«مليحة» يتصدر الاهتمام في مصر بمشهد «حق العودة» للفلسطينيين

إشادات واسعة بطريقة تناول المسلسل لقضية «التهجير»

مشهد لنزوح البطلة وهي طفلة في مسلسل «مليحة» خلال الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 (الشركة المنتجة)
مشهد لنزوح البطلة وهي طفلة في مسلسل «مليحة» خلال الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 (الشركة المنتجة)
TT

«مليحة» يتصدر الاهتمام في مصر بمشهد «حق العودة» للفلسطينيين

مشهد لنزوح البطلة وهي طفلة في مسلسل «مليحة» خلال الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 (الشركة المنتجة)
مشهد لنزوح البطلة وهي طفلة في مسلسل «مليحة» خلال الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 (الشركة المنتجة)

حظي المسلسل المصري «مليحة» بإشادات واسعة مع انطلاق عرضه في النصف الثاني من شهر رمضان، ولفت الأنظار منذ حلقاته الأولى بمشاهد التهجير وحق العودة للشعب الفلسطيني، والرؤية التاريخية التي يقدمها عبر لقطات بـ«الأبيض والأسود» للنازحين الفلسطينيين منذ عشرينات القرن الماضي وحتى الآن.

وتصدر المسلسل (التريند) عبر موقع التغريدات القصيرة «إكس» مع مشاهد التهجير وحق العودة، وكتب مخرجه عمرو عرفة عبر حسابه على «إكس»: «أول مرة يشارك 1000 ممثل في مشهد التهجير، كلهم أبطال».

وأشاد متابعون بظهور عمل فني في هذا التوقيت يتناول القضية الفلسطينية، ويعيد التذكير بالمأساة منذ بدايتها، وكتب حساب باسم «مافيا تويتر»: «مهم جداً للأجيال الجديدة التي لا تعرف النكبة أن تتابع مسلسل (مليحة) حتى لا يستخدمنا أعداؤنا»، ووصف حساب باسم لؤي الخطيب على «إكس» المسلسل بأنه «تصعيد مصري شديد الذكاء لأن الاحتلال الإسرائيلي يدرك خطورة الدراما المصرية خاصة في رمضان».

وفي مقدمة كل حلقة يعرض المسلسل جانباً توثيقياً في شكل حوار بين جدّ (يعلق بصوته الفنان سامي مغاوري) على تساؤلات الحفيد، بينما تنقل الصورة مشاهد بالأبيض والأسود من رحلة الشتات الفلسطيني منذ بدايات القرن الماضي، وقرار عصبة الأمم بوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، الذي تضمن دعوة العالم للالتزام بوعد بلفور لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

المسلسل الذي أنتجته الشركة المتحدة يضم فريقاً من الممثلين المصريين والفلسطينيين، وتشارك في بطولته ميرفت أمين، ودياب، وأشرف زكي، وحنان سليمان، وأمير المصري، إلى جانب عدد من الفنانين الفلسطينيين، من بينهم، سيرين خاس (تجسد شخصية مليحة)، وديانا رحمة، ومروان عايش، ورحاب الشناط، وأنور خليل، والمسلسل من تأليف رشا عزت الجزار، وإخراج عمرو عرفة.

المخرج عمرو عرفة خلال تصوير أحد المشاهد (الشركة المنتجة)

يروي المسلسل قصة الفتاة الفلسطينية مليحة التي نزحت مع أسرتها في طفولتها إلى ليبيا خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 بعد تدمير الاحتلال لمنزلهم، ومع قيام الحرب في ليبيا يتوجهون لمصر، حيث تواجه وأهلها كثيراً من الصعوبات.

وتطرقت الحلقة الأولى من المسلسل للرمز الفلسطيني الشهير المتمثل في مفتاح المنزل، الذي ظهر في جدار منزل مليحة، وهو أحد الرموز التي يستخدمها أبناء الشعب الفلسطيني للتعبير عن حقهم في العودة لبلادهم وبيوتهم، فيما شهدت حلقته الثانية استشهاد والدي مليحة «جنين وعمار»، وذلك بعد أن شنت عصابة مسلحة غارة. ونجح ضباط حرس الحدود بمصر بقيادة المقدم أدهم «يؤدي دوره الفنان دياب» من ضبط إرهابي مسلح قام بزرع قنبلة داخل الشاحنة التي تقل النازحين من ليبيا.

وأبدت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله إعجابها بالفكرة التي عدّتها «مفاجأة بظهور عمل درامي في أكثر المواسم مشاهدة ليطرح قضية فلسطين بكل جوانبها، وكأنه يحكي القصة من البداية إلى النهاية»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «تفاجأت بهذا العمل الذي تقدمه الدراما المصرية وتسخر له كل الإمكانات ليظهر على هذا النحو في توقيت مهم، ويروي للأجيال الجديدة التي ربما لا تعرف تاريخ القضية»، وأضافت خير الله أن «المسلسل اعتمد على أهمية موضوعه، متجاوزاً فكرة الاستعانة بنجوم، ومعتمداً على تسكين الممثلين في أدوار تناسبهم، ومتنقلاً في أحداثه الأولى بين فلسطين وليبيا ومصر».

ورأى بعض صنّاع المسلسل تأجيل حديثهم حتى ينتهي، فيما كشف متابعون عن خطأ وقع فيه المسلسل خلال المقدمة التاريخية، حيث ظهرت صورة الرئيس الأميركي الأسبق تيودور روزفلت بدلاً من زعيم الحركة الصهيونية اليهودي تيودور هرتزل.

وقال الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين إن المسلسل لقي اهتماماً منذ عرض البرومو التشويقي، واستطاع جذب الجمهور بـ«تتر المقدمة»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «استعرض في المقدمة تاريخ فلسطين ليخاطب جيلاً جديداً لا يعرف هذا التاريخ، وهو جانب توثيقي مهم للغاية، كما قدم ربطاً بين انتفاضة الأقصى التي اندلعت في سبتمبر (أيلول) 2000 وما تبعها من تهجير شهده الشعب الفلسطيني، وكأنه يعطي درساً تاريخياً عبر الدراما التي تملك تأثيراً كبيراً، لذا فقد حقق صدى جيداً في حلقاته الأولى».

وأشاد سعد الدين بإسناد بطولة المسلسل لممثلة فلسطينية، وعدّ «مشاركة عدد كبير من الممثلين الفلسطينيين يضفي مصداقية على العمل، إلى جانب الممثلين المصريين الذين يؤدون أدواراً تخصهم ضمن أحداثه التي تقع في مصر».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.