يوم التراث العالمي... السعودية تحتفي بغنى كنوزها وجمالياتها التاريخية

الجهود جبّارة والطموح يُحلّق عالياً

تُحف عالمية نادرة يعود تاريخها إلى آلاف الأعوام اكتُشفت في السعودية (وزارة الثقافة)
تُحف عالمية نادرة يعود تاريخها إلى آلاف الأعوام اكتُشفت في السعودية (وزارة الثقافة)
TT

يوم التراث العالمي... السعودية تحتفي بغنى كنوزها وجمالياتها التاريخية

تُحف عالمية نادرة يعود تاريخها إلى آلاف الأعوام اكتُشفت في السعودية (وزارة الثقافة)
تُحف عالمية نادرة يعود تاريخها إلى آلاف الأعوام اكتُشفت في السعودية (وزارة الثقافة)

يحلّ اليوم العالمي للتراث في 18 أبريل (نيسان) سنوياً لتأكيد قيمة التراث الإنساني المشترك وأهميته. وفي المناسبة، تحتفي السعودية بمرحلة ثقافية مهمة، وبتحوّلات نوعية حقّقتها منذ إطلاقها استراتيجيتها الوطنية للثقافة، ووَضْعها صون التراث المادي وغير المادي ضمن أجندة العمل، تحقيقاً لأهداف «رؤية 2030».

تتجلّى تلك الكنوز من خلال ‏أزياء تراثية تعكس الهوية الوطنية والموروث الثقافي المُتعدِّد والمُتنوِّع، وأنامل محترفة تقدّم منتجات تقليدية وحرفاً يدوية شكّلت مصدر رزق وضمنت حياة كريمة لأفراد المجتمع في الماضي؛ إضافة إلى تجذُّر الهوية الثقافية والتراث العريق في الحاضر. يأتي ذلك توازياً مع ‏مشاريع تنقيب أزاحت الغبار عن اكتشافات ثمينة في مختلف المواقع الأثرية السعودية، وأضاءت على ما تحتضنه المملكة من إرث حضاري وثروة عالمية، عبر جهود رائدة لصون تراثها بوصفه جسراً يربط التجربة الثقافية المزدهرة على أرضها والتي أسفرت عن عشرات الآلاف من المواقع الأثرية المسجَّلة؛ وبين مواقع التراث العمراني التي احتفظت بأثر الإنسان وهويته عبر العصور، وصولاً إلى الحرف التقليدية المسجَّلة في القائمة الوطنية للحرف اليدوية التي أطلقتها المملكة ضمن جهودها لخدمة التراث، وحماية الآثار، وصون الهوية الثقافية الوطنية.

حكاية التراث والآثار في السعودية تزخر بالتفرُّد (وزارة الثقافة)
قدّمت السعودية جهوداً نوعية في قطاع التراث (وزارة الثقافة)

7 مواقع و11 عنصراً ثقافياً من السعودية إلى العالم

تزخر حكاية التراث والآثار في السعودية بالتفرُّد والتنوُّع، وتمزج الأصالة بالحداثة، فتتوارثها الأجيال بجانبيها المادي وغير المادي. ومؤخراً قدّمت المملكة نموذجاً من تجربتها الثقافية الثرية إلى العالم، بالتحاق 7 مواقع بلائحة التراث العالمي التابعة لمنظّمة «اليونيسكو»، شملت وادي الحجر؛ القلب النابض بالحضارة الإنسانية، وحيّ الطريف التاريخي نواة بناء الدولة، ومنطقة جدة التاريخية؛ النافذة البحرية والتاريخية الحيّة، والفن الصخري في مواقع جبة وراطا والمنجور (الشويمس) بمنطقة حائل، وواحة الأحساء؛ الجوهرة الخضراء في قلب الصحراء، وأكبر مجمّعات الفنّ الصخري في منطقة حما الثقافية، إضافةً إلى محمية حرة عويرض؛ آخر المواقع السعودية تسجيلاً في القائمة.

على خطّ موازٍ، يترقّب عدد من مواقع التراث المادي السعودي الانضمام أيضاً، يتمثّل في عدد من الآثار الثابتة مثل النقوش الكتابية والمنقولة، منها المنحوتات والقطع واللقى التاريخية، والتراث العمراني المتمثِّل بما شيّده الإنسان عبر العصور، والمواقع الأثرية التي تشمل الأعيان الثابتة والمنقولة والمطمورة والغارقة، والأعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة من مواقع أثرية تحمل قيمة استثنائية.

