للصالون السنوي للعرافين في باريس شعبية تكاد تتفوق على الفعاليات الثقافية والملتقيات العلمية. ويختتم الصالون دورته الحالية في باريس، اليوم، بعد أن زاره أكثر من 15 ألف شخص خلال عطلة نهاية الأسبوع. ويبلغ عدد المنجمين والعرافين وقراء البخت 100 ألف، في البلد الذي كان رائداً في العقلانية وموطن عالم المنطق ديكارت، صاحب النظرية الشهيرة: أنا أفكر إذاً أنا موجود.
وحسب إحصائية نُشرت العام الماضي فإن 26 في المائة من الفرنسيين يؤمنون بالعرافين والبصارات، وقد استشاروهم ولو مرة واحدة في حياتهم. أي بزيادة 8 نقاط على ما كان عليه الحال قبل 20 عاماً. وهذه النسبة تزداد لدى النساء لتبلغ 29 في المائة مقابل 23 للرجال. وفي العموم فإن 60 في المائة من الفرنسيين يأخذون علم التنجيم على محمل الجد، وكذلك قراءة الطالع عبر ورق «التارو».
وقد ساعد انتشار وسائل التواصل في رواج المهنة، حيث يمكن الاشتراك لدى عرّاف يرسل لزبائنه طالعهم أسبوعياً أو شهرياً، مقبل مبلغ محدد لا يقل عن 200 يورو وقد يصل إلى 1000، حسب شهرة قارئ الطالع. وهناك مَن يطلب استشارة يومية يفتتح بها صباحه ويتحرك ويأخذ قراراته بموجبها. والزبائن خليط من أعمار ومهن مختلفة؛ بينهم القاضي والطبيب والنجم السينمائي وحتى الوزير. وعُرف عن الرئيس الأسبق فرنسوا ميتران أنه كان يستشير عرافته الخاصة ويدعوها أحياناً لتناول الفطور معه في «الإليزيه».
تلجأ كثيرات من الفرنسيات إلى قارئات الطالع لطرح أسئلة تدور في الغالب حول العلاقات العاطفية واستمرارية العلاقة أو انقطاعها. وهذا النوع من الزبونات يفضل اللقاء المباشر أو المحادثة الهاتفية لأنه يحتاج إلى الكلام والفضفضة. وبهذا يرى خبراء اجتماعيون أن البصارة تقوم مقام الطبيب النفسي في بعض الأحيان.
وفي حين تنتشر لدى العرب ظاهرة قراءة الفنجان فإن الفرنسيين يميلون للبلّورة وقراءة الورق وحركة البندول وأحياناً خطوط الكف، أو للتنبؤ المجرد الذي يبدو العراف فيه كأنه يقرأ من صفحة في الغيب. وعدا عن الهموم العاطفية فإن مشكلات العمل وآفاقه تأتي في الدرجة الثانية من استشارات الزبائن. ثم تتراوح الاهتمامات بين تحديد مكان قطة مفقودة ونجاح حمية لخسارة الوزن الزائد. أما أعمار مرتادي عيادات العرافين فإنها تبدأ من 18 عاماً حتى 70 عاماً. مع زيادة ملحوظة بين من يبلغون 40 إلى 45 سنة.