إسدال الستار على «اعتزال» عادل إمام

نجله أكد تفرغ «الزعيم» لحياته الأسرية

إمام قرر التفرغ لأسرته
إمام قرر التفرغ لأسرته
TT

إسدال الستار على «اعتزال» عادل إمام

إمام قرر التفرغ لأسرته
إمام قرر التفرغ لأسرته

حسم المخرج رامي إمام، نجل الفنان المصري عادل إمام الملقب بـ«الزعيم»، الجدل بشأن «اعتزال» والده الفن بعد تصريحاته على هامش حفل «جوي أووردز» في العاصمة السعودية الرياض، مساء السبت، قائلاً: «إن والده تفرغ لحياته الأسرية والبقاء وسط أبنائه وأحفاده».

وعدّ متابعون ونقاد تصريحات رامي حاسمة لمسألة اعتزال والده الفن بشكل نهائي مع تقدمه في العمر، وعدم ظهوره في المناسبات الفنية والعامة خلال الآونة الأخيرة.

المستشار تركي آل الشيخ يسلم المخرج رامي إمام والفنان محمد إمام درع تكريم والدهما (صفحة تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)

وتسلم نجلا الزعيم؛ محمد ورامي، جائزة «الزعيم» الاستثنائية باسم «زعيم الفن العربي» نيابة عنه، بينما أرسل الزعيم رسالة صوتية لجماهيره العربية أُذيعت خلال الحفل حيث عبّر عن امتنانه للتكريم وحب الجمهور واحتفائهم الدائم به.

وترى الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله أن احتجاب الزعيم عن الظهور خلال السنوات الأخيرة يأتي وفق رغبته الشخصية ويجب احترامها، سواء أكانت حالته الصحية تسمح بظهوره أم لا، وتضيف خير الله لـ«الشرق الأوسط» أن إمام قدّم جميع ألوان الفن على مدار مسيرته، واختار الحفاظ على صورته في أذهان الجمهور.

وتؤكد خير الله أن كلمة «تفرغ» مناسبة لإعلان اعتزاله لأنه شخصية قديرة أيقن أنه لن يستطيع تقديم أكثر مما قدّم لمحبيه على مدار مشواره، بالإضافة إلى أن أجواء التصوير مرهقة لأقصى درجة في مرحلته العمرية، وشدّدت خير الله على أن «الناس أصبحت قاسية في انتقادها».

وشهد مسلسل «فالنتينو» آخر إطلالة فنية للزعيم خلال شهر رمضان 2020، كما شهد برنامج «يحدث في مصر» على قناة «إم بي سي مصر» آخر ظهور إعلامي له عبر مداخلة هاتفية مع الإعلامي المصري شريف عامر أثناء الاحتفال بعيد ميلاده الـ83 في شهر مايو (أيار) 2023.

ورغم تأكيدات كثير من المتابعين والنقاد على عدم قدرة عادل إمام على ممارسة الفن مجدداً، فإن الناقد الفني المصري رامي المتولي يرى أن تصريح نجل الزعيم وُضع في غير محله، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «شخصية إمام العاشقة للفن لن تمكنه من الاعتزال».

وشدّد المتولي على أن اعتزال «الزعيم» لن يأتي بهذه الطريقة، بل عن طريق إعلان رسمي منه أو من أسرته أو مصدر مقرب وموثوق منه، مؤكداً أن ضجة اعتزاله التي انتشرت بمجرد كلمة «تفرّغ» التي قالها نجله ترجع لأهمية الاسم ومدى تأثيره الفني بشكل عام، لكن في الوقت نفسه واردٌ ظهور إمام فنياً حسب الوقت الذي يراه مناسباً.

