حلقة هائلة من ابيضاض المرجان تُهدّد 850 مليون شخص

كوكبنا فقد نحو 50 في المائة من شعابه المُعرَّضة للاختفاء تماماً

دليل على الآثار الضارة لتغيُّر المناخ (رويترز)
دليل على الآثار الضارة لتغيُّر المناخ (رويترز)
TT

حلقة هائلة من ابيضاض المرجان تُهدّد 850 مليون شخص

دليل على الآثار الضارة لتغيُّر المناخ (رويترز)
دليل على الآثار الضارة لتغيُّر المناخ (رويترز)

يشهد العالم حالياً، للمرّة الثانية خلال 10 سنوات، حلقة هائلة من ابيضاض المرجان بسبب درجات حرارة قياسية في المحيطات، وفق ما حذّرت الوكالة الأميركية لمراقبة المحيطات والغلاف الجوي (نوا).

وتُهدّد هذه الظاهرة بقاء الشعاب المرجانية حول العالم، بما فيها الحاجز المرجاني العظيم قرب أستراليا. وهي ترتبط بارتفاع درجة حرارة المياه، ما يؤدّي إلى تغيُّر اللون، ويمكن أن يتسبّب بموت هذه الكائنات الحيّة في حال التعرُّض لفترة طويلة أو شديدة للإجهاد الحراري.

لكن عكس هذه الظاهرة قد يكون ممكناً، إذ يمكن للشعاب المرجانية المتضرّرة البقاء على قيد الحياة إذا انخفضت درجات الحرارة وتقلّصت عوامل الإجهاد الأخرى، مثل الصيد الجائر أو التلوُّث.

حلقة الابيضاض الحالية هي الرابعة التي تسجلها وكالة «نوا» منذ عام 1985. وقد لوحظت الحلقات السابقة في الأعوام 1998، و2010، و2016.

وفي هذا السياق، نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن بيبي كلارك من «الصندوق العالمي للطبيعة»، وهي منظمة غير حكومية، أن «حجم ابيضاض المرجان الجماعي وشدّته دليلان واضحان على الآثار الضارة لتغيُّر المناخ اليوم».

وتشير تقديرات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوّي إلى أنّ كوكبنا فقد ما بين 30 و50 في المائة من شعابه المرجانية التي قد تختفي تماماً بحلول نهاية القرن، إذا لم تحدُث تغييرات كبيرة.

الظاهرة ترتبط بارتفاع درجة حرارة المياه (رويترز)

ووصلت درجة حرارة المحيطات التي تؤدّي دوراً رئيسياً في تنظيم المناخ العالمي، إلى مستوى قياسي مُطلق جديد في مارس (آذار)، بمعدّل 21.07 درجة مئوية مقاسة على السطح، باستثناء المناطق القريبة من القطبين، وفق مرصد كوبرنيكوس الأوروبي.

وتتكوّن المستعمرات المرجانية من مخلوقات صغيرة تُسمى بوليبات، تفرز هيكلاً خارجياً من الحجر الجيري. وتقتل موجات الحرارة الحيوانات، إما ببساطة عن طريق الحرارة الزائدة أو عن طريق إخراج الطحالب التي تزوّدها المواد المغذّية من أجسامها: وهذا ما يُسمَّى ابيضاض المرجان.

وقال ديريك مانزيلو من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي: «منذ فبراير (شباط) 2023 إلى أبريل (نيسان) الحالي، لوحظ ابيضاض كبير للشعاب المرجانية في نصفَي الكرة الشمالي والجنوبي لكل حوض محيطي رئيسي».

ولوحظت هذه الظواهر منذ مطلع عام 2023 في فلوريدا (جنوب الولايات المتحدة)، وفي منطقة البحر الكاريبي، والبرازيل، وحتى في شرق المحيط الهادي الاستوائي.

ابيضاض المرجان يهدّد العالم (رويترز)

كما يتأثر البحر الأحمر وجنوب المحيط الهادي بشدّة، وكذلك الحاجز المرجاني العظيم قبالة سواحل أستراليا. وأعلنت السلطات الأسترالية مطلع مارس الماضي، أنّ هذه الشعاب المرجانية، وهي الأكبر في العالم والوحيدة التي يمكن رؤيتها من الفضاء، تتعرَّض لعملية «ابيضاض هائلة».

وقالت وزيرة البيئة الأسترالية تانيا بليبيرسك آنذاك: «نعلم أنّ التهديد الأكبر للشعاب المرجانية في العالم هو تغيُّر المناخ. والحاجز المرجاني العظيم ليس استثناءً».

عواقب هذه الظواهر متعدّدة: فهي تؤثّر في الأنظمة الإيكولوجية للمحيطات، لكنها تؤثّر أيضاً في السكان البشريين، ما ينعكس على أمنهم الغذائي واقتصاداتهم المحلية، خصوصاً السياحة.

ووفق الصندوق العالمي للطبيعة، يعتمد نحو 850 مليون شخص حول العالم على الشعاب المرجانية في غذائهم ووظائفهم، وحتى لحماية السواحل. كما أنها تؤدّي دوراً مهماً في الأنظمة الإيكولوجية البحرية، إذ تؤوي أكثر من ربع الأنواع البحرية. وبالتالي، تشكّل «مثالاً مرئياً ومعاصراً لما هو على المحكّ مع كل جزء من درجة إضافية من الاحترار»، وفق كلارك.

