بين الأمطار والصحراء... القوة النسائية تنقذ سيارات العالقين في ظروف قاسية

«برق للإنقاذ»... مساهمات قيمة في حماية الحياة

TT

بين الأمطار والصحراء... القوة النسائية تنقذ سيارات العالقين في ظروف قاسية

نورة الحميدي قائدة الفريق النسائي «برق للإنقاذ» أثناء سحبها إحدى السيارات العالقة في الصحراء (برق للإنقاذ)
نورة الحميدي قائدة الفريق النسائي «برق للإنقاذ» أثناء سحبها إحدى السيارات العالقة في الصحراء (برق للإنقاذ)

تعد عمليات سحب السيارات المغمورة بالمياه أو المحاصرة في الصحراء تحدياً صعباً يواجهه كثيرون؛ فهذه المواقف تتطلب المهارة والخبرة والتجهيزات اللازمة لإنقاذ السيارات ومُلاكها وإعادتهم سالمين. وفي عالم الإنقاذ والمساعدة، يأخذ الفريق التطوعي «برق» الريادة في تقديم المساعدة للسائقين المحاصرين في تضاريس صعبة أو المغمورين بالمياه، إلا أن ما يجعل هذا الفريق لافتاً للنظر هو أنه يتألف من مجموعة من النساء السعوديات المتحمسات اللاتي قدمن أوقاتهن وجهودهن بلا مقابل لإنقاذ السيارات والأشخاص في المواقف الصعبة.

بداية الرحلة

تأسس فريق «برق» التطوعي بمبادرة قوية وملهمة من رئيس الفريق طلال الشريف، وبعد أن لاحظت مجموعة من النساء العاشقات للسيارات والمغامرات القوة الكبيرة في مجال الإنقاذ، قررن الانضمام إلى الفريق، وتشكيل مجموعة تتألف بالكامل من النساء لمساعدة السائقين والسائقات الذين يواجهون مشكلات في الطرق.

نورة الحميدي، قائدة الفريق النسائي في «برق»، والتي بدأت رحلتها في عالم إنقاذ السيارات العالقة من 4 سنوات، تتذكر مع «الشرق الأوسط» بدايتها قائلة: «رحلتي مع سحب السيارات بدأت من أول يوم قمت فيه بالتسجيل في الفريق، وكان ذلك في موسم هطول الأمطار، الذي تغوص فيه السيارات في الطين، خصوصاً وسط المناطق الصحراوية، وهذه كانت أول تجربة لي في سحب سيارة، ساعدت خلالها أسرة برفقتهم أطفال اطمأنوا لوجودي مع كادر نسائي إلى جانب المتطوعين من الشباب، ما كان له أثر مميز في عملية الإنقاذ».

ويعد فريق «برق للإنقاذ» أول فريق إنقاذ تطوعي سعودي معتمد ومتخصص بالإنقاذ بسيارات الدفع الرباعي المجهزة لأعمال البحث والإنقاذ بوزارة الداخلية والدفاع المدني، وهو أيضاً عضو الاتحاد السعودي للسيارات والدراجات النارية، وعضو الرابطة الدولية للجهود التطوعية، ويضم كوادر مدربة ومؤهلة لتقديم الخدمات الإنسانية والاجتماعية والوطنية.

التدريب والمعدات

تؤكد نورة خلال حديثها أن الأعضاء يتلقون تدريباً شاملاً على سحب السيارات وإجراءات الإنقاذ، وتتضمن هذه التدريبات التعامل مع الأشخاص المفقودين أو المصابين، وإخراج المركبات العالقة بالرمل أو الطين، لا سيما في المناطق الصحراوية والمرتفعة أو الجبلية، وقبل كل عملية إنقاذ تجري دراسة الوضع جيداً وتقييمه لتقديم المساعدة المناسبة بالأدوات المزودة بها سيارات الدفع الرباعي مثل الحبال والونشات، مشددة في الوقت نفسه على ضرورة تجهيز المركبة قبل الخروج لمباشرة البلاغ، والذي يسبقها تعلم كيفية التعامل في الحالات الطارئة، وذلك بوجود حقيبة إسعافات أولية وجوال لا سلكي وشاحن جوال وكميات كافية من الماء والطعام، وأيضاً خريطة لمعرفة الموقع ونظام الملاحة، إلى جانب الأدوات اللازمة لإصلاح السيارات كالإطارات، ومنفاخ كهربائي، إضافة إلى طفاية حريق.

