«الخيانة وراثية»... الأبحاث أثبتت أننا نحملها في الجينات

الظاهرة لدى الرجال أعلى منها لدى النساء... وتاريخياً هدفت لزيادة النسل

الخيانة موجودة في الجينات (إكس)
الخيانة موجودة في الجينات (إكس)
TT

«الخيانة وراثية»... الأبحاث أثبتت أننا نحملها في الجينات

الخيانة موجودة في الجينات (إكس)
الخيانة موجودة في الجينات (إكس)

اكتشفت مونيكا مؤخراً أن ثلاثة من أقاربها، وجميعهم من الجانب نفسه من العائلة، كانوا غير مخلصين لأزواجهم. وتساءلت عما إذا كانت الخيانة الزوجية متوارثة في العائلات وما إذا كان تركيبها الجيني قد يجعلها غير مخلصة لزوجها، حسبما ذكرت أستاذة علم النفس الاجتماعي في جامعة ولاية كونيتيكت مادلين فوجير لموقع «سيكولوجي توداي».

ووفقاً لفوجير، فإنه عندما يتم البحث عما إذا كانت السلوكيات مرتبطة وراثياً لدى البشر، فإنهم غالباً ما يدرس الباحثون الأفراد الذين لديهم درجات متفاوتة من العلاقات الجينية مثل أحادي الزيغوت (MZ) أو التوائم المتطابقة، والتوائم ثنائية الزيغوت (DZ) أو التوائم الأخوية، الذين لا يتشاركون الجينات فحسب، بل البيئة أيضاً.

وللتوضيح، يتشارك توائم «MZ» في 100 في المائة من جيناتهم وهم متطابقون وراثياً، ويتشارك توائم «DZ» نحو 50 في المائة من جيناتهم في المتوسط، تماماً مثل الأشقاء غير التوائم.

ومن المفترض أن يتشارك كلا النوعين من التوائم الذين نشأوا معاً في بيئة عائلية مشتركة، على الرغم من أن البيئة قد تكون أكثر تشابهاً بالنسبة للتوائم المتطابقة وليس غير المتطابقة، خاصة عندما يكون التوائم غير المتطابقة من جنسين مختلفين.

أول دراسة لفحص ارتباط الخيانة بالوراثة

ووفق فوجير، تم إجراء إحدى الدراسات الأولى لفحص ما إذا كانت الخيانة الزوجية البشرية مرتبطة وراثياً من قبل الباحثة لين تشيركاس وزملائها في عام 2004. وقد درس هؤلاء الباحثون أكثر من 1600 زوج من التوائم الإناث واستجاباتهم لاستطلاع مجهول لتقييم الخيانة الزوجية، والمواقف تجاه الخيانة.

وجدت تشيركاس وزملاؤها أنه في التوائم المتطابقة «MZ» أبلغ 21 في المائة من الأفراد عن عدم إخلاصهم لشركائهم، بينما في التوائم غير المتطابقة «DZ» أبلغ 23 في المائة عن عدم إخلاصهم. وتتوافق هذه التقديرات مع التقديرات السكانية العامة للخيانة الزوجية.

يتم تعريف معدلات التوافق على أنها «الاتفاق» بين سلوك التوائم. إذا كان كلا التوأم مخلصين لأزواجهما أو كان كلا التوأم غير مخلص لأزواجهم، فإن هذين التوأمين يظهران توافقاً. عندما تظهر توائم «MZ» معدلات توافق أعلى من توائم «DZ» في السمات أو السلوكيات، يمكن للباحثين استنتاج أن تلك السمات أو السلوكيات تتأثر وراثياً.

في بحث تشيركاس، كانت معدلات التوافق أعلى بكثير بالنسبة للتوائم «MZ» (46 في المائة) مقارنة بتوائم «DZ» (32 في المائة)، مما يشير إلى أن التوائم المطابقة هم أكثر عرضة للخيانة بنسبة مرة ونصف تقريباً.

وإذا كان التوأم المطابق غير مخلص مقارنةً بالتوائم غير المطابقين عند تعديل عوامل مثل عدد الشركاء الجنسيين والعمر، قدر الباحثون أن 41 في المائة من التباين في الخيانة الزوجية في هذه العينة كان بسبب عوامل وراثية. على النقيض من ذلك، فإن البيئة المشتركة التي نشأ فيها التوائم لم تساهم في معدلات التوافق بين التوائم.، بحسب الباحثين.

علاوة على ذلك، في هذه العينة، كان لعدد الشركاء الجنسيين تقدير توريث بنسبة 38 في المائة، مما يشير إلى أن 38 في المائة من التباين في عدد الشركاء الجنسيين يعزى إلى الوراثة.

