مسرحية «اتنين بالليل» دعوة للشباب اللبناني إلى التفاؤل

 «ميوزيكال» في قالب كوميدي

إطلالة جوزيان بولس في العمل تزوده بنكهة خاصة (جوزيان بولس)
إطلالة جوزيان بولس في العمل تزوده بنكهة خاصة (جوزيان بولس)
TT

مسرحية «اتنين بالليل» دعوة للشباب اللبناني إلى التفاؤل

إطلالة جوزيان بولس في العمل تزوده بنكهة خاصة (جوزيان بولس)
إطلالة جوزيان بولس في العمل تزوده بنكهة خاصة (جوزيان بولس)

جرعة من الطاقة الإيجابية، وابتسامة عريضة، يزوّدك بها عرض مسرحية «اتنين بالليل» على مسرح «مونو» في بيروت. موضوع المسرحية يدور حول حالة الشباب اليائس والمحبط، إلى حد التفكير بالانتحار. بطلا العمل هما يارا أنطون وجوليان شعيا، من جيل مسرح الشباب النابض بالحيوية والديناميكية.

«اتنين بالليل» فسحة كوميدية يحتاجها اللبناني اليوم (جوزيان بولس)

أمّا كاتبها ومخرجها فهو سامر حنّا. وينضمّ عنصر تمثيلي ثالث إلى العمل من رعيل المسرحيين المحترفين، وهي جوزيان بولس، التي ترسم بحضورها لوحة فنية تمزج بين مدرستين مختلفتين. ويلمس مُشاهد المسرحية بسرعة أهمية هذا التعاون الذي يمدّ جسر تواصل ممتع بين جيلين.

ومع الكاتب وائل (جوليان شعيا)، المتشائم الذي يستعدّ لإنهاء حياته، يُفتتح المشهد الأول. ومن ثمّ تدخل إلى حياته جارته ليزا (يارا أنطون) المفعمة بالحيوية، وبشخصيتها العفوية تنثر حوله موجات إيجابية يتوقف أمامها لا شعورياً، فتوّلد عنده تفكيراً مختلفاً يأخذ منحى تفاؤلياً بعدما يقع في حبها. وتطلّ أم وائل (جوزيان بولس) المثقفة والباردة، لتكتشف بدورها أهمية العلاقات الإنسانية.

جوليان شعيا يجسد دور الشاب اليائس من حياته (جوزيان بولس)

يقول مخرج وكاتب العمل، سامر حنا، إنه استوحى موضوع المسرحية من حالات إحباط تحيط به، فرغب بتفريغها في قالب كوميدي ليُسهم في تغيير المشهد العام عند شباب اليوم.

كوميديا مرفقة بلوحات غنائية تُبهج القلب، لأن الموسيقى تزوّدنا بالفرح، وبإمكانها أخذ سامعها إلى عالم نابض.

خلال نحو ساعة من الوقت يُتابع الحضور مجريات المسرحية، والابتسامة لا تفارق ثغره. لا ملل ولا روتين يتسربان إلى المتفرج بفضل المؤدين الثلاثة، حيث الموهبة الشابة يارا أنطون (ليزا)، وهي عنصر يحتاجه المسرح كي يستعيد شبابه بعد فترة ركود فُرضت عليه، فتلون الخشبة بأداء ديناميكي بحيث لا تكفّ عن الحركة طيلة عرض العمل. صاحبة طاقة تمثيلية لا حدود لها، تجذب مشاهدها بخفة ظلّها وطرافتها وتمثيلها المتمكن. وفي اللوحات الغنائية التي يشارك فيها الثلاثي؛ بولس وأنطون وشعيا، تتألق الجلسة أكثر فأكثر. فالموسيقى مباشرة تعزفها فرقة مؤلفة من أنطوني يوسف، ووجيه سعادة، وميسا أبو شروش، موجودة في الطابق العلوي للمسرح مباشرة من دون ضوء يُسلّط عليها، فيتسلل عزفها إلى القلب بلا ضجيج. فالمخرج أراد بذلك أن تكون الموسيقى العنصر الغامض والمؤثّر.

من ناحيته، يجسّد جوليان شعيا دور الشاب اليائس المصاب بانهيار عصبي، يقنع الحضور بتركيبة شاب آيل إلى الانتحار بعد أن فقد الأمل، نراه مرتبكاً يعدّ الساعات التي تفصله عن الحياة. وتنقلب شخصيته رأساً على عقب إثر دخول ليزا حياته. يتسلّل الأمل رويداً إلى أفكاره ومشاعره بفعل وقوعه بالحب.

