البكتيريا المقاومة للعقاقير تودي بحياة مليون أفريقي خلال عام

إساءة استعمال المضادات الحيوية تزيد خطر الوفيات بالعدوى البكتيرية (أونسبلاش)
إساءة استعمال المضادات الحيوية تزيد خطر الوفيات بالعدوى البكتيرية (أونسبلاش)
TT

البكتيريا المقاومة للعقاقير تودي بحياة مليون أفريقي خلال عام

إساءة استعمال المضادات الحيوية تزيد خطر الوفيات بالعدوى البكتيرية (أونسبلاش)
إساءة استعمال المضادات الحيوية تزيد خطر الوفيات بالعدوى البكتيرية (أونسبلاش)

كشفت دراسة جديدة أن مقاومة مضادات الميكروبات مرتبطة بوقوع أكثر من مليون حالة وفاة في أفريقيا، خلال عام. وأوضح الباحثون بمعهد القياسات الصحية والتقييم في واشنطن، أن جمهورية أفريقيا الوسطى وليسوتو وإريتريا سجلت أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات، حيث بلغ عدد الوفيات أكثر من 200 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة، ونشرت النتائج، الثلاثاء، بدورية «لانسيت غلوبال هيلث».

وحسب الدراسة، فإن المنطقة الأفريقية تتحمل العبء الأكبر عالمياً، نتيجة الوفيات الناجمة عن مقاومة مضادات الميكروبات، وهو ما يرجع جزئياً إلى العبء الكبير الذي تتحمله المنطقة من الوفيات المرتبطة بالعدوى، ويؤكد هذا أيضاً على ضرورة اكتشاف الدوافع الدقيقة والمعقدة لمقاومة مضادات الميكروبات في أفريقيا.

للوصول إلى النتائج، أجرى فريق البحث تحليلاً أكثر شمولاً للبيانات التي ترصد عبء مقاومة مضادات الميكروبات، في 47 دولة بأفريقيا، خلال عام 2019، كما راقب الفريق 23 مسبباً للأمراض البكتيرية، و88 مجموعة من مسببات الأمراض والأدوية.

وإجمالاً، توصلت الدراسة إلى أن مقاومة مضادات الميكروبات مرتبطة بوقوع 1.05 مليون حالة وفاة في المنطقة الأفريقية، ووجد الباحثون أن أكثر حالات العدوى المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات فتكاً هي التهابات الجهاز التنفسي السفلي والصدر، حيث بلغ إجمالي الوفيات الناجمة عنها 521 ألف وفاة.

ورصد الباحثون أبرز 4 مسببات رئيسية للأمراض البكتيرية، وهي المكوّرات الرئوية، والكلبسيلا الرئوية، والإشريكية القولونية، والمكورات العنقودية الذهبية، وكان كل منها مسؤولاً بشكل فردي عن أكثر من 100 ألف حالة وفاة مرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات في المنطقة الأفريقية.

كما وجدوا أن حديثي الولادة في وسط وغرب أفريقيا يتحملون عبئاً كبيراً من الوفيات المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات. وأشار الفريق إلى أن النتائج تؤكد الحاجة إلى الاستثمارات في تطوير اللقاحات وتوزيعها لمنع العدوى، خصوصاً ضد مسببات الأمراض الأربعة الرئيسية، بالإضافة لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية والمضادات الحيوية الفعالة، خصوصاً لدى الفئات السكانية الضعيفة.

من جانبه، قال أستاذ الميكروبيولوجي والمناعة بكلية الصيدلة جامعة عين شمس في مصر، الدكتور خالد أبو شنب، لـ«الشرق الأوسط»، إن مقاومة مضادات الميكروبات تأتي في المقام الأول من إساءة استعمال المضادات الحيوية، والإفراط في استعمالها، خصوصاً من دون وصفة طبية؛ ما يؤدي في نهاية المطاف لظهور سلالات بكتيرية غير مستجيبة للأدوية، ويجعل علاج حالات العدوى أكثر صعوبة، ويزيد من خطر انتشار الأمراض والوفيات.

وأضاف أن الدراسة كشفت العبء الثقيل الذي تمثله مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات على القطاع الصحي في أفريقيا، ما يستلزم ضرورة تعزيز برامج مراقبة مقاومة مضادات الميكروبات، والحد من الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية في علاج البشر والحيوانات.


مقالات ذات صلة

مقاومة المضادات الحيوية قد تقتل 39 مليون شخص سنوياً بحلول 2050

صحتك بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية (رويترز)

مقاومة المضادات الحيوية قد تقتل 39 مليون شخص سنوياً بحلول 2050

أفادت دراسة نموذجية، نُشرت اليوم (الثلاثاء)، بأنّ 39 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم قد يموتون بسبب أمراض مقاومة للمضادات الحيوية خلال السنوات الـ25 المقبلة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك تحذير من مرض السيلان (أ.ف.ب)

السيلان قد يصبح مرضاً غير قابل للعلاج

حذّر مسؤولو الصحة في بريطانيا من أن مرض السيلان أصبح مقاوماً بشكل متزايد للمضادات الحيوية، وقد يكون غير قابل للعلاج في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ارتفاع الحرارة يعزّز قدرة البكتيريا على البقاء حيّة (رويترز)

تغيُّر المناخ يُسهّل انتشار البكتيريا المقاوِمة للمضادّات الحيوية

حذّرت دراسة أُجريت في جنوب أفريقيا من أنّ تغيُّر المناخ يسهّل حركة البكتيريا المقاوِمة للمضادّات الحيوية وانتشارها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية (رويترز)

