هل نجح «صيد العقارب» في تقديم معالجة جديدة لثيمة «الثأر» بمصر؟

مسلسل من بطولة غادة عبد الرازق

غادة عبد الرازق في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)
غادة عبد الرازق في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)
TT

هل نجح «صيد العقارب» في تقديم معالجة جديدة لثيمة «الثأر» بمصر؟

غادة عبد الرازق في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)
غادة عبد الرازق في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)

يتناول المسلسل المصري «صيد العقارب» الصراع بين عائلتين بينهما صلة نسب، ومن خلال هذا الصراع تتولد الرغبة في الانتقام والأخذ بالثأر، وهي عادة متوارثة في صعيد مصر منذ عصور عند حدوث حالة قتل، ولطالما تناولتها الدراما المصرية في أعمالها المختلفة، لكن هل استطاع المسلسل تناول هذه الثيمة عبر معالجة جديدة وغير نمطية من خلال شخصية «عايدة الضرغامي» التي تقوم بتجسيدها الفنانة غادة عبد الرازق؟

المسلسل يشارك في بطولته رياض الخولي، ومحمد علاء، وسيمون وأحمد ماهر، صفاء جلال، إخراج أحمد حسن، وتأليف باهر دويدار.

محمد علاء في لقطة من العمل (الشركة المنتجة)

وتدور الأحداث حول الصراع بين عائلتي «ضرغام» و«الغول» اللتين تتميزان منذ سنوات طويلة بالصداقة والقرب، لكن يتم قتل أحد أفراد العائلة الأولى على يد أحد أبناء العائلة الثانية، وينجح كبير العائلة التي قتلت في إفلات ابنه من العقاب، عن طريق تزوير شهادة أحد الشهود، فتنقلب أحوال العائلتين رأساً على عقب ويحدث الطلاق بين الأبناء، إذ يولد بينهما صراع وانتقام تقوده «عايدة ضرغام».

وعدّ باهر دويدار مؤلف العمل أن «المسلسل يعد عودة إلى الأعمال الدرامية ذات البعد الاجتماعي العميق»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «العمل يناقش قصة متشابكة الخطوط الدرامية، لكنها في النهاية تصب في مفهوم العائلة وعلاقات النسب والصداقة وكيف يمكن أن تتبدل أحوالها في يوم وليلة؛ وهي لذلك دراما يمكنها أن تدخل كل البيوت المصرية وتجذب الأسر إلى أحداثها المشوقة».

غادة عبد الرازق تتصدر بطولة «صيد العقارب» (الشركة المنتجة)

ونفى دويدار أن تكون ثيمة المسلسل مكررة لتطرقها إلى الثأر والانتقام، موضحاً: «معالجة العمل الجديد مختلفة كثيراً عن أي أعمال سابقة؛ فهي قائمة على التفكير والذكاء والقدرة على (صيد العقارب)، كما أن القضية التي يتناولها المسلسل لا تقف عند حد الثأر للقتيل، إنما هي تغوص في دواخل البشر، وتتنقل ما بين دوافعهم وردود أفعالهم وأولوياتهم؛ لذا أرى أنه عمل درامي إنساني، يدخل في أماكن خطرة داخل النفس بحذر ووعي».

وبينما يرى متابعون أن العمل لم يخرج من دائرة «دراما الثأر» التي يعدها نقاد «مضمونة النجاح»، فإن الناقد الفني محمود مطر يرى أن «المسلسل يتميز ببناء درامي جيد وتسلسل للأحداث يحترم عقلية المتلقي».

ويضيف مطر لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «تم توظيف بعض المشاهد لتقودنا إلى القضية التي يتناولها، ومن ذلك المشهد الذي عكس تمسك كل من غادة عبد الرازق وزوجها محمد علاء بالآخر، وأكد سعادتهما واستقرار حياتهما الزوجية برغم المعاناة من مشكلة عدم القدرة على الإنجاب».

رياض الخولي أحد أبطال المسلسل (الشركة المنتجة)

ويشير مطر إلى أن «هذا المشهد المشار إليه يبرز مفهوم (تغير الأحوال من النقيض إلى النقيض)، حين تصر عايدة على الطلاق تمهيداً للانتقام، وهو ما يحرك مشاعر المشاهد ويجعله يفكر في مدى سلامة موقفها، ورغبتها في الانتقام والتضحية بالحب المتبادل مع الزوج».

مؤكداً أن «هذا التسلسل جعل المتلقي يقتنع بمنطقية موقفها؛ حيث أسهم في تحقيق بناء درامي سليم، ومشاهد غير مفتعلة بصرف النظر عن كون موقفها هذا صحيحاً أم غير صحيح».

لكن ربما لا يوجد مبرر درامي حتى الآن لجعل عايدة عالمة حشرات تصطاد العقارب، وقد أدى ذلك إلى نوع من تشتت بعض المشاهدين الذين تصوروا في الحلقتين الأولى والثانية أنهم بصدد مسلسل سيتناول عالم جديد وغريب من الصيد والبيزنس الضخم المرتبط به، ليجدوا أنفسهم أمام عنوان ومقدمة لهما دلالة رمزية وإسقاط، فتنتقل بهم من صيد العقارب الخطرة إلى صيد البشر - من الأعداء -.


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».