قصص من الواقع

تقول نورة: «القصص التي عايشتها كثيرة، ومنها على سبيل المثال البحث عن أشخاص مفقودين، حيث شاركت مع الدفاع المدني في البحث عن شخص مفقود لأكثر من 10 ساعات، وكذلك قمنا بإنقاذ سائق بعد أن غاصت شاحنته في منطقة صعبة التضاريس مدة يومين، وبعد أن تمكن من الاتصال بمركز العمليات الموحدة 911 انطلق الفريق لمساعدته، وجرى إنقاذه بحمد الله... هناك كثير من القصص التي تعامل معها فريق (برق للإنقاذ) لا يسعنا حصرها».

التعامل مع الضغوط

ويواجه فريق «برق» التطوعي كثيراً من التحديات خلال أدائه مهمته الإنسانية. فهناك حاجة للتعامل مع ظروف جوية صعبة ومواقف طارئة في مناطق نائية يصعب الوصول إليها. مع ذلك، فإن التفاني والشجاعة يدفعانهم لتجاوز تلك الصعاب، وتقديم المساعدة في الوقت المناسب، ولكن ترى نورة أن الفريق يقوم بعمليات الإنقاذ بشكل تطوعي بروح الفريق الواحد لتقديم المساعدة والعون لتحقيق الخير بكل حب ودون مقابل.

ووفق نورة، فإنه من الخطأ السير في المناطق الطينية لأنها موطن للأفاعي والعقارب، مشددة على ضرورة التأكد من صلاحية الإطارات قبل الدخول إلى الرمال، وتقليل نسبة الهواء فيها، وعدم المغامرة بالقيادة بشكل فردي في الصحراء أو الدخول للمناطق الوعرة أو النائية، خصوصاً إذا لم تكن المركبة من سيارات الدفع الرباعي، كذلك عدم الخروج عند إرسال الرسائل النصية من الدفاع المدني أو مركز الأرصاد الجوية لتفادي وقوع أي مشكلة. كما نصحت بالتزام الهدوء في حال حدثت مشكلة للمركبة، وعدم إجهاد النفس والانتظار في المركبة حتى وصول المساعدة وعدم الارتباك، والاتصال بمركز العمليات الموحدة 911؛ لأن أغلب حالات الوفاة تكون بسبب الذعر والخوف.

أثر وتأثير

وتقول نورة: «نحن فريق (برق للإنقاذ) شغوفون ومغامرون، وسياراتنا مجهزة؛ لأن هوايتنا الخروج والقيام بأنشطتنا، أيضاً لدينا رحلاتنا السياحية، ونستغل مهاراتنا في قيادة سياراتنا ذات الدفع الرباعي لتقديم العون والمساعدة في الإنقاذ». وأكدت أنها لم تواجه إطلاقاً أي مشكلة في هذا المجال، مشيدة برؤية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد «2030»، وتخصيص يوم عالمي للعمل التطوعي من شهر ديسمبر (كانون الأول) كل عام، حيث أصبح العمل التطوعي من أولويات و«رؤية المملكة 2030»، وبرنامج التحول الوطني 2020 الذي يحظى باهتمام وتشجيع لكي نحقق الرؤية بالوصول إلى مليون متطوع.

