البروفسورة اللبنانية نيفين خشاب تفوز بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة العلوم الطبيعية

تقديراً لإسهاماتها في علوم الكيمياء والهندسة الحيوية والعلوم البيولوجية

البروفسورة اللبنانية نيفين محمد علي خشاب (الشرق الأوسط)
البروفسورة اللبنانية نيفين محمد علي خشاب (الشرق الأوسط)
TT

البروفسورة اللبنانية نيفين خشاب تفوز بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة العلوم الطبيعية

البروفسورة اللبنانية نيفين محمد علي خشاب (الشرق الأوسط)
البروفسورة اللبنانية نيفين محمد علي خشاب (الشرق الأوسط)

تُوّجت البروفسورة اللبنانية نيفين محمد علي خشاب بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة العلوم الطبيعية، وذلك تقديراً لإسهاماتها البارزة في مجالات علوم الكيمياء، والهندسة الحيوية، والعلوم البيولوجية.

وتركّز الاهتمامات البحثية للبروفسورة خشاب على تطبيقات المواد متناهية الصغر القابلة للبرمجة الذكية والمصنّعة هندسياً، وعلى استخداماتها للأغراض الطبية، والصيدلانية، والصناعية، والبيئية. وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن الفضول العلمي والمعرفي هو أساس التطور الحضاري للأمم في كل مراحل التاريخ.

وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أعلن فوز البروفسورة خشاب بالجائزة عن فئة العلوم الطبيعية، وهي التي تشغل منصب العميد المشارك للعلوم الفيزيائية والهندسية وأستاذ علوم الكيمياء بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في السعودية، وذلك نظراً لمساهماتها الريادية في مجال العلوم الطبيعية وأبحاثها في الجامعات العربية.

وقال: «نعلن اليوم عن الفائزة بلقب (نوابغ العرب) عن فئة العلوم الطبيعية، البروفسورة نيفين خشاب الباحثة والأكاديمية التي تلهم جيلاً جديداً من العلماء الشباب في العالم العربي، وتحوّل أبحاث العلوم إلى ابتكارات متقدمة في الطب والصناعات المتقدمة والتكنولوجيا النانوية والزراعة المستدامة».

وأضاف: «الإنجاز العلمي هو أساس التطور الحضاري، ونريد أن نحافظ على العلماء وأن نمكّنهم ونكرّمهم ونحتفي بإنجازاتهم ونوفر لهم المساحة لتحويل أفكارهم وأبحاثهم إلى واقع، مؤكداً أن استئناف مساهمة المنطقة في الحضارة الإنسانية مشروع شامل والتزام استراتيجي غايته الإنسان العربي القادر على الإنجاز والإبداع والتميّز بالعلوم والمعارف».

وتدرس خشاب الفرص الجديدة التي يمكن لكبسولات وأجهزة النانو أن توفرها في الإفادة من الأدوية والعلاجات الجينية والتشخيص الطبي، وفي الصناعات، نظراً لصلابتها ومتانتها وما تتميز به من مقاومة حرارية فائقة.

وتعمل خشاب في الوقت الحاضر على أبحاث تتعلق بأنابيب الكربون متناهية الصغر، التي تتمتع بخواص فريدة وصلابة وقوة متميزة، بالإضافة إلى خواصها الإلكترونية الاستثنائية، كما تختبر أيضاً تطبيقات أنابيب الكربون في الأغشية الذكية. وساهمت خشاب في تصميم مواد ذكية تُستخدم في الأنظمة الطبية الحيوية وتقوم على تصنيع تجميعات الجزيئات على المستوى النانوي باستخدام التفاعلات غير التساهمية.

وتتنوع استخدامات الابتكارات العلمية والمواد الذكية التي طورتها خشاب في عدة قطاعات، منها على المستوى الطبي في مجالات الاستشعار والتغليف والتوصيل الدوائي والعلاجي والجراحي، وعلى المستوى الصناعي كما في المركّبات النانوية وغيرها، بالإضافة إلى المستوى البيئي، كما في حلول ومنصات الزراعة المستدامة. وعملت على إحداث نقلات نوعية في مشهد العلاجات الدوائية بتصميمها مجموعة حلول مبتكرة، مثل كبسولات الدواء القابلة للتفعيل من خلال الضوء.

من جهته، نوّه محمد القرقاوي رئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، في اتصال مع خشاب، بما قدمته في ميادين العلوم الطبيعية عربياً وعالمياً من خلال أبحاثها الرائدة التي فتحت آفاقاً جديدة في استخدامات المواد النانوية متناهية الصغر للأغراض الطبية والدوائية، وتطبيقات التكنولوجيا المتقدمة.

وتهدف المبادرة إلى تعزيز الهجرة العكسية للعقول العربية والمحافظة عليها في الوطن العربي من خلال الاحتفاء بإنجازاتها وتكريمها وتسليط الضوء على ما حققته وتعريف مختلف القطاعات المجتمعية بإمكاناتها وفرص توسيع الأثر الإيجابي لإبداعاتها.

وتلقت المبادرة آلاف الترشيحات في فئاتها الست المتمثلة بالهندسة والتكنولوجيا، والطب، والاقتصاد، والأدب والعلوم الطبيعية، والفنون، والعمارة، والتصميم.

وعقب التصفيات الختامية، تتالت الإعلانات عن الفائزين، وهم الدكتور هاني نجم من السعودية عن فئة الطب، والبروفسور فاضل أديب من لبنان عن فئة الهندسة والتكنولوجيا، والدكتور محمد العريان الذي حاز جائزة «نوابغ العرب» عن فئة الاقتصاد، وصولاً إلى البروفسورة نيفين خشاب عن فئة العلوم الطبيعية، وسيُعلن لاحقاً عن الفائزين بالفئتين المتبقيتين.



الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».