بيروت تُكرّم رجل الإعلام الاستثنائي جان كلود بولس

جوزيان بولس: إطلاق اسمه على شارع في السوديكو حفظٌ للذاكرة

جان كلود بولس قامة لبنانية تستحقّ التكريم (جوزيان بولس)
جان كلود بولس قامة لبنانية تستحقّ التكريم (جوزيان بولس)
TT

بيروت تُكرّم رجل الإعلام الاستثنائي جان كلود بولس

جان كلود بولس قامة لبنانية تستحقّ التكريم (جوزيان بولس)
جان كلود بولس قامة لبنانية تستحقّ التكريم (جوزيان بولس)

وأخيراً، تحقّق حلم المنتجة والممثلة المسرحية اللبنانية جوزيان بولس! فقد استطاعت تحريك عجلة إطلاق اسم والدها الراحل جان كلود بولس على شارع بيروتي. وبعد نحو 10 سنوات من السعي المستمر، دُشّن هذا الشارع في منطقة السوديكو بالأشرفية. لماذا هذا المكان؟ لأن بولس سكن في إحدى عماراته سنوات طويلة.

توضح ابنته أسباب التأخّر في تنفيذ المشروع لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما تمنّيتُ إطلاق اسم والدي على هذا الشارع. التأخير سببه مشكلات واجهها اللبنانيون، منها اندلاع الثورة، وانفجار بيروت، والجائحة، وأحداث أخرى. حان الوقت للقيام بهذه الخطوة، وأشكر القيّمين عليها».

الشارع، المتفرِّع من جادة الاستقلال في السوديكو، يعني لها كثيراً: «يحمل رمزية خاصة لنا، نحن آل بولس. فقد استقررنا في (بناية صعب) الواقعة فيه، وهو لم يكن بيتاً فقط، بل هو حضن وشريط ذكريات لنا ولوالدي الراحل. لم أستطع تمالُك دموعي عندما رُفعت الستارة عن اللوحة التي تحمل اسمه، فبكيت».

بيروت تكرّم أحد أعلامها بشارع باسمه (جوزيان بولس)

لا تعتب على الدولة اللبنانية وتقصيرها: «لقد كرَّمت والدي في حياته، كما فعلت فرنسا أيضاً. برأيي، محبة الناس هي أفضل التكريمات. أتمنّى أن تبقى ذكراه محفورة في أذهانهم، رجلَ إعلام وإعلان، ومقدّم برامج لا تزال تجذب المشاهد. فالسياسيون حملوا له خلال حقبة إدارته لـ(تلفزيون لبنان) تقديراً كبيراً. ربما كان من القلّة الذين توالوا على هذا المركز، ومَلَك جرأة مواجهتهم بالرفض أمام طلب لم يرقه. كان محترماً جداً لدى المسؤولين والسياسيين».

تدشين شارع في السوديكو البيروتية باسم جان كلود بولس (جوزيان بولس)

وعن احتمال إنتاجها عملاً مصوّراً يروي سيرته، تجيب: «أتمنّى ذلك من خلال وثائقي يتناول أهم محطاته. أشخاص كثر يستحقّون تكريماً مماثلاً، منهم الممثل صلاح تيزاني (أبو سليم)، والممثل أديب حداد (أبو ملحم)، وغيرهما. هؤلاء وأمثالهم صنعوا تاريخ (تلفزيون لبنان)، وأسّسوا للدراما المحلية. تاريخنا في هذا الصدد يحتمل أفلاماً ومسلسلات طويلة، لأنه غنيّ جداً. ومعظم جيل اليوم، يا للأسف، يجهل تلك الشخصيات، وإنجازاتها».

تشيد جوزيان بولس بمحبة الناس التي واكبت حفل التدشين: «تمنّيتُ لو كان حاضراً بيننا، ليلمس هذه المحبة»، واصفة المبادرة بـ«نافذة أمل»، فهي تؤكد للبنانيين أنّ فرص التمتّع باللحظات الحلوة متاحة دائماً.

حضر حفل افتتاح الشارع، إضافة إلى العائلة، وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري، مُعلناً تحضيره ملفاً لتسجيل أرشيف وزارة الإعلام و«تلفزيون لبنان» (الرسمي) في ذاكرة العالم التابعة لـ«اليونيسكو».

جوزيان بولس الطفلة على شرفة منزلها العائلي الواقع في هذا الشارع (صورها الخاصة)

وعن كيفية تلقّفها تلك اللحظة، تردّ: «تخيّلته يسير في الشارع، ويُلقي التحية على الجيران، ثم يجلس على كرسي بجانب الرصيف ويتحدّث مع المارّة»، مستعيدةً ذكريات عزيزة، بينها ما يتعلق بطفولتها، وبأيام خلت عاشتها مع عائلتها في «عمارة صعب». تتابع: «تذكرتُ كيف كان منزلنا مقصداً لنجوم الفن والإعلام، لعمل والدي في رئاسة مجلس إدارة (تلفزيون لبنان). وتذكرتُ هروبنا من القصف أثناء الحرب، لوقوع المنزل على خطّ تماس. عشنا في الحيّ لحظات حلوة ومرّة، وظلَّ المنزل ينبض بالحياة. لا أنسى كيف كنا نسترق النظر، إخوتي وأنا، على المدعوّين خلال سهرات أقامتها أمي؛ منهم نجوم طرب وإعلام، أمثال ماري تيريز عربيد، وسونيا بيروتي، وعز الدين الصبح. لا أزال أحتفظ بقصاصات ورق من الصحف تحاكي تلك المناسبات».

