«جدة للكتاب»... مسارات الرواية والشعر تصنع مهارات التواصل

تجارب مُلهمة وحضور للمسرح ومغنّيات الأوبرا

معرض جدة للكتاب نافذة ثقافية تجمع صنّاع الأدب والنشر والترجمة (الشرق الأوسط)
معرض جدة للكتاب نافذة ثقافية تجمع صنّاع الأدب والنشر والترجمة (الشرق الأوسط)
TT

«جدة للكتاب»... مسارات الرواية والشعر تصنع مهارات التواصل

معرض جدة للكتاب نافذة ثقافية تجمع صنّاع الأدب والنشر والترجمة (الشرق الأوسط)
معرض جدة للكتاب نافذة ثقافية تجمع صنّاع الأدب والنشر والترجمة (الشرق الأوسط)

تعيش مدينة جدة الساحلية تجارب أدبية مُلهمة، انطلاقاً من مسارات الكتابة الإبداعية، والقواعد الرئيسية للرواية، والأمسيات الشعرية، وصولاً إلى مهارات التواصل والاستثمار، عبر برنامج يومي حافل بعشرات الفعاليات المتنوّعة ضمن معرض الكتاب الذي تقيمه «هيئة الأدب والنشر والترجمة» في السعودية.

بجانب المنصات الحوارية والندوات الثقافية والفنية، تحضر ورش عمل تغطّي موضوعات الفن، والقراءة، والكتابة، والنشر، وصناعة الكتاب، والترجمة، إضافة إلى برامج أخرى، وسط حضور كبير لزوار من داخل المملكة وخارجها.

الندوات الحوارية وورش العمل شهدت حضوراً كبيراً (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

يُعدّ معرض جدة للكتاب نافذة ثقافية تجمع صنّاع الأدب والنشر والترجمة من المؤسسات والشركات المحلية والدولية، مع القراء والمهتمين، بما يعبّر عن اهتمام الشباب بالكتاب وبالملتقيات الثقافية والأدبية والفنية التي يشهدها طوال أيامه العشرة، بمشاركة نخبة من المفكرين والمؤلّفين المؤثرين.

مسارات الرواية

ناقشت ندوة «دع الرواية تتحدّث» مسارات الرواية في جذب القارئ نحو القراءة الممتعة، والزمن الذي تستغرقه كتابتها، والقواعد الأساسية التي تُبنى عليها، بالإضافة إلى أهمية النقد. فتطرّقت الكاتبة العراقية حوراء النداوي إلى إشكالية النقد الأدبي، وبيّنت أنّ الرواية تتطلّب زمناً ليس قصيراً قبل نشرها لإتمام المراجعات، مستعرضة تجربة كتابة روايتها التي ترشّحت لـ«البوكر» العربية، واستغرقت عاماً من المراجعة.

ندوة «دع الرواية تتحدث» تناولت مسارات تجذب القارئ (الشرق الأوسط)

من جانبها، أوضحت الروائية المصرية رشا سمير أنّ كتابة الرواية تختلف عن كتابة القصة، مشيرة إلى أنّ الكتابتَيْن تخضعان لقواعد تُحدد مسارهما. وعدَّت الرواية التاريخية من أصعب أنواع الروايات كتابة، لافتة إلى أنّ الناقد الأول هو القارئ، وأي أخطاء في السرد التاريخي أو انقطاع في الأحداث، تتسبب في عزوفه عن القراءة.

بدوره، أفاد الكاتب والناقد عبد الله العقيبي بأنّ زمن كتابة الرواية لا أهمية له إلا بما يتعلّق بثراء المحتوى بالنسبة إلى المتلقّي، مشدداً على أهمية قراءة الكتب النقدية قبل كتابة الرواية؛ فهي خريطة طريق للكاتب، وخصوصاً المبتدئ.

الروائي جابر مدخلي متحدّثاً في ورشة عمل «كروكي الرواية» (الشرق الأوسط)

«كروكي الرواية»

خطّت ورشة عمل «كروكي الرواية» المَعالم الرئيسية لبناء العمل الروائي، فأشارت إلى ضرورة تتبُّع الشخصيات، مُركّزة على الحبكة التي يسعى البطل إلى فكّ عِقدها أثناء السرد.

في هذا السياق، أوضح الروائي والصحافي جابر مدخلي أنّ بإمكان بنية الرواية عموماً التغيُّر باستمرار مع بقاء أركانها الأساسية التي تُشكلها، مبيّناً أن التغيير يكمن في استحداث أفكار جديدة، أو أنواع مغايرة للرواية. ونبّه إلى ضرورة أن يضع الكاتب عند الانتهاء من المسودة الأولى لروايته، خريطة لتتبُّع كل شخصية على حدة، لجهة أدوارها، والأزمنة المتعاقبة عليها، والأماكن التي سكنتها؛ فهذا ما يعلق في ذهن القارئ.

