أجور الممثلات والممثلين... تمييز جندريّ صادم والفوارق بالملايين

أجور الممثلات والممثلين... تمييز جندريّ صادم والفوارق بالملايين
TT

أجور الممثلات والممثلين... تمييز جندريّ صادم والفوارق بالملايين

أجور الممثلات والممثلين... تمييز جندريّ صادم والفوارق بالملايين

«لو كان اسمي أوليفر، لكنتُ تقاضيتُ أجراً أعلى بكثير مما أتقاضى فعلاً». اعتمدت الممثلة البريطانية أوليفيا كولمان نبرة ساخرة، لتعيد التذكير بالإجحاف الذي يلحق بالممثلات الإناث بسبب التفاوت في الأجور بينهنّ وبين زملائهنّ الذكور.

كولمان الحائزة على أوسكار عام 2018، والمعروفة بأدائها شخصيّة الملكة إليزابيث في الموسمَين الثالث والرابع من مسلسل «ذا كراون» على «نتفليكس»، كانت تتحدّث قبل أسابيع إلى الإعلامية كريستيان أمانبور عبر شبكة «سي إن إن». وهي انتقدت التمييز الجندريّ في الأجور داخل قطاع الصناعة السينمائية والتلفزيونية. أما سبب هذه الظاهرة المستمرة منذ عقود، فهو وفق تفسيرها، «زَعمٌ فاتت مدّة صلاحيّته يدّعي أنّ الممثلين الذكور يستقطبون الجمهور أكثر مما تفعل الممثلات الإناث».

الممثلة أوليفيا كولمان بدور الملكة إليزابيث في مسلسل «ذا كراون» (نتفليكس)

الممثلون الأعلى أجراً... 80 في المائة ذكور

رغم موجة الاعتراضات الصاخبة على عدم تكافؤ الأجور في هوليوود، التي انطلقت منذ 10 سنوات، فإنّ الواقع لم يتحسّن. فقد أظهرت قائمة «فوربس» للممثّلين الأعلى أجراً عام 2023، أن 8 من بين الـ10 الأوائل هم من الذكور، في وقتٍ اكتفت الممثلات الإناث بمرتبتَين ضمن القائمة.

ووفق أرقام «فوربس»، فإنّ الممثل الأميركي آدم ساندلر يتصدّر القائمة بأجرٍ سنوي هو 73 مليون دولار. تَليه الممثلة مارغو روبي بمبلغ 59 مليون دولار، مع العلم بأنّ وصول روبي إلى المرتبة الثانية هو حالة استثنائيّة؛ نظراً لبطولتها وإنتاجها فيلم «باربي»، الذي حطّم الأرقام القياسيّة التاريخيّة على شبّاك التذاكر العام الفائت.

ولروبي رفيقة وحيدة ضمن القائمة هي الممثلة جنيفر أنيستون في المرتبة السادسة مع 42 مليون دولار، ليستأثر الممثلون الذكور بباقي المراتب، ومن بينهم توم كروز، وراين غوسلينغ، ومات ديمون، وليوناردو دي كابريو.

مارغو روبي الممثلة الأعلى أجراً في عام 2023 والسبب بطولتها وإنتاجها فيلم «باربي» (رويترز)

الفارق بين الذكور والإناث... مليون دولار

وفق دراسة أكاديميّة أعدتها مجموعة من الباحثات الأميركيّات عام 2017، فإنّ نسبة الفارق بين أجور الممثّلات والممثلين هي 25 في المائة، ما يساوي تقريباً مليوناً و100 ألف دولار لصالح الذكور. وكلّما تقدّم الممثّلون في السنّ، اتّسعت الفجوة في الأجور ما بين الجنسَين. فالممثلة التي تخطّت الـ50 من عمرها، تتقاضى 4 ملايين دولار أقلّ من زميلها الذي يبلغ السنّ نفسه، حتى وإن كانا متساويين شهرة وانتشاراً.

وإذا كانت أوليفيا كولمان تملك ما يكفي من الجرأة لإعادة التذكير بالقضيّة، فإنّ سلَفَها في «ذا كراون» الممثلة كلير فوي صمتت لمدّة طويلة قبل أن يتكشّف ما حصل معها في المسلسل. هي أطلّت بدور أساسي وبمشاهد أكثر من الممثل مات سميث الذي أدّى شخصية الأمير فيليب، إلّا أنها تقاضت أجراً أقلّ بكثير مما تقاضى هو، لمجرّد كونها امرأة.

