«أنا وابن خالتي»: كوميديا عائلية تتمرّد على «البطل الشاب»

الفيلم المصري يحاكي تأثير أساليب التربية في الصغر

حضور لافت لبيومي فؤاد في الفيلم (الشركة المنتجة)
حضور لافت لبيومي فؤاد في الفيلم (الشركة المنتجة)
TT

«أنا وابن خالتي»: كوميديا عائلية تتمرّد على «البطل الشاب»

حضور لافت لبيومي فؤاد في الفيلم (الشركة المنتجة)
حضور لافت لبيومي فؤاد في الفيلم (الشركة المنتجة)

ظلَّت فكرة انتماء أبطال الأفلام إلى الفئة العمرية الشبابية مهيمنة على السينما المصرية لعقود، أخذاً في الحسبان أنّ معظم جمهور قاعات العرض من الشباب الذين يشاؤون التماهي مع ممثلين في سنّهم. لم تشذَّ عن هذه القاعدة سوى نماذج قليلة، منها فيلم «الأراجوز» (1989)، من بطولة عمر الشريف الذي كان يبلغ من العمر حينذاك 57 عاماً، بالإضافة إلى فيلم «زهايمر» من بطولة عادل إمام.

يستعيد فيلم «أنا وابن خالتي»، المعروض حالياً في مصر، تلك الحالة التي تُعدّ نوعاً من التمرّد على فكرة «البطل الشاب»؛ ويؤدّي بطولته بيومي فؤاد (58 عاماً)، وسيد رجب (73 عاماً)، مع بعض الأدوار الشبابية في الخلفية بمنزلة خطوط درامية تكميلية لهنادي مهنا، وسارة عبد الرحمن، وعلي لوكا.

كيمياء بيومي فؤاد وسيد رجب (الشركة المنتجة)

يروي العمل قصة ابنَي الخالات، «حسن» (سيد رجب)، و«إسماعيل» (بيومي فؤاد)، اللذين وضعتهما تربية الأهل السيئة في حالة مقارنة دائمة وتنافس لإثبات مَن الأفضل، لتتّسم علاقتهما منذ الصغر بالتوتّر والمنافسة غير الشريفة، على نحو كاد يشكّل عقدة نفسية، بسبب ضغوط العائلة المستمرّة على كل منهما ليثبت أفضليته على الآخر.

ترتكز المقارنات على المظهر العام، والنظافة الشخصية، والتفوّق الدراسي، وتُمثل تلك الحقيقة خلفية نفسية ودرامية مهمّة تُبنى عليها الأحداث، فيحقق «حسن» نجاحاً مهنياً ومادياً، يترافق مع صعوده الطبقي وانتمائه إلى ثقافة جديدة، بينما يظلّ «إسماعيل» يراوح مكانه في الحي الشعبي.

هنادي مهنا في دور الابنة الثرية (الشركة المنتجة)

عن العمل، يقول الناقد الفني أحمد سعد الدين لـ«الشرق الأوسط»: «الكيمياء بين بيومي فؤاد وسيد رجب واضحة على الشاشة، لا سيما في ظلّ ما يتمتّعان به من تلقائية وحضور لافتين؛ ما جعل الممثلَيْن المخضرمَيْن يشكلان ثنائياً ناجحاً باستطاعته جذب المتفرّجين»، لافتاً إلى أنّ «بدايات رجب مالت أكثر إلى اللونين التراجيدي والدراما الاجتماعية، أما إسهامه الفكاهي الضاحك فيعتمد بالأساس على كوميديا الموقف التي تُعدّ الأصعب؛ على عكس فؤاد الذي يخوض جميع أنواع الكوميديا، فينجح حيناً، ويخونه التوفيق حيناً آخر».

«بوستر» الفيلم (الشركة المنتجة)

تتّخذ الأحداث طابعاً تشويقياً حين يصطحب «حسن» عائلته للإقامة في منزل ابن خالته «إسماعيل»، وهو ما بدا قراراً غير مفهوم للوهلة الأولى؛ ليتبيّن أنه يعود إلى تعرّضه لأزمة مالية حادّة جعلته يكاد يفقد كل ثروته، بالإضافة إلى تورّطه مع شخصيات مشبوهة، حتى لا يجد ملاذاً آمناً له سوى ابن خالته.

تقوم المفارقة الدرامية في الفيلم الذي أخرجه أحمد صالح، على التناقض الصارخ بين نمط معيشة عائلة ثرية اعتادت حياة الرفاهية، ونمط عائلة بسيطة تتعايش مع الضجيج والزحام وأعطال المنزل المفاجئة. وفّرت تلك الخلفية مساحة للضحك النابع من الموقف الدرامي.

الاستعانة بمطرب الراب علي لوكا ليقدّم أكثر من أغنية، مع ظهوره ممثلاً للمرة الأولى، جاءت استثماراً للانتشار الواسع الذي تحقّقه أغنياته عبر مواقع التواصل، منها «متخافيش ياما» التي أطلقها عام 2022، وحقّقت مشاهدات واسعة عبر المنصات الرقمية.

ويشهد الموسم السينمائي الحالي في مصر منافسة قوية بين عدد من الأفلام؛ أبرزها «شماريخ»، و«أبو نسب»، و«كارت شحن»، و«عصابة عظيمة»، و«الإسكندراني»، و«الحريفة»، و«ليه تعيشها لوحدك»، و«أنا وابن خالتي».

