«يرقة» يفوز بجائزة أفضل فيلم قصير في «الجونة السينمائي»

ميشيل كسرواني لـ«الشرق الأوسط»: «ستحفزنا أكثر لإيصال صوتنا والتعبير عن حالنا»

أحد مشاهد الفيلم وتجسد فيه ميشيل دور سارة (ميشيل كسرواني)
أحد مشاهد الفيلم وتجسد فيه ميشيل دور سارة (ميشيل كسرواني)
TT

«يرقة» يفوز بجائزة أفضل فيلم قصير في «الجونة السينمائي»

أحد مشاهد الفيلم وتجسد فيه ميشيل دور سارة (ميشيل كسرواني)
أحد مشاهد الفيلم وتجسد فيه ميشيل دور سارة (ميشيل كسرواني)

لم تتوقع الشقيقتان ميشيل ونويل كسرواني أن يحصد فيلمهما «يرقة» جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان «الجونة السينمائي». تقول ميشيل لـ«الشرق الأوسط»: «ربما راودتنا فكرة حصوله على الجائزة الثانية، فالمنافسة كانت حامية. ولمسني شخصياً أكثر من فيلم مشارك، فالمهرجان وفر لنا فرصة الاطلاع على أفلام جميلة ومن بينها (البحر الأحمر يبكي)».

ميشيل ونويل كسرواني (ميشيل كسرواني)

سبق أن حصد فيلم «يرقة» جائزة «الدب الذهبي» لأفضل فيلم قصير في مهرجان «برلين» السينمائي، ليصبح أول فيلم عربي يفوز بهذه الجائزة. واختير ضمن لائحة الأفلام القصيرة المرشحة لجائزة «سيزار» الفرنسية 2024 لأفضل فيلم روائي قصير. ويخوض الفيلم حالياً جولة مشاركات في مهرجانات عالمية، وحصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان «مالمو» للسينما العربية، وعلى جائزة الجمهور في مهرجان «الشانزليزيه» السينمائي. وحالياً تعمل ميشيل ونويل على تطوير الوثائقي «هدوء على نار»، وهو إنتاج لبناني فرنسي مشترك. وتكتب نويل حالياً فيلمها الروائي القصير «عام واحد». كما تطور فيلماً قصيراً بعنوان «سبعة جبال والبحار السبعة»، مستوحى من قصة غير منشورة للكاتبة اللبنانية إيميلي نصر الله. وحصلتا في هذا الصدد على منحة تطوير من مؤسسة الدوحة للأفلام.

أما ميشيل فهي حالياً في مرحلة تطوير فيلمين طويلين أحدهما من نوع رسوم متحركة للبالغين بعنوان «اذكريني». وآخر روائي طويل بعنوان «قمرة» وتدور أحداثه في لبنان. حصلت ميشيل على دعم من صندوق الدعم السينمائي الفرنسي لمرحلة ما قبل الإنتاج لفيلمها الروائي «قمرة» بالإضافة إلى 3 جوائز لتطوير الفيلم من مهرجان «عمان» السينمائي 2023.

 

 

«نقدم بعفوية ما نشعر به ونخطط بعد ذلك لكيفية إيصال رسالتنا. وهو ما طبقناه في فيلم (يرقة). أجرينا أبحاثاً وفيرة، واستعنّا بمقالات لأكرم فؤاد خاطر، وفواز طرابلسي. وتحدثنا مع شهود عيان عاشوا الهجرة، وربطنا بين تاريخ الحرير وتاريخ الشباب ومرحلة النضوج، خصوصاً النساء، من اللواتي أُجبرن على ترك بلادهن وعائلاتهن ومحاولتهن الاندماج في بلد آخر. وكذلك بناء حياة من الصفر أثناء الصراع بين مكانين مختلفين».

ميشيل كسرواني

وتشير ميشيل إلى أن جائزة «الجونة» لن تبدّل في إيقاع عملها وشقيقتها تقول: «اعتدت مع نويل أن نعمل بروية وبنينا مسيرتنا ببطء. ونحن مقتنعتان بأن الأعمال الجيدة تستغرق الوقت ولذلك نبنيها بتأن».

«يرقة» هو الفيلم الأول لميشيل وشقيقتها، وقد عبّرتا فيه عن حالة عايشتها، وتضيف: «كان نابعاً من الواقع، ولم نترجم خلاله فكرة شخص آخر، بل أصنفه هو بأن يحكي تجربة شخصية عشناها».

ميشيل ونويل كسرواني في مهرجان «الجونة السينمائي» (ميشيل كسرواني)

الفيلم هو من كتابة ميشيل وشاركتها نويل في عملية إخراجه، ولعبت فيه أحد الأدوار الرئيسية. ويحكي عن سارة وأسما، امرأتان من بلاد الشام، تلتقيان أثناء عملهما في مطعم فرنسي بمدينة ليون. وتحمل كلُ واحدة منهما حنيناً لحياتها وبيتها، الذي تركته في بلدها. فتبدأ علاقتهما بتوجّس وحذر، ومع مرور الوقت تتوطد علاقتهما وينشأ بينهما خيط يربط بينهما، خيط من طريق الحرير كالذي يربط بين البلد والمهجر. وفي خضمّ هجرتهما القسرية تبحث كل منهما على ما يعزّيها ويخفف من وطأة انسلاخها عن وطنها. والفيلم من إنتاج «ديو بيريز» لمارين فايان و«لا بيينال دي ليون»، ومدته 30 دقيقة.

