زيارة إردوغان لقبر الإمام الشافعي تلقى تفاعلاً واسعاً بالقاهرة

السيسي وقرينته يصطحبان إردوغان وقرينته في زيارة إلى مسجد الإمام الشافعي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي وقرينته يصطحبان إردوغان وقرينته في زيارة إلى مسجد الإمام الشافعي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

زيارة إردوغان لقبر الإمام الشافعي تلقى تفاعلاً واسعاً بالقاهرة

السيسي وقرينته يصطحبان إردوغان وقرينته في زيارة إلى مسجد الإمام الشافعي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي وقرينته يصطحبان إردوغان وقرينته في زيارة إلى مسجد الإمام الشافعي بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

أثارت زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مسجد وقبر «الإمام الشافعي» بالقاهرة اهتماماً واسعاً، فيما تساءل كثيرون عن أسباب الزيارة، التي جمعت الرئيسين المصري والتركي، برفقة قرينتيهما انتصار السيسي وأمينة إردوغان.

واصطحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نظيره التركي، مساء الأربعاء، في زيارة إلى مسجد وضريح الإمام الشافعي، عقب جلسة مباحثات سياسية، هي الأولى للرئيس التركي في القاهرة منذ 11 عاماً.

ويحظى محمد بن إدريس الشافعي، ثالث أئمة المذاهب السنية الأربعة للفقه الإسلامي، بأهمية دينية وشعبية في مصر، فرغم أنه لم يقض سوى أربع سنوات فقط في مصر، التي دُفن فيها عام 820 ميلادياً، فإن مسجده وقبره احتفظا بقدسية ومكانة كبيرة لدى المصريين.

وأثارت زيارة إردوغان للضريح، الذي يقع في حي الخليفة (جنوب القاهرة)، تفاعلاً عبر مواقع التواصل، وكذلك تساؤلات بشأن البعد المذهبي لزيارة الرئيس التركي «الحنفي المذهب» لمسجد الإمام الشافعي.

وأبدى إردوغان سعادته بزيارة معالم القاهرة التاريخية والإسلامية، مؤكداً اعتزازه البالغ بحضارة الشعب المصري العريق.

ووفق الكاتب والباحث المصري المهتم بالتراث، محمود التميمي، فإن هناك دلالات رمزية واسعة لمثل تلك الزيارات، كالتي ارتبطت بزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لمسجد «السلطان حسن» خلال زيارته التاريخية لمصر، وتحمل تلك الزيارات لأماكن لها عمق إسلامي وتاريخي رسائل بروتوكولية مهمة، ولها منطق خاص تلعب فيه الثقافة دوراً سياسياً بارزاً.

ويضيف التميمي لـ«الشرق الأوسط» أن «تلك الزيارة هي محاولة من الرئيس التركي للبحث عن مشترك أوسع بين مصر وتركيا من ضيق التنظيم الإخواني، الذي جعله معزولاً لسنوات طويلة عن مصر، فدعم إردوغان لجماعة الإخوان المسلمين (المحظورة في مصر رسمياً) وصل به للعداء مع مصر... بينما تبعث زيارته لـ(الشافعي) برسالة مفادها أنه منتم للمشروع الإسلامي كله، وليس لجماعة بعينها».

ويشير التميمي إلى أن إردوغان قام بزيارة «أحب أئمة الفقه لدى المصريين، وذهب لزيارة فِكر الإمام الشافعي، الذي تعلق به المصريون ليس فقط لأنه عاش في مصر، لكن لأنه راعي وسطية أهل مصر، وفيما بعد صار قبره مقصداً للزوار والمتشفعين».

ويستبعد الباحث في شؤون الآثار المصرية، عبد الرحمن الطويل، أن تكون زيارة إردوغان لمسجد الإمام الشافعي غرضها مشروع مقبل للترميم، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «انتهى مسجد الإمام الشافعي من عملية ترميم كبيرة ومشهود لها بالكفاءة قبل سنوات، فمن المستبعد أن يكون هناك حديث عن ترميم تركي قريب للمسجد، لكن يمكن أن يصبح المسجد ساحة للتقارب المصري التركي عبر أنشطة رمزية أخرى».

