رحلة ثقافية تُبحر بزائري «معرض الكتاب» في عوالم المعرفة

الشحي لـ«الشرق الأوسط»: الحراك الثقافي في السعودية يخدم المنطقة بأسرها

جانب من الندوة الحوارية بعنوان «تنمية الثقافة في المجتمع» (الشرق الأوسط)
جانب من الندوة الحوارية بعنوان «تنمية الثقافة في المجتمع» (الشرق الأوسط)
TT

رحلة ثقافية تُبحر بزائري «معرض الكتاب» في عوالم المعرفة

جانب من الندوة الحوارية بعنوان «تنمية الثقافة في المجتمع» (الشرق الأوسط)
جانب من الندوة الحوارية بعنوان «تنمية الثقافة في المجتمع» (الشرق الأوسط)

في رحلة ثقافية ممتعة يأخذك معرض جدة للكتاب (غرب السعودية) نحو ثراء معرفي تتوقف معه عقارب الساعة غير آبهٍ بالوقت، ليعيش خلالها الزائر من داخل السعودية وخارجها تجربة فريدة من نوعها عبر فعاليات متعددة تستهدف جميع شرائح المجتمع وتقدم نافذة ثقافية لتبادل الأفكار والخبرات.

ويصاحب المعرض الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في المملكة ضمن مبادرة «معارض الكتاب» للعام الحالي تحت شعار «مرافئ الثقافة»، ندوات وجلسات حوارية وورش عمل وأمسيات أدبية وشعرية بمشاركة نخبة من المتحدثين المحليين والدوليين، من قادة صِناعة النشر، والناشرين الأفراد، والمؤلفين، وصُنّاع المحتوى، والمتخصصين، الذين يناقشون في مختلف صنوف المعرفة منها مهارات القراءة والرواية والقصة والقصص المصورة والترجمة وصناعة النشر.

الدكتور محمد الشحي يتحدّث في الندوة (الشرق الأوسط)

تجربة السعودية يحتذى بها

وأكد الدكتور العماني محمد الشحي، مدير عام «مؤسسة الزبير»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن المبادرة تمثل جزءاً من الحراك الثقافي النوعي الذي تقدمه المملكة والذي وصفه بأنه كان حيوياً وأصبح أكثر إشراقاً وتنوعاً وثراءً، مشيداً بالمبادرة التي وصفها بالقيمة جداً.

ولفت الدكتور الشحي إلى أن الحراك الثقافي في السعودية لا يخدم فقط المملكة بل المنطقة ككل، مشيراً إلى الحيوية التي يتمتع بها المشهد الثقافي في المملكة والقيمة المضافة التي يقدمها لكل المشاهد الثقافية والذي قال عنه إنه أمر لا بد أن يُحتذى به.

تنمية الثقافة في المجتمع

وأجمع ضيوف الندوة الحوارية بعنوان «تنمية الثقافة في المجتمع»، على أن المجتمع لا يمكن أن يستغنى عن الكتاب الذي يُعدّ موطن الثقافة الأول وموئل المعرفة، وذلك في الحوار الذي شارك به الدكتور الشحي إلى جانب الدكتور مسفر القحطاني وأداره عبد العزيز قزان.

شهد المعرض حضوراً كبيراً من مختلف الشرائح العمرية (تصوير: محمد المانع)

وأشار الشحي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة الفهم العميق للأرضية الفلسفية التي ينطلق منها مشروع تنمية الثقافة في المجتمع، لافتاً إلى ضرورة أن تؤسَّس هذه الأرضية على قيم الوعي النقدي والحريات الإبداعية والاحتفاء بالتعدد الثقافي والتنوعي، مشيراً إلى أن تنمية الثقافة في المجتمع هو نتاج الحوار مع جميع الشركاء في هذا المجال ووعي الجمهور.

وأضاف: «هذه الندوات مهمة وتطرح أسئلة وتعالج قضايا وهي جزء من هذا الحوار الثقافي. والأهم أن تنضوي كل هذه الفعاليات في مشاريع ومؤشرات أداء، وهذا ما عمل عليه تقرير وزارة الثقافة 2022، وهو دقيق ومهم وواقعي وموضوعي، يتحدث بشفافية عن التحديات التي تواجه القطاع وأيضاً عن نجاحات هذا القطاع، وعلينا أن نلتفّ جميعاً حول هذا المشروع الوطني الثقافي».

ليست للقارئ فقط

وأوضح الدكتور الشحي أن معارض الكتاب ليست فقط بين قارئ ومشترٍ، بل هناك صالونات أدبية ولقاءات بين مثقفين وكتاب وناشرين وهي منظومة متكاملة، مشيراً إلى أن المعارض تساعد على اكتشاف الفرص المتاحة في المجال الثقافي وتذكِّر بآخر تجليات الخطاب الإبداعي الثقافي الجمالي.

