كيف تُحرّك مواقع التواصل أحداث مسلسلات رمضان؟

تتحوّل عاملاً درامياً يحمل أثراً حاسماً

مشهد من كواليس مسلسل «عتبات البهجة» (الشركة المنتجة)
مشهد من كواليس مسلسل «عتبات البهجة» (الشركة المنتجة)
TT

كيف تُحرّك مواقع التواصل أحداث مسلسلات رمضان؟

مشهد من كواليس مسلسل «عتبات البهجة» (الشركة المنتجة)
مشهد من كواليس مسلسل «عتبات البهجة» (الشركة المنتجة)

تحضُر مواقع التواصل وتأثيراتها في أعمال درامية عدّة، ليست فقط وسيلةً للترويج، ولكنها عنصر فاعل في الدراما الرمضانية خلال الموسم الحالي.

ففي مسلسل «أعلى نسبة مشاهدة»، شكّلت مواقع التواصل وتأثيراتها، الأحداثَ الرئيسية للعمل الذي يحاكي التحوُّل التام في حياة بطلته «شيماء» (سلمي أبو ضيف)، بعد التفاعل الكبير مع ظهورها في فيديو عفوي برفقة شقيقتها عبر «تيك توك». تبدأ «شيماء» في التحوُّل من طالبة جامعية تعيش ضمن أسرة فقيرة، إلى «مؤثّرة» تتلقّى عروضاً من جهات عدّة للإعلان عن منتجاتها عبر صفحتها استغلالاً للتفاعل معها. يتكثّف التفاعل مع ظهور والدها من دون معرفته، بشكل مؤثّر برفقتها في فيديو.

لقطة من مسلسل «أعلى نسبة مشاهدة» (الشركة المنتجة)

كذلك، تُحرّك مواقع التواصل أحداث مسلسل «عتبات البهجة»، مع تحوّل البطل «بهجت» (يحيى الفخراني) إلى «مؤثّر»، وتعرُّض هنادي مهنا بشخصية «فلة» للابتزاز الإلكتروني، بعدما أصبحت إحدى نجمات «تيك توك» مع تحقيقها مشاهدات مرتفعة.

مواقع التواصل لم تحضُر في الأحداث المرتبطة بحياة «الإنفلونسر» فقط، بل أيضاً في الأعمال الاجتماعية المعروضة في رمضان، من بينها مسلسل «صلة رحم»، من بطولة إياد نصار.

خلال الأحداث، يتعرّض البطل «الدكتور حسام» لاعتداء بدني وسرقة، بعد تواصله مع صفحة عبر «فيسبوك» للعثور على سيدة تقبل بإيجار رحمها، تحقيقاً لحلمه في الأبوّة من زوجته التي فقدت الرحم نتيجة حادث عنيف.

وتظهر في الأحداث أسماء أبو اليزيد في شخصية «حنان»، وهي تُجري بحثاً عبر «فيسبوك» عن مدى شرعية موافقتها على إيجار رحمها لسيدة أخرى، فيتوصّل إليها زوجها الذي رفعت ضدّه قضية خلع، بعد ظهورها في فيديو عبر «تيك توك» صوّرته حيث تعمل، وهي التي كانت قد أغلقت حساباتها من قبل.

الملصق الدعائي لمسلسل «صلة رحم» (الشركة المنتجة)

في هذا السياق، يشير مؤلّف العمل محمد هشام عبية إلى أنّ استخدام مواقع التواصل «ضرورة درامية»، بعدما أصبحت أساسية في المجتمع، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «توظيفها في العمل ينسجم مع ما يحدث في الحياة اليومية من مواقف مماثلة».

بدوره، يرتكز مسلسل «بابا جه» من بطولة أكرم حسني، أيضاً، على مواقع التواصل. فبعد الحلقة الأولى، اعتمدت أحداثه على صفحة باسم «بابا جه» تتيح توفير أب للإيجار لمدّة معيّنة مقابل أجر.

تصبح الصفحة المحرّك الرئيسي للأحداث التي يتعرّض لها بطل العمل «هشام»، وتتولّد مواقف كوميدية بعد توريطه ليكون أباً لقرصان إلكتروني (هاكر) تبحث عنه الشرطة.

ويُعدُّ مؤلّف المسلسل محمد إسماعيل أمين مواقع التواصل محرّكاً للأحداث الدرامية «أمراً طبيعياً ومنطقياً وسط سيطرتها على حياتنا بشكل يومي»، عازياً ذلك في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى «التوسّع في استعمالها على جميع المستويات تقريباً».

الملصق الدعائي لمسلسل «بابا جه» (الشركة المنتجة)

وفي مسلسل «بيت الرفاعي»، تتعرّف «سامية حلويات» (ميرنا جميل) على تفاصيل هروب «الدكتور ياسين الرفاعي» (أمير كرارة) من السجن بعد إقامته معها باسم مستعار، من خلال صورته المنشورة في موقع إخباري، وانتشارها عبر مواقع التواصل.

