الحالة المزاجية تحكم أعمال نازلي مدكور

التشكيلية المصرية تعود إلى الطبيعة عبر معرض «أثير الأرض»

تشكيلات بالأخضر تبعث على الراحة (غاليري بيكاسو)
تشكيلات بالأخضر تبعث على الراحة (غاليري بيكاسو)
TT

الحالة المزاجية تحكم أعمال نازلي مدكور

تشكيلات بالأخضر تبعث على الراحة (غاليري بيكاسو)
تشكيلات بالأخضر تبعث على الراحة (غاليري بيكاسو)

يحمل معرض «أثير الأرض» للفنانة التشكيلية المصرية نازلي مدكور، الذي يُقام حالياً بغاليري «بيكاسو» في حي الزمالك بالقاهرة رؤية مختلفة للطبيعة بشكل عام، والورود بشكل خاص، حيث لم يتم التعبير عنها بأشكال وألوان مباشرة صريحة على النحو التقليدي المألوف.

نازلي مدكور (حسابها على «فيسبوك»)

وتسعى الفنانة نازلي مدكور في معرضها الجديد إلى التعبير عن مضمون الطبيعة، وليس شكلها الخارجي المعتاد، من خلال اللجوء إلى الطابع التجريدي الذي يختزل كثيراً من التفاصيل، ويبقي على دفء وحميمية العلاقة بين البشر والزهور عبر خطوط بسيطة وتكوينات لونية مدهشة.

جاء اسم المعرض معبِّراً للغاية عن فكرته الأساسية التي تتمثل في تخطي المعنى المباشر المتعارف عليه للكوكب وتضاريسه إلى معان فلسفية ووجودية تبحث عما وراء الأشياء. تطوف الأعمال المعروضة بين ما يشبه صحارى قاحلة ووديان عامرة ومقذوفات حمم بركانية وعواصف ترابية، لكن «أثير» تلك المشاهد، أي بُعدها الآخر غير المرئي، هو ما يجعلها تبوح بأسرار الجمال الخاص والحنو البالغ.

التجريد سمة أساسية في المعرض (غاليري بيكاسو)

ويحتوي المعرض على تجربة خاصة من التشكيلات اللونية التي يمتزج فيها الأسود بالرمادي بدرجات الأصفر ليكون المنتج النهائي عبارة عن حالة من الرهافة والإبداع يتوازن فيها الظل والنور والكتلة والفراغ على نحو مدهش.

ويضم المعرض 40 لوحة تنقسم إلى مجموعتين؛ الأولى تتكون من «أكريليك» على قماش، والثانية من «أكريليك وباستيل» على ورق.

وقالت نازلي مدكور لـ«الشرق الأوسط» إنها «في هذا المعرض شعرت بحالة من الحنين للعودة إلى الطبيعة، ولكن على نحو غير شائع أو تقليدي؛ فاستدعت مشاهد عالقة بذاكرتها للنخيل في الصحراء والنيل بأسوان وغيرها».

وأوضحت أن «بيان خصوصية العلاقة بين الإنسان والأرض يعد التوجه الأساسي للمعرض، فالبشر يعتمد سلامهم الروحي ونقاؤهم الداخلي إلى حد كبير على مدى قوة ومتانة علاقتهم بكل ما هو طبيعي مِن حولهم».

مدكور تقول إن الحالة المزاجية تحكم أعمالها (حسابها على «فيسبوك»)

وحول أهمية هذا المعرض في سياق تجربتها الفنية، تشير مدكور إلى أنه «ينطوي على نوع من النضج الفني أو التحول في الرؤية حيث كانت في مراحل سابقة تتناول الطبيعة عبر أعمال (اللاند سكيب) أو المناظر الطبيعة، كما نراها بشكلها المعتاد الخارجي. أما حالياً فيعد المعرض تدشيناً لمرحلة جديدة من الرؤى الفنية تقوم على النظر إلى داخل الطبيعة والتركيز على جوهرها بدلاً من مظهرها».

نازلي تتوسط السيد عمرو موسى والكاتب محمد سلماوي (غاليري بيكاسو)

وشددت على أنها «لا تمارس فن الرسم من خلال توجُّه مسبق واضح محدد الخطوات، وإنما يعتمد الأمر إلى حد بعيد على الحالة المزاجية وتطورات فعل الممارسة الفنية نفسها، فهذا ما يحدد العمل في شكله النهائي ويمنحه هويته المميزة»، مشيرة إلى أن «هذه الحالة من العفوية والتلقائية الإبداعية تنسحب أيضاً، وبشكل كبير، على خياراتها في الألوان التي تخضع إلى المزاج الخاص الذي يتأثر بدوره بالمزاج أو الظرف العام بمكوناته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية».