كذلك، ركز على ضرورة اختيار نهاية الرواية بعناية، فتُلخص ما يُذكّر القارئ بالوقائع في بدايتها، ومتنها وآخرها، مفضّلاً أن تكون الخاتمة مفتوحة.

وأفاد بأنّ الحبكة جزء أساسي في بنية الرواية، ومن خلالها يكتشف البطل حلول العقد، موضحاً أنها تمثّل التشويق والإثارة، فمع بدء الصراع تتطوّر الأحداث لتنال من الشخصيات، وتدفعها إلى إيجاد حلّ، وهذا العنصر يظهر في المَشاهد الأولى للرواية، وحلّه يُعرف بحلّ العقدة.

الدكتور رائد السفياني متحدّثاً في ندوة واقع القطاع (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

الاستثمار في قطاع الثقافة

على طاولة النقاش، حضر «واقع القطاع الثقافي ومستقبل الاستثمار فيه»، في ندوة تحدّث فيها مدير إدارة البحوث والدراسات الثقافية في وزارة الثقافة الدكتور رائد السفياني عن «تقرير الحالة الثقافية» الذي ترصد فيه الوزارة النشاط الثقافي في المملكة، مشيراً إلى أنّ هذا التقرير أسّس مرجعاً لقياس الحالة الثقافية وفهم اتجاهات نمو القطاع وتطوّره.

وأوضح السفياني أنّ التقرير رصد الحالة الثقافية منذ عام 2019، متضمّناً ملامح وإحصاءات باللغتين العربية والإنجليزية، ويتّسم بالشفافية والتفاعل من خلال استفتاء أكثر من 3000 مشارك عن واقع الثقافة، بما يجعله خريطة طريق للثقافة عبر رصد التحدّيات التي تواجهها.

حضور في ندوة عن واقع القطاع الثقافي ومستقبل الاستثمار فيه (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

مهارات التواصل

كذلك، أوضحت ورشة عمل «مهارات التواصل مع الصمّ بلغة الإشارة»، أنّ هذه اللغة تختلف وفق لغة الدولة، شأنها اللغات المنطوقة. كما تناولت الجانبَيْن التدريبي والتعليمي لمن يشاء الوصول إلى احترافية التواصل مع الصمّ.

وكشف مؤسّس جمعية مترجمي لغة الإشارة السعودية علي الهزاني، أنّ ثمة 12 مليون أصمّ في العالم العربي، ونحو 720 ألفاً في السعودية، وفق آخر إحصائية منشورة، مشيراً إلى أنّ عدد مترجمي لغة الإشارة يبلغ 103 سعوديين، لافتاً إلى أهمية تدريب عدد من موظّفي القطاعات الحكومية على إشارات اللغة المهمّة، منها طوارئ المستشفيات والشرطة، لتحقيق الاستجابة السريعة.

من ورشة عمل «مهارات التواصل مع الصمّ بلغة الإشارة» (الشرق الأوسط)

عرض مسرحي

وأيضاً، شهد البرنامج الثقافي للمعرض، عرضَ مسرحية «حكاية شاعر» للمؤلّف سامي الجمعان، من إخراج فهد الدوسري، وبطولة تركي اليوسف، ونرمين محسن، وعبد العزيز المبدل، وسط حضور كبير ملأ مسرح «روشن الثقافي».

وقال الدوسري إنّ المسرحية تجسيد لحياة الشاعر السعودي حمد الحجي، المُلقَّب بشاعر الألم والمعاناة، فأشعاره عكست قسوة ظروفه الصحية.

من العرض المسرحي الذي جسّد حياة الشاعر السعودي حمد الحجي (الشرق الأوسط)

تجارب مغنّيات الأوبرا

وجمعت ندوة بعنوان «الموسيقى في المملكة، بدايات وطموحات» زوار المعرض بمغنّيات أوبرا سعوديات، هنّ ريماز عقبي، وسوسن البهيتي، ولولوة الشريف؛ حاورتهن سماح العرياني، بحضور موسيقيين ومهتمّين بالموسيقى.

تحدّثت عقبي عن تجربتها مع فن الأوبرا، موضحة أنّ ثمة استثماراً كبيراً في الموسيقى ودعماً تتلقاه من وزارة الثقافة، واصفة بداياتها في غناء الأوبرا بالصعبة.

