آلاف الشباب يعدّون موائد الإفطار بالجزائر... والنساء أبرز قاصديها

خيام عملاقة يجد فيها الفقراء وعابري السبيل ضالتهم

عمل الخير في أبهى حلّة بالجزائر (رويترز)
عمل الخير في أبهى حلّة بالجزائر (رويترز)
TT

آلاف الشباب يعدّون موائد الإفطار بالجزائر... والنساء أبرز قاصديها

عمل الخير في أبهى حلّة بالجزائر (رويترز)
عمل الخير في أبهى حلّة بالجزائر (رويترز)

في العاصمة الجزائريّة، يسعى متطوّعون منذ اليوم الأول لرمضان إلى توفير الطعام والأجواء العائلية على مائدة إفطار جماعيّة أمام مستشفى مصطفى باشا الجامعي.

الخيمة العملاقة التي نُصبت أمام المستشفى، برعاية «الهلال الأحمر الجزائري» واتحاد التجّار، تقدّم يومياً وجبات الإفطار للمرضى ومرافقيهم الذين يقصدون المستشفى من جميع الولايات، لوجود مراكز متخصّصة لا تتوافر في مناطق كثيرة بالجزائر، من بينها مركز مكافحة السرطان، وفق «وكالة أنباء العالم العربي».

يقول أحد الشاب، طالباً عدم نشر اسمه: «هنا في العاصمة، موائد الإفطار حاضرة بكثرة؛ ولا يُمكن لمن تقطّعت به السبل أن يبقى من دون إفطار».

وفي ساحة كتاني بحيّ باب الوادي الشعبي في قلب العاصمة الجزائريّة، نُصبت خيمة أخرى عملاقة يقول القائمون عليها إنها تقدّم نحو 1200 وجبة يومياً للمحتاجين وعابري السبيل؛ وتُشرف إحدى الجمعيّات على تنظيم عمل المتطوّعين الذين يساعدون في خدمة المحتاجين وضيوف الموائد.

وتتنوّع أشكال التضامن في المجتمع الجزائري خلال رمضان، لتمتدّ إلى موائد الإفطار الجماعي، حتى إنّ هناك بعض المطاعم التي تحوّل نشاطها من التجارة إلى التطوّع في تلك الموائد الرمضانية.

وتنشط في البلاد جمعيّات ومنظّمات المجتمع المدني، التي ينطلق عبرها آلاف الشباب لتقديم العون للمحتاجين وتقاسم فرحة الإفطار معهم.

ويُلاحَظ في الأحياء الشعبيّة للعاصمة، مثل حيّ بلوزداد أو باب الوادي أو المدنية، شيوع نقاط توزيع الغذاء «المحمول» إلى المنازل.

وتجد عائلات فقيرة ضالتها في ذلك الغذاء المحمول، حيث يصطفّ الناس يومياً في طوابير لنيل حصصهم وأخذها إلى المنزل للإفطار. ويكون كثير من قاصدي نقاط توزيع الغذاء الخيرية في الأحياء الشعبية من النساء، نتيجة ظروف اجتماعية قاهرة، مثل موت الزوج أو الطلاق.

وقالت إحداهنّ إنها أم أرملة لأربعة أطفال، وليست لديها وظيفة ثابتة، فتعمل في تنظيف البيوت ولا يُمكِنها في الأيام العادية توفير وجبة غداء أو عشاء متنوّعة، واللحوم لا تتناولها الأسرة إلا في المناسبات.

ويبلغ دخل هذه السيدة من نشاطها في التنظيف نحو 20 ألف دينار جزائري، أي ما يعادل نحو 120 دولاراً أميركياً.

جمالية العطاء (رويترز)

سيدة أخرى تعول طفلين من زوجها السابق، قالت إنها تحضر يومياً إلى المطعم الذي يوزّع الغذاء المتنوّع مجاناً في الضاحية الشرقية للعاصمة لأخذ المرق، الذي لا يمكن أن تطبخه باللحم في بيتها، وأصناف أخرى من الأطباق الحائلة ظروفها المادية دون توفيرها لأبنائها.

وتنتشر موائد الإفطار في الساحات العمومية وفي الطرق، وعادة ما يختار القائمون عليها وضعها أمام نقاط التفتيش التابعة لمختلف التشكيلات الأمنية، مثل الشرطة والدرك.

ويوقف عناصر الأمن السيارات التي تحمل أرقام تسجيل الولايات البعيدة قُبيل رفع أذان المغرب، ويحضّونهم على التوقُّف والتوجُّه للخيمة للإفطار.

ووفق تصريحات إعلامية سابقة لمسؤولي الأجهزة الأمنية، فإنّ دعوتهم سائقي السيارات للإفطار في الخيام تستهدف التقليل من حوادث السير لئلا يُسرع السائق العابر للسبيل من أجل إدراك الإفطار في المطعم أو في منزله الذي يكون بعيداً نسبياً.

ولا يقتصر العمل التطوّعي على الموائد، بعدما اعتاد عليه المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة، وبدأ يأخذ طابعاً منظّماً أكثر مما كان معهوداً في السابق.

