ما الذي يساعد الناس على التعافي بعد الانفصال؟

العالم الحقيقي ليس مثالياً وتنتهي العلاقات بطرق لا نتوقعها (رويترز)
العالم الحقيقي ليس مثالياً وتنتهي العلاقات بطرق لا نتوقعها (رويترز)
TT

ما الذي يساعد الناس على التعافي بعد الانفصال؟

العالم الحقيقي ليس مثالياً وتنتهي العلاقات بطرق لا نتوقعها (رويترز)
العالم الحقيقي ليس مثالياً وتنتهي العلاقات بطرق لا نتوقعها (رويترز)

يحلم كثير منّا بإنشاء علاقات وثيقة تستمر إلى الأبد، أو على الأقل حتى «يفرقنا الموت».

ومع ذلك، فإن العالم الحقيقي ليس مثالياً، وتنتهي العلاقات بطرق لا نتوقعها. إذا كنت في خضم هذه العملية الآن، أو فكرت في الأيام التي قررت فيها أنت وشريكك إنهاء قصتكما، فأنت تعرف مدى صعوبة هذه التجربة عاطفياً.

ومع ذلك، لا يشعر الجميع بالدمار عندما يفقدون شريكهم الرومانسي المقرب، حتى لو كان شريكاً لسنوات عديدة. ربما تكون أنت أو أي شخص تعرفه قد أظهرت هذا النمط من المرونة. من المؤكد أن العواقب المباشرة للانفصال لم تكن ممتعة على الإطلاق، لكنك (أو هذا الشخص الآخر) تمكنت من الخروج سليماً عاطفياً.

التنبؤ بنتائج الانفصال

وفقاً لورقة جديدة أعدها كين تران وزملاؤه من «المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة (2024)»، فإن هناك طريقتين للتفكير في نهاية العلاقة. وفقاً لنماذج المرحلة، يحدث التكيف «بطريقة متفاوتة مقترناً بالغضب والشفقة على الذات والحزن واليأس والاستسلام مقابل القبول». وترى نماذج أخرى أن التطور من خلال الحياة مستمر، ويتغير بمرور الوقت، حيث يتكيف الأزواج وجميع الأطفال مع واقعهم الجديد، وفقاً لتقرير لموقع (سايكولوجي توداي)».

السؤال الرئيسي في كل هذا هو ما إذا كان من الممكن التنبؤ، سواء بناءً على مرحلة أو نموذج عملي، بمن سيصل إلى الجانب الآخر من هذا الحدث المهم في الحياة ويستعيد الشعور بالاتزان.

لاحظ الباحثون الألمان أن معظم الأبحاث السابقة تستخدم مستويات الاضطراب العاطفي التي يعاني منها الأزواج والعائلات في وقت الانفصال للتنبؤ بالنتائج طويلة المدى. الأشخاص الذين تكون نتائجهم الأسوأ، من هذا المنظور، هم أولئك الذين يفقدون الدخل، ويضطرون إلى الانتقال، ويصبحون آباء وحيدين، ويخوضون صراعات على الحضانة. وفهم ما يحدث في وقت الانفصال يمكن أن يساعد في التنبؤ بمن سينتهي به الأمر في هذه المواقف المؤسفة.

من خلال الاستفادة من دراسة لوحة الأسرة الألمانية (pairfam)، وهي دراسة طويلة الأمد مع تقييمات سنوية، تمكن تران وفريق البحث من متابعة 3 آلاف و734 حالة انفصال (من ألفين و709 أشخاص) خلال السنة الأولى من فسخ العلاقات الكبيرة.

بالنظر أولاً إلى المستويات العامة لمقاييس الدراسة، في المتوسط، كانت أقوى المشاعر التي شهدناها هي الارتياح، يليها الحزن، والشعور بالذنب، والغضب. بلغ متوسط عمر العينة 27 عاماً (تتراوح من 18 إلى 48 عاماً)، وكان الأزواج معاً لمدة متوسطها 3 سنوات (مدة تتراوح من شهر واحد إلى 12 عاماً)، وفقاً للتقرير.

قبل انتهاء العلاقة، قام المشاركون بتقييم تجارب علاقاتهم على أنها أكثر إيجابية من السلبية. من بين أسباب الانفصال، كانت النزاعات الخطيرة التي سببها الشريك (44 في المائة) هي الأكثر شيوعاً، والصراعات الخطيرة التي سببها المشارك (36 في المائة)، والخيانة الزوجية من قبل الشريك (15 في المائة) والمشاركين (14 في المائة).

