متاحف باريس تستخدم التقنيات الحديثة لاستقطاب الشباب

دون تخلّيها عن التجربة التقليدية للزوّار

زوار داخل متحف أورساي في باريس (أ.ف.ب)
زوار داخل متحف أورساي في باريس (أ.ف.ب)
TT

متاحف باريس تستخدم التقنيات الحديثة لاستقطاب الشباب

زوار داخل متحف أورساي في باريس (أ.ف.ب)
زوار داخل متحف أورساي في باريس (أ.ف.ب)

تلجأ المتاحف في باريس إلى التجارب الغامرة والذكاء الاصطناعي بهدف استقطاب الفئة الشابة، لكن من دون تخلّيها عن التجربة التقليدية للزوّار في الاطلاع على الأعمال الفنية.

لوحة «المظلة» للفنان فرنسيسكو خوسيه دي غويا (إ.ب.أ)

وتقول كلويه سيغانو لوكالة الصحافة الفرنسية، وهي رئيسة قسم العروض الحيّة في مركز بومبيدو الذي يشكل متحفاً كبيراً للفن الحديث، ووجهة ثقافية رائدة في استخدام التقنيات الجديدة، إنها «لغة الأجيال الجديدة... مَن وُلدوا في ظل العصر الرقمي، ويرون أنّ ثمة نقصاً ما في أي صالة لا تضمّ تكنولوجيا حديثة».

وبينما تخصص عدد من المراكز الثقافية الخاصة على غرار «لاتولييه دي لوميير» بالتكنولوجيات الحديثة، وتنكب على تطوير معارضها الرقمية العملاقة في مختلف أنحاء العالم، لا تُستخدم التقنيات الحديثة بشكل متواصل في المراكز الرسمية.

بدأ متحف اللوفر يستخدم التقنيات الحديثة بصورة محدودة في عام 2019، مع اعتماد تقنية للواقع الافتراضي جعلت ليوناردو دافينشي يتحدّث عن الموناليزا وأعماله الأخرى. ومنذ أكتوبر (تشرين الأول)، بات بإمكان زوار أكبر متحف في العالم اكتشاف بعض الأعمال المصرية القديمة باستخدام هواتفهم الذكية واستناداً إلى تقنية الواقع المعزز، ما أتاح إضافة معلومات بشكل مباشر إلى العمل الأصلي.

وبفضل خوذة الواقع المعزز، تمكّن مركز بومبيدو في العام الماضي من توعية الرأي العام الفرنسي والعالمي بقصة الناشطة في الحقوق المدنية بالولايات المتحدة كلوديت كولفين، وهي أول أميركية من ذوي البشرة السوداء ترفض التخلي عن مقعدها في الحافلة لصالح شخص أبيض، قبل روزا باركس.

ورويت قصتها من خلال صور مجسمة أُعيد فيها إحياء شخصيات من حياتها في ألاباما خلال خمسينات القرن العشرين.

ويشرح أوغو دانتيز من شركة «هولوفورج إنترأكتيف»، كيف أتاحت شركته بفضل تقنية الواقع المعزز، «إعادة اكتشاف كازينو فيلا ماسينا في نيس، أو دار بوانكاريه للرياضيات في باريس أو موقع لاليبيلا المسيحي الإثيوبي المدرج على قائمة (اليونسكو)» للتراث. ولا يفصل دانتيز هذه التقنية «بصورة تامة عن الواقع»، مبدياً أمله في استخدامها يوماً ما في قصر فرساي.

زوار أمام البوابات الذهبية لقصر فرساي في باريس (أ.ف.ب)

وتقول ماريون كاريه، رئيسة ومؤسسة مشاركة في شركة «أسك مونا» الناشئة والرائدة في الذكاء الاصطناعي الخاص بالثقافة، عبر وكالة الصحافة الفرنسية، إن العالم شهد محطة مفصلية يمكن تلخيصها بـ«ما قبل تشات جي بي تي وما بعده».

وتشير إلى أنّ الشركة طوّرت «أول دليل صوتي يجيب مباشرة عن أسئلة الزائر»، وهو «متوافر حالياً في المتحف الوطني للفنون الجميلة في كيبيك».

ويقول فالانتان شميت، المدير العام لـ«أسك مونا» التي توفر قطعاً مغناطيسية تتيح للشخص التواصل كتابياً أو شفهياً مع نحو 30 شخصية تاريخية من خلال مسح رمز استجابة سريعة عبر هاتفه الذكي، إنّ «التجربة الغامرة والتقنيات الجديدة لا تحل أبداً محل المعاينة التقليدية للعمل الفنّي، لكنّها تعزز من تجربة المتاحف، وتستقطب جمهوراً جديداً».

ويُعتَمد هذا «المحتوى البسيط والقابل لإعادة الإنتاج» منذ عام 2017 في نحو 200 متحف في العالم، بينها متحف اللوفر ومركز بومبيدو والكولوسيوم في روما، وفق شميت.

في متحف أورسيه الذي ركّب عدداً كبيراً من الأجهزة خلال معرض مخصص لأيام فنسنت فان غوخ الأخيرة، يجري التركيز على هدف واحد هو «أن يكون قد جرى التحقق علمياً من كل تجربة غامرة» وأن «يُحترم التوازن المالي للمتحف».

وسيجدّد المتحف التجربة في مارس(آذار) من خلال تجربة انغماس مدّتها 45 دقيقة خلال افتتاح المعرض الانطباعي الأول، عبر استخدام خوذات الواقع الافتراضي.

