لماذا يعدّ صلاح جاهين ظاهرة مهمة في الثقافة المصرية؟

مع الذكرى 92 لميلاد «فيلسوف البسطاء»

صلاح جاهين (صفحة لمحبي الشاعر على فيسبوك)
صلاح جاهين (صفحة لمحبي الشاعر على فيسبوك)
TT

لماذا يعدّ صلاح جاهين ظاهرة مهمة في الثقافة المصرية؟

صلاح جاهين (صفحة لمحبي الشاعر على فيسبوك)
صلاح جاهين (صفحة لمحبي الشاعر على فيسبوك)

مع حلول الذكرى الـ92 لميلاد الشاعر المصري صلاح جاهين، الاثنين، استضاف مركز الإبداع في وزارة الثقافة المصرية ندوة احتفاء به مبدعاً في مجالات عدة، فهو شاعر وسيناريست وفنان كاريكاتير، قدّم الكثير من الأعمال التي خلّدها تاريخ الفن والأدب، ونال بسببها ألقاباً عديدة منها «فيلسوف البسطاء» و«صانع البهجة» و«الضاحك الباكي»، فلماذا يعدّه البعض «ظاهرة مهمة» في الثقافة المصرية؟

تمثل «الرباعيات» قمة الإنتاج الشعري لصلاح جاهين، المولود في 25 ديسمبر (كانون الأول) 1930 ورحل في 21 أبريل (نيسان) 1986، إذ اتسمت بالتكثيف الشديد والميل إلى الحكمة والفلسفة وطرح معانٍ وجودية وإنسانية شديدة العمق في أقل عدد من الكلمات وبأسلوب بسيط بالعامية المصرية، وفق نقاد. كما في تلك الرباعية: «أنا شاب لكن عمري ولا ألف عام وحيد، ولكن بين ضلوعي زحام خايف، ولكن خوفي مني أنا أخرس، ولكن قلبي مليان كلام... وعجبي».

ويستعيد مركز الإبداع الفني في دار الأوبرا المصرية ذكرى جاهين من خلال أمسية ثقافية، مساء الاثنين، يتحدث فيها الخبير في التراث الثقافي حمدي السطوحي، كما تلقي الفنانة والمخرجة المسرحية عبير لطفي مجموعة مختارة من الرباعيات.

الأديب والكاتب المصري أحمد الخميسي عدّ صلاح جاهين «يمثل النقلة الثالثة في مسيرة شعر العامية المصرية بعد بيرم التونسي وفؤاد حداد»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن جاهين «جعل أجيالاً كاملة تتعلق بالشعر لأول مرة بسبب سهولة أشعاره وبساطتها التي لا تخلو من عمق التأمل وجمال الفكرة، فكان من السهل أن ينفذ إلى قلوب المثقفين والبسطاء على حد سواء».

واتسمت رسومات جاهين في مجال الكاريكاتير التي نُشرت في أهم الصحف والمجلات المصرية مثل «الأهرام»، و«روزاليوسف» و«صباح الخير» بالجرأة في نقد الأوضاع السياسية والتعبير عن هموم الحياة اليومية المصرية، لا سيما في عقدي الستينات والسبعينات مع مسحة من خفة الظل والقدرة على التقاط المفارقة من مفردات الواقع الاجتماعي المتنوعة.

واستضاف مركز إبداع «بيت السحيمي» في القاهرة قبل عامين معرضاً يضم 40 رسماً كاريكاتيرياً أصلياً لجاهين تُعرض للمرة الأولى متضمنة تعليقاً خاصاً بكل عمل مكتوب بخط يده.

وأسهم جاهين في صناعة العشرات من الأعمال الفنية سواء بصفته سيناريستاً أو منتجاً أو شاعراً غنائياً أو ممثلاً. ومن أبرز أعماله على المستوى السينمائي «خلّي بالك من زوزو»، و«أميرة حبي أنا»، وعلى مستوى المسلسلات «هو وهي»، كما أنه مؤلف أشهر أوبريت عرائس في الفن المصري وهو «الليلة الكبيرة».

وعدّ الناقد والأكاديمي المصري شوكت المصري أن «جاهين مبدع متعدد الوجوه وصل إلى الحد الأقصى في معظم المجالات التي خاضها، لا سيما شعر العامية والشعر الغنائي وفن الكاريكاتير»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يتجلى في الرباعيات كما لو كان حكيماً مصرياً قديماً يعرف سر الشخصية المصرية على مر التاريخ بجميع تنويعاتها من الحارة إلى القرية والمدينة ومن البحر إلى البادية، وجسدها شعراً، لذلك يُعدّ ظاهرة مهمة في الثقافة المصرية».

وأضاف المصري: «لا أعرف إلى متى تستمر مؤسساتنا التربوية والثقافية في تجاهل تراث أيقونات الشعر في مصر، وعلى رأسهم صلاح جاهين»، مبدياً إحباطه من «عدم تدريس رباعيات صلاح جاهين على طلبة القسم الأدبي بالثانوية العامة حتى الآن».