الفنانة سوسن البهيتي متحدّثة في ندوة حوارية معنيّة بالموسيقى (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

بدورها، تحدّثت البهيتي عن تمارين الأوبرا، مستعرضة كيفية أدائه، مؤكدة أنّ الحبال الصوتية مع التمرين تتطوّر إلى الأفضل.

من جهتها، أفادت الشريف بأنّ الموسيقى كانت شغفها الأول، فرغم بعض الخوف والتردّد اختارت الجاز من واقع تأثّرها بالقصص، واصفة إياه بالصعب، ومضيفة: «حرصتُ على تطوير نفسي، لا سيما أنّ الإقبال عليه لافت. أطمحُ إلى تقديم جاز سعودي باللهجة البيضاء، والوصول إلى فن أوبرالي بشكل جديد».

الفنانة لولوة الشريف خلال ندوة الموسيقى (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

يُذكر أنّ معرض جدة للكتاب يستقبل زواره حتى السبت المقبل، مقدّماً فعاليات ثقافية حرصت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» في السعودية على أن تحاكي مختلف الفئات العمرية والهوايات والاهتمامات.

جانب من الندوة الحوارية بعنوان «الموسيقى في المملكة، بدايات وطموحات» (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
TT

كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)
كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)

يعتقد البعض أنه عليه الذهاب في إجازة باهظة، أو على الأقل الانتظار حتى انتهاء أسبوع العمل، للشعور بالسعادة والرضا الحقيقيين في الحياة. في الواقع، يمكنك أن تجد الفرح في روتينك اليومي، كما تقول المؤلفة وخبيرة اتخاذ القرارات السلوكية كاسي هولمز، بحسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي».

وفقاً لمسح حديث أجري على ألفين من سكان الولايات المتحدة، يمر واحد من كل أربعة أميركيين بنوبات من الملل مع روتينه. لمكافحة ذلك، تقول هولمز لنفسها عبارة بسيطة في اللحظات التي تدرك فيها أنها غير مهتمة: «احسب الوقت المتبقي».

على سبيل المثال، كانت هولمز تأخذ ابنتها في مواعيد لشرب الشاي منذ أن كانت في الرابعة من عمرها. بعد خمس سنوات، يمكن أن تبدو جلسات التسكع وكأنها مهمة روتينية.

قالت هولمز: «الآن أصبحت في التاسعة من عمرها، لذلك ذهبنا في الكثير من المواعيد في الماضي... لكن بعد ذلك، فكرت، (حسناً، كم عدد المواعيد المتبقية لنا)؟».

بدلاً من الانزعاج من النزهات المتكررة، بدأت في حساب عدد الفرص المتبقية لها للاستمتاع قبل أن تكبر ابنتها وتنتهي أوقات الترابط هذه.

أوضحت هولمز، التي تبحث في الوقت والسعادة «في غضون عامين فقط، سترغب في الذهاب إلى المقهى مع أصدقائها بدلاً مني. لذا سيصبح الأمر أقل تكراراً. ثم ستذهب إلى الكلية... ستنتقل للعيش في مدينة أخرى».

ساعدها حساب الوقت المتبقي لها في العثور على «الفرح والرضا» في المهام الروتينية.

«الوقت هو المورد الأكثر قيمة»

إلى جانب مساعدتك في العثور على السعادة، قالت هولمز إن التمرين السريع يدفعها إلى إيلاء اهتمام أكبر لكيفية قضاء وقتها. لم تعد تستخف بالنزهات مع ابنتها -بدلاً من ذلك، تسعى إلى خلق المحادثات والتواصل الفعال، وهو أمر أكثر أهمية.

من الأهمية بمكان ما أن تفعل الشيء نفسه إذا كنت تريد تجنب الشعور بالندم في المستقبل، وفقاً لعالم النفس مايكل جيرفيس.

وشرح جيرفيس لـ«سي إن بي سي»: «الوقت هو المورد الأكثر قيمة لدينا... في روتين الحياة اليومي، من السهل أن تخرج عن التوافق مع ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لك. لكن العيش مع إدراكنا لفنائنا يغير بشكل أساسي ما نقدره وكيف نختار استخدام وقتنا».

وأضاف: «إن تبنّي حقيقة أننا لن نعيش إلى الأبد يجعل قيمنا في بؤرة التركيز الحادة. بمجرد إدراكك أن الوقت هو أغلى السلع على الإطلاق، فلن يكون هناك انقطاع بين الخيارات التي تريد اتخاذها وتلك التي تتخذها بالفعل».