«أوبنهايمر» على شاشات اليابان... بلد المدينتين المنكوبتين بالقنبلة الذرية

أشخاص يسيرون بجوار ملصق للترويج لفيلم «أوبنهايمر» (أ.ب)
أشخاص يسيرون بجوار ملصق للترويج لفيلم «أوبنهايمر» (أ.ب)
TT

«أوبنهايمر» على شاشات اليابان... بلد المدينتين المنكوبتين بالقنبلة الذرية

أشخاص يسيرون بجوار ملصق للترويج لفيلم «أوبنهايمر» (أ.ب)
أشخاص يسيرون بجوار ملصق للترويج لفيلم «أوبنهايمر» (أ.ب)

بات بإمكان اليابانيين بداية من الجمعة مشاهدة فيلم «أوبنهايمر» الحائز جوائز عدة، لكن عرضه على شاشاتهم يأتي بعد 8 أشهر من إطلاقه في بقية العالم، إذ إنه يتناول موضوعاً يثير في الأرخبيل ذكريات أليمة، نظراً إلى تناوله سيرة مخترع القنبلة الذرية، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وعُرض فيلم كريستوفر نولان الروائي الطويل في مختلف أنحاء العالم خلال صيف 2023 بالتزامن مع طرح فيلم آخر استقطب حضوراً جماهيرياً واسعاً هو «باربي» للمخرجة غريتا غيرويغ.

وصدمت الميمات التي تداولها مستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي وتجمع صور الفيلمين الرأي العام في اليابان، الدولة الوحيدة التي ألقيت قنبلتان ذريتان على اثنتين من مدنها في أغسطس (آب) 1945 خلال الحرب العالمية الثانية.

امرأة تنظر إلى ملصقات الأفلام الحالية بما في ذلك الفيلم الحائز جائزة الأوسكار «أوبنهايمر» (رويترز)

ولم يُعطَ أي سبب رسمي لتأخير عرض «أوبنهايمر» في اليابان، ما عزّز الانطباع بما قد يثيره الفيلم من حساسيات تحول دون عرضه في الدولة الآسيوية.

وأمام إحدى دور السينما الكبرى في طوكيو، لم يكن يوجد، الجمعة، سوى ملصق صغير يشير إلى وجود هذا الفيلم الضخم الذي بلغت موازنته 100 مليون دولار، وسبق أن حقق إيرادات تخطت 960 مليون دولار في مختلف أنحاء العالم، وفق موقع «BoxOfficeMojo» المتخصص.

وقال تاتسوهيسا يو (65 عاماً) لوكالة الصحافة الفرنسية في نهاية العرض: «لم يكن وارداً أن يُعرض في اليابان» فيلم عن اختراع القنبلة الذرية.

وقُتل أكثر من 140 ألف شخص في هيروشيما و74 ألفاً في ناغازاكي من جرّاء القنبلتين الذريتين الأميركيتين اللتين ألقيتا فوق هاتين المدينتين. وبعد بضعة أيام، في 15 أغسطس 1945، وافقت اليابان على الاستسلام من دون شروط.

وأعرب يو عن اعتقاده أن «الموزعين تجنبوا إطلاقه في الصيف؛ لأن الجميع في اليابان يتذكرون (إلقاء القنبلتين على) هيروشيما وناغاساكي في ذلك الوقت»، ملاحظاً أن الفيلم «مشغول بقدر كبير من الصدق».

وقال مشاهد آخر هو فويوكي آيك (48 عاماً): «بصفتي يابانياً، وجدته أكثر موضوعية بكثير مما كنت أتوقع».

«غياب صور» الضحايا

ويتناول الشريط الفائز بـ7 من جوائز من بينها تلك المخصصة لأفضل فيلم في 3 ساعات اللحظات الأساسية في حياة روبرت أوبنهايمر، عالِم الفيزياء الأميركي الذي أدخل العالم العصر النووي، وعجّل بنهاية الحرب العالمية الثانية قبل أن تنتابه مشاعر الندم والإحساس بالذنب بعد تحوّل ابتكاره أداة تدميرية فتاكة.

وفي هيروشيما، قوبل احتمال عرض الفيلم بشيء من القلق. وقالت رئيسة المهرجان السينمائي الدولي في المدينة كيوكو هيا بعد فوز «أوبنهايمر» بجائزة الأوسكار في وقت سابق من الشهر الحالي: «هل هذا حقاً فيلم يستطيع الناس (هنا) تحمل مشاهدته؟».

وإذ لاحظت أن الفيلم «يركّز كثيراً على الجانب الأميركي»، اعترفت بأنها كانت «خائفة جداً» في البداية من فكرة عرضه في هيروشيما.

وأضافت: «أتمنى الآن أن يشاهد كثير من الناس الفيلم، إذ سيسعدني أن يؤدي هذا الفيلم إلى جعل هيروشيما وناغاساكي والأسلحة الذرية مواضيع للنقاش».

خلال عرض خاص أقيم في هيروشيما في وقت سابق من مارس (آذار)، رأى الرئيس السابق لبلدية المدينة تاكاشي هيراوكا (96 عاماً) الناجي من القنبلة أن الفيلم «كان يمكن أن يتضمن توصيفاً ومشاهد معبّرة أكثر بأكثر عما تسببه الأسلحة الذرية من فظائع».

كذلك عُرض «أوبنهايمر» في ناغاساكي، حيث قال ماساو توموناغا (80 عاماً)، وهو أحد الناجين من القنبلة، إن الفيلم أعجبه.

وقال توموناغا الذي كان يبلغ عامين وقت القصف، وأصبح لاحقاً باحثاً يجري دراسات عن سرطان الدم الناجم عن الإشعاع: «رأيت أن غياب صور للناجين من القنبلة الذرية (عن الفيلم) كان نقطة ضعف».

لكنّه أضاف: «في الواقع، تُظهِر أقوال أوبنهايمر في عشرات المشاهد الصدمة التي شعر بها مما أدى إليه فعلياً إلقاء القنبلتين الذريتين، وكان ذلك كافياً بالنسبة لي».


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».