تصف جوزيان والدها بـ«الرجل الاستثنائي، أمضى حياته يعمل ويُنتج». فالراحل شغل رئاسة منظمة الإعلان العالمية، وفي سنواته الأخيرة أشرف على ولادة تلفزيون «السومرية»، فكان بحالة إنتاج دائمة، لا يتعب ولا يستكين.

وترى أنّ تدشين شارع باسمه صفحة سيحفظها تاريخ لبنان: «لو حفظت ذاكرة اللبنانيين بعضاً من تاريخ وطنهم، لما وصلنا إلى ما نحن عليه»، متسائلة: «كيف يمكن أن نتطوّر ونُحرز تقدّماً ونحن نجهل تاريخنا؟». وختمت: «لذلك أنطلق من الذاكرة في أعمالي وأفكاري، لأنها العنصر الأهم».


مقالات ذات صلة

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
رياضة عربية الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب) play-circle 03:13

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وكابتن فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى.

فاتن أبي فرج (بيروت )
يوميات الشرق تشبه موضوعاتها المكان وناسه وترسم مواسم الزيتون (آية دبس)

بالجدّات والقطط ومواسم الزيتون... آية دبس ترسم التعلُّق بالمكان

الوفاء للمكان جعل تناوُل إشكالية النزوح الطارئة جراء الحرب، مُلحَّاً. وها هي تحضُر في رسومها، كأنها تتدفّق لتشغل المساحة بمظاهر هذا التدفُّق.

فاطمة عبد الله (بيروت)
خاص بري وهوكستين في عين التينة (د.ب.أ) play-circle 01:06

خاص بري لـ«الشرق الأوسط»: ضمان موقف الإسرائيليين من الاتفاق على عاتق الأميركيين

أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع جيد مبدئياً» بشأن المفاوضات للتوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بين لبنان وإسرائيل.

ثائر عباس (بيروت)
العالم العربي جانب من الدمار في حارة حريك بالضاحية الجنوبية في بيروت (أ.ف.ب)

أصحاب المصالح التجارية في ضاحية بيروت الجنوبية وتحدّي الاستمرار

غادرت لينا الخليل ضاحية بيروت الجنوبية بعد بدء إسرائيل قصفاً مدمّراً على المنطقة قبل نحو شهرين لكنها تعود كل يوم لتخوض تحدّياً يتمثل بفتح أبواب صيدليتها ساعتين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)
يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)
TT

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)
يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم يُعرف باسم «النجوم المستعرة».

وهذه ليست الصورة الأولى من نوعها لنجم خارج مجرّتنا فحسب، وإنما تُعدّ المرّة الأولى التي يتمكّن فيها العلماء من رؤية الأحداث الفارقة في موت نجم كهذا.

يقع النجم المُحتضَر على بُعد نحو 160 ألف سنة ضوئية من الأرض في مجرّة مجاورة تُسمَّى «سحابة ماجلان الكبيرة».

كما تُعدُّ أول صورة مُقرَّبة لنجم ناضج في مجرّة أخرى، رغم أنّ نجماً حديث الولادة في «سحابة ماجلان الكبيرة» جرى اكتشافه في بحث نُشر العام الماضي. وكلمة «مُقرَّبة» هنا تعني أنّ الصورة تلتقط النجم ومحيطه المباشر.

التُقطت الصورة، الغامضة إلى حد ما، باستخدام التلسكوب التداخلي الكبير جداً بالمرصد الأوروبي الجنوبي الواقع في تشيلي. ويظهر النجم محوطاً بشرنقة بيضاوية متوهّجة من الغاز والغبار، كما شوهدت حلقة بيضاوية خافتة خلف تلك الشرنقة، ربما تتكوَّن من مزيد من الغبار.

أول صورة مُقرَّبة لنجم ناضج في مجرّة أخرى (إكس)

ونقلت «إندبندنت» عن المؤلِّف الرئيس للدراسة المنشورة في مجلة «الفلك والفلك الفيزيائي»، الفلكي كييشي أونكا، من جامعة «أندريس بيلو» في تشيلي، أنّ «النجم الآن يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته». وأضاف: «السبب في أننا نرى هذه الأشكال هو أنه يطرد مزيداً من المواد في بعض الاتجاهات أكثر من غيرها؛ وإلا لكانت الهياكل ستبدو كروية».

تفسير آخر مُحتمل لهذه الأشكال هو التأثير الجاذب لنجم مُرافق لم يُكتشف بعدُ، وفق كييشي أونكا.

قبل أن يبدأ في طرد المواد، اعتُقد أنّ النجم «WOH G64» يزن نحو 25 إلى 40 مرّة من كتلة الشمس، كما ذكر الفلكي المُشارك في الدراسة جاكو فان لون من جامعة «كيل» في إنجلترا. إنه نوع من النجوم الضخمة يُسمّى «العملاق الأحمر العظيم».

وأضاف: «كتلته، وفق التقديرات، تعني أنه عاش نحو 10 إلى 20 مليون سنة، وسيموت قريباً. هذه الصورة هي الأولى لنجم في هذه المرحلة المتأخّرة الذي ربما يمرّ بمرحلة تحوُّل غير مسبوقة قبل الانفجار. للمرّة الأولى، تمكنّا من رؤية الهياكل التي تحيط به في آخر مراحل حياته. وحتى في مجرّتنا (درب التبانة)، ليست لدينا صورة كهذه».