كيمياء بيومي فؤاد وسيد رجب (الشركة المنتجة)

ورغم الإطار الدرامي العام الذي يبدو جاذباً، فإنّ الفيلم يعاني ضعف الإيرادات، وهو ما يفسّره الناقد المصري طارق الشناوي، قائلاً: «التفاصيل الداخلية ضعيفة ودون المستوى المتوقَّع، فالسيناريو والحوار اللذان كتبهما عمرو أبو زيد، وأشرفت عليهما دعاء عبد الوهاب، مترهّلان، كما أنّ تتابُع المَشاهد افتقد المنطق؛ فغلب على العمل طابع الاستسهال، وبدا كأنّ مخرجه غائب عن مَهمّة توجيه الممثلين».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أرفض القول إنّ سبب تراجع إيرادات الفيلم يعود إلى أنّ بطليه ليسا من نجوم الشباك، بدليل أفلام أخرى تفتقد نجم شباك وتحقّق نجاحاً تجارياً».


مقالات ذات صلة

الذكاء الاصطناعي والإنتاج الافتراضي... نقاش تحوّلات صناعة الأفلام في الرياض

يوميات الشرق ‎⁨«تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الأفلام» قدّمها أندري كوزيكوف (هيئة الأفلام)

الذكاء الاصطناعي والإنتاج الافتراضي... نقاش تحوّلات صناعة الأفلام في الرياض

ناقش خبراء عالميون متخصّصون في التقنية وصناعة الأفلام مستقبل السينما في عصر الذكاء الاصطناعي والواقع المعزِّز، وتقنيات الإنتاج الافتراضي.

إيمان الخطاف (الرياض)
يوميات الشرق واكيم فينكس وليدي غاغا في مشهد استعراضي (وورنر)

«جوكر: مجنونان»... حكاية رجل يبحث عمن يكون

‫أحد الأسباب التي لم تساعد «جوكر: مجنونان» على إنجاز ما حققه الجزء الأول من حكاية آرثر فلَك من نجاح (أنجز الفيلم لحين كتابة هذه الكلمات 155 مليون دولار عالمياً…

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم المصري «دراكو رع» (صفحة خالد منصور في «فيسبوك»)

«دراكو رع»... رهان سينمائي يتجدد على الكوميديا الفانتازية

جدد إطلاق الشركة المنتجة لفيلم «دراكو رع» التيلر الدعائي عبر صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، الرهان على الكوميديا الفانتازية في دور العرض المصرية والعربية.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق محمد إمام مع والده (حساب محمد إمام على «فيسبوك»)

مصر: تصريحات عمر متولي عن صحة عادل إمام تحظى باهتمام «سوشيالي»

حظيت تصريحات الفنان عمر متولي، نجل شقيقة الفنان الكبير عادل إمام، بتأكيد اعتزال الفنان الملقب بـ«الزعيم» باهتمام كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما القضية 23 (إيزكيَل فيلمز)

كيف عبرت سينما لبنان عن حروبه وأزماته؟

خلال الحرب الأهلية اللبنانية وبعدها، كان من الطبيعي للسينما أن تصوّرها من زوايا مختلفة

محمد رُضا‬ (لندن)

الرائحة مفتاح الشعور بالسلام للأشخاص المصابين بالخرف

الروائح تؤثر على عمل أذهاننا (غيتي)
الروائح تؤثر على عمل أذهاننا (غيتي)
TT

الرائحة مفتاح الشعور بالسلام للأشخاص المصابين بالخرف

الروائح تؤثر على عمل أذهاننا (غيتي)
الروائح تؤثر على عمل أذهاننا (غيتي)

منذ سبعينات القرن الماضي تزود شركة تصنيع العطور «أروما برايم» دور الرعاية بـ«مكعبات عطرية»، وهي أدوات تستخدم في فن العلاج بالرائحة.

ويهدف ذلك إلى إثارة الحديث والمشاعر، واستدعاء الخبرات من الماضي. وبالنسبة للأشخاص المصابين بالخرف، يمكن أن يكون العلاج بالرائحة وسيلة ذات قيمة كبيرة للراحة المستدامة، ومشاعر الأمن والدفء.

ويعمل ليام فيندلاي مستشاراً للعطور ذات الطابع الخاص منذ عام 2018، وتتمثل وظيفته في التقاط الروائح المرغوب فيها بأكبر دقة ممكنة، حتى لو كانت، نظرياً، غير معتادة إلى حد ما. ويقول فيندلاي وابتسامة تعلو وجهه: «كان لدي مقيم بدار الرعاية يتوق لتذكر الأيام التي كان يعمل فيها صياداً».

لحُسن الحظ، يوفر فيندلاي أيضاً روائح للمناطق السياحية ذات الطابع المخيف، واعتقد أن رائحة نفاذة مثل رائحة السمك، كان ينتجها بالفعل، يمكن أن تؤدي المهمة. وأوضح قائلاً: «يضحكني أن يجد شخص المتعة في شمّ صندوق قد يثير اشمئزاز معظم الناس، لكن هذا بالضبط ما كان يبحث عنه. وقد نقلته تلك الرائحة إلى داخل سوق سمك مباشرة».

ووفقاً للدكتورة كامار أمين علي، الخبيرة في مرض الخرف، يمكن للروائح أن تؤثر بشكل كبير على كيفية عمل أذهاننا. وأوضحت قائلة: «الذكريات المتسلسلة هي ذكريات للأحداث الماضية في حياتنا، مثل يوم زواجك أو تخرجك، فهي تعتمد بشكل كبير على مؤشرات السياق، التي يمكن أن تشمل أصواتا محددة أو روائح مرتبطة بالوقت الذي يتم فيه ترميز ذكريات معينة. وهذا يعني أنه عندما تتم إعادة مواجهة مؤشرات السياق هذه، فإنه يمكنها أن تساعد على التذكر».