لويزا سواين... الجدّة المُسافرة التي غيَّرت الولايات المتحدة إلى الأبد

في 6 سبتمبر (أيلول) 1870، وضعت لويزا آن سواين، وهي جدّة في مدينة لارامي بولاية وايومنغ الأميركية، مئزراً نظيفاً فوق ثوبها، وارتدت قلنسوة محبوكة، واستعدت للمشي في الصباح الباكر. كانت في السبعين من عمرها، ولا تزال رشيقة وقوية. أخذت دلوها الصغير واتجهت إلى المخبز لشراء خميرة تصنع بها الخبز. لمرّات، اعتادت هذه النزهة، لكنها في ذلك اليوم منحتها منعطفاً آخر له تداعيات كبيرة. ففي طريقها، توقّفت للإدلاء بصوتها.

تروي هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) حادثةً وقعت قبل 50 عاماً من إقرار الكونغرس الأميركي التعديل الـ19 الذي يمنح المرأة حقّ التصويت. ومع ذلك، أدلت سواين بصوتها بشكل قانوني، إذ إنّ المشرّعين في وايومنغ سنّوا في ديسمبر (كانون الأول) 1869 قانوناً يمنح المرأة حقّ التصويت غير المُقيّد. حينها، لم تكن أي ولاية أو إقليم آخر في أميركا يسمح لها بهذا الحقّ؛ ويبدو أنّ وايومنغ، وهي منطقة حدودية غربية يقطنها بضعة آلاف من البشر، قفزت إلى طليعة حركة حقّ النساء في التصويت.

كانت ولاية وايومنغ تُجري الانتخابات الأولى لها منذ إقرار قانون الاقتراع في الصباح الذي قصدت فيه سواين صناديق الاقتراع. ولأنها تعتاد الاستيقاظ باكراً، حدث أنها كانت في المكان المناسب والوقت المناسب لتصبح أول امرأة تنتخب في الولاية.

قالت المديرة التنفيذية لـ«مؤسّسة لويزا سواين» في لارامي، التي كرّست نفسها للحفاظ على ذكرى سواين والاحتفاء بها، ماري ماونتن: «كانت لويزا مصدر إلهام للنساء، ولا تزال. لذا نحن معروفون باسم (ولاية المساواة). ثمة سطر جميل في دستورنا يمنح الرجال والنساء الحقوق عينها تماماً».

وتابعت: «تصويت سواين غيّر نظرة مجتمع وايومنغ تجاه المرأة، وألهم الأقاليم والولايات الأخرى لتحذو حذوها».

دلو الخميرة مرافق لذلك اليوم التاريخي (مؤسّسة لويزا سواين)

فقدت سواين والدها في سنّ السابعة. كان قبطاناً بحرياً، ولم يعد من رحلته. لذا انتقلت والدتها إلى تشارلستون في ولاية ساوث كارولاينا لتكون أقرب إلى عائلتها. توفيت الوالدة لاحقاً، فترعرعت في بيوت الرعاية، وتعلّمت أعمال التطريز والغزل والنسيج. ثم تزوّجت نحو عام 1821 من ستيفن سواين. عاش الزوجان في بالتيمور بولاية ميريلاند، وأنجبا 4 أطفال، لتنتقل العائلة غرباً؛ أولاً إلى أوهايو، ثَمّ إلى إنديانا. وعندما انتقل أحد ابنيهما إلى وايومنغ، تبعتهما سواين وزوجها.

للاحتفال بهذا الإنجاز التاريخي، تدير «مؤسّسة لويزا سواين»، «دار تاريخ المرأة» في وايومنغ. يصوّر تمثالٌ يقع عند المدخل، سواين وهي تُمسك دلو الخميرة الخاص بها في اليوم عينه لإدلائها بصوتها. علّقت ماونتن: «لقد كانت امرأة عادية أنجزت شيئاً استثنائياً. لذا، نحاول سرد تاريخها؛ مَن كانت؟ وماذا فعلت؟».