وأشارت أقلية صغيرة إلى الجدال العنيف كسبب.

ثبت أن عدداً من العوامل لها آثار إيجابية على التكيف العاطفي في السنة التالية للانفصال:

العامل الأول يرتبط بقضاء وقت أقل في العلاقة، يليه حالة البادئ (أي أن تكون البادئ)، ومقدار الوقت منذ الانفصال، والدخول في علاقة جديدة، والحصول على شبكة دعم اجتماعي قوية.

كانت تنبؤات الراحة مع الانفصال متوافقة مع ما قد تتوقعه، بما في ذلك المشاكل الخطيرة مع الشريك، والخيانة، والعنف الجسدي. ومع ذلك، ظل تأثير خيانة الشريك مستمراً في وقت المتابعة لمدة عام واحد.

كما أن وجود شريك جديد ينبئ بنتائج إيجابية، كما الحال مع وجود الأصدقاء والاتصالات الاجتماعية. وتبين أيضاً أن النتائج الإيجابية ترتبط بالوضع المادي للفرد، كما قد تتوقع.

رسائل سريعة

سواء كان موقف الخروج من العلاقة ينطبق عليك الآن، أو حصل الأمر معك في الماضي، فإن نتائج الدراسة الألمانية تقدم 3 رسائل سريعة:

-كثير من الناس ينجحون في تخطي العلاقة، ويعيدون تأسيس توازنهم العاطفي.

- جاء الأصدقاء وشبكة الدعم الاجتماعي على القدر ذاته من الأهمية في النتائج، مما يشير إلى أن اللجوء إلى الآخرين قد يكون طريقة مهمة. بدلاً من الشعور بالخجل من نفسك لعدم قدرتك على إنجاح العلاقة، يمكنك اللجوء إلى هؤلاء الأشخاص لمساعدتك خلال هذه المراحل.

-معالجة الجوانب الإيجابية والسلبية للعلاقة، بما في ذلك دور الفرد في نهايتها، يمكن أن «تعزز التأقلم والتكيف».

وإذا كنت حالياً في علاقة طويلة الأمد وتبدو سعيدة جداً، فمن المحتمل أن تستمر العلاقة، ولكن قد تكون هناك علامات خطر يجب الانتباه إليها، حيث إن الشعور بأن الأمور تسير على ما يرام ليس ضماناً لاستمرار العلاقة إلى أجل غير مسمّى، بحسب ما ذكره تقرير «سايكولوجي توداي».

بالإضافة إلى ذلك، ونظراً لأهمية الأصدقاء والشبكة الاجتماعية، حاول تجنُّب ما أطلق عليه الباحثون السابقون «الانسحاب الثنائي»، حيث يسمح الناس لأصدقائهم بالابتعاد عنهم، بينما يركزون بشكل متزايد على شريكهم.

خلاصة القول: هناك بالفعل أخبار جيدة من هذه الدراسة تشهد على المرونة التي يمكن أن تظهرها حتى في أصعب مواقف الحياة. يمر معظمنا بهذه التجربة، ومع الدعم الاجتماعي والعاطفي الكافي، يمكننا الاستمرار في تحقيق الرضا في علاقاتنا المستقبلية.


مقالات ذات صلة

بعد مقابلات مع 40 ألف زوج وزوجة... ما أسرار نجاح العلاقة؟

يوميات الشرق أكثر من ثلثي الصراعات في العلاقات تكون دائمة مما يعني أنها لا تختفي أبداً (رويترز)

بعد مقابلات مع 40 ألف زوج وزوجة... ما أسرار نجاح العلاقة؟

أجرى عالما النفس الشهيران جون وجولي غوتمان مقابلات مع 40 ألف زوج وزوجة في محاولة لمعرفة ما الذي يجعل الحب يدوم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق لميس الحديدي أثارت الجدل (لقطة من برنامج كلمة أخيرة على يوتيوب)

إعلامية مصرية تتعرض لهجوم «سوشيالي» بعد مناقشتها وثيقة «تأمين الطلاق»

تعرضت الإعلامية المصرية لميس الحديدي لانتقادات «سوشيالية» عقب مناقشتها قضية «وثيقة تأمين مخاطر الطلاق».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي صورة مثبتة من مقطع فيديو للمحامية وهي تتعرض للضرب من قبل زوج موكلتها

محامية لبنانية تتعرض للضرب والسحل أمام المحكمة على يد زوج موكلتها

موجة غضب يعيشها اللبنانيون بعدما تعرّضت المحامية اللبنانية سوزي بوحمدان، لاعتداء عنيف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق عملية التلف تريح الذاكرة (أ.ف.ب)

آلة طحن ضخمة تتلف صور مُطلّقين صينيين لتوليد الكهرباء

منذ إطلاقها قبل عام، وفّرت الشركة خدماتها لنحو 1100 زبون، لا تتخطّى أعمار معظمهم 45 عاماً، وتشكل ثلثيهم النساء، بينما يفضّل الزبائن إبقاء خطوتهم هذه سرّية.

