هل تبكي الحيوانات بالدموع عندما تحزن؟

«الدمع المخضَّب بالدماء» يُنتج إفرازات داكنة مُشربة بالحُمرة

الحيوانات تبكي أيضاً (شاترستوك)
الحيوانات تبكي أيضاً (شاترستوك)
TT

هل تبكي الحيوانات بالدموع عندما تحزن؟

الحيوانات تبكي أيضاً (شاترستوك)
الحيوانات تبكي أيضاً (شاترستوك)

للدموع وظيفة الحفاظ على سلامة العيون، يذرفها البشر والثدييات والزواحف والطيور من غدد دمعية داخل العين، تختلف مكوّناتها الحيوية والكيميائية، وتركيزاتها، باختلاف كل فصيلة، بموجب قوانين النشوء والارتقاء، وفق تطوّر هذه المخلوقات وبيئات عيشها المتنوّعة.

وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أنّ الدموع تنقسم عادةً إلى 3 أنواع؛ هي الدموع الأساسية أو القاعدية التي تفرزها العيون تقليدياً لحماية القرنية بغلاف واقٍ، والدموع الانعكاسية التي تُفرَز لدى التعرُّض لمؤثرات خارجية مثل الأتربة والغبار، أو بعض الظروف المناخية القاسية، مثل الهواء البارد والثلوج، أو لدى التعرُّض لمواد كيميائية معيّنة، فتساعد على تطهير العين وتنظيفها، وعلاج الضرر الذي تتعرّض له. وأخيراً، ثمة الدموع الانفعالية التي يٌفرزها الإنسان في حالات شعورية معيّنة، مثل الحزن أو الخوف أو الألم.

ويتّفق العلماء، حتى الآن، على أنّ ذرف الدموع الانفعالية يقتصر على الإنسان تحديداً، رغم مؤشّرات على حالات ذرف دموع لدى الحيوانات في حالات انفعالية بعينها.

وأشارت الباحثة هيلدا فيرفاكي، المتخصِّصة في علم الأحياء السلوكي بجامعة «أدويسي للعلوم التطبيقية» في بلجيكا، إلى تقارير عن وجود حيوانات تبكي حزناً بالدموع، مثل أفيال وغوريلات وذئاب، وذلك في حالات معيّنة، منها الإرهاق البالغ أو التخلُّف عن القطيع؛ وإنْ كانت دراسة استقصائية نُشرت عام 1985 شملت أشخاصاً يعملون بشكل مهني مع الحيوانات، مثل أطباء بيطريين، أشارت إلى عدم وجود ملاحظات لحيوانات تبكي بالدموع لأسباب انفعالية.

وخلال دراسة نُشرت عام 2022، رصد باحثون أنّ عيون الكلاب والجراء الصغيرة تُغرَورق أحياناً بالدموع في حالات انفعالية معيّنة، ووجدوا أنّ الكلاب تذرف الدموع أيضاً عندما تكون في حالة نفسية إيجابية، مثل الالتقاء مع أصحابها بعد غياب طويل. ويقول العلماء إنّ هرمون «الأوكسيتوسين» المُعزِّز للروابط بين الكلب وصاحبه، هو الذي يحرّك مثل هذه النوعية من ردود الفعل.

ووثّقوا حالات لخنازير تبكي بالدموع عندما توضع في ظروف معيشية سيئة، حيث رُصدت إفرازات من عيونها، فضلاً عن الاحمرار. وتبيّن أنّ هذه الإفرازات ليست دموعاً بقدر ما هي سوائل تفرزها غدد «هاردر»، وهي غدد دمعية إضافية توجد أسفل العين لدى كثير من الفصائل.

وتقول فيرفاكي إنّ إفراز الدموع لدى بعض الحيوانات يقترن بانخفاض نبضات القلب، وهو من المؤشّرات الدالة على التوتّر، أو في حالات الألم البالغ، مثل بتر الذيول، أو الخوف عند اقتراب الإنسان. وشوهدت هذه الظاهرة أيضاً لدى الفئران، وهي تُعرَف في بعض الأحيان باسم «الدموع المخضَّبة بالدماء» لاتّخاذها شكل إفرازات داكنة مُشربة بالحُمرة في أركان العيون، وتحدُث استجابةً لضغوط بيئية، أو بسبب تقدُّم العمر، أو تراجع الحالة المعيشية.

وعن رد فعل البشر حيال بكاء الحيوانات الأليفة مثل الكلاب، أثبتت تجارب أنّ الإنسان يتفاعل بإيجابية عند رؤية صور كلاب أليفة وعيونها مغرورقة بالدموع، مقارنةً بالكلاب ذات العيون الجافة.

وخلال تجربة علمية، طُلب من متطوّعين التطلُّع إلى صور لـ5 فصائل من الحيوانات؛ هي قطط، وكلاب، وخيول، وقرود شامبنزي، وفئران هامستر، فعدُّوا الدموع في عيونها دليلاً على «الحزن»، كما البشر، وأنّ مشهد الحيوانات الباكية بالدموع يجعلها تبدو «أقل عدوانية»، و«أطيب»، في أنظارهم.


مقالات ذات صلة

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
يوميات الشرق بإمكان الجميع بدء حياة أخرى (أ.ب)

شبل الأسد «سارة» أُجليت من لبنان إلى جنوب أفريقيا لحياة أفضل

بعد قضاء شهرين في شقّة صغيرة ببيروت مع جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان، وصلت أنثى شبل الأسد إلى محمية للحيوانات البرّية بجنوب أفريقيا... هذه قصتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق الضوء الاصطناعي يهدد قدرة النحل على تلقيح المحاصيل (رويترز)

الضوء الاصطناعي يهدد نوم النحل

توصَّل الباحثون إلى أن الضوء الاصطناعي يمكن أن يعطل دورات النوم لدى نحل العسل، وهو ما يؤثر سلباً على دوره الحيوي بصفته مُلقحاً للنباتات والمحاصيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مهارة مذهلة (إكس)

فِيلة تُذهل العلماء... «ملكة الاستحمام» عن جدارة! (فيديو)

أذهلت فِيلةٌ آسيويةٌ العلماءَ لاستحمامها بنفسها، مُستخدمةً خرطوماً مرناً في حديقة حيوان ألمانية، مما يدلّ على «مهارة رائعة».

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق الجمهور يُحفّز الشمبانزي على أداء أفضل في المهمّات الصعبة (جامعة كيوتو)

الشمبانزي يُحسِّن أداءه عندما يراقبه البشر!

كشفت دراسة يابانية أن أداء الشمبانزي في المهمّات الصعبة يتحسّن عندما يراقبه عدد من البشر، وهو ما يُعرف بـ«تأثير الجمهور».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.