تبلورت الجهود بأرقام مهمّة تُحاكي العراقة السعودية (وزارة الثقافة)

وسجّلت السعودية، بجهود فردية وجماعية، عدداً من عناصر التراث الثقافي غير المادي، بدأت بحداء الإبل، وهو تقليد شفهي للنداء على قطعان الإبل، إلى البنّ الخولاني، وما يضمّه من ممارسات مرتبطة بزراعة هذه الحبوب، وأيضاً الخطّ العربي. كذلك حياكة السدو، ونخيل التمر والتقاليد المرتبطة به، وفن القط العسيري، أحد أعرق فنون النقش العربية، إضافةً إلى القهوة العربية رمزاً للكرم، ورقصة المزمار الرائجة تاريخياً في مدن غرب المملكة، والمجلس مكاناً ثقافياً واجتماعياً تميّزت به الثقافة العربية، والعرضة النجدية وما ارتبط بها من أهازيج شعرية.

تعكس هذه الإنجازات حجم الجهد السعودي في قطاع التراث، متبلوراً بأرقام وإحصاءات مهمّة شكّلت محاكاة للعراقة، بدليل زيادة عدد المواقع الأثرية المسجَّلة في جميع مناطق المملكة إلى 8917، ونحو 3646 موقعاً للتراث العمراني المسجَّل فيها، وأكثر من 5393 حرفياً مسجَّلاً في السجل الوطني للحرف اليدوية.

أكثر من 5393 حِرفياً مسجَّلاً في السجل الوطني للحرف اليدوية (وزارة الثقافة)

مجتمع التراث العالمي في الرياض

أضاء احتضان الرياض أعمال الدورة الموسَّعة الـ45 للجنة التراث العالمي التابعة لـ«اليونيسكو» في سبتمبر (أيلول) الماضي، بحضور نحو 3 آلاف ضيف من 21 دولة؛ على الجذور الحضارية العميقة للمواقع التراثية السعودية. كذلك، توّج اللقاء جهوداً بذلتها المملكة وردّها المكانة لكثير من الكنوز التراثية المتّصلة بتاريخ من الحضارات والثقافات والحكايات المحفورة في نقوش أو الملتحِقة بمتحف. وأثمرت الجهود عدداً من الاكتشافات الأثرية المهمّة التي حظيت بأصداء إعلامية عالمية، إضافةً إلى إلحاق مواقع التراث الثقافي في السجل الوطني للآثار.

تحتفي «هيئة التراث» بيومه العالمي وتُذكّر بأهمية صونه (وزارة الثقافة)

وتحتفي «هيئة التراث»، الخميس، بيومه العالمي مواكبةً دول العالم. تشاء الاحتفالية، والجهود، صون التراث الثقافي، وتسعى إلى التوعية بأهمية مواقعه، مُستعرضةً الإنجازات في مجال حماية هذه الكنوز والمحافظة عليها بأحلى ما يمكن.


مقالات ذات صلة

مصير «خيّالة» الأهرامات يُفجر الجدل قبيل افتتاح تطوير المنطقة

يوميات الشرق استياء كتاب ومتابعين من سلوكيات «الخيالة والجمالة» بمنطقة أهرامات الجيزة (الشرق الأوسط)

مصير «خيّالة» الأهرامات يُفجر الجدل قبيل افتتاح تطوير المنطقة

جدّد رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، النقاش والجدل بشأن مصير «الخيالة» بأهرامات الجيزة، الذي وصف بعضهم بأنهم «عصابات بلطجة مستقوية».

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق مقتنيات تم اكتشافها في دمياط (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف 63 مقبرة ودفنة أثرية بدمياط

نجحت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، في الكشف عن 63 مقبرة من الطوب اللبن وبعض الدفنات البسيطة بداخلها مجموعة من الرقائق الذهبية من الأسرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الآثار المصرية تصدرت متحف شنغهاي في معرض «قمة الهرم»  (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«قمة الهرم»... معرض يحكي قصة الحضارة المصرية

حظي المعرض الأثري «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» الذي أقيم في متحف مدينة شنغهاي بالصين، الجمعة، بإقبال جماهيري كبير.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق نقوش أثرية تم اكتشافها خلال المسح الأثري الفوتوغرافي تحت مياه النيل بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

اكتشاف نقوش أثرية فريدة تحت مياه النيل بأسوان

أعلنت البعثة الأثرية المصرية - الفرنسية المشتركة اكتشاف عدد من اللوحات والنقوش المصغرة للملوك أمنحتب الثالث وتحتمس الرابع وبسماتيك بسماتيك الثاني وإبريس بأسوان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزوار في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«رمسيس وذهب الفراعنة» يجذب آلاف الزوار في ألمانيا

حلّ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» ضيفاً على مدينة كولون الألمانية، في محطته الخامسة حول العالم، متضمناً 180 قطعة أثرية منتقاة بعناية من المتاحف والبعثات الأثرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )

وضعية جلوس الطبيب بجانب المريض تُحدِث فرقاً في علاجه

هذه الوضعية تكوِّن روابط بين المريض والطبيب (جامعة ولاية أوهايو)
هذه الوضعية تكوِّن روابط بين المريض والطبيب (جامعة ولاية أوهايو)
TT

وضعية جلوس الطبيب بجانب المريض تُحدِث فرقاً في علاجه

هذه الوضعية تكوِّن روابط بين المريض والطبيب (جامعة ولاية أوهايو)
هذه الوضعية تكوِّن روابط بين المريض والطبيب (جامعة ولاية أوهايو)

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة ميشيغان الأميركية، أنّ الوصول إلى مستوى عين المريض عند التحدُّث معه حول تشخيصه أو رعايته، يمكن أن يُحدث فرقاً حقيقياً في العلاج.

