يحتفي المعرض التشكيلي «قدسية» الذي تستضيفه قاعة الزمالك للفن في القاهرة حتى 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بالذكريات والروابط العائلية، عبر لغة بصرية تفيض بالحب والدفء الأسري. هكذا بدت أعمال الفنانة المصرية ياسمين الحاذق، التي تصل إلى 60 عملاً تتنوع ما بين النحت والتصوير.
تضفي ياسمين على الروابط الأسرية سمة الـ«قدسية»؛ فلا مساس بها، أو بقوة العلاقات بين أفرادها؛ فجميعهم يجسدون السند ومصدر الأمان.
تتحدث ياسمين عن معرضها لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «حتى حين تطول المسافات، فإن للأسرة قدسية قائمة بالأساس على رابطة الدم، التي ترسم بدورها روابط قوية غير مرئية». وأطلقت ياسمين على تلك الروابط اسم «الحب غير المشروط»، موضحة أنه «الحب الذي لا ننتظر مقابلاً له، فهو إحساس يتملك المرء، ويصعب وصفه بالكلمات».
إذا كانت الفنانة المصرية ترى أن الحب الأسري يتجاوز حاجز الكلمات، فقد سعت إلى أن تصفه وتجسده عبر لوحاتها ومنحوتاتها باستخدام تشكيلة كبيرة من الخامات والتقنيات والألوان، وحرصت على أن تكون «البساطة المفرطة» هي السمة الأساسية للأعمال، مستعينة بعناصر ورموز عاطفية نمطية مثل الزهور والقلوب وحمل الرجل لمحبوبته، وتقول: «لم يكن هناك مجال لـ(الفذلكة) أو البحث عن رموز معقدة للحب؛ فالحب الحقيقي يكمن في البساطة، والأفعال العفوية النابعة من القلب، وهي تصل للطرف الآخر بيسر وسهولة».
وفي حين يشعر من يرى أعمالها أنها تستعيد ذكريات خاصة عاشتها في طفولتها، فإنه يكتشف أنها تسعى لاستعادة مفهوم الحب بين البشر بشكل عام؛ إذ تجسد في عدد من الأعمال حشوداً يتمتعون بمشاعر تنبض بالحميمية والدفء، وتضيف: «عشت طفولة سعيدة، تمتعت بأجواء عائلية رائعة، ومنها تعلمت وتعودت أن أحب العالم كله»، وتتابع: «أحاول نشر الأمان والألفة والرومانسية في العالم كله، حتى تنعم البشرية بالحياة الهانئة، بعيداً عن الصراعات والمشكلات».
تعزّز ياسمين من خلال لوحاتها ومنحوتاتها مفهوم «البيت» ودوره في استقرار المجتمع؛ إذ ترى أنه «الملاذ الذي يضمّ أفراد الأسرة، ويشهد لحظاتهم الحلوة، وثبات حبهم وترابطهم، وهي أشياء ربما لا يدركها الأبناء إلا بعد الفراق أو الانتقال إلى منزل جديد للسفر أو الزواج»، لافتة إلى أن «البيت ليس مجرد جدران أو حيز مكاني، إنما هو شعور بالدفء والاحتواء والطمأنينة». وأضافت أنه «إذا كان بعض الشباب يتوقون أحياناً للانفصال عنه والاستقلال، فإنهم بعد مغادرته بفترة طالت أو قصرت يحلمون بالعودة إليه!».
ترتبط أعمال الفنانة ياسمين الحاذق دائماً برصد المشاعر الإنسانية، كما ظهر في معارضها السابقة، ومنها «الدنيا لعبة»، و«انتماء»، و«إبداع في فلورنس»، و«شجرة الحياة»، و«مشاعر»، و«يوميات عالم موازي».
تضفي الفنانة على أعمالها مظاهر البهجة والمرح، متبعة أسلوب «الفانتازيا» إلى حد ما، ربما لتكتمل سمات العالم الاستثنائي الذي تطمح إليه.
وُلدت ياسمين الحاذق في مصر، عام 1989، وتقيم حالياً في الكويت. بدأ شغفها بالفن في سن مبكرة، ما دفعها للالتحاق بالعديد من الدراسات الحرة والبرامج المعنية بالفنون، وحصلت على درجة الماجستير في الفنون البصرية من فلورنسا بإيطاليا.