الممثلة كلير فوي بدور الملكة إليزابيث في مسلسل «ذا كراون» (نتفليكس)

قشّة «سوني» قصمت ظهر البعير

عام 2014 وبعد أن تعرّضت أنظمة «سوني بيكتشرز» الإلكترونية للقرصنة، أظهرَ البريد الخاص لعدد من مديري الشركة، أن الممثلتَين جنيفر لورانس وإيمي آدمز تقاضتا أجراً أقلّ من شركائهما في فيلم «American Hustle»، برادلي كوبر وكريستيان بيل وجريمي رينر. جاءت الحادثة بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير.

لكن رغم الضجيج الذي أحدثته تلك الفضيحة، ومع أنّها سلّحت الممثلات بجرأة البَوح بالظلم المادي الذي يتعرّضن له، فإنّ شيئاً لم يتغيّر. والدليل على ذلك، أنّ جنيفر لورانس نفسها، وبعد 7 أعوام على ما جرى، تقاضت أجراً يقلّ 5 ملايين دولار عمّا تقاضاه شريكها الممثل ليوناردو دي كابريو في فيلم «Don’t Look Up».

جنيفر لورانس وليوناردو دي كابريو في فيلم «Don’t Look Up» (نتفليكس)

شهادات إجحاف بالعشرات

لا تنتهي شهاداتُ الممثلات حول أجورهنّ المنخفضة مقارنة مع زملائهنّ الذكور، وقد ساهمت في رفع أصواتهنّ حملة #MeToo (أنا أيضاً) عام 2017، التي كشفت الكثير من المستور عن كواليس هوليوود.

من بين الممثلات اللواتي رفعن الصوت ذلك العام، ميشيل ويليامز، بعد أن اكتشفت أنّ زميلها في فيلم «All the Money in the World» الممثل مارك والبرغ، قد تقاضى 1.5 مليون دولار مقابل إعادة تصويره بعض المشاهد في الفيلم، فيما اكتفت هي بألف دولار عن تلك المهمة. أما عن مجمل العمل الذي تَشاركا بطولته، فقد نالت ويليامز 625 ألف دولار، فيما حصل شريكها على أجرٍ قدرُه 5 ملايين.

حملت ويليامز تلك القضية إلى الكابيتول وإلى الحكومة الأميركية، حيث ألقت خطاباً عام 2019 ذكّرت فيه المسؤولين والرأي العام بالفضيحة التي تعرّضت لها، وبأنّ «المساواة في الأجور بين الممثلات والممثلين حقّ غير قابل للمصادرة».

الممثلة ميشيل ويليامز متحدّثة في مبنى الكابيتول الأميركي عام 2019 (أ.ب)

مثلُ زميلتها ويليامز، حملت الممثلة باتريشيا أركيت قضيّتها إلى الكابيتول وإلى محفل الأوسكار. لكن حتى بعد رفع الصوت، فهي اضطرّت للاعتذار عن أدوار عدّة بسبب الأجر المنخفض الذي عُرض عليها، مقارنة مع زملائها الذكور.

لا تتوقّف شهادات الإجحاف عند ويليامز وأركيت، فقد كشفت الممثلة جيسيكا تشاستين في أحاديث صحافية، أنها تقاضت 7 ملايين دولار مقابل دورها في فيلم «The Martian» عام 2015، في وقتٍ حصل شريكُها في البطولة مات ديمون على 25 مليوناً.

الممثلان الأميركيان جيسيكا تشاستين ومات ديمون في افتتاح فيلم «The Martian» (رويترز)

تشمل قائمة الممثلات اللواتي تعرّضن للتمييز المادّي، جيليان أندرسون في سلسلة «The X - Files»، وروبن رايت في «House of Cards»؛ وقد اضطرّت رايت إلى التهديد برفع الصوت أمام الإعلام إن لم يجرِ تصحيح أجرها وجعله متساوياً وأجر زميلها كيفن سبيسي.