رامي إمام ومحمد إمام خلال الحفل (صفحة تركي آل الشيخ بـ«فيسبوك»)

وقالت الناقدة الفنية المصرية مها متبولي إن عادل إمام أيقونة فنية، وكلمة الاعتزال ليست موجودة في قاموسه، وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن عودته للفن واردة في أي وقت، خصوصاً إذا حصل على سيناريو مهم على غرار أعماله مع الراحل وحيد حامد والكاتب يوسف معاطي «حينها سيقف مباشرة أمام الكاميرا وبلا تردد».

وخلال شهر أغسطس (آب) 2023، احتفى «المهرجان القومي للمسرح المصري» في دورته الـ16، باسم الفنان المصري عادل إمام عبر إطلاق اسمه على دورة المهرجان، تقديراً لمشواره الفني، إذ يُعد عام 2023 العام الـ60 في مسيرته التي بدأت في عام 1963.

وتصدر اسم إمام مؤشرات البحث في موقعي «إكس» و«غوغل» بمصر، مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) 2023، عقب إعلان محافظة القاهرة عن إطلاق اسم «الزعيم» على أحد جسور العاصمة المصرية.

إمام قدّم مسيرة فنية طويلة (فيسبوك)

وتعرّض إمام، الذي تربّع على عرش الفن العربي لما يزيد عن نصف قرن، لإشاعات عدة على مدار مشواره، تنوعت بين الاعتزال والوفاة، بينما قدّم خلال هذا المشوار بطولات فنية في المسرح والسينما والتلفزيون.


مقالات ذات صلة

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مشهد يُشارك فيه فغالي ضمن مسلسل «البيت الملعون» (صور الفنان)

عماد فغالي لـ«الشرق الأوسط»: لم أحقّق طموحي الكبير في عالم التمثيل

يتساءل اللبناني عماد فغالي، أسوةً بغيره من الممثلين، عن الخطوة التالية بعد تقديم عمل. من هذا المنطلق، يختار أعماله بدقة، ولا يكرّر أدواره باحثاً عن التجديد.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أحمد حاتم في لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (صفحة شاهد بـ«فيسبوك»)

«عمر أفندي»... دراما مصرية تستدعي الماضي

حظيت الحلقة الأولى من المسلسل المصري «عمر أفندي» بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت «الترند» صباح الاثنين على «غوغل».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)

باتريسيا داغر لـ«الشرق الأوسط»: أرفضُ كوميديا لا تفي موضوعاتها بالمستوى

بالنسبة إلى الممثلة اللبنانية باتريسيا داغر، الأفضل أن تجتهد وتحفر في الصخر على أن تزحف وتقرع الأبواب من دون جدوى.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق هند وإياد في مشهد يؤكد تباعدهما (شاهد)

نهاية مفتوحة لـ«مفترق طرق» تُمهد لموسم ثانٍ

أثارت نهاية حلقات مسلسل «مفترق طرق» ردود أفعال متباينة من جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، حيث وصفها البعض بأنها «صادمة».

انتصار دردير (القاهرة )

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
TT

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

القبلات المتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الصيف في لبنان، كانت من القلب. يعلم أنه مُقدَّر ومُنتَظر، والآتون من أجله يفضّلونه جداً على أمزجة الغناء الأخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات الألم، في حين يتجنَّب فنانون الإفراط في مغنى الأوجاع لضمان تفاعل الجمهور. كان لافتاً أن تُفجّر أغنية «لو بتحبّ حقيقي صحيح»، مثلاً، وهو يختمها بـ«وأنا بنهار»، مزاج صالة «الأطلال بلازا» الممتلئة بقلوب تخفق له. رقص الحاضرون على الجراح. بارعٌ هاني شاكر في إشعالها بعد ظنّ أنها انطفأت.

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

تغلَّب على عطل في هندسة الصوت، وقدَّم ما يُدهش. كان أقوى مما قد يَحدُث ويصيب بالتشتُّت. قبض على مزاج الناس باحتراف الكبار، وأنساهم خللاً طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود المتعهّد خضر عكنان لمستوى يليق. سيطر تماماً، بصوت لا يزال متّقداً رغم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص.