وأظهرت النتائج أنّ الجلوس أو القرفصاء بجانب سرير المريض في المستشفى، كان مرتبطاً بمزيد من الثقة والرضا لديه، كما ارتبط بنتائج سريرية أفضل مقارنة بوضعية الوقوف.

وأفادت الدراسة المنشورة في دورية «الطبّ الباطني العام»، بأنّ شيئاً بسيطاً مثل توفير الكراسي والمقاعد القابلة للطي في غرف المرضى أو بالقرب منها، قد يساعد في تحقيق هذا الغرض.

يقول الدكتور ناثان هوتشينز، من كلية الطبّ بجامعة ميشيغان، وطبيب مستشفيات المحاربين القدامى الذي عمل مع طلاب كلية الطبّ بالجامعة، لمراجعة الأدلة حول هذا الموضوع، إنهم ركزوا على وضعية الطبيب بسبب ديناميكيات القوة والتسلسل الهرمي للرعاية القائمة في المستشفى.

وأضاف في بيان نُشر الجمعة في موقع الجامعة: «يلاحظ أنّ الطبيب المعالج أو المقيم يمكنه تحسين العلاقة مع المريض، من خلال النزول إلى مستوى العين، بدلاً من الوقوف في وضعية تعلو مستوى المريض».

وتضمَّنت الدراسة الجديدة التي أطلقتها الجامعة مع إدارة المحاربين القدامى في الولايات المتحدة، وضعية الطبيب بوصفها جزءاً من مجموعة من التدخلات الهادفة إلى جعل بيئات المستشفيات أكثر ملاءمة للشفاء، وتكوين روابط بين المريض ومُقدِّم الخدمة العلاجية.

وبالفعل، ثبَّتت إدارة شؤون المحاربين القدامى في مدينة آن أربور بولاية ميشيغان، كراسي قابلة للطي في غرف عدّة بمستشفيات، في مركز «المُقدّم تشارلز إس كيتلز» الطبي.

وكانت دراسات سابقة قد قيَّمت عدداً من النقاط الأخرى المختلفة، من طول لقاء المريض وانطباعاته عن التعاطف والرحمة من مُقدِّمي الرعاية، إلى درجات تقييم «المرضى» الإجمالية للمستشفيات، كما قيست من خلال استطلاعات موحَّدة.

تتضمّن التوصيات التشجيع على التحية الحارّة للمريض (الكلية الملكية في لندن)

ويقول الباحثون إنّ مراجعتهم المنهجية يجب أن تحضّ الأطباء ومديري المستشفيات على تشجيع مزيد من الجلوس بجانب سرير المريض، كما تتضمّن التوصيات أيضاً التشجيع على التحية الحارّة عندما يدخل مُقدّمو الخدمات غرف المرضى، وطرح أسئلة عليهم حول أولوياتهم وخلفياتهم المرضية خلال المحادثات.

وكان الباحثون قد درسوا هذا الأمر بوصفه جزءاً من تقييمهم الأوسع لكيفية تأثير العوامل غير اللفظية في الرعاية الصحّية، والانطباعات التي تتولّد لدى المريض، وانعكاس ذلك على النتائج.

وشدَّد هوتشينز على أنّ البيانات ترسم بشكل عام صورة مفادها أنّ المرضى يفضّلون الأطباء الذين يجلسون أو يكونون على مستوى العين. في حين أقرّت دراسات سابقة عدّة أنه حتى عندما كُلِّف الأطباء بالجلوس مع مرضاهم، فإنهم لم يفعلوا ذلك دائماً؛ خصوصاً إذا لم تكن المقاعد المخصَّصة لذلك متاحة.

ويدرك هوتشينز -عبر إشرافه على طلاب الطبّ والمقيمين في جامعة ميشيغان في إدارة المحاربين القدامى- أنّ الأطباء قد يشعرون بالقلق من أن الجلوس قد يطيل التفاعل عندما يكون لديهم مرضى آخرون، وواجبات يجب عليهم الوصول إليها. لكن الأدلة البحثية التي راجعها الفريق تشير إلى أنّ هذه ليست هي الحال.

وهو ما علق عليه: «نأمل أن يجلب عملنا مزيداً من الاعتراف بأهمية الجلوس، والاستنتاج العام بأنّ المرضى يقدّرون ذلك».

وأضاف أن توفير المقاعد وتشجيع الأطباء على الوصول إلى مستوى عين المريض، وحرص الكبار منهم على الجلوس ليشكّلوا قدوة لطلابهم، يمكن أن يساعد أيضاً.