جماليات جديدة في الألوان (غاليري بيكاسو)

ورأت مدكور أن «الحركة التشكيلية تشهد على الساحة المصرية حالة من الزخم والحيوية، حتى إننا نكاد نجد معرضاً جديداً كل يوم، وهو ما لم يكن متاحاً فيما سبق». وأضافت أنها «تتابع تجارب الفن التشكيلي عند الأجيال الجديدة وتلاحظ ميل الفنانين الجدد إلى الحداثة والتجريب، وهو ما يُعد سلوكاً محموداً».


مقالات ذات صلة

100 لوحة لرائد التصوير محمود سعيد وأصدقائه في معرض بانورامي

يوميات الشرق إحدى لوحات محمود سعيد (الشرق الأوسط)

100 لوحة لرائد التصوير محمود سعيد وأصدقائه في معرض بانورامي

يقدّم المعرض وكتابه التعريفي السيرة الذاتية للفنان وكيف بدأ حياته محباً للرسم، واضطراره للعمل في القضاء تماشياً مع رغبة أسرته التي كانت من النخبة الحاكمة لمصر.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق يستطيع الفنّ أن يُنقذ (إكس)

معرض هولندي زوّاره مُصابون بالخرف

لم تكن جولةً عاديةً في المعرض، بل مثَّلت جهداً متفانياً للترحيب بالزوّار المصابين بالخرف ومقدِّمي الرعاية لهم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق فستان بطراز فيكتوري في معرض «تايلور سويفت... كتاب الأغاني» في متحف فيكتوريا آند ألبرت (أ.ب)

تايلور سويفت تغزو قاعات متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بكتاب الأغاني

تهيمن تايلور سويفت على قاعات متحف عريق مثل «فيكتوريا آند ألبرت» الشهير في لندن الذي يطلق بدءاً من السبت 27 يوليو الحالي عرضاً مخصصاً لرحلتها الغنائية.

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق تعرض روميرو فنها الفريد القائم على النباتات (روميرو)

فنانة إسبانية تطبع الصور على النباتات الحية

تعرض روميرو فنها الفريد القائم على النباتات والذي يدفع الجمهور إلى التساؤل حول استهلاكه المفرط للنباتات، كما يُظهر أنه من الممكن إنتاج الفن بطريقة صديقة للبيئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المربعات الرملية كانت ساحة لألعاب كثيرة حاضرة في المعرض (غاليري صفير- زملر)

«أحلام إيكاروس» عندما تحترق الأجنحة

المعرض وإن كان موضوع ألعاب الأطفال محوره، فهو أشبه بفخّ لذيذ، نستسلم له بداية، لنكتشف أننا كلّما غصنا في معروضاته، وجدنا أنفسنا نسافر بالذاكرة في اتجاهات مختلفة

سوسن الأبطح (بيروت)

السعودية تحقّق هدف 2030 بتسجيل 8 مواقع تراثية بـ«اليونسكو»

قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)
قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)
TT

السعودية تحقّق هدف 2030 بتسجيل 8 مواقع تراثية بـ«اليونسكو»

قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)
قرية «الفاو» ثامن المواقع التراثية السعودية على قائمة «اليونسكو» (واس)

نجحت السعودية في تحقيق مستهدف «رؤية 2030» بتسجيل 8 مواقع تراثية على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، بعد إدراج منطقة «الفاو» الأثرية (جنوب منطقة الرياض)، السبت، وذلك خلال اجتماعات الدورة السادسة والأربعين للجنة التراث العالمي بمدينة نيودلهي الهندية.

وواصلت هيئة التراث سلسلة إنجازاتها بتسجيل المنظر الثقافي لمنطقة «الفاو» بصفته ثامن موقع ثقافي سعودي ذي قيمة عالمية استثنائية للتراث الإنساني، بعد مدينة «الحِجْر» في العُلا، و«حي الطريف» بالدرعية التاريخية، ومنطقة «جدة التاريخية»، والفن الصخري في حائل، و«واحة الأحساء»، ومنطقة «حِمى الثقافية» بنجران، ومحمية «عروق بني معارض».

وقال الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، عبر حسابه على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، إنه بإدراج منطقة «الفاو» الأثرية حقّقت المنظومة الثقافية مستهدف «رؤية 2030» في عدد المواقع السعودية، المسجلة على قائمة التراث العالمي عند 8 مواقع.

