معالجة مصرية لمسرحية «العادلون» تستدعي القضية الفلسطينية

قدم فريق عمل مسرحية «العادلون»، التي تُعرض على «مسرح الطليعة» بوسط القاهرة، معالجة مصرية لرائعة الكاتب الفرنسي ألبير كامو، من خلال توظيف العرض المسرحي الذي يبحث عن ماهية العدالة في استدعاء القضية الفلسطينية.

ما هي العدالة؟ وهل يختلف مفهومها من شخص إلى آخر؟ وما الطريقة المثلى لمواجهة الظلم؟ وهل تصلح الاغتيالات السياسية كوسيلة لاسترداد الحقوق المنهوبة؟ وماذا عن الاعتبارات الإنسانية؟

يطرح النص المسرحي هذه التساؤلات عبر حبكة درامية، تنطلق من نشاط منظمة اشتراكية سرّية نشأت في روسيا أثناء العصر القيصري في القرن التاسع عشر، واتخذت من استهداف رموز المجتمع وسيلة لإنهاء الظلم الطبقي والسياسي، وتحقيق العدالة والمساواة بين الجميع.

الحب يتغلب على الانتقام (مخرج العرض)

وفي أحدث معالجة درامية لهذا النص العالمي برؤية جديدة، يحافظ العرض المصري على الخط الرئيسي للحبكة، مع إجراء تعديلات أبرزها تغيير مسرح الأحداث لينتقل من روسيا القيصرية إلى الأراضي الفلسطينية، وتغيير «الثوار الاشتراكيون» ليصبحوا «عناصر مقاومة الاحتلال».

العرض الذي يستمر حتى الثلاثاء، من بطولة وإخراج محمد فاضل قباني، والمعالجة الدرامية لمحمد عبد الرحمن، وديكور وملابس سماح نبيل، وموسيقى محمد خالد، ويشارك في البطولة رامي نادر، وخالد رأفت، وهدير طارق.

في النص الأصلي، يواجه الثوار الباحثون عن العدالة أزمة أخلاقية تتمثل في وجود أطفال يحيطون بالهدف المزمع اغتياله، وينقسمون حول استكمال العملية من عدمه، وينتصر الرأي المتطرف في النهاية.

في المعالجة المصرية يتكرر المأزق، إلا أن الانتصار هنا يكون للقيم الإنسانية، وتبرز صورة الفدائي «العادل» الذي يسعى لاسترداد حقوقه بعيداً عن الاغتيالات أو الاستسلام لشهوة الانتقام من الأبرياء.

سجال سياسي تنتصر فيه المشاعر (مخرج العرض)

وذكر محمد فاضل قباني أنه «رأى العديد من المعالجات لهذا النص العالمي، لكن لم يخطر ببال أحدهم الخروج من روسيا والذهاب إلى فلسطين لطرح رؤية درامية تتميز بالجسارة والحس العروبي والانحياز للمعاني الإنسانية، في قضية نبيلة وعادلة مثل القضية الفلسطينية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الرسالة التي يحملها العرض، وتتمثل في تحقيق العدالة، ينبغي ألا يحدث هذا على حساب القيم الإنسانية».

وعدّ صاحب المعالجة الدرامية محمد عبد الرحمن «نص (العادلون) أو (الأبرار) لألبير كامو واحداً من أكثر النصوص التي قُدمت على خشبة المسرح»، وأرجع ذلك في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى «ما يحمله من أفكار ورؤى عن الحرية والعدالة، وبالتالي هو يحمل قيمة مضافة حالياً في ظل الصراعات التي يعيش فيها العالم».

وأضاف: «نسعى لإبراز صورة الفلسطيني الذي يسعى بكل شرف وبسالة لتحرير وطنه في مواجهة قوى غاشمة ويواجه حرب إبادة»، مشيراً إلى أن «أكثر ما جذبه في النص هو تناوله جوهر الحرية وتحقيق العدالة، وهل هناك مبادئ يستند إليها من يريدون تحقيق الحرية والاستقلال أو أن القوة وحدها هي التي تحكم منطق الثوار الحالمين».

وعن تحفظ البعض على معالجة نصوص عالمية، في حين أن هناك عشرات النصوص المحلية الجيدة ولا تجد من يلتفت إليها، قال عبد الرحمن إن «الفكرة ليست بالتأكيد في هوية النص بقدر ما تكمن في مضمونه، وهذا بالتأكيد لا يمنع أننا نمتلك نصوصاً عربية رائعة وتستحق تسليط الضوء عليها بشكل أكبر».