نوف المنيف: هدفنا تشجيع المواهب المحلية... والفن للجميع

مديرة احتفال «نور الرياض» في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن الحوار الثقافي بين السعودية والعالم

مديرة احتفال «نور الرياض» نوف المنيف (نور الرياض)
مديرة احتفال «نور الرياض» نوف المنيف (نور الرياض)
TT

نوف المنيف: هدفنا تشجيع المواهب المحلية... والفن للجميع

مديرة احتفال «نور الرياض» نوف المنيف (نور الرياض)
مديرة احتفال «نور الرياض» نوف المنيف (نور الرياض)

ينتهي اليوم أكبر احتفال ضوئي فني في العالم، احتضنته العاصمة السعودية الرياض على مدى الـ16 يوماً الماضية. في الفترة القصيرة نسبياً حوّل الاحتفال شوارع ومباني وأودية الرياض إلى لوحات فنية باهرة، تحولت فيها الإضاءة إلى أداة فنية جذبت الأبصار.

عمل للفنانة مارينيلا سيناتوري في وادي نمار بالرياض (نور الرياض)

مع ختام المهرجان، الذي قدّم 120 عملاً فنياً، توزعت على 5 مواقع أساسية في الرياض، نتساءل عن التأثير الذي أحدثه الاحتفال الشاب في دورته الثالثة، وتجيب مديرة احتفال «نور الرياض» المهندسة نوف المنيف على بعض أسئلتنا.

أطلق حواري معها بسؤال عما ميّز دورة هذا العام.

تعود للدورة الأولى للاحتفال، التي انطلقت في فترة انتشار فيروس «كوفيد 19»: «كانت أمامنا تحديات كبيرة من ناحية الأماكن المختارة، وكانت 13 موقعاً حول الرياض، احتوت على 63 عملاً فنياً، ولا ننسى المعرض المصاحب الذي ضم 30 عملاً».

أغرى النجاح الكبير الذي حققته الدورة الأولى المسؤولين للتوسع في الدورة التالية: «تحمسنا لذلك بشدة، وضاعفنا الحجم، حيث قدّمنا في الدورة الثانية 200 عمل فني، توزعت عبر 40 موقعاً، منها 5 أساسية، كان هناك أيضاً نحو 100 فعالية ونشاط».

مديرة احتفال «نور الرياض» نوف المنيف (نور الرياض)

غير أن التوسع لم يحقق المراد منه، بسبب تعدد المواقع وصعوبة التنقل، وتقرر أن تكون دورة هذا العام مركزة، بحيث تقدم أكبر عدد من الأعمال في 5 مواقع في الرياض. هي مركز الملك عبد الله المالي، وحي جاكس بالدرعية، ووادي حنيفة، وادي نمار، وحديقة السلام: «أردنا أن تكون هناك انسيابية في العرض داخل كل موقع، بحيث يحصل الزائر على أكبر قدر من المتعة والتفاعل مع الأعمال الفنية في كل موقع. ولهذا أعتقد أن دورة العام الحالي تأتي مركزة ومنسقة جيداً من حيث اختيار المواقع والأعمال المعروضة فيها، لدينا هذا العام أكثر من 120 عملاً فنياً من 100 فنان، منهم 30 سعودياً، وهو أمر مدهش».

عمل للفنان خالد مخشوش (نور الرياض)

بالإشارة إلى عدد الفنانين السعوديين المشاركين، ألاحظ أن بعضهم ما زال في بداية الطريق، توافق على ذلك قائلة: «بالفعل! علق زميل لي على ذلك، وهنأني على ضم فنانة شابة مبتدئة وضمّها إلى جانب أسماء فنية ضخمة. ما أريد قوله؛ هو أن ذلك كان هدفنا من البداية، نريد أن ندعم المواهب المحلية، ونُري العالم ما بإمكان السعوديين تقديمه».

