعاناتهم في أعماله.

اسكتش نادر للفنانة (إدارة الغاليري)

وتستحوذ المرأة الريفية على جانب بارز من أعمال إنجي أفلاطون، ومن المعروف أنها سافرت كثيراً إلى القرى، وحرصت على معايشة الريفيات في بيوتهن والحقول والأسواق لتجسّد ذلك كله بريشتها مستخدمةً أسلوب الواقعية الشعرية والألوان الصريحة الواضحة المستقاة من حرارة الشمس الساطعة، كما عكست معاناة نساء المدينة وقضاياهن، لتغلّف ذلك كله بأفكارها الثورية.

عبّرت عن معاناة المجتمع (إدارة الغاليري)

وفي إطار هذا الاحتفاء بالمرأة بمختلف فئاتها رسمت إنجي السجينات، في أثناء سنوات اعتقالها، في مجموعة من اللوحات الفنية؛ فجسدتهن في حالات مختلفة، مثل طوابير الطعام وعنابر النوم وحصص الوعظ وقاعات التأهيل المهني، وجاء بعض هذه اللوحات بلمسات شاعرية حتى في السجن، حين رسمت إطلالة نوافذ العنبر على الأشجار ونهر النيل باتساعه ومركبه وصياديه في دلالة على التطلع إلى الحق في الحياة والحرية.

وُلدت إنجي أفلاطون في 16 أبريل (نيسان) عام 1924 في قصر بالقاهرة لأسرة أرستقراطية، تلقّت تعليماً فرنسياً لكنها أصرّت على تعلم اللغة العربية في صباها، اهتمت والدتها وهي من أوائل مصمّمات الأزياء فى مصر، بإلحاقها بمرسم الفنان الفرنسي إمبير عام 1941، وكان عمرها لا يتجاوز الأعوام السبع عشرة لتتعلم أصول الفن، ومنه اتجهت إلى فضاءات واسعة من الإبداع.

عمل للفنانة إنجي أفلاطون (إدارة الغاليري)

شكّلت مع مجموعة من السيدات أول مجموعة نسائية جديدة في مصر وهي «رابطة فتاة الجامعة والمعاهد»، وكانت خطوتها الأولى نحو الكفاح السياسي والآيديولوجي الداعم للقضايا الاجتماعية على المستويين المصري والعربي.


مقالات ذات صلة

مجسمات مصنوعة من أعواد الثقاب تستلهم معالم تاريخية

يوميات الشرق مجسمات لمعالم عالمية بأعواد الثقاب (الشرق الأوسط)

مجسمات مصنوعة من أعواد الثقاب تستلهم معالم تاريخية

على مدى 12 عاماً عكف الطبيب المصري الفنان أحمد حسن على العمل لتقديم مجسمات فنية لأهم المعالم الأثرية في أنحاء العالم.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق حوار غير مسبوق بين الفن والأزياء (إ.ب.أ)

كنوز لدور من «فيرساتشي» حتى «ديور» داخل أول عرض أزياء في «اللوفر»

ظلَّ كارل لاغرفيلد طوال مسيرته المهنية الأسطورية في مجال الموضة والأزياء مؤمناً بأن «الفن هو الفن، والأزياء هي الأزياء». ولكن ربما يثبت معرض جديد غير ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق غلاف كتاب هيدي كرم (دار النشر)

فنانون عرب ينافسون بمؤلفاتهم في «القاهرة للكتاب»

تشهد الدورة الحالية من «معرض القاهرة الدولي للكتاب» وجود عدد من الفنانين العرب بإصدار كتب جديدة، مع الترويج لها عبر حفلات توقيع.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق معتزّ صوّاف يوقّع كتابه «اعترافات رسام خارج الدوام»... (الشرق الأوسط)

معتزّ صوّاف لـ«الشرق الأوسط»: فن الـ«كوميكس» لا يلاقي تشجيعاً في منطقتنا

افتُتح مؤخراً معرض معتزّ صوّاف للرسوم المتحركة في غاليري «وادي 99 آرت» بالعاصمة بيروت. ووقّع صوّاف بموازاته كتابه «اعترافات رسام خارج الدوام».

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لوحة مونك في معرض اللوحات الوطني (إكس)

عرض لوحة لمونك تحمل «لغزاً مثيراً» للمرة الأولى في بريطانيا

تبدو اللوحة للوهلة الأولى كأنها صورة إنسان لافتة للنظر رسمها إدفارت مونك عام 1892، قبل عام من رسم ذلك العبقري النرويجي تحفته المميزة والأكثر شهرة «The Scream».

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مختبر التاريخ» السعودي يتوج الفائزين بابتكارات توثيقه ونشره

ورش عمل لخبراء قربت بين الابتكار وأبواب التاريخ (جامعة نجران)
ورش عمل لخبراء قربت بين الابتكار وأبواب التاريخ (جامعة نجران)
TT

«مختبر التاريخ» السعودي يتوج الفائزين بابتكارات توثيقه ونشره

ورش عمل لخبراء قربت بين الابتكار وأبواب التاريخ (جامعة نجران)
ورش عمل لخبراء قربت بين الابتكار وأبواب التاريخ (جامعة نجران)

اختتمت «دارة الملك عبد العزيز»، مساء الثلاثاء، «مختبر التاريخ الوطني»، بتتويج الجامعات الفائزة بتقديم حلول إبداعية ومبتكرة، تساهم في حفظ وتوثيق ونشر تاريخ السعودية، وتعزيز الهوية الوطنية.