بالنسبة لعدد الشركاء الجنسيين، أوضحت البيئة المشتركة أيضاً أن 13 في المائة من التباين. كان للمواقف تجاه الخيانة الزوجية تقدير توريث قدره 0 في المائة، ويبدو أن كل الاختلاف في المواقف تجاه الخيانة الزوجية يرجع إلى عوامل بيئية مشتركة أو فريدة ولم يبدُ أن أياً من الاختلافات يتعلق بالوراثة.

لاحظت تشيركاس وزملاؤها أن تقديرات الوراثة للخيانة الزوجية كانت مماثلة لتقديرات التأثيرات الجينية على ضغط الدم والصداع النصفي والاكتئاب.

الخيانة الوراثية لدى الرجال أعلى من النساء

ثم في عام 2015 أجرى بريندان زيتش وزملاؤه بحثاً مماثلاً على عينة مكونة من أكثر من 7 آلاف توأم فنلندي.

ورغم أن هؤلاء الأفراد أفادوا بأنهم ملتزمون بعلاقات لمدة عام واحد على الأقل، فإن 9.8 في المائة من الرجال و6.4 في المائة من النساء أفادوا بوجود شريكين أو أكثر خلال العام نفسه.

في هذه العينة، كانت معدلات التوافق أعلى مرة أخرى بالنسبة للتوائم المتطابقة (MZ)، مقارنة بالتوائم غير المتطابقة (DZ)، مما يشير إلى مساهمات وراثية في الخيانة الزوجية.

وعلاوة على ذلك، قام زيتش بحساب تقديرات الوراثة بنسبة 63 في المائة للرجال و40 في المائة للنساء، مما يشير إلى أن ما يصل إلى 63 في المائة من التباين في الخيانة الزوجية بالنسبة للرجال كان بسبب عوامل وراثية. في حين أن التقدير الخاص بالنساء كان قريباً جداً من التقدير السابق الذي حسبته تشيركاس، فإن التقدير الخاص بالرجال كان أقوى بكثير من تقدير الوراثة لدى النساء، مما قد يشير إلى أساس جيني أقوى للخيانة الزوجية لدى الرجال مقابل النساء.

على الرغم من أن تشيركاس وزملاءها حاولوا تقييم الجينات التي قد تكون مرتبطة بالسلوك غير المخلص، فإن تحليلهم لم يسفر عن نتائج مرتبطة بجينات معينة.

ومن المثير للاهتمام، أنه على الرغم من أن تقدير الوراثة كان أعلى بالنسبة للرجال، لدى زيتش، فإنه لم يتم العثور على روابط لجينات محددة للرجال وروابط ضعيفة فقط للنساء كما لدى تشيركاس.

ووجد البحث أن الجينات المرتبطة بالمجازفة أو البحث عن الإثارة قد تكون مرتبطة أيضاً باحتمالية الخيانة الزوجية.

جين الخيانة أساسه العزم على زيادة النسل

لكن غارسيا وتشيركاسو وزملاءهم حذروا من أن الارتباطات الجينية بالخيانة الزوجية لا ينبغي عدّها دليلاً على وجود «جين الخيانة».

وأشارت الأبحاث إلى أن الخيانة الزوجية لها صلة وراثية قوية. يفترض جميع المؤلفين المذكورين أعلاه أن الخيانة الزوجية لها أساس وراثي لأنه في تاريخنا التطوري، كان من المفيد متابعة شركاء بديلين من أجل زيادة عدد النسل (خاصة بالنسبة للرجال)، أو توفير جينات متنوعة للذرية، أو الوصول إلى موارد إضافية للذرية.

على الرغم من أن هذه الدراسات تشير إلى أساس جيني قوي للسلوك غير المخلص، فإنها لا تشير إلى أن سلوكنا يتحدد بالكامل من خلال جيناتنا، بل تشير إلى أن جزءاً من الاختلاف في السلوك غير المخلص قد يعزى إلى التأثيرات الجينية.



معرض قاهري يستلهم جمال «حتحور»

«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

معرض قاهري يستلهم جمال «حتحور»

«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)
«حتحور» تحضر في لوحات فنية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

خَلّد المصريون القدماء اسم «حتحور» رمزاً للحب والجمال؛ وأعاد فنانون مصريون استلهام هذا الرمز بما يحمله من معانٍ ودلالات في فعاليات مختلفة، ضمن أسبوع ثقافي تشهده العاصمة المصرية القاهرة، من بينها معرض «حتحور وسط البلد»، الذي يستضيفه مركز «الفاكتوري» حتى 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

ويتزيّن بهو المكان بنحو مائة لوحة للفنانة المصرية لينا أسامة، تتراوح في أحجامها وكذلك في تنويعات استلهامها لـ«حتحور» التي تتسيّد بطولة اللوحات، وإلى جانب كونها رمزاً للحب والجمال في مصر القديمة، فهي أيضاً كانت «منبعاً للموسيقى والأمومة»، كما تشير لينا أسامة في حديثها مع «الشرق الأوسط».

