«النقطة العميا»... دراما مشوقة تبحث عن «العدالة الغائبة»

المسرحية مأخوذة عن رواية «العُطل» لفردريش دورينمات

العرض تميز بالإثارة والتشويق (صفحة المسرحية على «فيسبوك»)
العرض تميز بالإثارة والتشويق (صفحة المسرحية على «فيسبوك»)
TT

«النقطة العميا»... دراما مشوقة تبحث عن «العدالة الغائبة»

العرض تميز بالإثارة والتشويق (صفحة المسرحية على «فيسبوك»)
العرض تميز بالإثارة والتشويق (صفحة المسرحية على «فيسبوك»)

هل تكفي القوانين الحالية لتحقيق فكرة العدالة وإنزال العقاب اللازم على الجناة أم أن طرق الاحتيال على اللوائح والقواعد تجعلنا في حاجة إلى وسائل أخرى لإنصاف الضحايا والإمساك بالخارجين عن مسار الحق والخير والجمال؟ يطرح صناع مسرحية «النقطة العميا»، التي تُعرض يومياً عدا الاثنين على مسرح «الغد» بالقاهرة حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) الحالي، هذا السؤال ضمن رؤية فنية تؤكد قصور القوانين الحالية في تحقيق فكرة العدل وتطرح نموذجاً درامياً يتسم بالتصاعد والتشويق في جلب مجرم بارع إلى العدالة عبر طرق غير تقليدية.

الإضاءة تعكس أجواء التشويق والإثارة (صفحة المسرحية على «فيسبوك»)

العرض مأخوذ عن نص شهير يمكن تصنيفه بـ«النوفيلا» أو الرواية القصيرة بعنوان «العُطل» للكاتب السويسري فريدريش دورينمات «1921- 1990» وتحكي الرواية قصة رجل أعمال شاب تتعطل سيارته وهو عائد إلى منزله قادماً من رحلة إلى مدينة بعيدة، ونتيجة اشتداد العاصفة وهطول المطر بغزارة، لا يجد بداً من اللجوء إلى أحد المنازل في منطقة نائية وقبول دعوة شيخ طاعن في السن إلى المبيت عنده تلك الليلة.

العمل ينتمي إلى السايكودراما (صفحة المسرحية على «فيسبوك»)

يبدو البطل متوجساً من الأجواء المحيطة به، لكن لا مفر من استكمال التجربة حتى نهايتها. يفاجأ الشاب بوجود لعبة يعقدها المضيف بصحبة اثنين من أصدقائه تحمل عنوان «المحكمة». ويطالب اللاعبون الشاب بالانضمام إليهم ومجاراتهم في اللعبة. تتوالى المفاجآت انطلاقاً من هذه النقطة ليصل الشاب إلى قناعة أنه قتل مديره في العمل ويشنق نفسه. ويعد «دورينمات» أحد أبرز كتاب المسرح باللغة الألمانية في القرن العشرين وتشكل المسؤولية الأخلاقية والتسامح والإحساس بالذنب موضوعات مكررة في أدبه. ومن أشهر أعماله «زيارة السيدة العجوز» و«الوعد» و«زواج السيد ميسسبي» و«القاضي وجلاده». وقام بإعداد المعالجة الدرامية وإخراج العمل أحمد فؤاد، وهو من بطولة نور محمود وأحمد السلكاوي وأحمد عثمان وهايدي بركات، ديكور أحمد أمين، أزياء نور سمير.

المسرحية تطرح تساؤلات فلسفية عميقة (صفحة المسرحية على «فيسبوك»)

ومع كل عمل مسرحي مأخوذ عن نص أجنبي، تثار علامات استفهام حول معايير المعالجة الجديدة، ما الذي أبقت عليه، وما الذي غيرت فيه؟ طرحنا التساؤل على أحمد فؤاد الذي أجاب قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «تستهويني الأفكار الفلسفية العميقة حول النفس الإنسانية والمصير البشري، وهو ما وجدته بامتياز في هذا النص، لكن عند المعالجة النهائية راعينا عدة أشياء منها حذف بعض الشخصيات الموجودة في النص الأصلي المكتوب كعمل سردي وليس كعمل مسرحي، والتركيز على الخطوط الرئيسية دون تفريعات أو استطرادات تأكيداً على فكرة التكثيف مع الحرص الشديد على التصاعد الدرامي في أجواء من الإثارة والتشويق تناسب الشباب والأجيال الجديدة». وأضاف: «يظهر أعضاء المحكمة في النص الأصلي بوصفهم قضاة في زيهم الرسمي لكننا في المعالجة جعلناهم أساتذة قانون بلا خلفيات مهنية مباشرة تخص مهنة جليلة كمهنة القضاء». واتسم العرض بالإيقاع السريع وتلاحق الأحداث فيما يشبه الحبكة البوليسية. ورغم الطابع الفلسفي النفسي على مستوى المضمون، لم يخل العمل من الطابع الكوميدي الذي خفّف من أجواء الجدية وأنقذ العمل من السقوط في هوة التجهم الشديد.

