مصريات يفرض وجودهن في «سوق الحياكة» بمحال جديدة

بعد سيطرة الرجال على الحِرفة لعقود طويلة

سيدة مصرية تعمل في حياكة الملابس (الشرق الأوسط)
سيدة مصرية تعمل في حياكة الملابس (الشرق الأوسط)
TT

مصريات يفرض وجودهن في «سوق الحياكة» بمحال جديدة

سيدة مصرية تعمل في حياكة الملابس (الشرق الأوسط)
سيدة مصرية تعمل في حياكة الملابس (الشرق الأوسط)

رغم عمل سيدات مصريات في مجال الحياكة منذ عقود طويلة، فإن كثيرات منهنّ كنّ يفضلنّ العمل من داخل منازلهنّ، وترك الساحة للرجال في الشوارع والميادين، عبر متاجرهم التي تحمل لافتات بأسماء عدة، من بينها «ترزي السعادة»، أو «ترزي الأمل» على سبيل المثال.

لكن في السنوات الأخيرة تخلت سيدات عن مقاعدهنّ في المنزل وقرّرن منافسة الرجال في الأماكن العامة، إذ لوحظ انتشار محال حياكة تخص سيدات في أماكن مختلفة في أنحاء مصر.

خبرة طويلة

السيدة الأرملة ميرفت سعد الدين (65 عاماً) من بين السيدات اللواتي يحترفن الحياكة، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «تعلمت حياكة الملابس على يد زوجي الراحل، الذي كان يتمتع بخبرة كبيرة في مجال قص الملابس الجاهزة وحياكتها، ومع تقدمه في السن، ترك المصنع الذي كان يعمل به». وتضيف: «بعد انقطاع صلة زوجي بالمصنع اشترى ماكينة خياطة، وفتح محلاً صغيراً قرب ميدان الجيزة (غرب القاهرة)، وكنت أساعده في أعماله حتى أتقنت حرفته تماماً، وصار يعتمد عليَّ في كثير من الأمور التي تحتاج جهداً يفوق قدرته، وبقينا على هذه الحال حتى رحيله الذي وضعني أمام خيارين؛ إما أن أغلق المحل وأبيع تجهيزاته، أو أن أستمر في العمل. وقررت أن أبقى وأحتفظ بزبائن زوجي».

وذكرت سعد الدين أنها تقوم بكل شيء في مجال الحياكة، وتتراوح قيمة ما تتقاضاه بين 15 جنيهاً للتصليح، و120 جنيهاً للتفصيل (الدولار الأميركي يعادل نحو 31 جنيهاً مصرياً)، تقول: «معظم زبائني من نساء الحي، يأتين بالأقمشة، وأنا أعرض عليهنّ الموديلات الحديثة، التي تُصوّرها ابنتي وتضعها في إطارات أخرجها عند الحاجة لتختار منها السيدات ما ترغبن في ارتدائه».

وجود لافت

وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري قد كشف في بيانات أصدرها في شهر مارس (آذار) الماضي أن «مساهمة النساء في قوة العمل خلال 2022 بلغت تقريباً 15 في المائة، وأن نسبة العاملات في المجالات الحِرفية لا تزيد عن 2 في المائة، وهي نسبة مرشحة للزيادة وفق حائكة الملابس هالة يوسف (45 عاماً)».

السيدات يفرضن وجودهن في مجال حياكة الملابس (الشرق الأوسط)

وقالت هالة، التي تمتلك محلاً خاصاً بحياكة الملابس في منطقة الطالبية بالجيزة، لـ«الشرق الأوسط»: إن «سيدات كثيرات اقتحمنّ مهنة الحياكة، حيث بتنا نجد في الشارع الواحد أكثر من 5 محلات لسيدات، أما أنا فأعمل منذ 30 عاماً في المهنة هذه، وقد دخلت في تحدٍ مع إدارة المصنع، حين كنّا نجهّز طواقم فرش السيارات، قلت لهم يمكنني أن أقدم في اليوم ما يساوي إنتاج 6 زميلات كنّ يشكلن فترة العمل الأساسية، وكسبت الرّهان، وزاد راتبي الأسبوعي من 10 جنيهات في نهاية الثمانينات ليصل إلى 30 جنيهاً، كان الدولار وقتها لا يتجاوز حاجز الجنيه الواحد، وحين بلغت 14 عاماً أوكل لي أصحاب المصنع مهمة الإدارة، صرت (الكوماندا) على من هم أكبر مني بـ30 عاماً».

إشباع الموهبة

أتقنت هالة يوسف في المصنع كلّ مراحل العمل، بدءاً من قصّ الطاقم وتجهيزه حتى الانتهاء من شكله الأخير، بقيت على هذه الحال 15 عاماً، ومن ثَمّ تركت المصنع لتعمل في آخر لتجهيز ملابس الأطفال، وهناك اكتسبت خبرات جديدة.

مرت السنوات وافتتحت هالة مشروعها الخاص من أجل إشباع موهبتها: «أنا الآن أُفصّل كل ما يخص ملابس النساء من بلوزات وعباءات وفساتين وسراويل فضلاً عن القمصان الرجالي».