ويضيف الطويل «في ظني أن إردوغان يسعى لاستعادة العلاقة بمصر وتحسينها، ويؤكد على الدائرة الأهم التي تجمع تركيا بمصر وهي الدائرة السنية، والإمام الشافعي أهم رمز سني له ضريح في القاهرة بافتراض أن أضرحة آل البيت من الممكن ألا تكون في منزلة الإجماع السني نفسها على الشافعي لأسباب مختلفة، قد يكون إردوغان بنى اختياره عليها».

ويتابع: «الرئيس التركي يبحث عن تأكيد متانة العلاقة بمصر عبر اشتراكهما في الدائرة السنية، تحديداً من خلال زيارة أشد رموز السنة المدفونين في مصر تأثيراً».

وخضع مسجد الإمام الشافعي لعملية ترميم واسعة استمرت 5 سنوات، وتم افتتاحه نهاية عام 2020، تحت إشراف وزارة السياحة والآثار المصرية.


مقالات ذات صلة

المتحف المصري ينشر صورة نادرة للأميرة ديانا أمام تابوت «الملك توت»

يوميات الشرق المتحف المصري يحتفي بزيارة الأميرة ديانا لتوت عنخ آمون (المتحف المصري)

المتحف المصري ينشر صورة نادرة للأميرة ديانا أمام تابوت «الملك توت»

في إطار استعادة الكنوز المصرية والترويج لها عالميا، نشر المتحف المصري بالتحرير صورة أرشيفية نادرة تعرض لأول مرة للأميرة ديانا، أميرة ويلز، أثناء زيارتها للمتحف.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق المتحف المصري الكبير يفتتح رسمياً في 3 يوليو (تموز) المقبل (وزارة السياحة والآثار)

مصر لتعزيز استثماراتها السياحية بإقامة المتاحف وزيادة الغرف الفندقية

تراهن مصر على عدة محاور لتعزيز استثماراتها في قطاع السياحة، بما يساهم في زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر في هذا القطاع.

محمد الكفراوي (القاهرة )
ثقافة وفنون حصان صلصالي من مقبرة الحجر، يقابله رأس حصان مشابه من قلعة البحرين

حصان صلصالي من مقبرة الحجر الأثرية في البحرين

يحتفظ متحف البحرين الوطني بمجموعة متنوعة من التماثيل الصغيرة المنجزة بتقنية الطين المحروق

محمود الزيباوي
يوميات الشرق الأقصر تعج بأسرار الحضارة المصرية القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تكشف أسرار «توابيت الأطفال» بالأقصر

تسعى وزارة السياحة والآثار المصرية إلى كشف أسرار توابيت الأطفال التي تم اكتشافها مؤخراً في منطقة العساسيف بالأقصر (جنوب مصر).

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق جانب من مشروع مركز شمالات الثقافي بالدرعية (مركز شمالات الثقافي)

«مركز ثقافي» في الرياض و«إسنا» المصرية ضمن جائزة «الآغاخان» للعمارة

اختارت مؤسسة «الآغاخان» مشروعي «مركز شمالات الثقافي» بالدرعية التابعة لمنطقة الرياض في المملكة العربية السعودية، ضمن القائمة القصيرة لجائزتها في العمارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هل تتأثر «الانتعاشة السياحية» المصرية بالتصعيد الإسرائيلي - الإيراني؟

تأجيل الافتتاح الرسمي للمتحف الكبير بسبب التصعيد العسكري بالمنطقة (إدارة المتحف)
تأجيل الافتتاح الرسمي للمتحف الكبير بسبب التصعيد العسكري بالمنطقة (إدارة المتحف)
TT

هل تتأثر «الانتعاشة السياحية» المصرية بالتصعيد الإسرائيلي - الإيراني؟

تأجيل الافتتاح الرسمي للمتحف الكبير بسبب التصعيد العسكري بالمنطقة (إدارة المتحف)
تأجيل الافتتاح الرسمي للمتحف الكبير بسبب التصعيد العسكري بالمنطقة (إدارة المتحف)