مقالات ذات صلة

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

ثقافة وفنون غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مجموعة من المشاهير الراحلين الأعلى دخلاً رغم وفاتهم منذ سنوات

ملايين الدولارات في حسابات أموات... كيف يجني المشاهير الراحلون أموالاً طائلة؟

لا تعني وفاة المشاهير أن ثرواتهم تتوقّف عن التكاثر، بل إنها قد تتضاعف بعد رحيلهم كما هي الحال مع مايكل جاكسون... فكيف يحصل ذلك ومَن المستفيدون؟

كريستين حبيب (بيروت)
شمال افريقيا الكاتب الجزائري بوعلام صنصال يتحدث في مؤتمر صحافي خلال الدورة الثانية والستين لمهرجان برلين السينمائي الدولي 9 فبراير 2012 (أ.ب)

الجزائر تواجه دعوات متزايدة للإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال

دعا سياسيون وكتاب وناشطون إلى الإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
يوميات الشرق وزارة الثقافة حريصة على التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة (واس)

اتفاقية تعاون تجمع «الثقافة السعودية» و«مدرسة الملك تشارلز للفنون»

شهد الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة التراث، الأربعاء، توقيع اتفاقية تعاون بين الوزارة ومدرسة الملك تشارلز للفنون.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم اليوم، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

ميرزا الخويلدي (الفجيرة)

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
TT

اعترافات الفنانات خلال مقابلات إعلامية... جدل متجدد يُثير تفاعلاً

الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)
الفنانة المصرية رانيا يوسف (فيسبوك)

بعض التصريحات التي تدلي بها الفنانات المصريات لا تتوقف عن تجديد الجدل حولهن، وإثارة التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بتفاصيل حياتهن الشخصية والنصائح التي يوجهنها للجمهور بناء على تجاربهن، وهو أمر برز خلال لقاءات إعلامية عدة في الأسابيع الماضية.

أحدث هذه التصريحات كانت من نصيب الفنانة المصرية رانيا يوسف، في برنامج «ع الرايق»، بعدما تطرقت لتعرضها للضرب من زوجيها الأول والثاني، مع نصيحتها للفتيات بألا تقل فترة الخطوبة قبل الزواج عن 3 أو 4 سنوات، فضلاً عن نصيحتها لبناتها بعدم الزواج قبل سن الـ30 عاماً.

وقالت رانيا إن «طبيعة العلاقات في الوقت الحالي أصبحت تتطلب مزيداً من العمق والتفاهم بين الطرفين، بعيداً عن السطحية والانجذاب المؤقت»، محذرة من تعامل النساء بمشاعرهن عند البحث عن الشراكات العاطفية التي تحقق لهن السعادة والاستقرار.

وجاءت تصريحات رانيا بعد وقت قصير من تصريحات للفنانة زينة عن حياتها الشخصية وإنجابها طفليها التوأم بمفردها في الولايات المتحدة وصعوبة الأيام الأولى لهما مع مرضهما، بالإضافة إلى الفترة التي قضتها بمفردها في الغربة. وكذلك تطرقت إلى تفاصيل كثيرة عن حياتها، خصوصاً في ظل تحملها مسؤولية دور الأم والأب ووجودها مع نجليها بمفردها.

الفنانة المصرية زينة (فيسبوك)

وكانت الفنانة لبلبة قد أثارت جدلاً مشابهاً عندما تحدثت عن طفولتها الصعبة التي عاشتها واضطرارها للعمل من أجل الإنفاق على عائلتها بجانب انشغالها بمسؤوليات الأسرة وأشقائها، الأمر الذي جعلها تحاول أن تعوض ما لم تعشه في طفولتها.

من جهتها، تؤكد الناقدة المصرية ماجدة موريس أن «بعض الفنانين لا يكون قصدهم دائماً إثارة الجدل بالحديث عن حياتهم الشخصية أو مواقف سابقة مروا بها»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التصريحات تخرج بشكل عفوي، لكن التفاعل يحدث معها نتيجة اهتمام الجمهور بمتابعتهم».

وأضافت أن «رانيا يوسف على سبيل المثال مرّت بتجارب مختلفة، وبالتالي عندما تتحدث عن صعوبة ثقتها في الرجال، بالإضافة إلى نصيحتها بتأجيل خطوة الزواج للفتيات؛ فهي تحاول إبداء رأي تعتقد أنه صواب»، لافتة إلى أهمية التعامل مع الفنانين باعتبارهم بشراً من حقهم الإدلاء بآرائهم، لكن ليس بالضرورة أن تكون جميع آرائهم صحيحة أو غير قابلة للتغير مع مرور الوقت.

الفنانة المصرية لبلبة (فيسبوك)

وهنا يشير مدرس علم الاجتماع بجامعة بني سويف، محمد ناصف، إلى «ضرورة التفرقة بين المواقف الشخصية والخبرات التي يتحدث بها الأشخاص العاديون، وبين المشاهير الذين تكون لديهم قاعدة جماهيرية ومصداقية ربما أكثر من غيرهم وإمكانية وصول لأعداد أكبر من الجمهور عبر البرامج والمنصات»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «جزءاً من الجدل يكون مجتمعياً في الأساس، لكن بدايته تكون من تصريحات المشاهير».

وأضاف أن «هناك تبايناً في الآراء قد يصل لدرجة التناقض بين الأفراد داخل المجتمع، وهو أمر يتوجب فهمه في إطار الخلفيات الاجتماعية والعادات والخبرات التي يمر بها كل فرد، وبالتالي ستجد من يقتنع بكل رأي يقال حتى لو لم يكن صحيحاً من الناحية العلمية»، لافتاً إلى ضرورة فتح نقاشات أعمق حول بعض الآراء عبر وسائل الإعلام.

وهو الرأي الذي تدعمه الناقدة المصرية، موضحة أن «آراء الفنانين تسلط الضوء على موضوعات قد تكون محل جدل مجتمعي، لكن تبرز لوسائل الإعلام مع إعلانها من المشاهير»، لافتة إلى أن «بعض الآراء قد تعرض أصحابها لانتقادات من شرائح أكبر عبر مواقع التواصل، لكن على الأرجح يكون لدى الفنان القدرة على تحمل تبعات موقفه وشرح وجهة نظره التي ليس بالضرورة أن تتسق مع رأي الغالبية».