يارا أنطون تضفي ديناميكية على العمل بأداء محترف (جوزيان بولس)

وتتبدل حالته ولغة جسده لتولد شاباً مندفعاً متمسكاً بحبه إلى آخر حدٍّ، ومن دون مبالغة في الأداء.

إطلالة جوزيان بولس بدور «أم وائل» تضفي على المسرحية نكهة خاصة. فيستمتع الحضور بمشاهدتها تؤدي دور الأم المتفهمة لابنها، لكن على طريقتها. فهي تُسهم في تراجع حالته النفسية بسبب برودة مشاعرها نحوه، ومتأكدة أنه لا أمل من تغييره، وتتفاجأ بالتبديل الذي يحدثه الحب على شخصيته. يوصل العمل رسالة مبطنة لكل أمّ تكتفي بالانتقاد وتوجيه الملاحظات لولدها، فيفتقد بذلك حضنها الدافئ الذي يحتاجه في أوقات حرجة.

تطبع مسرحية «اتنين بالليل» مشاهدها بالإيجابية بكل عناصرها الفنية، وتتيح له الانتقال إلى مسرح توّاقٍ إلى زرع الأمل في نفوس شباب اليوم.

لا أحكام مسبقة، ولا مبادئ تُفرض، إذ بإيقاعٍ تصاعدي، يُتيح العمل للمتفرّج فرصة النظر إلى حياته من منظار آخر.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

فيصل بن سلمان يشكر أسرة سلمان الشبيب على إهداء مكتبة والدهم إلى «المكتبة الوطنية»

الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
TT

فيصل بن سلمان يشكر أسرة سلمان الشبيب على إهداء مكتبة والدهم إلى «المكتبة الوطنية»

الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)

قدّم الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية، شكره وتقديره لورثة سلمان بن حمود الشبيب، على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى المكتبة الوطنية.

وأشاد الأمير فيصل بن سلمان خلال لقائه أسرة الشبيب، بهذه المبادرة التي من شأنها دعم مقتنيات المكتبة الوطنية وإثراء محتواها الثقافي بما فيه خدمة الباحثين والمستفيدين، مؤكداً أن مقتنيات المكتبة المهداة ستحظى بالعناية اللازمة التي تمكن الباحثين من الاستفادة منها على أفضل وجه.

يذكر أن المكتبة المهداة تحوي عدداً من الدوريات والمجلات الرائدة منذ العدد الأول، أبرزها مجلة المقتطف (1876م)، ومجلة الهلال (1892م)، إضافة إلى عدد من نفائس الكتب في شتى مجالات العلوم والمعارف، فالراحل كان دبلوماسياً ومؤلفاً ومشتغلاً بالكتب وصاحب «دار الإصدارات» أحد أقدم دور النشر في الرياض، كما أضاف إلى المكتبة العربية عدداً من الكتب والمؤلفات المترجمة.

وفي نهاية اللقاء منح الأمير فيصل بن سلمان شهادة تقديرية من مكتبة الملك فهد الوطنية، لعائلة الشبيب مقدمة من المكتبة؛ تقديراً لهم على مبادرتهم.

وسلمان الشبيب، دبلوماسي ومؤلف وصاحب «دار الإصدارات» أحد أقدم دور النشر في الرياض، توفيّ في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، في العاصمة الفرنسية باريس، ودُفن بالرياض.

وأثرى الراحل المكتبة العربية مؤلفاً ومترجماً لعدد من الكتب التي حققت شهرة على مستوى العالم، من أهمها: «عهود خالدة - من الإرث التاريخي في المعاهدات»، و«قاموس في الدبلوماسية».

كما ترجم الراحل الشبيب كتاب «ممارسة الدبلوماسية - تطورها ونظرياتها وإداراتها»، لكيث هاميلتون وريتشارد لانجهورن، وعدت الترجمة العربية للكتاب هي الوحيدة، والأشهر، وغطى الكتاب البدايات الأولى للعمل الدبلوماسي في الشرق القديم، والإمبراطورية الرومانية والحضارات العربية القديمة إلى مرحلة التطور والتوسع الدبلوماسي ومراحله الانتقالية إلى اليوم.