ومع ذلك، قالت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوّي إنها حقّقت «تقدّماً كبيراً» في تطوير تقنيات مكافحة ابيضاض المرجان، تشمل «نقل مشاتل المرجان إلى مياه أعمق وأبرد»، أو تركيب منشآت توفّر الظلّ لحمايتها من أشعة الشمس في مناطق أخرى.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد الأمين العام لمنظمة «أوبك» يتحدث خلال مؤتمر «كوب 29»... (رويترز)

الأمين العام لـ«أوبك» في «كوب 29»: النفط هدية من الله

قال الأمين العام لمنظمة «أوبك»، هيثم الغيص، الأربعاء، خلال مؤتمر المناخ «كوب 29» في باكو، إن النفط الخام والغاز الطبيعي هما «هدية من الله».

«الشرق الأوسط» (باكو)

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي
TT

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي

نثر مهرجان للمسرح، أقيم في درنة الليبية بعضاً من الفرح على المدينة المكلومة التي ضربها فيضان عارم قبل أكثر من عام.

ومع حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة وفنانين وممثلين ليبيين وغيرهم من الضيوف الفنانين من بعض الدول العربية، أبرزها سوريا والأردن ومصر وتونس.

الفنان صابر الرباعي

واختتم، مساء الخميس، المهرجان الذي استهل أعماله بحفل غنائي أحياه الفنان صابر الرباعي، على مسرح المدينة الرياضية، وسط حضور جماهيري وفني، محلي ومن دول عربية من بينها مصر وتونس.

وتحت شعار «درنة عادت، درنة الأمل»، دعا المهرجان سبع فرق: خمساً من ليبيا، وفرقةً من مصر، وأخرى من تونس.

أحد العروض

وعُرضت أعمال عديدة من بينها مسرحية «خرف» لفرقة الركح الدولي من بنغازي، التي أثنى عليها الجمهور، من حيث الأداء المميز لجميع الفنانين المشاركين، كما عرضت مسرحية «صاحب الخطوة» لفرقة المسرح القوريني من مدينة شحات، وجاء العرض مليئاً بالرسائل العميقة، وقد نال إعجاب الحضور.

وأعلنت إدارة المهرجان عن توزيع جوائز للأعمال المشاركة، بالإضافة لتكريم عدد من نجوم الفن في ليبيا ودول عربية.

وحاز جائزة أفضل نص دنيا مناصرية من تونس، عن مسرحية «البوابة 52»، بينما حصلت الفنانة عبير الصميدي من تونس على جائز أفضل ممثلة عن العمل نفسه.

ومن ليبيا حاز الفنان إبراهيم خير الله، من «المسرح الوطني» بمدينة الخمس، جائزة أفضل ممثل عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع»، وذهبت جائزة أفضل إخراج للمخرج منير باعور، من المسرح الوطني الخمس عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع».

عرض مسرحي

كما كرمت إدارة المهرجان الفنان المصري أحمد سلامة، والفنانة عبير عيسى، والإعلامية صفاء البيلي؛ تقديراً «لإسهاماتهم القيمة في مجال الفن والمسرح». وقالت إدارة المهرجان إن هذا التكريم «يعكس التقدير والاحترام للفنانين الذين ساهموا في إثراء الثقافة والفنون، ويعزّز من أهمية دعم المواهب الفنية في المجتمع».

وكانت الدورة السادسة لمهرجان «درنة الزاهرة»، وهو اللقب الذي يُطلق على هذه المدينة المعروفة بأشجار الياسمين والورد، قد ألغيت العام الماضي بسبب الدمار الذي طال معظم مبانيها التاريخية جراء الكارثة.

في ليلة 10 إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2023، ضربت العاصفة «دانيال» الساحل الشرقي لليبيا، ما تسبّب في فيضانات مفاجئة تفاقمت بسبب انهيار سدين في أعلى مدينة درنة. وخلفت المأساة ما لا يقل عن 4 آلاف قتيل وآلاف المفقودين وأكثر من 40 ألف نازح، حسب الأمم المتحدة.

مسرح جامعة درنة

وتقول الممثلة المسرحية التونسية عبير السميتي، التي حضرت لتقديم مسرحية «الباب 52»، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية»، «هذه أول مرة آتي فيها إلى هنا. بالنسبة لي، درنة اكتشاف. كنت متشوقة للمجيء. عندما نصل إلى هنا، نشعر بالألم، وفي الوقت نفسه، نشعر بالفرح وبأن الشعب كله لديه أمل».

بدورها، ترى الممثلة والمخرجة الليبية كريمان جبر أن درنة بعدما خيّم عليها الحزن، عادت إلى عهدها في «زمن قياسي».

جانب من تكريم الفنانين في مهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

ومن الكنوز المعمارية الشاهدة على الماضي الفني والأدبي الذي فقدته درنة في الفيضانات، «بيت الثقافة»، وخصوصاً «دار المسرح»، أول مسرح تم افتتاحه في ليبيا في بداية القرن العشرين.

وفي انتظار إعادة بنائه، اختارت الجهة المنظمة إقامة المهرجان على خشبات «المسرح الصغير» بجامعة درنة.

تكريم الفنانة خدوجة صبري بمهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

وقال المدير الفني للمهرجان نزار العنيد: «كلنا نعرف ما حدث في درنة العام الماضي، أصررنا على أن يقام المهرجان (هذا العام) حتى لو كان المسرح لا يزال قيد الإنشاء».

وأوضحت عضوة لجنة التحكيم، حنان الشويهدي، أنه على هامش المهرجان، «يُنظَّم العديد من الندوات وورش العمل التدريبية المهمة للممثلين والكتاب المسرحيين الشباب».

وتقول الشويهدي: «الصورة التي تقدمها درنة اليوم تُفرح القلب، رغم الموت والدمار»، معتبرة أن المدينة المنكوبة تظهر «بوجه جديد؛ درنة تستحق أن تكون جميلة كما يستحق سكانها أن يفرحوا».