«مكبرية الحرم‏» صدى الأذان والقرآن من البيت العتيق إلى أصقاع الأرض

25 شاباً سعودياً يتولون تجهيز وإعداد النظام الصوتي لكل صلاة

مع رمضان تستأنف مهمة لا غنى عنها حيث يبدأ النداء في كل ليلة من الشهر الكريم لصلاة القيام (هيئة العناية بالحرمين)
مع رمضان تستأنف مهمة لا غنى عنها حيث يبدأ النداء في كل ليلة من الشهر الكريم لصلاة القيام (هيئة العناية بالحرمين)
TT

«مكبرية الحرم‏» صدى الأذان والقرآن من البيت العتيق إلى أصقاع الأرض

مع رمضان تستأنف مهمة لا غنى عنها حيث يبدأ النداء في كل ليلة من الشهر الكريم لصلاة القيام (هيئة العناية بالحرمين)
مع رمضان تستأنف مهمة لا غنى عنها حيث يبدأ النداء في كل ليلة من الشهر الكريم لصلاة القيام (هيئة العناية بالحرمين)

دقة في المواعيد، والتزام بالمواقيت، ولا مجال للخطأ أو التقصير، في غرفة مكبرية الحرم التي تربط الملايين من ضيوف الرحمن وتضبطهم على قلب رجل واحد، تنادي للصلاة، وتحثّ على رصّ الصفوف، وتبث صوت القرآن في أركان الحرم ومحيطه، ومن ثم إلى العالم أجمع في البث الحيّ والمباشر للصلوات وتفاصيل الحياة في المكان الذي يتوجه إليه المسلمون طوال الوقت. ومع حلول شهر رمضان الكريم، تبدأ رحلة إيمانية متجددة، وتستأنف مهمة لا غنى عنها، حيث يبدأ النداء في كل ليلة من الشهر الفضيل، لصلاة القيام وتنضبط الصفوف، وتلتئم الجماعات، ويتحاذى المصلون، ويستغرقون في صلاتهم مقبلين إلى الله، بلا انقطاع ولا أذى. ومن غرفة مكبرية الحرم، حيث تضبط الأصوات وتدار عملية واسعة تتعامل مع عشرات الأئمة والمؤذنين، تتفاوت أصواتهم في حدتها ونعومتها، في ترتيلها وإيقاعها، يعكف سالمين باكرموم الذي قضى أكثر من 3 عقود، وفريق من العاملين المحترفين في مكبرية الحرم على سلامة الأداء وحفظ آلية انتقال الصوت بسلاسة وانضباط.

وتعمل المكبرية من خلال منظومة متكاملة من الخدمات، وفق عمل مؤسسي، يوجد المؤذن المكلف بالأذان داخل المكبرية قبل الموعد المحدد بنحو ساعة، ولكل صلاة يتوفر مؤذن وملازم ومؤذن احتياط، حيث يقوم المؤذن برفع الأذان والإقامة والتبليغ وهو ترديد تكبيرة الإحرام وتكبيرات الركوع والسجود والتسليمتان بعد الإمام، بينما يقوم الملازم بالنداء للصلاة على الجنائز، حيث تصله المعلومات المتعلقة بالجنائز عقب كل صلاة من خلال شاشة مخصصة لهذا الغرض داخل المكبرية، ترتبط بشكل إلكتروني مع وحدة الجنائز، ويتكفل المؤذن الاحتياط بأداء أعمال المؤذن أو الملازم تحسباً لحالات الطوارئ والظروف غير المتوقعة.

منظومة إلكترونية وصوتية حديثة ومتطورة وعمل فريق محترف ومتخصص في ضمان استقرار واستمرار بث صوت الأئمة والمؤذنين (واس)

تعمل المكبرية من خلال منظومة متكاملة من الخدمات وفق عمل مؤسسي (هيئة العناية بالحرمين)

كيف يرفع الأذان قديماً في الحرمين؟

شهد النظام الصوتي تطوراً مثل بقية الجوانب المتعلقة بالحرمين الشريفين، وذلك للتسهيل على ضيوف الرحمن، ونقل رسالة الحرمين وأثير الصلوات والخطب منها إلى كل بقعة في العالم، وقديماً كانت المنارات التي تتوزع حول الحرم، هي وسيلة النداء بالصلاة، حيث تفتح وقت الأذان وتقفل بعده، ويبدأ الأذان من المنارة الرئيسية ثم يتبعه بقية المؤذنين من المنارات الأخرى.

بينما تقوم المكبرية اليوم بمهمة رفع الأذان في الحرمين على أتم وجه، انطلاقاً من موقعها الأثير داخل الحرم المكي، وما تتمتع به من منظومة إلكترونية وصوتية حديثة ومتطورة، وعمل فريق محترف ومتخصص في ضمان استقرار واستمرار بث صوت الأئمة والمؤذنين، وتغذية شبكة الصوت المكونة مما يزيد عن 7 آلاف سماعة، داخل المسجد الحرام وساحاته والتوسعات الجديدة، والطرقات المحيطة.