ولفتت إلى أن تأثير فريق «برق» التطوعي يتجاوز مجرد سحب السيارات؛ فوجوده يعزز الوعي المجتمعي بالقوة والقدرة النسائية في مجال الإنقاذ والمساعدة، وبفضل جهودهن تتغير الصورة النمطية عن النساء في المجتمع، ويكتسب النساء الثقة بتحقيق أهدافهن وتجاوز التحديات.

جدير بالذكر أن فريق «برق» التطوعي يمثل قصة نجاح ملهمة للقوة النسائية والتطوعية في مجال سحب السيارات والإنقاذ من خلال تفانيهن وشجاعتهن، وتقديمهن مساهمة قيمة في حماية الحياة، وتوفير المساعدة في الظروف الصعبة. هذا الفريق يلهم النساء الشابات، ويعزز الوعي بأنهن قادرات على تحقيق أي شيء، ويثبت أن القوة الحقيقية لا تعترف بالنوع الاجتماعي.


مقالات ذات صلة

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

يوميات الشرق المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

كرّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في 4 فروع رئيسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

هولندي يروّج للسياحة المصرية بالتجديف في النيل لمدة أسبوع

المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المجدف الهولندي يبدأ رحلته من بني سويف حتى القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

دشن المجدف الهولندي المحترف، روب فان دير آر، مشروع «التجديف من أجل مصر 2024»، بهدف الترويج لمنتج السياحة الرياضية المصرية، حيث تستمر الرحلة لمدة أسبوع، وتبدأ من بني سويف (115 كيلومتراً جنوب القاهرة)، وحتى العاصمة القاهرة.

ويهدف المشروع إلى تسليط الضوء على جمال مصر وتراثها الطبيعي والثقافي المتميز، بالإضافة إلى الترويج لمقوماتها السياحية والأثرية المتنوعة، ورفع الوعى بأهمية الحفاظ على نهر النيل.

المُجدّف الهولندي المحترف روب فان دير آر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق عمرو القاضي، الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، فإن مشاركة الهيئة في هذا الحدث تأتي في إطار حرص الدولة المصرية على التعاون مع سفارات الدول الأجنبية بمصر، ولا سيما في الفعاليات والأحداث التي تلقي الضوء على المقصد السياحي المصري والترويج لمقوماته ومنتجاته السياحية المتنوعة والمختلفة.

ولفت القاضي إلى أن «هذه النوعية من الأحداث تخاطب شريحة من المهتمين بمنتج السياحة الرياضية بصفة عامة ومنتج سياحة المغامرات بصفة خاصة، كما أنها تتماشى مع الاستراتيجية الترويجية للهيئة التي تهدف إلى الترويج لمقومات مصر السياحية، علاوة على الدور المجتمعي الذي تقوم به الهيئة في التعاون مع المؤسسات الخيرية».

جدير بالذكر أن هذا المشروع يتم تنفيذه بالتعاون والتنسيق بين سفارة دولة هولندا في القاهرة، ومؤسسة مجدي يعقوب للقلب، وشركة Aspire، وتحت رعاية عدد من الوزارات.

مشروع «التجديف من أجل مصر 2024» يهدف إلى الترويج للسياحة الرياضية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويتوقع وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، الوصول إلى هدف «30 مليون سائح سنوياً» بحلول عام 2031 إذا لم تحدث متغيرات جيوسياسية جديدة بالمنطقة»، وفق تعبيره.

وقال إن «الاستراتيجية التي أعلنتها الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية -30 مليون سائح بحلول عام 2028- كانت طَموحة للغاية، ولم تضع في حسبانها الأزمات السياسية والعسكرية التي أثّرت تداعياتها على دول المنطقة والعالم».

ورغم ذلك توقع الوزير أن يشهد العام الحالي زيادة في أعداد السائحين القادمين إلى مصر، ليكون 15.2 مليون سائح في 2024، مقارنةً بـ14.906 مليون سائح عام 2023.