ويُسهم نجاح السعودية بتسجيل تلك المواقع على القائمة العالمية خلال السنوات الماضية في اجتذاب مزيد من الضوء على ثراء التراث الطبيعي والبيئي الذي تتمتع به البلاد، ويضاعف من انتباه العالم والزوار إليها، بالإضافة إلى تعزيز العمل لحماية التنوع البيئي، وترجمة مبادراتها النوعية لصون البيئة وحمايتها.

وأكد وزير الثقافة، في تصريح له، أن هذه الخطوة تعكس ما يحظى به التراث السعودي من دعم واهتمام كبيرين من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.

وأضاف أن تسجيل عناصر التراث الثقافي بقوالبه المادية وغير المادية لدى «اليونسكو» يأتي انطلاقاً من عُمق السعودية التاريخي، ويُترجم دورها الريادي في خدمة التراث الإنساني العالمي المشترك، تحت مظلة «رؤية 2030» التي شدّدت على أهمية الاعتزاز بالهوية الوطنية التي يُعد التراث الوطني بجميع قوالبه أحد مكوناتها الرئيسية.

قرية «الفاو» شهدت استيطان عدد من الممالك والحضارات القديمة (واس)

ونوّه الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان بأن «السعودية تدرك أهمية التراث والحفاظ عليه، وتثقيف العالم به؛ لخلق أساسٍ صلب للحاضر، ورسم خريطة طريق للعمل نحو المستقبل»، مبيناً أن الهيئة تدعم جهود تطوير الأصول الوطنية التراثية، وتوليها اهتماماً عالياً؛ لزيادة الوعي بها، والحفاظ عليها، لضمان استدامتها وتناقلها للأجيال القادمة.

وتقع منطقة «الفاو» على أطراف الربع الخالي في محافظة وادي الدواسر جنوب منطقة الرياض، وتمتد على مساحة محمية تبلغ 50 كم2، وتحيطها منطقة عازلة بمساحة 275 كم2، عند تقاطع صحراء الربع الخالي وتضاريس سلسلة جبال طويق التي تشكل ممراً ضيقاً يسمى «الفاو».

وكان الموقع عاصمة مملكة كندة الأولى، التي كان لها دور كبير في الجزيرة العربية من منتصف القرن الأول قبل الميلاد حتى مطلع القرن الرابع الميلادي. ويُعد من أكبر المواقع الأثرية وأشهرها في السعودية، وواحدة من أهمها على مستوى العالم، بما تحمله من إرث ثقافي ومكانة تاريخية.

قرية «الفاو» كانت عاصمة مملكة كندة القديمة في الجزيرة العربية (واس)

وتكمن أهميته -قديماً- بكونه مركزاً تجارياً مهماً، وملتقى قوافل تحمل المعادن والحبوب والنسيج، وهذه نقطة عبور للقوافل التي تبدأ من مملكة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت وحمير متجهة إلى نجران، ومنها إلى قرية «الفاو» ومنها إلى الأفلاج، فاليمامة ثم تتجه شرقاً إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام.

ويتضمّن مظاهر متنوعة فيها تفاعل الإنسان مع بيئته، منها أدلة أثرية تعود إلى عصر فجر التاريخ، ومقابر كبيرة بتشكيلاتٍ واضحة تتوافق مع التصنيفات الأثرية التي تعود إلى فترات زمنية قديمة، كذلك عناصر حضارية ومعمارية تُنسب إلى مدينة القوافل التي وُجدت في القرية، ومنها واحة قديمة احتوت على أنظمة الري، وهي معززة بمجموعة استثنائية من الاكتشافات الأثرية والفنون الصخرية، والنقوش الكتابية القديمة.

وجاء نجاح تسجيل الموقع نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلها وفد السعودية لدى «اليونسكو»، بقيادة «هيئة التراث»، وبالتعاون مع «اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم»، وإمارة منطقة الرياض، و«المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية»، و«جامعة الملك سعود»، و«المجتمع المحلي» لمحافظة وادي الدواسر.

قرية «الفاو» تحمل إرثاً ثقافياً ومكانة تاريخية (واس)

وتبذل الهيئة جهوداً حثيثة للمحافظة على التراث الثقافي الغني للسعودية، والتعريف بمواقعه داخلياً وخارجياً؛ لتعكس الغنى التراثي والتاريخي للبلاد التي تثبت أنها كانت موطناً لكثير من الحضارات الإنسانية المتعاقبة على مر التاريخ.