تقرير: انتشار مقلق لـ«مقاومة المضادات الحيوية» في أوكرانيا

ذكر تقرير جديد أن المستشفيات والمرافق الصحية في أوكرانيا تواجه «زيادة مثيرة للقلق» في حالات العدوى البكتيرية المقاومة للمضادات الحيوية وسط الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
يوميات الشرق دراسة: نسبة كبيرة من المضادات الحيوية «غير ضرورية» أو «غير مناسبة»

دراسة: نسبة كبيرة من المضادات الحيوية «غير ضرورية» أو «غير مناسبة»

وصفت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق من هذا العام مقاومة مضادات الميكروبات، أي قدرة مسببات الأمراض على تجنب التدخلات الطبية، بأنها واحدة من أكبر 10 تهديدات للصحة العالمية. وفي الولايات المتحدة وحدها، وفقاً لتقرير حديث صادر عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، يموت 35 ألف شخص سنوياً بسبب العدوى المقاومة للمضادات الحيوية، بحسب تقرير لمجلة «تايم». وتشير دراسة جديدة نُشرت في المجلة الطبية البريطانية (بي إم جي) إلى سبب رئيسي للمشكلة: الأطباء يصفون المضادات الحيوية عندما لا ينبغي لهم ذلك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
TT

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

ضمن مشروع الأفلام الذي يعدّه «مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري» في «مكتبة الإسكندرية» بعنوان «عارف»، يروي فيلم الأقصر التسجيلي الوثائقي تاريخ واحدة من أقوى العواصم في تاريخ الحضارات القديمة، ويستدعي ما تمثّله هذه المدينة من كنز حضاري منذ أن كانت عاصمة مصر في عهد الدولة الوسطى.

في هذا السياق، قال مدير المركز التابع لـ«مكتبة الإسكندرية»، الدكتور أيمن سليمان، إنّ «سلسلة أفلام (عارف) تقدّم القصص التاريخية عن الأماكن والمدن والمعالم المهمة في مصر، بصورة أفلام قصيرة تُصدّرها المكتبة»، موضحاً أنه «صدر من هذه السلسلة عدد من الأفلام ضمن منظور غير تقليدي هدفه توعية النشء والشباب بأسلوب سهل ومبسَّط؛ ولا تتعدى الفترة الزمنية لكل فيلم 3 دقائق، وهو متاح باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «فيلم (الأقصر) يتناول قصة واحدة من أقوى عواصم العالم القديم، عاصمة الإمبراطورية المصرية. طيبة أو (واست) العصية كما عُرفت في مصر القديمة، التي استمدت قوتها من حصونها الطبيعية. فقد احتضنتها الهضاب والجبال الشاهقة من الشرق والغرب، مثل راحتَي يد تلتقيان عند مجرى نهر النيل. وكانت رمز الأقصر عصا الحكم في يد حاكمها الذي سيطر على خيرات الأرض، فقد منَّ الله عليها بنعمة سهولة الزراعة، كما وصفها الإغريق».

«بوستر» الفيلم الوثائقي عن الأقصر (مكتبة الإسكندرية)

ولم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة. فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد كلما عانت التفكك والانقسام. ومن أبنائها، خرج محاربون عظماء، مثل منتُوحتب الثاني الذي أعاد توحيد الدولة المصرية وجعل الأقصر عاصمةً لها، وأحمس الذي صدَّ عدوان الغزاة، وفق ما يشير الفيلم.

وأوضح سليمان أنه «مع استقرار البلاد، تهيّأت الظروف لازدهار الثقافة والحضارة التي تحترم الإنسان وقدراته، رجالاً ونساءً. فقد تركت حتشبسوت نماذج فريدة في العمارة والفنون والثقافة والاستكشاف. وفي ساحات معابد الكرنك، اجتمع الأمراء والطلاب للعلم والعبادة معاً، مُشكّلين بذلك طابعاً خاصاً للشخصية المصرية. وسجّل تحتمس الثالث الحياة اليومية في الإمبراطورية المصرية، جنباً إلى جنب مع الحملات العسكرية، على جدران معبد الكرنك، في حين شيّد أمنحتب الثالث نماذج معمارية مهيبة شرق النيل وغربه».

جانب من الفيلم الوثائقي عن الأقصر (مكتبة الإسكندرية)

وتابع: «الأقصر تحتفظ بدورها الثائر ضدّ المحتل عبر عصور الاضطراب والغزو، مثل حائط صدّ ثقافي حافظ على الهوية المصرية. ودفع هذا الإسكندر والبطالمة والأباطرة الرومان إلى تصوير أنفسهم بالهيئة المصرية القديمة على جدران المعابد، إجلالاً واحتراماً. وقد احتضنت معابد الأقصر الكنائس والمساجد في وحدة فريدة صاغتها الثقافة المصرية، لتشكّل جسراً جديداً من جسور التراث والفكر».

ولفت إلى أنّ «شامبليون طاف بها 6 أشهر كاملةً ليملأ عينيه بجمال آثارها. فهي قبلة الباحثين من شتى أنحاء العالم، الذين يأتون إليها آملين أن تبوح لهم أرضها بأسرار تاريخ البشر، وأن تكشف لهم مزيداً من كنوز الفنون والآداب والعلوم».

وتهدف سلسلة «عارف» إلى تقديم نحو 100 فيلم وثائقي، وأصدرت أيضاً أفلام «توت عنخ آمون»، و«بورتريهات الفيوم»، و«هيباتيا»، و«سرابيوم الإسكندرية»، و«الألعاب في مصر القديمة»، و«القاهرة التاريخية».