25 شاباً سعودياً من المشغلين يتولون تجهيز وإعداد النظام الصوتي لكل صلاة (هيئة العناية بالحرمين)

تفاصيل فريدة للنظام الصوتي

يحكي سالمين باكرموم، مشغل الصوت بالحرم المكي، حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، التي تولى مسؤوليتها منذ 3 عقود، حيث يقول إن المهمة تساوي عدد الملايين من المصلين الذي ينتظمون في جماعة المسجد الحرام وفي زواياه المترامية، مشيراً إلى أن نظام الصوت في الحرم المكي تطور كثيراً وأصبح مداه يصل إلى نحو 2 كيلو متر خارج حدود المسجد.

من الجدير بالذكر أن 25 شاباً سعودياً من المشغلين، يتولون تجهيز وإعداد النظام الصوتي لكل صلاة، بينما يتولى فريق كامل ومتخصص في متابعة وصول الصوت إلى كل زاوية وركن داخل الحرم المكي عند كل تجربة تسبق الصلاة، كما تتولى كاميرات مخصصة متابعة وصول الأئمة وتجهيز النظام الصوتي للعمل خلال الأذان والإقامة، ويتولى الفريق تجهيز ارتفاع لاقط الصوت حسب كل إمام، وأثناء الصلاة يتابع مشغل الصوت اعتدال مستوى الصوت خلال التلاوة والركوع والسجود لكل إمام، وكذلك الحال مع كل مؤذن.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)
المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

أسدل مهرجان «القاهرة السينمائي الدولي» الستار على دورته الـ45 في حفل أُقيم، الجمعة، بإعلان جوائز المسابقات المتنوّعة التي تضمّنها. وحصدت دول رومانيا وروسيا والبرازيل «الأهرامات الثلاثة» الذهبية والفضية والبرونزية في المسابقة الدولية.

شهد المهرجان عرض 190 فيلماً من 72 دولة، كما استحدث مسابقات جديدة لأفلام «المسافة صفر»، و«أفضل فيلم أفريقي»، و«أفضل فيلم آسيوي»، إلى جانب مسابقته الدولية والبرامج الموازية.

وكما بدأ دورته بإعلان تضامنه مع لبنان وفلسطين، جاء ختامه مماثلاً، فكانت الفقرة الغنائية الوحيدة خلال الحفل لفرقة «وطن الفنون» القادمة من غزة مع صوت الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وهو يُلقي أبياتاً من قصيدته «على هذه الأرض ما يستحق الحياة».

وأكد رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، أنّ «الفنّ قادر على سرد حكايات لأشخاص يستحقون الحياة»، موجّهاً الشكر إلى وزير الثقافة الذي حضر حفلَي الافتتاح والختام، والوزارات التي أسهمت في إقامته، والرعاة الذين دعّموه. كما وجّه التحية إلى رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسِّس مهرجان «الجونة» الذي حضر الحفل، لدعمه مهرجان «القاهرة» خلال رئاسة فهمي الأولى له.

المخرجة السعودية جواهر العامري وأسرة فيلمها «انصراف» (إدارة المهرجان)

وأثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعالياته؛ فقالت الناقدة ماجدة خير الله إنّ «عدم حضوره قد يشير إلى وقوع خلافات»، مؤكدةً أنّ «أي عمل جماعي يمكن أن يتعرّض لهذا الأمر». وتابعت لـ«الشرق الأوسط» أنّ «عصام زكريا ناقد كبير ومحترم، وقد أدّى واجبه كاملاً، وهناك دائماً مَن يتطلّعون إلى القفز على نجاح الآخرين، ويعملون على الإيقاع بين أطراف كل عمل ناجح». وعبَّرت الناقدة المصرية عن حزنها لذلك، متمنيةً أن تُسوَّى أي خلافات خصوصاً بعد تقديم المهرجان دورة ناجحة.

وفي مسابقته الدولية، فاز الفيلم الروماني «العام الجديد الذي لم يأتِ أبداً» بجائزة «الهرم الذهبي» لأفضل فيلم للمخرج والمنتج بوجدان موريشانو، كما فاز الفيلم الروسي «طوابع البريد» للمخرجة ناتاليا نزاروفا بجائزة «الهرم الفضي» لأفضل فيلم، وحصل الفيلم البرازيلي «مالو» للمخرج بيدرو فريري على جائزة «الهرم البرونزي» لأفضل عمل أول.

وأيضاً، حاز لي كانغ شنغ على جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم الأميركي «قصر الشمس الزرقاء»، والممثل الروسي ماكسيم ستويانوف عن فيلم «طوابع البريد». كما حصلت بطلة الفيلم عينه على شهادة تقدير، في حين تُوّجت يارا دي نوفايس بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في الفيلم البرازيلي «مالو»، وحصل الفيلم التركي «أيشا» على جائزة أفضل إسهام فنّي.