أما ناتالي بورتمان فأعلنت عام 2017 أن شريكها في فيلم «No Strings Attached» الممثل أشتون كوتشر، تقاضى أجراً يبلغ 3 أضعاف ما تقاضته هي. ومن بين الممثلات كذلك، تشارليز ثيرون، وسيينا ميلر، وبريانكا شوبرا، وإيما ستون، وغيرهنّ.

الممثلان ديفيد دكوفني وجيليان أندرسون بطلا سلسلة «The XFiles» (إنستغرام)

في تبرير الهوّة

عندما تحاول الجهات المنتجة تبرير الهوّة الحاصلة بين أجور الممثلين الذكور والإناث، تُعدّد 3 أسباب أساسيّة. أوّلاً، نوع الفيلم؛ وأفلام الحركة أو «الأكشن» هي الأكثر جماهيريّة وغالباً ما يكون أبطالها ذكوراً، ما ينعكس ارتفاعاً في أجورهم.

ثانياً، سنوات الخبرة التي تلعب دوراً أساسياً في تحديد الأجر. وثالثاً، الشهرة والانتشار.

أما فيما خفي من أسباب، فيبدو أن الإناث أقلّ صرامة وإلحاحاً من الذكور حين يتعلّق الأمر بالتفاوض على الأجر، لذلك فإنهنّ يكتفين بما هو أقلّ.


مقالات ذات صلة

بين بيونسيه وتايلور سويفت... لماذا لم يكن دعم المشاهير لهاريس كافياً؟

الولايات المتحدة​ المغينة الشهيرة بيونسيه تحتضن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس خلال تجمع انتخابي (د.ب.أ)

بين بيونسيه وتايلور سويفت... لماذا لم يكن دعم المشاهير لهاريس كافياً؟

رغم قدرة نجوم ونجمات من عيار بيونسيه وتايلور سويفت مثلاً على استقطاب الحشود الجماهيرية، لم ينجح دعمهما هاريس في التغلب على ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق «جاك سبارو» في المستشفى (إ.ب.أ)

«القرصان» جوني ديب يُفاجئ أطفالاً في مستشفى إسباني

فاجأ الممثل جوني ديب النزلاء في جناح علاج الأطفال بأحد المستشفيات الإسبانية، وهو يرتدي ملابس شخصية «جاك سبارو» من سلسلة الأفلام الشهيرة «قراصنة الكاريبي».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
آسيا ميريل ستريب خلال حدث «إشراك المرأة في مستقبل أفغانستان» (إ.ب.أ)

ميريل ستريب: القطط تتمتع بحقوق أكثر من النساء في أفغانستان

قالت الممثلة الأميركية الشهيرة ميريل ستريب، الاثنين، إن القطط تتمتع اليوم بحرية أكبر من النساء في أفغانستان التي تحكمها حركة «طالبان».

«الشرق الأوسط» (كابل)
يوميات الشرق المنتج الهوليوودي السابق هارفي واينستين 21 فبراير (شباط) 2020 (أ.ف.ب)

بريطانيا توقف الإجراءات الجنائية ضد هارفي واينستين في تهمتي اعتداء جنسي

أعلنت النيابة العامة البريطانية، الخميس، كفّ الملاحقات في تهمتي اعتداء جنسي موجهتين في المملكة المتحدة إلى المنتج السينمائي الهوليوودي السابق هارفي واينستين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

البطولات النسائية تستحوذ على صدارة إيرادات السينما المصرية في الخريف

الملصق الدعائي لفيلم «الهوى سلطان» (الشركة المنتجة)
الملصق الدعائي لفيلم «الهوى سلطان» (الشركة المنتجة)
TT

البطولات النسائية تستحوذ على صدارة إيرادات السينما المصرية في الخريف

الملصق الدعائي لفيلم «الهوى سلطان» (الشركة المنتجة)
الملصق الدعائي لفيلم «الهوى سلطان» (الشركة المنتجة)

استحوذت «البطولات النسائية» التي تنوعت موضوعاتها ما بين الرومانسي والكوميدي والاجتماعي على صدارة إيرادات دور العرض السينمائي بـ«موسم الخريف» في مصر.

وتصدرت الفنانة منة شلبي قائمة إيرادات شباك التذاكر منذ بدء عرض أحدث أفلامها «الهوى سلطان»، كما جاء فيلم «وداعاً حمدي»، بطولة الفنانة شيرين رضا في المرتبة الثانية، وفي المرتبة الثالثة جاء فيلم «آل شنب» بطولة ليلى علوي ولبلبة.