فيلمهما «يرقة» يفوز بجائزة أفضل فيلم قصير في «الجونة السينمائي» (ميشيل كسرواني)

تقول ميشيل لـ«الشرق الأوسط»: «عندما صنعنا هذا الفيلم لم نفكّر بموضوع مشاركته في المهرجانات السينمائية».

ميشيل ونويل كسرواني مخرجتان وكاتبتان وموسيقيتان لبنانيتان، تنتجان فيديوهات موسيقية ساخرة اجتماعية وسياسية: «نقدم بعفوية ما نشعر به ونخطط بعد ذلك لكيفية إيصال رسالتنا. وهو ما طبقناه في فيلم (يرقة). أجرينا أبحاثاً وفيرة، واستعنّا بمقالات لأكرم فؤاد خاطر، وفواز طرابلسي. وتحدثنا مع شهود عيان عاشوا الهجرة، وربطنا بين تاريخ الحرير وتاريخ الشباب ومرحلة النضوج، خصوصاً النساء، من اللواتي أُجبرن على ترك بلادهن وعائلاتهن ومحاولتهن الاندماج في بلد آخر. وكذلك بناء حياة من الصفر أثناء الصراع بين مكانين مختلفين».

من كواليس تصوير «يرقة» في فرنسا (ميشيل كسرواني)

لا تخطط الشقيقتان حالياً لأعمالهما المقبلة «لا نعلم إن كانت أفكارنا ستُترجم إلى فيلم أو أغنية. ولكن الأوضاع التي نعيشها اليوم فيها كثير من الظلم والحزن. لا نعرف كيف يمكننا التعبير عنها». وتختم ميشيل لـ«الشرق الأوسط»: «حققنا في الجونة أول عرض عالمي عربي للفيلم. وأهمية هذه الجائزة هي أنها لامست أفراداً يفهمون جوهر قصتنا في ظل التعديات على غزة وجنوب لبنان. ونحن اليوم أكثر إصراراً من أي وقت مضى على صياغة السرد ضد القمع والمحرفة التي نشهدها. فقلوبنا وأفكارنا مع أهالي غزة وجنوب لبنان».

 


مقالات ذات صلة

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون «المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة.

انتصار دردير (سلا (المغرب))
يوميات الشرق ماغي سميث في لقطة من عام 2016 (أ.ف.ب)

ماغي سميث سيدة الأداء الساخر

بأداء عملاق وخفة ظل وسخرية حادة تربعت الممثلة البريطانية ماغي سميث على قلوب معجبيها، كما جمعت بين الجوائز وبين حب الجمهور.

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق داليا تشدّد على أنها لن تطلب العمل من أحد (الشرق الأوسط)

داليا البحيري لـ«الشرق الأوسط»: لن أطرق باب أحد من أجل العمل

قالت الفنانة المصرية داليا البحيري إن التكريم الذي يحظى به الفنان يكون له وقع رائع على معنوياته إذ يُشعره بأنه يسير في الطريق الصحيح.

انتصار دردير (سلا (المغرب))

أراجوز «مُعدّل» ينشر بهجة في شوارع مصرية

عبد التواب يقدم أحد عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)
عبد التواب يقدم أحد عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)
TT

أراجوز «مُعدّل» ينشر بهجة في شوارع مصرية

عبد التواب يقدم أحد عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)
عبد التواب يقدم أحد عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)

منذ أواخر عام 2018 وبعد إدراجه ضمن قوائم «اليونيسكو» للتراث العالمي غير المادي، الذي يحتاج للصون العاجل، صار هَمّ فناني الأراجوز المصري العمل على إعادته للشوارع والحدائق والميادين بوصفها حاضنة عُروضه الأساسية والبيئة الطبيعية التي يمكنه أن ينشط فيها بعروض مبهجة للأطفال، تزيل عنه بعضاً من أخلاقه القديمة التي كان معروفاً بها. فقد كان، مثل قول الفنان ناصر عبد التواب المشرف على عروض الأراجوز الأسبوعية في المركز القومي لثقافة الطفل، «عدوانياً، وسليط اللسان، وهي قيم ليست تربوية ارتبطت به لدى فناني العرائس القدامى، وكان يجب أن نطوّر رسالته، ونغيّر من طبيعته، ونقدمه في صورة جديدة، تتلافى هذه الخصال دون أن يتخلى الأراجوز عن صناعة البهجة وإضحاك الأطفال».