الملصق الدعائي للمسرحية (صفحة المسرحية على «فيسبوك»)

من جانبها، قالت الناقدة الفنية هند سلامة لـ«الشرق الأوسط» إن «المسرحية مختلفة وتحظى بحضور جماهيري لافت، وهي تنتمي إلى ما يعرف بـ(السايكو دراما) أو الدراما النفسية التي تركز على ما يخبئه العقل الباطن من أسرار خفية وجرائم مدفونة في أعماق اللاشعور». وأوضحت أن «المعالجة تتسم بالذكاء ومراعاة البيئة المحلية، فعلى سبيل المثال ضغط القضاة على المتهم في النص الأصلي مستغلين تناوله مشروبات كحولية ووقوعه تحت تأثير السُكْر وخروجه عن وعيه، أما في العرض المسرحي المصري فقد أبقوه على وعيه وحاصروه بالأسئلة الأخلاقية والقانونية ليصلوا إلى النتيجة نفسها، وهي اعتراف الشاب بمسؤوليته».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
TT

«إثراء» تكرّس مؤتمر الفن الإسلامي بالظهران «في مديح الفنان الحِرفي»

الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)
الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية والأمير سلطان بن سلمان في افتتاح مؤتمر الفن الإسلامي بمركز «إثراء» بالظهران (الشرق الأوسط)

افتتح الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، اليوم الأحد، أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية، بحضور الأمير سلطان بن سلمان، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس الأمناء لجائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد.

وينظم المؤتمر مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» بالظهران، بالتعاون مع جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد، ويستمر حتى 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تحت شعار «في مديح الفنان الحِرفي».

ويحضر المؤتمر باحثون في الفن والتاريخ الإسلامي، ومثقفون وضيوف من مختلف دول العالم،

ويهدف إلى دعم وإحياء التقاليد الفنية الإسلامية بتسليط الضوء على أعمال الحِرفيين المعاصرين الذين يُبقون هذه التقاليد الفنية والحِرفية على قيد الحياة.

الحرف رحلة تعلّم

وفي كلمته، ثمن المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين ورئيس مجلس أمناء جائزة عبد اللطيف الفوزان لعمارة المساجد الأمير سلطان بن سلمان آل سعود، جهود «أرامكو» في مجال الإرث والحضارة ودعم المشاريع التراثية في المنطقة الشرقية، مستعرضاً الأهمية التاريخية للحِرف بوصفها مليئة بالتراث الحضاري للمناطق، وذلك عطفاً على إنجازات المملكة في المحافل الدولية والعالمية بمشاركات متنوعة، سواء من مؤسسات ومعارض ومؤتمرات ذات بُعد تاريخي واجتماعي تصبّ في المنفعة المجتمعية.

وأكد «الأهمية التاريخية للحرف على أنها رحلة تعلم وليست إنجازات»، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى «دور المتاحف في تعزيز التاريخ بوصفها وجهة رئيسية لكل دولة». وأشار إلى جهود المملكة في تسجيل واحة الأحساء بصفتها موقعاً تراثياً عالمياً في منظمة اليونسكو.

الحرفي شاعر صامت

وفي كلمته ذكر مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» عبد الله الراشد أن مدرسة الفنون الإسلامية يكاد يغيب عنها الصانع، قائلاً: «القطع الإسلامية لا تعرف من صنعها، أما القطع المعاصرة فيُحتفى بالصانع، وكأن الحرفي في الفنون الإسلامية يود أن يبقى في الظل والخفاء»، مشيراً إلى أن «الحرفي شاعر صامت»، فمن هذا المنطلق حرص «إثراء» على إقامة هذا المؤتمر «في مديح الفنان الحرفي»، والذي «يحوي أوراقاً بحثية وجلسات حوارية ومعارض مصاحبة من أنحاء العالم؛ لنستكشف جمال الحرف الإسلامية وتأثيرها العميق على الثقافة الإنسانية، ولنعبر بتقدير عالٍ لمن يبدعون بأيديهم تراثنا وهويتنا ويصنعونها في زمن جل ما يلمس ويستخدم يصنع بالآلة، لذا أتينا بهذه المعارض لنحتفي باليد البشرية».

ولفت الراشد إلى إطلاق ثلاثة معارض متزامنة مع أعمال المؤتمر في القطع الأثرية والفنون الإسلامية والأزياء التراثية من حول العالم، في حين يتزامن إطلاق المؤتمر مع تسمية عام 2025 عام الحرف اليدوية الذي أطلقته وزارة الثقافة، مما يضيف بعداً خاصاً لهذه المناسبة.

وأضاف: «جهودنا في (إثراء) للعام المقبل تتضمن تقديم عشرات البرامج الكبرى والمعارض والورش؛ كلها حول الحرف اليدوية نستهدف فيها آلاف الزوار».

كود المساجد

بدوره، أعلن رئيس مجلس أمناء الفوزان لخدمة المجتمع عبد الله بن عبد اللطيف الفوزان، اعتماد كود المساجد في المملكة، والذي عملت عليه الجائزة بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية واللجنة الوطنية لكود البناء، مشيراً إلى أنه سيجري تدشينه في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.

وأشار إلى أن المؤتمر ملهم لإحياء الإرث الحضاري والتاريخي للأجيال القادمة، منوهاً، في الوقت نفسه، بالمكانة التي يتمتع بها الفنان الحرفي عبر العصور، لذا جاءت الجائزة بوصفها مرجعاً ثقافياً وفكرياً ومظلة حاضنة للمبادرات، والتي تحافظ على الموروث بوصفه رؤية مستقبلية.