وأيضاً، شهد مسلسل «مسار إجباري» محاولة نورين أبو سعدة التي تجسّد دور حبيبة أحمد داش دعم مشروعه المتمثّل في سيارة لبيع المأكولات، من خلال مقطع فيديو ترويجي تنشره عبر مواقع التواصل.

وفي الحلقات الأولى عرضت عليه الاستعانة بأحد «الفود بلوغر» المشهورين لجذب الناس للشراء منه، بينما لجأت شقيقة ريهام حجاج بمسلسل «صدفة» إلى «فيسبوك» للترويج للمأكولات المنزلية التي تبيعها. إلى ذلك، شهد مسلسل «المداح» في بداية الأحداث حضوراً لمواقع التواصل وتأثيرها في حياة البطل «صابر المداح» (حمادة هلال)، مع تصويره في مواقع مختلفة، وتفسير هذه المقاطع المصوَّرة من وجهة نظر أصحابها.

وشهدت أحداث مسلسل «محارب» إساءة استخدام موقع «إكس»، من خلال الترويج لوسم «محارب بلطجي» للتأثير في مجريات قضية مقتل والدة «محارب» (عفاف شعيب).

«يعكس الحضور المكثَّف لمواقع التواصل درامياً تأثيرها في حياتنا اليومية»، وفق الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن الذي يُعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «توظيف مواقع التواصل بطريقة مقبولة في الأعمال الدرامية هو مسؤولية الكتّاب»، محذّراً من مغبّة «إقحامها على الأحداث»، داعياً إلى «تجنُّب استخدامها وسيلةً للهرب من كتابة مَشاهد أكثر إقناعاً للمشاهدين».


مقالات ذات صلة

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مشهد يُشارك فيه فغالي ضمن مسلسل «البيت الملعون» (صور الفنان)

عماد فغالي لـ«الشرق الأوسط»: لم أحقّق طموحي الكبير في عالم التمثيل

يتساءل اللبناني عماد فغالي، أسوةً بغيره من الممثلين، عن الخطوة التالية بعد تقديم عمل. من هذا المنطلق، يختار أعماله بدقة، ولا يكرّر أدواره باحثاً عن التجديد.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أحمد حاتم في لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (صفحة شاهد بـ«فيسبوك»)

«عمر أفندي»... دراما مصرية تستدعي الماضي

حظيت الحلقة الأولى من المسلسل المصري «عمر أفندي» بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت «الترند» صباح الاثنين على «غوغل».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)

باتريسيا داغر لـ«الشرق الأوسط»: أرفضُ كوميديا لا تفي موضوعاتها بالمستوى

بالنسبة إلى الممثلة اللبنانية باتريسيا داغر، الأفضل أن تجتهد وتحفر في الصخر على أن تزحف وتقرع الأبواب من دون جدوى.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق هند وإياد في مشهد يؤكد تباعدهما (شاهد)

نهاية مفتوحة لـ«مفترق طرق» تُمهد لموسم ثانٍ

أثارت نهاية حلقات مسلسل «مفترق طرق» ردود أفعال متباينة من جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، حيث وصفها البعض بأنها «صادمة».

انتصار دردير (القاهرة )

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
TT

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

«ماريا»، الذي سبق وتناولناه هنا قبل يومين، ليس سوى أحد الأفلام المعروضة على شاشة الدورة 81 لمهرجان «ڤينيسيا»، (انطلق في 28 من الشهر الماضي وتسدل ستارته في 7 سبتمبر «أيلول» الحالي)، الذي يتناول حياة شخصيات شهيرة. إذ إن هناك أفلاماً عدّة تتحدّث عن شخصيات حقيقية أخرى بينها ثلاثة أفلام غير درامية.

إنها أفلام وثائقية وتسجيلية عن أسماء مشهورة تتباعد في أزمانها وشخصياتها كما في أدوارها في الحياة. هناك «رايفنشتال» عن المخرجة الألمانية ليني رايفنشتال التي عاشت نحو 101 سنة، و«جون ويوكو» عن حياة المغني جون لينون (من فرقة البيتلز) والمرأة التي ارتبط بها، كذلك يطالعنا فيلم المخرج التسجيلي إيرول موريس «منفصلون» الذي يتناول بعض ما تمر به الولايات المتحدة من أزمات بخصوص المهاجرين القادمين من فنزويلا وكولومبيا ودول لاتينية أخرى.

في هذا النطاق، وبالمقارنة، فإن «ماريا» للمخرج التشيلي بابلو لاراين، يبقى الإنتاج الدرامي الوحيد بين هذه المجموعة متناولاً، كما ذكرنا، الأيام الأخيرة من حياة مغنية الأوبرا.