سيدة في الموقع المخصص للقراءة في المعرض (تصوير: محمد المانع)

وبيّن الشحي أن الفعل الثقافي ليس له سدنة بشكل مباشر، «فالثقافة المجتمعية مسؤولية مشتركة، والمثقف العضوي هو أحد أسباب الضمانات الضرورية لنجاح أي مشروع ثقافي أو تنمية مجتمعية».

عوامل البناء الثقافي

وعن عوامل بناء المجتمع ثقافياً أفاد الدكتور مسفر القحطاني بأن أي مجتمع تظهر قيمته فيما لديه من معرفة وقيم، مضيفاً أنه لا بد من حضور الكتاب بقوة لمساهمته في تنمية المجتمع، وآخر إحصائية تقول إن 80 في المائة من السعوديين يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي، التي سحبت بساط الوقت، واحتكرته، وأبعدت الغالبية عن الكتب.

حضور كبير من مختلف الشرائح العمرية لمعرض الكتاب (الشرق الأوسط)

الكتاب ليس فقط معلومة

وأبدى القحطاني استغرابه من مقولة إن «الكتاب لم تعد له أهمية»، مضيفاً: «القراءة ليست استعراض معلومات، بل هي لبناء شخصية الفرد، والثراء المعرفي يساعد على اتخاذ الإنسان قرارات صائبة في حياته، علاوة على الارتقاء به، ففكرة القراءة والكتاب أساسية، ولا بد من اقترابه من المنزل أكثر وأكثر».

وأشار القحطاني إلى أهمية المناشط الثقافية وضرورة ألّا تعتمد على منشط دون آخر، موضحاً أن الأجيال الحالية تحتاج إلى أن تعرف أن الثقافة منهج حياة تشترك فيها كل المجالات، متخذاً التعليم نموذجاً مساهماً في الثقافة، لأن وقت الابن المُركَّز يكون في المدرسة والجامعات، والمعلم يراه في أفضل حالاته، والتعليم القويّ له حظوظه الملموسة والقوية على مستوى العالم.

جانب من جلسة النقاش التي أُقيمت بالمعرض (الشرق الأوسط)

حضور القهوة في الأدب

بينما بدأ عبد الكريم الشطي، الكاتب والرحالة الكويتي، حديثه في حلقة نقاش حملت عنوان «حضور القهوة في الأدب»، منتقداً عدم وجود توثيق لتراثها وحكاياها وأساطيرها في الأدب العربي. كما تحدث الشطي الذي خاض تجارب عدة، وألَّف على أثرها كتباً في أدب الرحلة وأدب الأشياء، ومن بينها كتاب «سِفر القهوة»، عن عادات شرب القهوة وتحضيرها، مستعرضاً لمحات من أدب الرحلات في القهوة.

فيما طاف علي الديواني، المختص بأسرار نبات البن، بالحضور في الندوة على تاريخ القهوة وما تحمله من إرث ثقافي وعربي وإسلامي، متطرقاً إلى الأساطير التي تناولتها كتب التراث، ونشأة القهوة، وانتقالها من اليمن والجزيرة العربية، وانتشارها في العالم؛ ثم تحولها إلى صناعة قوية وكبيرة، وكيف أنها أصبحت مزاجاً عالمياً قبل أن تكون مزاجاً شخصياً، وكيف تفنن العالم في التعامل معها أدباً وشعراً وصناعة في الوقت الحاضر.

سيدة تتصفح كتاباً في المعرض (تصوير: محمد المانع)

يُذكر أن معرض جدة للكتاب 2023، يتيح لزائريه العام الحالي، على مدى 10 أيام، أكثر من 80 فعالية ثقافية وأدبية متنوعة، يشارك فيها نخبة من المتخصصين في الكثير من المجالات المعرفية، كما يوفر المعرض أجواء مُحفزة للعائلة لاصطحاب أطفالهم عبر تخصيص جناح متكامل خاص بهم، يتضمن أنشطة تفاعلية تعليمية وتدريبية تُعزّز القدرات الإبداعية لديهم ولدى اليافعين أيضاً.


مقالات ذات صلة

في الحبّ... وفلسفته

كتب إيريس مردوك

في الحبّ... وفلسفته

الحب! ليس بيننا على الأغلب من لم يعِشْه فيما مضى، أو يعيشه اليوم. نراه في كل مكان يُحتفى به على أساس أنه «التجربة الأكثر أهمية في الحياة الإنسانية».

لطفية الدليمي
كتب  جون كاسيدي في محاضرة له

جون كاسيدي يؤرّخ للرأسمالية بلسان منتقديها

في عصر تزداد فيه التساؤلات الجوهرية حول ماهية أزمات النظام الاقتصادي العالمي بفعل تحديات مثل الذكاء الاصطناعي، وتغير المناخ، وازدياد عدم المساواة، والحروب...

