الألم المزمن، هو حالة ذات تأثيرات عاطفية هائلة، وقد تكون قاسية على مَن يعانون منها؛ مما يؤثر في جودة الحياة والمزاج والعلاقات والعمل. وقد تم توثيق آثاره النفسية.
ومع ذلك، في دراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس ومكتب شؤون المحاربين القدامى في الولايات المتحدة ونُشرت في «JAMA Network Open»، تم استكشاف الاتجاه المعاكس، إذ ألقت هذه الدراسة نظرة على تأثير المشاعر والإجهاد على الألم المزمن، وكشفت عن إمكانات رائعة لدور العلاج النفسي في الحد من معاناة الألم المزمن، وفق تقرير لموقع «سايكولوجي توداي».
وشارك في الدراسة 126 من قدامى المحاربين الأميركيين الذكور، الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و95 عاماً، وقد أبلغوا جميعاً عن 3 أشهر على الأقل من الألم في نظامهم العضلي الهيكلي، وكان نحو ثلثهم يعاني من «اضطراب ما بعد الصدمة».
قام الباحثون بالتحقيق في آثار علاج جديد نسبياً يُعرف باسم الـ«علاج بالوعي العاطفي والتعبير (EAET)»، وقارنوه بـ«العلاج السلوكي المعرفي التقليدي (CBT)»، حيث تم تعيين نصف المشاركين لكل حالة. تم الجمع بين الجلسات الفردية والجماعية على مدى 9 أسابيع لكل مجموعة من المشاركين.
لقد اكتسبت تقنية «العلاج بالصدمة النفسية (EAET)» أرضيةً واسعةً على مدى السنوات العشر الماضية، وهي تركز بشكل خاص على تجربة الألم. وكما يوحي اسمها، فهي تعتمد على المشاعر أكثر من «العلاج السلوكي المعرفي»، ولا تركز فقط على الإدراك والسلوك، بل تركز أيضاً على الضيق الذاتي الناتج عن التجارب العاطفية السلبية.
وتُعلِّم تقنية «العلاج بالصدمة النفسية (EAET)» المشاركين عن استجابة الإجهاد وتأثيراته على العقل والجسد، وتشجعهم على تجربة هذه المشاعر بطريقة غير مهددة تساعدهم على فهمها بشكل أكبر، بدلاً من محاولة تجنبها. يتم تشجيع المشاركين على التحدث عن مشاعرهم وتذكرها وتجربتها بشكل كامل، بدلاً من التركيز على إعادة ضبط إدراكهم أو القيام بتمارين الاسترخاء لتقليل قلقهم على الفور.
من بين المحاربين القدامى الذين خضعوا لتقنية «العلاج بالصدمة النفسية (EAET)»، أفاد 63 في المائة منهم بانخفاض كبير سريرياً في تجربتهم للألم، واستمرَّت هذه النتيجة بعد 6 أشهر من العلاج.
ومن المدهش أن حالة «العلاج بالصدمة النفسية (EAET)» تفوقت على «العلاج السلوكي المعرفي»، حيث أظهر الأخير تأثيراً كبيراً سريرياً في تقليل الألم بنسبة 17 في المائة فقط من المحاربين القدامى.
ووفق التقرير، قد يكون هذا مفاجئاً بعض الشيء، حيث كان يُعتقد عادةً بأن العلاج السلوكي المعرفي هو العلاج النفسي الأمثل للمحاربين القدامى الذين يعانون من آلام مزمنة، وقد تم تبنيه على نطاق واسع لذلك، لكن آثاره بدت دائماً متواضعة نسبياً.
إضافة إلى ذلك، أفاد المحاربون القدامى في حالة «العلاج بالصدمة» أيضاً بفوائد إضافية، كما هو مأمول، من حيث اضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب ورضا الحياة.
وكما توضح هذه الدراسات وغيرها، فإن التدخلات النفسية حاسمة في دعم أولئك الذين يعانون من آلام جسدية، وقد تكون العلاجات النفسية المطورة حديثاً أكثر فعالية من العلاج السلوكي المعرفي.
في حين ركزت هذه الدراسة على الرجال الأكبر سناً، فقد أظهرت الأبحاث السابقة حول «العلاج بالصدمة» فوائد في الإناث الأصغر سناً اللاتي يعانين من آلام مزمنة أيضاً؛ مما يمنح الأمل في أداة واسعة النطاق محتملة في ترسانة أولئك الذين يقاتلون هذه الحالة الوحشية على أساس يومي.
ووجدت الدراسة أنه من الواضح أن الاتصال بين العقل والجسد ثنائي الاتجاه.