المخرجة المتّهمة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية والسياسية. حققت ليني في حياتها 8 أفلام، أولها سنة 1932 وآخرها «انطباعات تحت الماء» (Impressions Under Water) سنة 2002. لكن شهرتها تحدّدت بفيلميها «انتصار الإرادة» (Triumph of the Will) (1935)، و«أولمبيا» الذي أنجزته في جزأين سنة 1938.

السبب في أن هذين الفيلمين لا يزالان الأشهر بين أعمالها يعود إلى أنهما أُنتجا في عصر النهضة النازية بعدما تبوأ أدولف هتلر رئاسة ألمانيا.

دار «انتصار الإرادة» عن الاستعراض الكبير الذي أقيم في عام 1934 في مدينة نورمبيرغ، الذي ألقى فيه هتلر خطبة نارية أمام حشد وصل تعداده إلى 700 ألف شخص. فيها تحدّث عن ألمانيا جديدة مزدهرة وقوية وعن مستقبل كبير ينتظرها.

الفيلم الثاني من جزأين كان عن الأولمبياد الرياضي الذي أقيم صيف 1936، وحضرته أمم كثيرة بعضها من تلك التي تحالفت لاحقاً ضد الاحتلال الألماني لأوروبا.

شغل المخرجة على الفيلمين فعلٌ فني لا يرقى إليه الشك. تصوّر بثراء كل ما يقع أمامها من الجموع إلى المسيرات العسكرية والرياضية، ومنها إلى هتلر وهو يخطب ويراقب سعيداً الاستعدادات العسكرية التي خاضت لاحقاً تلك الحرب الطاحنة التي خرجت ألمانيا منها خاسرة كلّ شيء.

تبعاً لهذين الفيلمين عدّ الإعلام السياسي الغربي المخرجة رايفنشتال ساهمت في الترويج للنازية. تهمة رفضتها رايفنشتال. وأكدت، في مقطع من الفيلم مأخوذ عن مقابلة مسجّلة، أنها لم تنفّذ ما طُلب منها تنفيذه، ولم تنتمِ إلى الحزب النازي (وهذا صحيح) ولم تكن تعلم، شأن ملايين الألمان، بما يدور في المعتقلات.

ليني رايفنشتال خلال تصوير «أولمبياد» (مهرجان ڤينيسيا)

يستعرض الفيلم حياة المخرجة التي دافع عن أعمالها نُقاد السينما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم. فيلماها لا يزالان من أفضل ما طُبع على أشرطة في مجال الفيلم الوثائقي إلى اليوم، وذلك عائد إلى اختياراتها من اللقطات والمشاهد وتوثيقها لحدثين مهمّين لا يمكن تصوّر السينما من دون وجودهما بدلالاتهما المختلفة. النتيجة الواضحة إلى اليوم، حتى عبر المقتطفات التي يعرضها الفيلم، تفيد بحرفة متقدّمة وتعامل رائعٍ مع الحدث بأوجهه المتعدّدة.

ينتهج المخرج فايل موقفاً يشيد فيه بالمخرجة ومجمل أفلامها السبعة. لا يفوته الاعتراف بأن رايفنشتال كانت فنانة سينما حقيقية، لكن يوجّه مشاهديه في الوقت نفسه إلى أن هذا الفن لم يكن سوى مظهر دعائي للنازية، وأنها لعبت الدور المباشر في البروباغاندا في الفترة التي سبقت الحرب.

حيال سرد هذا التاريخ يستعين المخرج فايل بمقابلات متعددة أدلت بها (معظمها بعد نهاية الحرب) وواجهت فيها منتقديها كما يعمد المخرج إلى مشاهد من حياتها الخاصة. زواجها. رحلتها إلى السودان خلال اضطرابات عام 2000 حيث تحطمت الطائرة المروحية التي استقلّتها وأصيبت برضوض. رحلتها تلك كانت بصدد التعرّف على البيئة النوبية، وكانت قد حصلت على الجنسية السودانية قبل سنوات (إلى جانب جنسيتها الألمانية وإقامتها البريطانية)، وبذلك كانت أول شخص غربي يُمنح الجنسية السودانية.

لا يأتي الفيلم بجديد فِعليّ لما يسرده ويعرضه. هناك كتب عديدة دارت حولها أهمها، مما قرأ هذا الناقد، «أفلام ليني رايفنشتال» لديفيد هنتون (صدر سنة 2000) و«ليني رايفنشتال: حياة» الذي وضعه يورغن تريمبورن قبل سنة من وفاة المخرجة عام 2003.

هو فيلم كاشف، بيد أنه يتوقف عند كل المحطات التي سبق لمصادر أخرى وفّرتها. محاولة الفيلم لتكون «الكلمة الفصل» ناجحة بوصفها فكرة وأقل من ذلك كحكم لها أو عليها.