أُدخل قالب حلوى للاحتفاء بأغنيته الجديدة «يا ويل حالي» باللهجة اللبنانية في بيروت التي تُبادله الحبّ. قبل لقائه بالآتين من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها المُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحين افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضجَّ صيف لبنان بحفلاته، وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات، فكان الغناء بلهجته وفاءً لجمهور وفيّ.

بقيادة المايسترو بسام بدّور، عزفت الفرقة ألحان العذاب. «معقول نتقابل تاني» و«نسيانك صعب أكيد»، وروائع لا يلفحها غبار. الأغنية تطول ليتحقّق جَرْف الذكريات. وكلما امتّدت دقائقها، نكشت في الماضي. يوم كان هاني شاكر فنان الآهات المستترة والمعلنة، وأنّات الداخل وكثافة طبقاته، وعبق الورد رغم الجفاف والتخلّي عن البتلات. حين غنّى «بعد ما دابت أحلامي... بعد ما شابت أيامي... ألقاقي هنا قدامي»، طرق الأبواب الموصودة؛ تلك التي يخالها المرء صدأت حين ضاعت مفاتيحها، وهشَّم الهواء البارد خشبها وحديدها. يطرقها بأغنيات لا يهمّ إن مرَّ عُمر ولم تُسمَع. يكفيها أنها لا تُنسى، بل تحضُر مثل العصف، فيهبّ مُحدِثاً فوضى داخلية، ومُخربطاً مشاعر كوَقْع الأطفال على ما تظنّه الأمهات قد ترتَّب واتّخذ شكله المناسب.

هاني شاكر مُنتَظر والآتون من أجله يفضّلونه جداً (الشرق الأوسط)

تتطاير القبلات من فنان يحترم ناسه، ويستعدّ جيداً من أجلهم. لا تغادره الابتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنانُ الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى، وللندبة فتتوارى قليلاً. ولا بأس إن اتّسم الغناء بالأحزان، فهي وعي إنساني، وسموّ روحي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر المتألِّمة دواخلَه، إصرار وعناد.

تراءى الفنان المصري تجسيداً للذاكرة لو كان لها شكل. هكذا هي؛ تضحك وتبكي، تُستعاد فجأة على هيئة جَرْف، ثم تهمد مثل ورقة شجر لا تملك الفرار من مصيرها الأخير على عتبة الخريف الآتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، وردَّ بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات المفتتنات بأغنياته، وبما تُحرِّك بهنّ، بجمهور كاظم الساهر. للاثنين سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح بالمشاعر أمام الحشد الحاضر.

نوَّع، فغنّى الوجه المشرق للعلاقات: «بحبك يا غالي»، و«حنعيش»، و«كدة برضو يا قمر». شيءٌ من التلصُّص إلى الوجوه، أكّد لصاحبة السطور الحبَّ الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت من قفصه. ربما هو قفص الماضي حين ننظر إليه، فيتراءى رماداً. لكنّ الرماد وجعٌ أيضاً لأنه مصير الجمر. وهاني شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يا ريتك معايا»، و«أصاحب مين»؛ ففي الأولى «نلفّ الدنيا دي يا عين ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هم أصحابي وعمري وكل أحبابي»، لتبقى «مشتريكي ما تبعيش» بديع ما يُطرب.

ضجَّ صيف لبنان بحفلاته وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات (الشرق الأوسط)

استعار من فيروز «بحبك يا لبنان» وغنّاها. بعضٌ يُساير، لكنّ هاني شاكر صادق. ليس شاقاً كشفُ الصدق، فعكسُه فظٌّ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض المحبّة»، وأكمله بـ«كيف ما كنت بحبك». وكان لا مفرّ من الاستجابة لنداء تكرَّر. طالبوه مراراً بـ«علِّي الضحكاية»، لكنه اختارها للختام. توَّج بها باقة الأحزان، كإعلان هزيمة الزعل بالضحكاية العالية.