وحسب بيان الموزع السينمائي المصري محمود الدفراوي، فقد حقق فيلم «الهوى سلطان» إيرادات تقدر بـ11 مليوناً و620 ألف جنيه مصري (الدولار يساوي 49.20 جنيه مصري)، أما فيلم «وداعاً حمدي» فحقق 800 ألف جنيه، منذ بداية عرضه قبل أسبوع، كما حقق فيلم «آل شنب» مليونين و720 ألف جنيه منذ بداية عرضه قبل أسبوعين.

وتدور أحداث فيلم «الهوى سلطان» بطولة منة شلبي، وأحمد داود، في إطار رومانسي حول علاقة الصداقة والحب التي تجمع بين «سارة» و«علي» منذ الطفولة، حيث يواجهان العديد من المواقف والمشكلات والتغييرات في علاقتهما.

بينما تدور أحداث فيلم «وداعاً حمدي» بطولة شيرين رضا، وبيومي فؤاد، في إطار درامي كوميدي، حول صحافية تُكلف بكتابة تقرير إخباري عن إحدى الشخصيات بعد وفاته، مما يضطرها للبقاء في منزل ابنته والعمل خادمة، من أجل الحصول على معلومات وتفاصيل متعلقة بالواقعة.

أما أحداث فيلم «آل شنب» بطولة ليلى علوي ولبلبة، فتدور في إطار أُسري وسط مفارقات كوميدية بعد حدوث حالة وفاة مفاجئة في العائلة؛ مما يضطر أفرادها للذهاب إلى مدينة الإسكندرية للمشاركة في إجراءات الجنازة والعزاء، والإقامة فيها خلال أيام الحداد، وسط تجمع عائلي كبير يضم أربع شقيقات وأبناءهن وأحفادهن.

الملصق الترويجي لفيلم «آل شنب» (صفحة الفنانة ليلى علوي بـ«إنستغرام»)

الناقدة الفنية المصرية مها متبولي تؤكد أن «مصطلح (البطولة النسائية) ليس جديداً على السينما المصرية التي شهدت بروز نجمات عديدات منذ بدايتها وحتى الآن عبر حكايات مميزة».

لكن متبولي أوضحت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «تصدر النجم، سواء رجلاً أو امرأة في المرحلة الحالية تحكمه عوامل، في مقدمتها إيرادات شباك التذاكر، التي تحدد قدرة الفنان على جلب عائد مادي كبير يمكنه من الاستمرارية والتصدر، فالسوق لا تحسبها بالنوع، بل بالكم، لأن السينما صناعة وعجلة لا بد من دورانها لإنتاج المزيد».

وتضيف متبولي أن «نجم شباك التذاكر يحمل مواصفات خاصة، وربما لا يمتلك الموهبة التمثيلية اللافتة، بل حضوره هو أساس الرهان عند بعض المنتجين»، وعدّت «تصدر الفنانة منة شلبي حالياً يرجع لكونها تجمع بين قواعد التمثيل والحضور».

وبجانب أفلام «البطولة النسائية» تضم قائمة الأفلام التي تعرض في مصر حالياً عدداً من البطولات الرجالية، وهي «إكس مراتي»، و«المخفي»، و«اللعب مع العيال»، و«عصابة الماكس»، و«عاشق»، و«ولاد رزق 3»، و«دراكو رع».

الملصق الترويجي لفيلم «وداعاً حمدي» (الشركة المنتجة)

وترى الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله أن «تصدر الفنانات في الموسم السينمائي الحالي أمر مبشر، خصوصاً أن العنصر النسائي كان عنصراً مكملاً، برغم براعتهن في التجسيد، وتصدرهن البطولة في الأعمال الدرامية».

وتضيف خير الله لـ«الشرق الأوسط»، أن «استشعار المنتجين لأهمية الأدوار النسائية وكتابتها بشكل جيد علامة للوجود بكثافة في المواسم المقبلة»، كما نوهت بأن الكتابة والإخراج، التي أُسندت لعنصر نسائي في فيلمي «آل شنب»، و«الهوى سلطان»، من ضمن أسباب تصدر هذه الأعمال نظراً لدرايتهن بالموضوعات النسائية عن قرب.