من ناحية أخرى، فقد حقق دمج أسماء فنية عالمية إلى جانب الأسماء المحلية نوعاً من الحوار الفني والتشارك. تجسّد في العروض، وفي قيام فنانين سعوديين بفتح أبواب أستوديوهاتهم الخاصة لعرض أعمال لفنانين أجانب.

عمل للفنان توبياس ريبيرغر في حديقة السلام بالرياض (نور الرياض)

تشيد بفريق التنسيق الفني، ولا سيما الفريق المكلف اختيار أعمال الفنانين السعوديين، والحرص على تنوعها: «آلاء طرابزوني وفهد بن نايف من فريق المنسقين للاحتفال قاما بجهد مدهش، ولا سيما ما يتعلق باختيار الفنانين الناشئين، وهو نفس الأمر الذي قامت به المنسقة المشاركة للمعرض المصاحب من ناحية المهرجان مايا العذل».

بالنسبة إلى المنيف، الاستفادة متبادلة في ذلك اللقاء الثقافي: «قال فريق التنسيق السعودي إنهم تعلموا كثيراً من العمل مع الفريق العالمي. وفي المقابل، أعتقد أن الجانب الآخر تعلم كثيراً عن ثقافتنا».

عمل ضوئي للفنانة صوفي لالي في حديقة السلام (نور الرياض)

العلاقة الإيجابية بين الفنانين والمنسقين من السعودية وخارجها ألقت بتأثيرها على السلاسة والإبداع في التقديم، ولكن ماذا عن الجمهور؟ ما ردود الفعل؟

تعلق المنيف قائلة: «في الدورة الأولى وصلتنا ردود فعل كثيرة عن سعادة الجمهور بمشاهدة نوع جديد من الفنون لم يعاصروه من قبل. ومن ناحية الإحصاءات، الأرقام التي حققناها من حيث الحضور كانت مدهشة».

جدير بالذكر أن احتفال «نور الرياض» حقّق في النسخ السابقة 8 أرقام قياسية من موسوعة «غينيس» العالمية، من بينها أكبر احتفال للفنون الضوئية في العالم، حيث بلغ عدد الزوار أكثر من 2.8 مليون شخص.

الحديث عن الجمهور يأخذنا لصورة جميلة، تجسدت في مواقع العرض، وخاصة في وادي حنيفة ووادي نمار، حيث مثّلت الأعمال الفنية الخلفية لمشاهد قريبة من القلب، فالأودية تجذب العائلات إلى حد بعيد، بوصفها متنفساً ومكاناً للتنزه بعيداً عن زحام المدينة، وكان من الجميل رؤية الشعائر العائلية الجميلة المتمثلة في تناول الطعام والشاي والسمر، تقام على خلفية تحمل الفن والضوء.

تقول المنيف إن الاحتفال موجه للعائلات، مشيرة إلى هدف «الرياض آرت» تحويل العاصمة إلى معرض فني من دون جدران: «نريد أن نجمل المدينة، ونريد أيضاً أن يستمتع الناس بالمدينة وبالفن. هدفنا هو العائلات في المقام الأول وزوار المدينة والطلاب والفنانون، وكل الشرائح، فالفن للجميع».

تستكمل حديثها بالعودة لاستراتيجية اختيار مواقع العرض: «ببساطة لأن هذه هي الرياض. في طفولتي كنت أزور الوديان، هذه هي الرياض التي تعودنا عليها، وفي الاحتفال قمنا بالدمج بين المواقع التقليدية للتنزه والاستجمام والمواقع الحديثة، أعتقد أن بعضها يكمل بعضاً».

عمل لديانا ثاتر في وادي نمار (نور الرياض)

احتفال «نور الرياض» أقيم تحت عنوان «قمراً على رمال الصحراء» تحت إشراف القيّمين الفنيين جيروم سانس، وآلاء طرابزوني، وفهد بن نايف، وبيدرو ألونسو، وضم أكثر من 120 عملاً فنياً قدّمها ما يزيد عن 100 فنان يُمثلون ما يتجاوز 35 دولة، من بينهم أكثر من 35 فناناً سعودياً.


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».