وإلى جانب الخيام التي تنصبها السلطات في محاور الطرق، يحمل شباب متطوعون وجبات إفطار معلَّبة وتوزيعها على سائقي السيارات حين يقترب الأذان، حيث تستهدف هذه العملية سائقي مختلف العربات الذين لا يملكون الوقت الكافي للتوقّف من أجل الإفطار على المائدة.

وأيضاً، دأبت جمعيّات المجتمع المدني والجماعات المحليّة، ممثلةً في البلديات، على توزيع قفة رمضان كل عام.

وفي السابق، اتّجه المحتاجون إلى مقارّ البلديات في طوابير وصفها بعض الناشطين والنواب بالمهينة، فأصبحت القفة تُوزّع على المحتاجين في البيوت؛ بينما جمعيات كثيرة توزّع طروداً تحتوي على مختلف المواد الغذائية.

وأطلقت جمعية «ناس الخير» مبادرة «أجي تفطر ـ نجيبلك تفطر» (تعالَ لتفطر ـ آتيك بالإفطار)، لتوصيل وجبة الإفطار لمَن يطلبها عبر وسائل الاتصال والتواصل.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

جهاز منزلي لقياس التوتر

التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
TT

جهاز منزلي لقياس التوتر

التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)

طوّر باحثون من الصين والمملكة المتحدة جهازاً جديداً، للكشف عن مستويات التوتر في الدم من المنزل، وأوضح الباحثون، أن الجهاز يمكن أن يسهم في تحسين دقة وسهولة قياس مستويات التوتر، ما يجعل من الممكن مراقبة الصحة النفسية والتعامل مع التوتر بشكل أفضل، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Talent».

ويشكّل التوتر جزءاً من حياتنا اليومية، بدءاً من متطلّبات العمل المستمرة، وصولاً إلى ضغوط الحياة اليومية، مثل توصيل الأطفال إلى المدرسة، ويمكن لتجاهُل مستويات التوتر المرتفعة أن يؤدي لمشاكل صحية ونفسية خطيرة، مثل الاكتئاب ومرض ألزهايمر، ولرصد هذه الحالة ابتكر فريق البحث الجهاز الذي يمكنه قياس مستويات هرمون الكورتيزول، وهو مؤشر حيوي للتوتر في الدم بدقة.

ويُعَد الكورتيزول من أهم الهرمونات التي تعكس مستويات التوتر، ومن ثم فإن قياسه بدقة يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في تشخيص التوتر. ويستخدم الجهاز الجديد جزيئات نانوية من أكسيد الإيريديوم، وهي جزيئات صغيرة جداً تعمل على تحسين فاعلية الجهاز، وهذه الجزيئات تغطي الأقطاب الكهربائية في الجهاز.

وأكسيد الإيريديوم مركب كيميائي يستخدم في الإلكترونيات والمحفزات الكيميائية بفضل استقراره وحساسيته العالية، ويُعدّ مثالياً لتحسين أداء أجهزة قياس الكورتيزول بفضل فاعليته في ظروف متنوعة.

ويقيس الجهاز مستويات الكورتيزول من خلال وضع عينة من الدم على الجهاز، حيث يتفاعل الكورتيزول مع الأقطاب الكهربائية المُعدّلة بالجزيئات النانوية من أكسيد الإيريديوم.

ويولد التفاعل بين الكورتيزول والجزيئات النانوية إشارات كهربائية، وهذه الإشارات تُترجَم إلى قراءة لمستويات الكورتيزول في العينة، كما يقيس الجهاز التغيرات في الإشارات الكهربائية بدقة لتحديد كمية الكورتيزول.

ووجد الباحثون أن الجهاز قادر على قياس مستويات الكورتيزول بدقة حتى عندما تكون الكميات منخفضة جداً، ما يجعله مناسباً لاستخدامه في المنزل، ويتفوق الجهاز الجديد على الأجهزة المماثلة الحالية التي غالباً ما تكون أقل حساسية ولا يمكنها قياس الكورتيزول بكفاءة في التركيزات المنخفضة.

كما يستطيع الجهاز تمييز الكورتيزول عن هرمونات مشابهة مثل التستوستيرون والبروجيستيرون، بفضل التحسينات في الأقطاب الكهربائية، بينما تواجه الأجهزة الحالية صعوبة في هذا التمييز، ما قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة شيان جياوتونغ - ليفربول في الصين، الدكتور تشيوشن دونغ: «هذه هي المرة الأولى التي يُستخدم فيها أكسيد الإيريديوم بهذه الطريقة، حيث أنتجنا جهازاً بسيطاً وقليل التكلفة لقياس الكورتيزول».

وأضاف عبر موقع «يوريك أليرت» أن الجهاز يمكنه الكشف عن جزيئات الكورتيزول بتركيز أقل بمقدار 3000 مرة من النطاق الطبيعي في الدم.

وأشار الباحثون إلى أن هذا التقدم في التكنولوجيا يعزّز الآمال في إمكانية إجراء اختبارات التوتر في المنزل بطريقة دقيقة وسهلة، ما قد يُحدِث ثورة في كيفية إدارة مستويات التوتر بشكل يومي.