وتضيف: «تلك الثيمات التي اجتمعت لدى (الإلهة حتحور)، كانت مُلهمة بشكل كبير لتنظيم تلك الفعالية، التي تحاول كسر الشكل التقليدي للمعرض الفني، بجعل المعرض نفسه مناسبة لاستضافة فعاليات فنية مختلفة تتناغم مع اللوحات وفلسفتها».

وخلال أسبوع «حتحور وسط البلد»، يجري تنظيم فعاليات تتحاور مع اللوحات، منها جلسات شِعر وموسيقى وغناء، وكذلك محاضرات حول أسطورة «حتحور»، وفلسفة الفنون البصرية في مصر القديمة، وكذلك نظرة حول الطعام في مصر القديمة، وعرض أزياء يستلهم التراث ويستفيد من ثيمات الموسيقى والأمومة التي تُعززها «حتحور» في الأسطورة المصرية القديمة، وكذلك عروض أفلام.

«كما ستكون هناك أيضاً ندوة للقائمين على مستشفى (بهية) خلال أسبوع الفعالية، المتخصصة في الكشف المُبكر وعلاج سرطان الثدي للسيدات، وهي محاولة لدمج الفن مع مُعطيات اجتماعية شديدة الحساسية والأهمية»، كما تقول صاحبة المعرض لينا أسامة.

أبعاد مختلفة لعرض اللوحات في معرض «حتحور وسط البلد» (الشرق الأوسط)

وتدعم المساحة المفتوحة التي يُقام بها معرض «حتحور وسط البلد»، المفهوم الفني للفعالية التي تستقبل على مدار أسبوع عدداً كبيراً من الفنانين والمتحدثين، الذين تجتمع أعمالهم حول مفردات «الجمال» و«الأمومة» و«الموسيقى» المُشتقة من عالم «حتحور»، كما تُعزز جدران المكان ذات الملمس الخشن والعفوي التجربة البصرية المُفعمة بالألوان المُشتقة من «البالتة» المصرية القديمة، لا سيما درجات الأزرق والأخضر والأصفر التي تستدعي إيقاعات قصة الحضارات القديمة على ضفاف النيل في قالب مُعاصر مفتوح على التجريب واللعب مع الخامات.

وخلال التجوّل بين لوحات المعرض، تقترب لينا من لوحة بعنوان: «مدينة مشتركة»، تُبرز فيها طبقات زمنية متراكمة ومتداخلة، وتقول: «تعلّمتُ مفهوم تكسير الزمن من دراستي لفن السينما، وتحديداً فن المونتاج، وصار التحدي الذي أمارسه هو توظيف تلك التقنية داخل اللوحة».

اللوحات تستلهم الأسطورة المصرية في قالب معاصر (الشرق الأوسط)

ويُمثل الزمن السيّال في اللوحات أحد أبرز عناصر تشكيلها، أما «حتحور» فهي إما حاضرة بهيئتها الأسطورية القديمة بصفتها امرأة بأذني «بقرة»، وإما بدلالتها المتخفية وراء أوجه النساء والفتيات التي لا تخلو منها أعمال المعرض، وربما تحضر بهيئتها القديمة في سياقات حديثة يتبادل بها عاشقان الحب في مدينة متخيّلة وزمن غير محدد، وتُضاعف الفنانة من سريالية المشهد بحضور ديناصورات من زمن الانقراض، لتُجاور فتيات في لقطة «سيلفي» عفوية.

لوحات المعرض شهدت تنويعات بين الأساطير والحياة اليومية (الشرق الأوسط)

أما الموسيقى التي تُنسب كذلك لـ«حتحور»، فقد وجدت سبيلها إلى المتن التشكيلي للأعمال، عبر تشكيلات الراقصات التي ظهرت في بعض اللوحات لتمنحها بُعداً سينوغرافياً، يستفيد من عناصر اللوحة، ويضيف إليها، في حين يظهر الرقص في سياقات معاصرة ترتبط بالأمومة بتنويعاتها وهوامشها المختلفة، كما في لوحة تُهدهد فيها أم طفلها، وأخرى تتفقد أم ابنتها راقصة الباليه، وكأنهما في وضع تحليق.

وتقول لينا: «تلك الحالة التي تستحضر الحركة والرقص والموسيقى كانت من أبرز الدوافع لجعل المعرض مناسبة للاستمتاع بفنون أخرى من عروض موسيقية وشعرية وسينمائية تحت مظلة فعالية (حتحور وسط البلد)».