ويضيف عبد التواب، وهو مخرج مسرح عرائس ولاعب أراجوز، لـ«الشرق الأوسط»: «منذ عام 2007 وأنا أقدّم عروضاً عرائسية في الحديقة الثقافية للأطفال بمنطقة السيدة زينب بالقاهرة، كما دربت ابتداء من عام 2019 أكثر من 60 من الكوادر على تحريك العرائس، وقدّمت على مدار أعوام عروضاً كثيرة منها (أحلام العصافير)، و(قسم وأرزاق)، فضلاً عن حفلات عديدة لفن الأراجوز، تختلف عن (النمر التراثية)، وتقوم أساساً على الارتجال».

أطفال مصريون يشاهدون عروض الأراجوز (الشرق الأوسط)

ولفت عبد التواب إلى أن العروض التراثية مثل «الأراجوز والبربري»، و«الأراجوز والشحات»، وغيرهما، تتضمن أفكار «عنف وتنمر» لا تصلح للأطفال. «وكانت لدينا وقفة كي يقوم الأراجوز بدوره التقويمي للسلوك، وغيّرنا شكله، من رجل كبير لديه شارب، إلى أراجوز طفل يتعلم منه الأطفال. كنا نريد ونحن نسعى لترسيخ الدور التربوي لفن العرائس أن نجعل الطفل لا يتعدى حدوده ويتجرأ على الكبار، ويقوم بتصحيح سلوكهم، كان هدفنا المحافظة على قيمة الكبير في نظر الأطفال»، وفق قوله.

ويضيف عبد التواب: «كان التغيير في هيئة الأراجوز من رجل كبير يرتسم على وجهه شارب، إلى طفل صغير، هو الأنسب ليكون أكثر قرباً للأطفال».

وركزت عروض الأراجوز التي قدّمها عبد التواب وزملاؤه في شوارع عدد من محافظات مصر في الجنوب والشمال بدءاً من الجيزة وبني سويف والمنيا وأسيوط وقنا وسوهاج ومطروح... على فكرة الانتماء، وأهمية الوقت، واحترام الكبير، وقيمة الاعتذار، والبعد عن العنف، وتقوم على التفاعل مع الأطفال بعيداً عن فكرة التلقين، وشارك فيها فنانون جدد كانوا نتاج برنامج تدريبي اعتمده المركز القومي لثقافة الطفل منذ 6 سنوات للمحافظة على فن الأراجوز من الاندثار.

الفنان ناصر عبد التواب وزملاؤه يقدمون عروض العرائس للأطفال (الشرق الأوسط)

ويقدم فنانو الأراجوز عدداً من العروض في حدائق وشوارع القاهرة يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، ويوم 28 من كل شهر، فضلاً عن العروض التي تُقدّم في ملتقى الأراجوز السنوي 28 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، بمناسبة وضع الأراجوز على قائمة «اليونيسكو» بوصفه تراثاً أولى بالحماية، وعنصراً من مكونات الثقافة المصرية.

قصة تسجيل الأراجوز ضمن التراث المصري في «اليونيسكو» يحكيها الباحث أحمد عبد العليم مدير مركز ثقافة الطفل المُشرف على عروض فن العرائس، مشيراً إلى أن «لجنة مصرية قامت بجهود كبيرة في مواجهة الرغبة التركية لتسجيلها ضمن تراثها، ونجح كل من نبيل بهجت ونهلة إمام وأحمد مرسي، في إقناع المنظمة الدولية بأحقية مصر في ذلك».

ويضيف عبد العليم لـ«الشرق الأوسط»: «تلقفنا قرار (اليونيسكو) وبدأنا في عمل برنامج عاجل لحماية فن الأراجوز والعرائس التقليدية، وجمعنا كل الفنانين أصحاب الشأن، كانوا لا يزيدون عن 7، وكان لا بد من تدريب أجيال جديدة من أجل وراثته وتطويره، كان ذلك في الملتقى الأول عام 2018، ورعته وزيرة الثقافة وقتها الفنانة الدكتورة إيناس عبد الدايم».

أحد عروض الأراجوز في شوارع مصر (الشرق الأوسط)

وقال عبد العليم: «كان الملتقى (أشبه بالمولد)، ويحمل ملامح المناخ نفسه الذي نشأ فيه الأراجوز، بعروض احتضنتها الشوارع»، لافتاً إلى أن «فن الأراجوز يحتاج إلى ممارسة يومية ليتمكن الفنان من إجادته، ويجب أن يُقبل عليه بمحبة وشغف ليواصل العمل فيه، والآن لدينا أكثر من 25 فناناً عرائسياً قديراً. أما الباقون، ويزيد عددهم عن 40 فناناً، فيقومون بدور (الملاغي)، وهو عنصر مهم في العروض الأراجوزية التي يقدمها المركز وتحمل رسالة وقيماً إنسانية».

ويُقبل على عروض حديقة السيدة زينب جمهور كبير من الأُسر المصرية تأتي بأطفالها لمشاهدتها والاستمتاع بها، ومنهم والد الطفل يوسف أحمد الذي قال إنه «يحب هو وأبناؤه الأراجوز، وصوته الجميل، ولا يتوقف عن الضحك من مواقفه، وألعابه وأغنياته».