الفنانة كندة علوش شاركت في لجنة تحكيم أفلام «المسافة صفر» (إدارة المهرجان)

وأنصفت الجوائز كلاً من فلسطين ولبنان، ففاز الفيلم الفلسطيني «حالة عشق» بجائزتَي «أفضل فيلم» ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، ولجنة التحكيم الخاصة. وأعربت مخرجتاه منى خالدي وكارول منصور عن فخرهما بالجائزة التي أهدتاها إلى طواقم الإسعاف في غزة؛ إذ يوثّق الفيلم رحلة الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة داخل القطاع. ورغم اعتزازهما بالفوز، فإنهما أكدتا عدم شعورهما بالسعادة في ظلّ المجازر في فلسطين ولبنان.

وكانت لجنة تحكيم «أفلام من المسافة صفر» التي ضمَّت المنتج غابي خوري، والناقد أحمد شوقي، والفنانة كندة علوش؛ قد منحت جوائز لـ3 أفلام. وأشارت كندة إلى أنّ «هذه الأفلام جاءت طازجة من غزة ومن قلب الحرب، معبِّرة عن معاناة الشعب الفلسطيني». وفازت أفلام «جلد ناعم» لخميس مشهراوي، و«خارج التغطية» لمحمد الشريف، و«يوم دراسي» لأحمد الدنف بجوائز مالية قدّمتها شركة أفلام «مصر العالمية». كما منح «اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي»، برئاسة الإعلامي عمرو الليثي، جوائز مالية لأفضل 3 أفلام فلسطينية شاركت في المهرجان، فازت بها «أحلام كيلومتر مربع»، و«حالة عشق»، و«أحلام عابرة».

ليلى علوي على السجادة الحمراء في حفل الختام (إدارة المهرجان)

وحصد الفيلم اللبناني «أرزة» جائزتين لأفضل ممثلة لبطلته دياموند بو عبود، وأفضل سيناريو. فأكدت بو عبود تفاؤلها بالفوز في اليوم الذي يوافق عيد «الاستقلال اللبناني»، وأهدت الجائزة إلى أسرة الفيلم وعائلتها.

وفي مسابقة الأفلام القصيرة التي رأست لجنة تحكيمها المخرجة ساندرا نشأت، فاز الفيلم السعودي «انصراف» للمخرجة جواهر العامري بجائزة لجنة التحكيم الخاصة. وقالت جواهر، في كلمتها، إن المهرجان عزيز عليها، مؤكدة أنها في ظلّ فرحتها بالفوز لن تنسى «إخوتنا في فلسطين ولبنان والسودان». أما جائزة أفضل فيلم قصير فذهبت إلى الصيني «ديفيد»، وحاز الفيلم المصري «الأم والدب» على تنويه خاص.

كذلك فاز الفيلم المصري الطويل «دخل الربيع يضحك» من إخراج نهى عادل بـ4 جوائز؛ هي: «فيبرسي» لأفضل فيلم، وأفضل إسهام فنّي بالمسابقة الدولية، وأفضل مخرجة، وجائزة خاصة لبطلته رحاب عنان التي تخوض تجربتها الأولى ممثلةً بالفيلم. وذكرت مخرجته خلال تسلّمها الجوائز أنها الآن فقط تستطيع القول إنها مخرجة.

المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

كما فاز الفيلم المصري «أبو زعبل 89» للمخرج بسام مرتضى بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة، بالإضافة إلى تنويه خاص ضمن مسابقة «أسبوع النقاد». ووجَّه المخرج شكره إلى الفنان سيد رجب الذي شارك في الفيلم، قائلاً إنّ الجائزة الحقيقية هي في الالتفاف الكبير حول العمل. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «النجاح الذي قُوبل به الفيلم في جميع عروضه بالمهرجان أذهلني»، وعَدّه تعويضاً عن فترة عمله الطويلة على الفيلم التي استغرقت 4 سنوات، مشيراً إلى قُرب عرضه تجارياً في الصالات. وحاز الممثل المغربي محمد خوي جائزة أفضل ممثل ضمن «آفاق السينما العربية» عن دوره في فيلم «المرجا الزرقا».

بدوره، يرى الناقد السعودي خالد ربيع أنّ الدورة 45 من «القاهرة السينمائي» تعكس السينما في أرقى عطائها، بفضل الجهود المكثَّفة لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا، وحضور الفنان حسين فهمي، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الدورة حظيت بأفلام ستخلّد عناوينها، على غرار فيلم (هنا) لتوم هانكس، والفيلم الإيراني (كعكتي المفضلة)، و(أبو زعبل 89) الذي حقّق معادلة الوثائقي الجماهيري، وغيرها... وكذلك الندوات المتميّزة، والماستر كلاس الثريّة».