وفي هولندا، يحذو متحف هيلفرسوم حذو المتاحف الأخرى، لكن عن طريق تقنية التعرف على الوجه، مقدّماً لزواره تجربة مخصصة لكل واحد منهم، فيمكن لكل شخص إنشاء ملفه الخاص.

وتقول مديرة المتحف كارن دروست: «يجري التقاط صورة للزائر مع توفيره عنوان بريده الإلكتروني وتاريخ ميلاده واهتماماته الخاصة، من أجل إتاحة زيارة مخصصة بالكامل له» عبر هاتفه الذكي.


مقالات ذات صلة

«اليونيسكو» للتعاون مع مصر في تطوير المتحف الزراعي

يوميات الشرق لوحة البقرة الفلكية بالمتحف الزراعي المصري (المتحف الزراعي المصري)

«اليونيسكو» للتعاون مع مصر في تطوير المتحف الزراعي

في خطوة للحفاظ على التراث الزراعي والتطور التاريخي لهذا القطاع في مصر، الذي يمتد لآلاف السنين، بحثت وزارة الزراعة المصرية مع منظمة «اليونيسكو» في سبل تطويره.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق عالقون عند «بوابة الفنّ»... (أ.ب)

متحف «اللوفر» مُعطَّل... والموناليزا «مُحاصَرة»

كان مشهداً لا يمكن تصوّره: موطن أعمال ليوناردو دافنشي وأعظم كنوز الحضارة على مدى آلاف السنين بدا مشلولا من الأشخاص أنفسهم المكلَّفين الترحيب بالعالم في الصالات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق رجل وامرأة يلتقطان صوراً في متحف بينمات يحاول الرجل الجلوس على «كرسي فان غوخ» ما ادى إلى تحطمه (مقطع من فيديو)

متحف إيطالي يناشد الزوار احترام الفن

ناشد متحف إيطالي الزوار احترام الفن بعد أن التقطت كاميرات المراقبة مشاهد لزوجين وهما يكسران كرسياً مُغطى بمئات البلورات المتلألئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق آلاف القطع تنتظر أن تُكتشف بلمسة (أ.ف.ب)

متحف لندني يفتح كنوزه «على الطلب»... الفنّ في متناول اليد

هذا المكان هو مخزن «ستورهاوس» التابع لمتحف «فيكتوريا أند ألبرت»، وهو فرع من هذا المتحف اللندني الكبير للفنون الزخرفية...

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال هيئة المتاحف ومتحف طارق رجب يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الثقافي

هيئة المتاحف ومتحف طارق رجب يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الثقافي

وقّعت هيئة المتاحف السعودية ومتحف طارق رجب في الكويت مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«الكوابيس» تجعل الإنسان يتقدم في العمر أسرع... ويموت مبكراً

ترتبط الكوابيس المتكررة بالشيخوخة المبكرة (أ.ب)
ترتبط الكوابيس المتكررة بالشيخوخة المبكرة (أ.ب)
TT

«الكوابيس» تجعل الإنسان يتقدم في العمر أسرع... ويموت مبكراً

ترتبط الكوابيس المتكررة بالشيخوخة المبكرة (أ.ب)
ترتبط الكوابيس المتكررة بالشيخوخة المبكرة (أ.ب)

أشار بحث جديد إلى أن الأشخاص الذين يعانون من كوابيس أسبوعية أكثر عرضة للموت المبكر بمقدار ثلاثة أمثال. وترتبط الكوابيس المتكررة بالشيخوخة المبكرة، وتزيد من خطر الوفاة المبكرة، بحسب دراسة جديدة. ووجد الباحثون أن البالغين الذين أبلغوا عن معاناتهم من تكرار الكوابيس بشكل أسبوعي، هم أكثر عرضة بمقدار ثلاثة أمثال للوفاة قبل سن السبعين، مقارنة بأولئك الذين نادراً ما يعانون منها أو لا يعانون منها إطلاقاً، حسب ما ذكرته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية.

ووصفت الدراسة الكوابيس بأنها «مؤشر أقوى على الوفاة المبكرة» مقارنة بالتدخين والسمنة والنظام الغذائي السيئ وقلة النشاط البدني.

وحذّر العلماء من ذلك، مؤكدين ضرورة التعامل مع هذه النتائج باعتبارها «قضية صحية عامة»، لكنهم أشاروا إلى إمكانية الحد من الكوابيس من خلال التحكم في التوتر.

في هذا السياق، حلّل فريق العمل بقيادة الدكتور أبايديمي أوتايكو، من معهد أبحاث الخرف في المملكة المتحدة، وكلية لندن الإمبراطورية، بيانات من 2.429 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 8 و10 سنوات، و183.012 بالغاً تتراوح أعمارهم بين 26 و86 عاماً، على مدى 19 عاماً. وقد عُرضت نتائج البحث في «مؤتمر الأكاديمية الأوروبية لطب الأعصاب» خلال الشهر الحالي.

وخلُصَت الدراسة إلى أن الكوابيس تؤثر سلباً على جودة ومدة النوم، مما يضعف قدرة الجسم على تجديد الخلايا وإصلاح أي خلل داخلي ليلاً.

واختتم الدكتور أوتايكو قائلاً: «لا تميز عقولنا النائمة بين الحلم والواقع. ولهذا السبب توقظنا الكوابيس أحياناً ونحن نتصبب عرقاً ونلهث وقلوبنا تخفق بسرعة - بسبب تفعيل استجابة القتال أو الهروب الفطرية لدينا. وربما يكون رد الفعل المتوتر هذا أكثر حدة من أي شيء نمر به أثناء اليقظة».