متى أصبحت أستراليا قارة؟

متى أصبحت أستراليا قارة؟
TT

متى أصبحت أستراليا قارة؟

متى أصبحت أستراليا قارة؟

أستراليا ليست فقط أصغر قارة، ولكنها أيضًا أكبر جزيرة على وجه الأرض. غير أن الأرض أسفلها لم تكن دائمًا معزولة جدًا؛ فلقد كانت ذات يوم جزءًا من قارة عظمى أكبر. إذن متى أصبحت أستراليا قارة خاصة بها؟

تبلغ مساحة اليابسة القارية لأستراليا حوالى 2300 ميل (3700 كيلومتر) من الشمال إلى الجنوب و2485 ميلًا (4000 كيلومتر) من الشرق إلى الغرب. ضمن مساحة 2.97 مليون ميل مربع (7.69 مليون كيلومتر مربع).

وتعد أستراليا موطنًا لأقدم مادة معروفة ذات أصل أرضي على الأرض هي «بلورات الزركون» من منطقة جاك هيلز في الغرب؛ والتي يعود تاريخها إلى حوالى 4.4 مليار سنة مضت، وفقًا لدراسة أجريت عام 2014 ونشرت بمجلة «علوم الأرض الطبيعية».

وأقدم أجزاء أستراليا هي ثلاث قطع من الصخور بحجم القارة تعرف باسم الكراتونات (كراتونات شمال وجنوب وغرب أستراليا)، حسبما يقول آلان كولينز عالم الجيولوجيا بجامعة أديلايد الأسترالية. موضحا «يتكون الجزء الشرقي الأحدث من أستراليا من الصخور التي تشكلت على حافة المناطق الأقدم في القارة على مدار الـ 500 مليون سنة الماضية». وذلك وفقما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي.

وكانت أستراليا ذات يوم جزءًا من مساحة أكبر بكثير تُعرف باسم «غوندوانا»، التي تضمنت أيضًا ما يُعرف الآن بأفريقيا وأميركا الجنوبية والقارة القطبية الجنوبية والهند ومدغشقر. فيما كانت غوندوانا نفسها جزءًا من القارة العملاقة «بانجيا»؛ التي انفصلت عنها منذ حوالى 200 مليون سنة، وفقًا لجامعة موناش.

واضاف كولينز «ان غوندوانا بدأت في الانقسام منذ حوالى 180 مليون سنة. وانفصل نصفها الشرقي (الذي يشمل أستراليا والقارة القطبية الجنوبية والهند ومدغشقر) عن نصفها الغربي (المكون من أفريقيا وأميركا الجنوبية) وفقا لجامعة برلين الحرة».

وتابع كولينز «أن غوندوانا انقسمت بسبب انغماس القشرة المحيطية أو انزلاقها تحت الحواف الجنوبية والشرقية لآسيا، وسقوطها في أعماق الأرض». وزاد «ان هذه القشرة المحيطية سحبت معها بقية صفيحتها التكتونية، وكانت الحافة الشمالية لغوندوانا على الطرف الآخر من هذه الصفيحة. وفي المقابل، فقد شرق غوندوانا المزيد والمزيد من الأجزاء بمرور الوقت».

من جانبه، يؤكد باتريس راي عالم الجيولوجيا بجامعة سيدني الأسترالية «ان أستراليا انفصلت والقارة القطبية الجنوبية معًا ككتلة واحدة عن غوندوانا منذ حوالى 135 مليون سنة. فلقد انفصلت هذه الكتلة عن غوندوانا بسبب انغماس صفيحة تكتونية شرق هذه الكتلة تحت الكتلة».

وأكد راي «ان منطقة الاندساس هذه استوعبت الحركة شرقا للكتلة الأسترالية والقارة القطبية الجنوبية بعيدا عن غوندوانا. إذ كانت نيوزيلندا ذات يوم جزءًا من هذه الكتلة الانفصالية أيضًا. ومع ذلك، منذ حوالى 100 مليون سنة انفصلت مساحة اليابسة التي تضم الآن نيوزيلندا (القارة المغمورة بالمياه إلى حد كبير والتي يطلق عليها اسم زيلانديا) عما يُعرف الآن بشرق أستراليا جزئيًا بسبب النشاط البركاني الكبير».

ويخلص راي الى القول «إن أستراليا انفصلت في نهاية المطاف عن القارة القطبية الجنوبية لتصبح قارة خاصة بها قبل حوالى 35 مليون سنة، عندما انجرفت الأولى شمالا بعيدا عن الأخيرة». بينما ذهب كولينز الى استنتاج ان «هذا الحدث خلق المحيط الجنوبي الذي يحيط حاليا بالقارة القطبية الجنوبية». وفي هذا الاطار، أستراليا لا تزال على هذه المسار؛ تنجرف بحوالى 2.75 بوصة (7 سنتيمترات) سنويًا، وهي الصفائح التكتونية الأسرع حركة على الكوكب، كما كتب العالمان الأستراليان كريس ريزوس ودونالد غرانت في مقال عام 2017 نشره موقع The Conversation العلمي المرموق.

ويرى كولينز أن «أستراليا تتحرك بسرعة كبيرة نحو الشمال، بنفس سرعة نمو الأظافر». مبينا «خلال حوالى 20 إلى 30 مليون سنة، من المرجح أن تغزو أستراليا شرق آسيا. وبمجرد اصطدام أستراليا بآسيا فإن وقتها كقارة خاصة بها سوف ينتهي». وفق قوله.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق 77 مشروعاً بحثياً تنتشر في مختلف المناطق السعودية (هيئة التراث)

دلائل أثرية لاستيطان العصور الحجرية في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي

بدأت نتائج المسح الأثري في مدينة الرياض ومحيطها الجغرافي تظهر مبكراً مع إطلاق هيئة التراث بالسعودية أعمال المسح الميداني ضمن مشروع اليمامة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق فُسِّر اللغز لفكّ غموضه (مواقع التواصل)

هيكل عظمي لـ5 أشخاص تفصل بينهم آلاف السنوات

حلَّ علماء آثار لغز هيكل عظمي غريب من بلجيكا يتكوّن من عظام 5 أشخاص عاشوا قبل 2500 عام متفرِّقين... فكيف التقت هذه المجموعة المختلطة من العظام في هيكل واحد؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تستهدف الندوة توسيع الفهم لأثر التنقل والترحال في تشكيل المجتمعات البشرية (هيئة العلا)

«ندوة العلا العالمية للآثار» تستكشف دور التنقل في تشكيل تاريخ البشرية

تهدف ندوة العلا العالمية إلى استكشاف الدور العميق للتنقل في تشكيل تاريخ البشرية، وتأمل السرديات حول القصص المتعددة عن أثر التنقل والترحال في حياة المجتمعات.

عمر البدوي (العلا)
ثقافة وفنون الحقد الاسرائيلي على صور لم ينحصر بحدود حاضرها الراهن (أ.ف.ب)

صُور مدينة الأرجوان والأساطير والمرايا العصية على الانكسار

لأسابيع خلت ظلت مدينة صور أقرب مدن الجنوب اللبناني إلى فلسطين، تعج بعشرات الآلاف من أبنائها المقيمين،

شوقي بزيع

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.