«الشرق الأوسط» (لانغفانغ (الصين))
آسيا أشخاص يقومون بملء نماذج الطلبات لتقديم شكاواهم خلال حدث في بنغالور بالهند (إ.ب.أ)

استياء مسلمي الهند من إقرار ولاية أوتاراخاند أول قانون موحد للأحوال الشخصية

وافقت ولاية هندية على قانون موحد غير مسبوق للزواج والطلاق والتبني والميراث للهندوس والمسلمين وباقي الأديان، بموجب تشريع جديد.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

طائرة تهبط اضطرارياً في البرازيل بعد جرح ركّاب جراء مطبّات

طائرة «بوينغ 787-9 دريملاينر» في مطار ناتال الدولي في ساو جونكالو دو أمارانتي بولاية ريو غراندي دو نورتي بالبرازيل في الأول من يوليو 2024 (رويترز)
طائرة «بوينغ 787-9 دريملاينر» في مطار ناتال الدولي في ساو جونكالو دو أمارانتي بولاية ريو غراندي دو نورتي بالبرازيل في الأول من يوليو 2024 (رويترز)
TT

طائرة تهبط اضطرارياً في البرازيل بعد جرح ركّاب جراء مطبّات

طائرة «بوينغ 787-9 دريملاينر» في مطار ناتال الدولي في ساو جونكالو دو أمارانتي بولاية ريو غراندي دو نورتي بالبرازيل في الأول من يوليو 2024 (رويترز)
طائرة «بوينغ 787-9 دريملاينر» في مطار ناتال الدولي في ساو جونكالو دو أمارانتي بولاية ريو غراندي دو نورتي بالبرازيل في الأول من يوليو 2024 (رويترز)

أعلنت شركة طيران «إير أوروبا»، أن طائرة من طراز «بوينغ 787-9 دريملاينر» كانت في رحلة من مدريد إلى مونتيفيديو هبطت اضطراريا، الاثنين، في ناتال في البرازيل، بعدما أدت «مطبّات قوية» إلى إصابة عدد من ركابها بجروح، وفق ما أفادت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوضحت الشركة الإسبانية على موقع «إكس»، أن الطائرة «حطّت بشكل طبيعي» في ناتال (شمالي شرق)، وأنه «جرى الاهتمام بالجرحى».

وقال مصدر دبلوماسي في الأوروغواي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن هناك «ما بين 25 و30 جريحاً»، موضحاً أن هذه الحصيلة مؤقتة، وأن البعض غادروا المستشفى الذي نُقلوا إليه.

وأضاف المصدر: «معظمهم أصيبوا بجروح طفيفة، وليست حياة أي منهم في خطر».

وأوضحت وزارة خارجية الأوروغواي أنه «جرى نقل الركاب الذين يحتاجون لرعاية طبية إلى مستشفى مونسنهور وألفريدو غورغيل في ناتال».

وهبطت الطائرة عند الساعة 2:42 صباحاً بالتوقيت المحلي (05:42 بتوقيت غرينتش)، وفق ما ذكرت شركة «مطار زيوريخ برازيل» التي تدير مطار ناتال الدولي، في بيان أرسلته إلى «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي شهر مايو (أيار)، توفي رجل بريطاني يبلغ 73 عاماً، وأصيب عدد من الركاب وأفراد الطاقم بجروح خطيرة جراء مطبّات شديدة خلال رحلة للخطوط الجوية السنغافورية على متن طائرة من طراز «بوينغ 777-300ER».

ويقول العلماء إنّ تغيّر المناخ يسبّب زيادة في المطبّات الهوائية.

ووفق دراسة أجريت عام 2023، زادت المدة السنوية للمطبّات الهوائية بنسبة 17 بالمائة بين عامي 1979 و2020، كما زادت نسبة التعرّض لمطبات شديدة، وهي أكثر ندرة، بنسبة تفوق 50 في المائة.