قال الكاتب المصري وائل حمدي، مؤلف مسلسل «بابا جه» إن الفنان المصري أكرم حسني كان حريصاً على تقديم رسائل إنسانية واجتماعية من بوابة الكوميديا التي يفضلها كثيرون في رمضان.
ورغم تصنيف العمل «كوميدي» وظهور مفارقات كوميدية صارخة فيه، فإن حمدي يشدّد على أن أكرم فاجأ جمهوره هذا الموسم بابتعاده عن الكوميديا النمطية التي تعتمد على الإفيه وطرح أسئلة وأثار نقاشاً، مؤكداً أن «هذه المفاجأة كانت متعمدة».
ورأى الناقد الفني مصطفى الكيلاني، أن «أكرم حسني قدّم نفسه العام الحالي بشكل مختلف تماماً عن السنوات السابقة، وأظهر قدرات تمثيلية في أكثر من مشهد، في حين أفسح المجال لأوتاكا وياسر الطوبجي، لشغل مساحات كوميدية»، مؤكداً أن «اعتماد المسلسل بالأساس على الموقف لا الإفيه، ساعد في توليد كوميديا منضبطة».
ويؤكد حمدي أن أكرم كان واضحاً في هدفه من المسلسل وهو تقديم عمل إنساني مؤثر بصبغة كوميدية، مشيراً إلى أن «حسني لم يتدخل في السيناريو، وكان يبدي مقترحات على مستوى الكوميديا، تاركاً للمؤلفين اتخاذ القرار النهائي بشأنها، حيث كان هناك تفاهم كبير في تغليب الدراما والقصة على الكوميديا».
وعدّ الكيلاني «ظهور أكرم في (بابا جه) فرصة جيدة للمخرجين لاكتشافه في أدوار بعيدة عن الكوميديا». كما رأى أن المسلسل: «نقلة في مشوار أكرم حسني»، مؤكداً أن العمل يُعدّ درساً في أمور كثيرة، منها أن «الكوميديان لا يجب أن يكون الممثل الوحيد الذي يُضحك المشاهد، وأنه أيضاً يستطيع تقديم كوميديا في إطار درامي، وأن المشاكل والأزمات الإنسانية تصلح للمعالجة بصبغة كوميدية، وتكون مقبولة أكثر لدى المشاهد»، لافتاً إلى أن «المسلسل كان جديداً تماماً على جمهور أكرم حسني».
وأشاد الكيلاني باعتماد المسلسل على قصة واحدة بدلاً من تقديم حلقات منفصلة كعادة أكرم حسني في أعماله السابقة، مشيراً إلى أن «تقديم القصة بهذا الشكل جعلها أكثر تماسكاً، وجعل المشاهدين يتعلقون بقصة العمل وأبطاله، بشكل يفوق مسلسلات الحلقات المنفصلة التي قد يتعاطف المشاهد مع حكاية منها، ثم يفقد شغفه بمتابعة الحكاية التالية».
المسلسل الذي كتبه وائل حمدي ومحمد إسماعيل أمين، وأخرجه خالد مرعي، يشهد ظهور أكرم حسني في شخصية (هشام) الأب المستهتر الذي يترك عمله بسبب «كورونا» ولا يبحث عن وظيفة أخرى، ولا تربطه علاقة جيدة بابنته (جودي) بسبب تراكمات نفسية لديه نتيجة سوء معاملة والده له، كما يدخل في صراعات مع زوجته (ولاء)، التي تقوم بدورها نسرين أمين، ولإصلاح مشاكله، يستجيب لاقتراح صديقه (ياسر)، الذي يجسده محمد أوتاكا، بإنشاء صفحة على «فيسبوك» بعنوان «بابا جه» بوصفه أباً بديلاً مقابل أجر، لينطلق المسلسل في مواقف تسلّط الضوء على دور الأب في حياة أسرته، والعلاقة بين الآباء والأبناء.
وفي حين اعتمدت مسلسلات أكرم حسني السابقة بداية من «الوصية»، مروراً بـ«رجالة البيت»، وانتهاءً بـ«مكتوب عليا» قبل عامين، على كوميديا الإفيه بشكل كبير «جاء المسلسل العام الحالي ليقوم بالأساس على كوميديا الموقف، التي تعيش لأطول فترة ممكنة، بخلاف الإفيه الذي تنتهي صلاحيته بعد فترة قريبة»، حسب وصف الناقد الفني أحمد سعد الدين، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «اقتناع أكرم حسني بالاعتماد على كوميديا الموقف هذا العام جاء لصالحه، وكان تجديداً يُحسب له على مستوى الجودة الفنية للعمل ككل».
ورأى حمدي أن العمل فرصة لتمرير رسائل بشأن ضرورة مراجعة علاقة الأب بأبنائه لافتاً إلى أن «تكويننا النفسي أطفالاً يؤثر في حياتنا عندما نصبح آباءً في المستقبل»، مشيراً إلى أن «تغليف الرسائل بشكل كوميدي نجح في ارتباط الجمهور بها بشكل أكبر وسمح بتمريرها للمشاهد دون افتعال».
وأكد حمدي أن «تبنّي أكرم بوصفه كوميدياناً لموضوع إنساني يقوم على بناء درامي لا يعتمد بالأساس على الكوميديا، يؤكد أن الضحك يمكن أن ينتج عبر أشكال كثيرة هادفة تستطيع أن تخلق جدلاً ونقاشاً».
مسلسل «بابا جه»، بطولة أكرم حسني، ونسرين أمين، وياسر الطوبجي، ومحمود البزاوي، ومحمد أوتاكا، ومن تأليف وائل حمدي، ومحمد إسماعيل أمين، ومن إخراج خالد مرعي.