في أولى تداعيات التصعيد الإسرائيلي - الإيراني أعلنت الحكومة المصرية تأجيل افتتاح «المتحف المصري الكبير» لنهاية العام الحالي، كما شكلت مصر غرفة عمليات لمتابعة التداعيات المتلاحقة للتصعيد الإسرائيلي - الإيراني الأخير. وتباينت الآراء بشأن تأثير الأحداث على ما حققته القاهرة من «انتعاشة سياحية»، في الآونة الأخيرة، راهنين حجم التأثير على الإيرادات السياحية بمدى تصاعد التوترات في المنطقة.

وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، السبت، تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير إلى الربع الأخير من العام الحالي، وقال، في تصريحات صحافية، إن «الحكومة تضع كل السيناريوهات في حال تصاعد الصراع».

وأوضحت وزارة السياحة والآثار، في إفادة رسمية السبت، أنه «في ضوء تطورات الأحداث الإقليمية الراهنة، فقد تقرر إرجاء الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، الذي كان مقرراً في الثالث من يوليو (تموز) المقبل»، مشيرة إلى أنه «سيتم تحديد موعد جديد للافتتاح الرسمي للمتحف خلال الربع الأخير من العام الحالي، على أن يتم الإعلان عنه في الوقت المناسب، وذلك بعد التنسيق مع جميع الجهات المعنية لضمان تنظيم فعالية تليق بمكانة مصر السياحية والثقافية على الساحة الدولية».

ووفق الإفادة فإن «هذا القرار أيضاً جاء انطلاقاً من المسؤولية الوطنية للدولة المصرية، وحرصها على تقديم حدث استثنائي عالمي في أجواء تليق بعظمة الحضارة المصرية وتراثها الفريد، وبما يضمن مشاركة دولية واسعة تواكب أهمية الحدث».

توقعات متباينة بشأن تأثر السياحة في مصر بالتصعيد الإيراني - الإسرائيلي (الشرق الأوسط)

وكان من المقرر إغلاق المتحف منتصف الشهر الحالي تمهيداً للافتتاح، لكن في ضوء التأجيل، سيواصل المتحف استقبال زائريه في المناطق التي شهدت افتتاحاً تجريبياً منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وحتى اقتراب موعد الافتتاح الرسمي الجديد.

وسبق أن تأجل افتتاح المتحف أكثر من مرة، بسبب تداعيات جائحة (كوفيد - 19)، وحرب غزة. ويعرض المتحف للمرة الأولى المقتنيات الكاملة للفرعون الذهبي «توت عنخ آمون»، منذ اكتشاف مقبرته في نوفمبر (تشرين الثاني) 1922، إضافة إلى مجموعة مميزة من الآثار المصرية. وكانت مصر تتوقع أن يساهم المتحف في تنشيط السياحة وزيادة عائداتها.

وعلى صعيد التداعيات السياحية للتصعيد، أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، في إفادة رسمية مساء الجمعة، عن تشكيل غرفة عمليات لمتابعة الحركة السياحية بمختلف المقاصد المصرية في ضوء التداعيات المتلاحقة الناتجة عن تطورات الأوضاع الإقليمية.

أهرامات الجيزة (الصفحة الرسمية لوزارة السياحة والآثار)

وبحسب الإفادة فإن «غرفة العمليات التي يتابع عملها وزير السياحة والآثار شريف فتحي تتولى التنسيق مع الجهات المعنية داخل مصر وخارجها بشأن حركة الطيران وعودة حجاج السياحة البريين، وتضم ممثلين عن الإدارات المركزية لشركات السياحة، والمنشآت الفندقية والمحال والأنشطة السياحية، إلى جانب وحدة الطيران بالوزارة».

كما «تتابع الغرفة أيضاً أوضاع السائحين الموجودين في مصر من مختلف الدول التي تم إغلاق مجالاتها الجوية تأثراً بالأحداث»، وفق الإفادة التي أكدت أن «وزيري السياحة والآثار والطيران المدني المصريين يتابعان المستجدات من كثب، للوقوف على أي تطورات».