جون لينون ويوكو أونو

في الإطار الفني، ولو على مسافة كبيرة في الاهتمام ونوع المعالجة، يأتي (One to One: John & Yoko) «واحد لواحد: جون ويوكو» لكيڤن ماكدونالد، الذي يحيط بحياة الثنائي جون لينون وزوجته يوكو أونو اللذين وقعا في الحب وانتقلا للعيش في حي غرينتش فيلاج في مدينة نيويورك مباشرة بعد انفراط فريق «البيتلز» الذي كان جون لينون أحد أفراده الأربعة.

النقلة إلى ذلك الحي لم تكن اختياراً بلا مرجعية سياسية كون غرينتش فيلاج شهدت حينها حياة ثقافية وفنية وسياسية حافلة تعاملت ضد العنصرية وضد حرب فيتنام، وكانت صوت اليسار الشّعبي الأميركي إلى حين فضيحة «ووترغيت» التي أودت بمنصب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون. يكشف فيلم مكدونالد (الذي سبق وأُخرج قبل أعوام قليلة، فيلماً عن المغني الجامايكي بوب مارلي) عن اهتمام لينون وزوجته بتلك القضايا السياسية. جون الذي باع منزله المرفّه في ضواحي لندن واستقر في شقة من غرفتين في ذلك الحي، ويوكو التي لعبت دوراً فنياً وتثقيفياً في حياته.

لا يكتفي الفيلم بالحديث عن الثنائي معيشياً وعاطفياً بل عن المحيط السياسي العام ما يُعيد لمشاهدين من جيل ذلك الحين بعض الأحداث التي وقعت، ويوجه المشاهدين الذين وُلدوا سنوات صوب تقدير الثنائي، كما لم يفعل فيلم ما من قبل. ليس لأن «واحد لواحد: جون ويوكو» فيلم سياسي، بل هو استعراض منفّذ مونتاجياً بقدر كبير من الإجادة لحياة ثنائيّ موسيقيّ مطروحة على الخلفية المجتمعية المذكورة.

إرث ترمب

نيسكون مضى ومعه قناعاته وبعد عقود حلّ دونالد ترمب ليسير على النهج اليميني نفسه.

يرتسم ذلك في «منفصلون» (Separated) للمخرج المتخصص بالأفلام التسجيلية والوثائقية السياسية إيرول موريس. من بين أفضل أعماله «ضباب الحرب» (The Fog of War)، الذي تناول الحرب العراقية وكيف تضافرت جهود الحكومة الأميركية على تأكيد وجود ما لم يكن موجوداً في حيازة العراق، مثل القدرات النّووية والصواريخ التي يمكن لها أن تطير من العراق وتحط في واشنطن دي سي (وكثيرون صدّقوا).

«منفصلون» لديه موضوع مختلف: إنه عن ذلك القرار الذي اتخذه ترمب خلال فترة رئاسته ببناء سياج على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لمنع تدفق المهاجرين القادمين من الدول اللاتينية بدافع الفقر وانتشار العنف.

كان يمكن تفهّم هذا القرار لو أنه توقف عند هذا الحد، لكن ترمب تلاه بقرار آخر يقضي بفصل الأطفال عن ذويهم الراغبين في دخول البلاد عبر الحدود. بذلك لدى هؤلاء إمّا العودة من حيث أتوا مع أولادهم، أو العودة من دونهم على أساس وجود هيئات ومؤسسات أميركية ستعني بهم.

مثل هذا الموقف، يؤكد الفيلم، غير الأخلاقي، وكان له معارضون ومؤيدون. بعض المعارضين من أعضاء الكونغرس انقلبوا مؤيدين ما بين مؤتمر صحافي وآخر.

محور الفيلم هو رفض هذا الانفصال على أسس أخلاقية وإنسانية والمتهم الأساسي في فرض العمل به هو ترمب الذي لم يكترث، والكلام للفيلم، لفظاعة الفصل بين الآباء والأمهات وأطفالهم. تطلّب الأمر أن يخسر ترمب الانتخابات من قبل أن يلغي بايدن القرار على أساس تلك المبادئ الإنسانية، لكن بذلك تعاود أزمة المهاجرين حضورها من دون حل معروف.

يستخدم المخرج موريس المقابلات لتأييد وجهة نظره المعارضة وأخرى لرفضها، لكنه ليس فيلماً حيادياً في هذا الشأن. مشكلته التي يحسّ بها المُشاهد هي أن الفيلم يتطرّق لموضوع فات أوانه منذ أكثر من عامين، ما يجعله يدور في رحى أحداث ليست آنية ولا مرّ عليه ما يكفي من الزمن لإعادة اكتشافها ولا هي بعيدة بحيث تُكتشف.