اتجاه هالة لمجال حكاية الملابس وافتتاح مشروعها، لا يخرج، وفق قولها، عن كونه سعياً لإثبات الوجود، تقول: «زوجي يعمل في سوق شبرا، وقادر على توفير احتياجات البيت، ويمكنني أن أجلس في المنزل، لكنني اتخذت قراراً شجعني هو عليه، من أجل الاستمرار في ممارسة المهنة التي أحب».

ووقّعت وزارة العمل المصرية أخيراً بروتوكول تعاون مع معهد «الدون بوسكو» الإيطالي في القاهرة، لتدريب 2600 من الرجال والنساء لإتقان 23 مهنة، بينها تفصيل وحياكة الملابس.

وتلقى محال الحياكة رواجاً في المدن المصرية، إذ يقصدها كثيرون لإجراء تعديلات على الملابس الجديدة، أو إصلاح القديمة منها. ويرى بعض الحِرفيين أن أزمة الغلاء التي تعاني منها مصر دفعت كثيرين إلى تقليل فاتورة شراء الملابس الجديدة والاعتماد على القديمة.

أما مديحة محمود (50 عاماً) فقد افتتحت محلها في منزل والدها بحي المنيب، وهو أيضاً قريب من مقهى يديره زوجها، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «كان همّي الأساسي أن أتّقن فن التفصيل، وأن أجلس على ماكينة الخياطة الخاصة بي، وأُصلح ملابس جاراتي، ومن ثم تطور الأمر لأتخصص في حياكة الجيبات، والبلوزات، كما أنني أجيد معالجة الملابس القديمة وإعادتها لحالتها الطبيعية، إذ أقوم بإخفاء ما طرأ عليها من عيوب بفعل الزمن».


مقالات ذات صلة

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق النجم الشجاع أنقذ الموقف (مواقع التواصل)

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

نجح نجم «ديزني»، الأسترالي أندري ريريكورا، في التخلُّص من ثعبان على طائرة «فيرجين إيرلاينز»... فماذا كانت مكافأته؟

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق جمال لوتشيا بونتي من نوع مختلف عن جدّتها (موقع الحفل)

حفيدة صوفيا لورين «مختلفة الجمال» تخرج إلى المجتمع في «حفل المبتدئات»

جرتْ العادة أن تحضُر كل مُشاركة بصحبة فتى من أبناء المشاهير والأثرياء، وأن ترقص معه «الفالس» كأنهما في حفل من حفلات القصور في عهود ملوك أوروبا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
TT

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)
الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

كرّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في 4 فروع رئيسية، بجوائز بلغت قيمتها 1.6 مليون ريال، ونال كل فائز بكل فرع 200 ألف ريال، وذلك برعاية وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس أمناء المجمع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان.

وتشمل فروع الجائزة تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها، وحوسبة اللُّغة وخدمتها بالتقنيات الحديثة، وأبحاث اللُّغة ودراساتها العلميَّة، ونشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة.

ومُنحت جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد، ولدار جامعة الملك سعود للنَّشر من المملكة العربيَّة السُّعوديَّة في فئة المؤسسات، فيما مُنحت في فرع «حوسبة اللُّغة العربيَّة وخدمتها بالتقنيات الحديثة»، لعبد المحسن الثبيتي من المملكة في فئة الأفراد، وللهيئة السُّعوديَّة للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» في فئة المؤسسات.

جائزة فرع «تعليم اللُّغة العربيَّة وتعلُّمها» لخليل لوه لين من الصين في فئة الأفراد (واس)

وفي فرع «أبحاث اللُّغة العربيَّة ودراساتها العلمية»، مُنحَت الجائزة لعبد الله الرشيد من المملكة في فئة الأفراد، ولمعهد المخطوطات العربيَّة من مصر في فئة المؤسسات، فيما مُنحت جائزة فرع «نشر الوعي اللُّغوي وإبداع المبادرات المجتمعيَّة اللُّغويَّة» لصالح بلعيد من الجزائر في فئة الأفراد، ولمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة من الإمارات في فئة المؤسسات.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُويَّة اللُّغويَّة، وترسيخ الثَّقافة العربيَّة، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبلٍ زاهرٍ للُّغة العربيَّة، وتأكيد صدارتها بين اللغات.

وجاءت النتائج النهائية بعد تقييم لجان التحكيم للمشاركات؛ وفق معايير محددة تضمَّنت مؤشرات دقيقة؛ لقياس مدى الإبداع والابتكار، والتميز في الأداء، وتحقيق الشُّمولية وسعة الانتشار، والفاعليَّة والأثر المتحقق، وقد أُعلنت أسماء الفائزين بعد اكتمال المداولات العلمية، والتقارير التحكيميَّة للجان.

وأكد الأمين العام للمجمع عبد الله الوشمي أن أعمال المجمع تنطلق في 4 مسارات، وهي: البرامج التعليمية، والبرامج الثقافية، والحوسبة اللغوية، والتخطيط والسياسة اللغوية، وتتوافق مع استراتيجية المجمع وداعمةً لانتشار اللغة العربية في العالم.

تمثل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع لخدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

وتُمثِّل الجائزة إحدى المبادرات الأساسية التي أطلقها المجمع؛ لخدمة اللُّغة العربيَّة، وتعزيز حضورها، ضمن سياق العمل التأسيسي المتكامل للمجمع، المنبثق من برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج تحقيق «رؤية المملكة 2030».