وشهدت منطقة الشرق الأوسط إغلاقاً واسعاً لعدد من المجالات الجوية الحيوية بعد بدء الضربات الإسرائيلية على منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية في إيران فجر الجمعة. ما أدى إلى شلل مؤقت في حركة الطيران، خصوصاً في أجواء، إسرائيل، وإيران، والعراق، والأردن، وسوريا.

وأوضح مصدر مطلع بوزارة السياحة والآثار لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزارة تتابع تطورات المشهد الإقليمي لتقييم تأثيره على حركة السياحة»، مشيراً إلى أنه «حتى الآن لم يتم إلغاء أي حجوزات سياحية». وقال: «مصر استطاعت على مدار العام الماضي تجاوز اضطرابات جيوسياسية كان من المتوقع أن تلقي بظلالها على معدلات السياحة».

ولا يعتقد الخبير السياحي محمد كارم أن حركة السياحة في مصر ستتأثر بالتصعيد الأخير. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حركة السياحة بين مصر وكل من إيران وإسرائيل ليست كبيرة»، لكنه أشار إلى أن «مدناً مثل طابا ونويبع قد تشهد تراجعاً في الإشغالات الفندقية وهذا أمر طبيعي مرتبط بالأحداث».

أحد مباني القاهرة التاريخية بوسط القاهرة (الشرق الأوسط)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية (فنادق وكامبات) في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

في المقابل، توقع الخبير السياحي أحمد عبد العزيز أن «تتأثر حركة السياحة القادمة لمصر، لا سيما إذا تصاعدت الأحداث أكثر من ذلك». وقال إن «التأثر لن يكون بسبب خوف الناس من السفر بل بسبب إيقاف الرحلات في بعض مطارات دول المنطقة».

وأوضح عبد العزيز أن «عدداً من الرحلات لم تتم منذ بدء التصعيد بسبب إيقاف حركة الطيران في مطارات عربية، بالأردن والعراق».

وبينما أشار عبد العزيز إلى أن تحذيرات السفر الدولية بشأن التوترات في المنطقة لا تشمل مصر، قال إن «عدداً من البرامج السياحية الدولية لا سيما تلك القادمة من أميركا اللاتينية تكون برامج ثلاثية تشمل الأردن وإسرائيل ومصر»، متوقعاً أن «تشهد هذه البرامج تراجعاً في الفترة المقبلة ما سيؤثر بالتبعية وبشكل غير مباشر على عائدات السياحة المصرية».

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية، 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقمٍ تحققه البلاد في تاريخها. وقال رئيس الوزراء المصري في إفادة رسمية في فبراير (شباط) الماضي: «لولا الاضطرابات الإقليمية التي تحيط بمصر لارتفع هذا الرقم إلى 18 مليون سائح».

معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل (الشرق الأوسط)

وأكد كارم أنه على مدار العام الماضي ورغم الاضطرابات السياسية في المنطقة شهدت مصر «انتعاشة سياحية» ما يؤكد أنها «لن تتأثر بالتصعيد الأخير»، على حد قوله.

وتجاوزت السياحة المصرية اضطرابات تشهدها المنطقة مسجلة أرقاماً قياسية هذا العام. ووفق إفادة لمجلس الوزراء المصري، سجلت أعداد السياحة الوافدة للبلاد زيادة بنسبة 25 في المائة منذ بداية العام الحالي.

مدينة القاهرة التاريخية تجتذب الكثير من السائحين (الشرق الأوسط)

وكانت مصر تستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028 عبر استراتيجية أعلنتها الحكومة سابقاً، لكنها عادت وعدلت الاستراتيجية ورحّلت هدفها إلى عام 2031.

ويعد قطاع السياحة ركناً أساسياً للاقتصاد المصري، ومصدراً مؤثراً في توفير العملة الصعبة، وفرص العمل. ووفق بيانات البنك المركزي المصري بلغت عائدات السياحة خلال عام 2024 نحو 15.3 مليار دولار، مقابل 14.1 مليار دولار في 2023.