ندى حطيط
ثقافة وفنون عيسى مخلوف

الكتابة على الحافة بين أدب الرحلة ورثاء الراحلين

لعلني لا أجافي الحقيقة في شيء إذا نوهت في بداية هذه المقالة بأن مسارعتي لقراءة إصدار عيسى مخلوف الجديد «باريس التي عشت» لا تعود إلى جاذبية المدينة المعنية

شوقي بزيع
ثقافة وفنون «ابن خلدون»... زيارة جديدة بعيون فرنسية

«ابن خلدون»... زيارة جديدة بعيون فرنسية

عن دار «أقلام عربية» بالقاهرة، صدرت طبعة جديدة من كتاب «ابن خلدون – فلسفته الاجتماعية» لعالم الاجتماع الفرنسي جوستون بوتول

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
كتب مؤرخ فرنسي يكتب شهادته عن جحيم غزة

مؤرخ فرنسي يكتب شهادته عن جحيم غزة

في ليلة من ليالي ديسمبر (كانون الأول) 2024، نجح المؤرخ الفرنسي جان بيار فيليو في دخول غزّة عبر منطقة رفح الحدودية، رغم الحصار المشّدد والموانع الأمنية.

أنيسة مخالدي (باريس)

عمّا تحدث ترمب وأوباما في جنازة جيمي كارتر؟ كتاب يكشف

دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)
دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)
TT

عمّا تحدث ترمب وأوباما في جنازة جيمي كارتر؟ كتاب يكشف

دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)
دونالد ترمب (وسط) يجلس إلى جانب الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في جنازة جيمي كارتر (أ.ب)

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب الرئيس الأسبق باراك أوباما للعب جولة غولف في أحد ملاعبه العديدة خلال اللقطات التي انتشرت على نطاق واسع، وأظهرت الرجلين في جنازة الرئيس السابق جيمي كارتر في يناير (كانون الثاني)، وفقاً لكتاب جديد.

طلب الرئيس المنتخب آنذاك من سلفه الانضمام إليه في لعبة الغولف، حيث فاجأ الخصمان السياسيان العالم بمجاملاتهما خلال جنازة كارتر الرسمية داخل كاتدرائية واشنطن الوطنية في 9 يناير 2025، بحسب صحيفة «نيويورك بوست».

ووفقاً لمقطع من كتاب «2024: كيف استعاد ترمب البيت الأبيض وخسر الديمقراطيون أميركا»، وبحسب موقع «أكسيوس»، «جلس ترمب بجانب باراك أوباما ودعاه للعب الغولف».

يُسلّط الكتاب الضوء على عودة ترمب إلى البيت الأبيض عام 2024، وحملتي الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس. وقد كتبه الصحافيون السياسيون جوش داوسي، وتايلر بيجر، وإسحاق أرنسدورفن، الذين عملوا في صحيفة «واشنطن بوست» خلال الحملة الرئاسية لعام 2024.

ولم يكن معروفاً متى تمت دعوة أوباما إلى أحد الملاعب الـ17 المملوكة لترمب أثناء الجنازة، أو ما إذا كان الديمقراطي قد قبل الدعوة.

التُقطت صورٌ للرجلين وهما يبتسمان ويضحكان قبل بدء مراسم جنازة كارتر.

يُعتقد أن الرجلين استخدما تعابير وجهيهما المرحة لإخفاء محادثة أكثر جدية عن أعين المتطفلين.

في إحدى اللحظات، أخبر ترمب أوباما أن عليهما «البحث عن مكان هادئ» في وقت لاحق من اليوم لمناقشة «مسألة مهمة»، وفقاً لقارئ الشفاه جيريمي فريمان.

لاحقاً، انحنى ترمب نحو أوباما، قائلاً لنظيره: «لقد انسحبتُ من ذلك. إنها الشروط. هل يمكنك تخيّل ذلك؟».

وانسحب ترمب من الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه أوباما عام 2015 واتفاقية باريس للمناخ عام 2016 في ولايته الأولى، مع أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الاتفاقيات هي ما كان يُناقش.

وقال ترمب: «لا أستطيع التحدث، علينا إيجاد مكان هادئ في وقت ما. هذه مسألة بالغة الأهمية، وعلينا القيام بذلك في الخارج حتى نتمكن من التعامل معها، بالتأكيد، اليوم».

وأفاد لاحقاً بأنه «لم يُدرك مدى ود» أوباما حتى تبادلا أطراف الحديث.

وصرّح لشبكة «إن بي سي نيوز» من ناديه مارالاغو في فلوريدا عقب الجنازة: «قلتُ: يا إلهي، يبدو أنهما شخصان يُعجبان ببعضهما بعضاً. وربما نُعجب ببعضنا بعضاً».

جلس ترمب بجانب أوباما في الصف الثاني من الكاتدرائية الوطنية لأن السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما كانت في هاواي ولم تحضر الجنازة بسبب «تضارب في المواعيد».

رفضت السيدة البالغة من العمر 61 عاماً حضور حفل تنصيب ترمب لولاية ثانية داخل مبنى الكابيتول في 20 يناير (كانون الثاني). وحضر الرئيس أوباما الحفل بمفرده.

كان أوباما صريحاً في انتقاد سياسات ترمب، لكنه أدلى بتصريحات علنية نادرة، بما في ذلك بعد إغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID).