طُرق مبتكرة لكسر الملل في العمل

حتى روّاد الفضاء وضبّاط الشرطة يشعرون به

الملل أكثر شيوعاً في بيئة العمل (رويترز)
الملل أكثر شيوعاً في بيئة العمل (رويترز)
TT

طُرق مبتكرة لكسر الملل في العمل

الملل أكثر شيوعاً في بيئة العمل (رويترز)
الملل أكثر شيوعاً في بيئة العمل (رويترز)

ذكرت دراسة أميركية أنّ الملل يمكن أن يتحوّل مشكلةً تؤثر في الإنتاجية خلال العمل، إذا جرى تجاهله، واقترحت طرقاً مبتكرة للتغلّب عليه.

وأوضح الباحثون أنّ مواصلة تأدية المَهمّات المملّة، قد تؤدّي إلى نقص الانتباه والإنتاجية لاحقاً، ما لم تُكسر دائرة الملل بمَهمّات أكثر جاذبية، وفق نتائج الدراسة التي نشرت، الخميس، في دورية «علم النفس التطبيقي».

وأشارت إلى أنّ الملل أكثر شيوعاً في العمل منه في أي مكان آخر، ويشعر الموظّفون به في النشاط لأكثر من 10 ساعات أسبوعياً في المتوسّط. حتى روّاد الفضاء وضبّاط الشرطة يشعرون به في أثناء العمل، إذ لا مهنة مُحصّنة، وفق الباحثين.

وعادة، يُحرّض الشعور بالملل على التوقّف عن فعل ما، والقيام بمَهمّة أخرى أكثر متعة، لكنه يصبح مشكلة عندما يجري تجاهله.

وسعى الفريق البحثي إلى فهم ما إذا كان الشعور بالملل قد يؤدّي إلى نقص الانتباه والإنتاجية حالياً أو مستقبلاً، ولماذا؛ واختبروا ذلك في 3 دراسات رصدت عواقبه على أساس كل مَهمّة على حدة.

واعتمدت الدراسات على بيانات من أُسر ذات مهنة مزدوجة تعمل في مجموعة متنوّعة من الصناعات، واستجاب المشاركون لاستطلاعات متعدّدة يومياً على فترات مختلفة، ما مكّن الفريق من فحص العلاقات بين الملل والانتباه والإنتاجية بمرور الوقت.

واستخدمت دراسات المتابعة طرقاً بديلة للوصول إلى جمهور أوسع، وركزت على كيفية مساعدة مَهمّات العمل الهادفة في التخفيف من آثار الملل الطويلة الأمد.

وأظهرت الدراسة أنّ محاولة تجاهل الملل تطيل آثاره، وكَسْر دائرته من خلال التبديل بين المَهمّات، يساعد في منع انتشاره.

وقال الباحث الرئيسي بجامعة نوتردام الأميركية، الدكتور كاشير بليندا: «الملل عاطفة مزعجة ينبغي على أي موظّف قوي الإرادة التغلّب عليها لضمان الإنتاجية».

وأضاف عبر موقع الجامعة: «يؤدي الشعور به إلى فترات من الشرود الذهني، فيحاول الموظّفون في كثير من الأحيان (إنجاز) المَهمّات المملّة لتحقيق تقدُّم في أهدافهم العملية»، مشدداً على أنّ «هذا التصرُّف لا يحول دون ظهور الآثار السلبية للملل؛ إذ يمكن أن يتلاشى مؤقتاً في مَهمّة واحدة، لكنه يعود للظهور في أخرى، ما يؤدّي إلى نقص في التركيز والإنتاجية، ويتسبّب في تفاقم آثاره على المدى الطويل».

وأشار إلى أنّ «جزءاً من الحلّ يكمن في تنظيم المَهمّات على مدار اليوم»، مؤكداً أنه «رغم عدم القدرة على تجنُّب المَهمّات المملة، فإنّ مكافحة تأثيرات الملل تتطلّب دراسة دقيقة لطبيعة المَهمّات المختلفة وترتيبها بشكل مناسب».

ونصح الموظفين بعد الانتهاء من مَهمّة مملّة أوّلية، باللجوء إلى مَهمّات أخرى جذابة وذات معنى لاستعادة الطاقة المفقودة، مثل الأعمال التي تحمل قيمة أو مغزى للشخص، وتساهم في شعوره بالإنجاز والرضا عن نفسه.


مقالات ذات صلة

منظمة الصحة: تفشي جدري القردة في أفريقيا قد ينتهي خلال 6 أشهر

أفريقيا تظهر العلامات على يد طفلة بعد تعافيها من جدري القردة (رويترز)

منظمة الصحة: تفشي جدري القردة في أفريقيا قد ينتهي خلال 6 أشهر

أعرب رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن اعتقاده أن تفشي فيروس جدري القردة في أفريقيا قد يتوقف في الأشهر الستة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
صحتك يمكن للقناع تحليل المواد الكيميائية في التنفُّس فوراً (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا)

قناع ذكي يراقب الصحة من خلال التنفُّس

طوّر باحثون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا قناعاً ذكياً يُستخدم لمراقبة الحالة الصحية للأفراد، وتشخيص مجموعة من الأمراض بشكل فوري من خلال التنفُّس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك تزايد مستمر في الأمراض التي تسببها لدغات البعوض (رويترز)

تتسبب في أمراض «قاتلة»... كيف تحمي نفسك من لدغات البعوض؟

رصدت الولايات المتحدة تزايداً مستمراً في الأمراض التي تسببها لدغات البعوض. ومؤخراً، توفي أحد سكان نيوهامشير الأميركية بسبب مرض نادر، ولكنه خطير ينقله البعوض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

الحكومة المصرية تنفي ظهور إصابات بـ«الكوليرا»

لدى مصر برنامج ترصد وتقصٍّ للأمراض الوبائية يعمل بشكل فعال في الاكتشاف والرصد المبكر لأي أوبئة أو أمراض قد تتسرب داخل البلاد.

أحمد إمبابي (القاهرة)
أوروبا اختبارات إيجابية لفيروس «جدري القردة» (رويترز)

إسبانيا تتبرع بنحو 500 ألف جرعة من لقاح «جدري القردة» لأفريقيا

أعلنت وزارة الصحة الإسبانية في بيان، الثلاثاء، أن البلاد ستتبرع بعدد 500 ألف جرعة من لقاح «جدري القردة» لمكافحة تفشي المرض في أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».