وخلال حفل أقيم بجامعة الأميرة نورة في الرياض، تُوِّجت جامعة الجوف بالمركز الأول عن تحدي الابتكار في تقديم التاريخ، ضمن مسار الأثر الاجتماعي، بفكرة تطبيق يحمل عنوان «في مجلسٍ ما فيه نفس ثقيلة»، فيما فازت جامعة حفر الباطن بالمركز الثاني عن تحدي المشاركة في التاريخ ضمن مسار الأثر الاجتماعي بفكرة خدمة «ثمِّن» الرقمية، وحصلت جامعة شقراء على المركز الثالث عن تحدي استنطاق الصور التاريخية ضمن مسار الابتكار الرقمي، بفكرة تطبيق «زمنُنَا».

ونالت جامعة الملك فيصل المركز الرابع عن تحدي الموروث اللفظي ضمن مسار الأثر الاجتماعي عن فكرة استثمار الموروث اللفظي في مشروع نظام النقل السريع «مترو الرياض»، وجاءت كليات عنيزة الأهلية خامساً عن تحدي الموروث اللفظي ضمن مسار الأثر الاجتماعي عن فكرة لعبة «علومنا». وفازت جامعة الملك سعود بالمركز السادس عن تحدي الموروث اللفظي ضمن مسار الأثر الاجتماعي بفكرة تحت عنوان «من الطبيعة إلى التراث... حماية مستدامة برؤية متجددة».

من حفل تتويج الابتكارات المشاركة في صياغة الحلول المستقبلية (الشرق الأوسط)

وانطلق «مختبر التاريخ الوطني»، الأحد، بمشاركة فرق من نحو 30 جامعة سعودية، للمنافسة في صياغة حلول مستقبلية تساهم في الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي للبلاد، وتوثيقه للأجيال القادمة.

واستضافت فعالياته مركز المؤتمرات والمعارض بجامعة الأميرة نورة، وشهدت أعماله تنافساً بين ممثلي الجامعات في فضاء من الحماس والإبداع والابتكار في تطوير الأفكار، لحفظ وتوثيق ونشر التاريخ الوطني باستخدام وسائل حديثة تتماشى مع «رؤية السعودية 2030»، من خلال توفير منصة تنافسية تجمع الشباب والجهات المهتمة بالتاريخ.

يستهدف المختبر تشجيع الأجيال الناشئة على ابتكار الحلول (دارة الملك عبد العزيز)

30 جامعة و15 جهة وطنية ودولية

أتاح المختبر للمشاركين فرصة تطوير أفكار ومشروعات تقنية ومبادرات مجتمعية تعزّز وصول المجتمع إلى التراث الثقافي والتاريخ الوطني بشكل مبسط وجاذب.

وطوال ثلاثة أيام تنافس الطلاب والطالبات من 30 جامعة سعودية، على تطوير أفكار ومشروعات تقنية ومبادرات اجتماعية، تساهم في تبسيط إيصال التراث الثقافي والتاريخ الوطني إلى مختلف فئات المجتمع بطرق جذابة ومبتكرة، فيما ساهمت 15 جهة وطنية ودولية، في إثراء تجربة المشاركين خلال أيام المختبر.

حظيت الفرق المشاركة بنوافذ للتدريب (جامعة نجران)

وركز المختبر على تحقيق التوازن بين الأصالة والحداثة عبر مسارين رئيسيين؛ «الابتكار الرقمي»، الذي يُعنى بتطوير حلول تقنية تُساهم في توثيق ونشر التاريخ الوطني باستخدام أحدث الوسائل الرقمية، و«الأثر الاجتماعي»، الذي يهدف إلى إنشاء مبادرات تفاعلية تعزز ارتباط المجتمع بالتاريخ الوطني وتستهدف جميع الفئات العمرية بأساليب مبتكرة.

وعقدت الدارة سلسلة ورش عمل إثرائية ضمن جهود تعزيز الهوية الوطنية، وإثراء المعرفة التاريخية بأسلوب عصري يربط بين الماضي والحاضر، شارك فيها 20 متحدثاً من الخبراء في مجالات الابتكار والتراث، فيما تولى 13 محكّماً مهام تقييم المشاريع المقدمة، وأكثر من 20 ميسراً دعم المشاركين وتوجيههم خلال مراحل تطوير أفكارهم.

خبراء في مجالي التاريخ والابتكار أثروا المشاركين (الشرق الأوسط)

وسلطت الورش الضوء على محاور متعدّدة تنوّعت ما بين التخصّص التاريخي والابتكار وصناعة المحتوى الإبداعي، شملت موضوعات مختلفة مثل التفكير التصميمي، والأثر الاجتماعي المستدام للابتكار، ورقمنة المحتوى التاريخي، وأهمية علم الوثائق والزخرفة والترميم.

كما ناقشت بعض الورش كيفية السرد القصصي، ورسم الخرائط التاريخية، وموضوعات عن قصة تأسيس السعودية، وكيفية روايتها بأسلوب يجمع بين الدقة والإبداع.