«تيتانيك» خاطفُ الأنظار بعد ربع قرن على العرض

إلى أي مدى ذهب متابعون في حبّهم لهذه الملحمة الرومانسية؟

ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت في «تيتانيك» (مواقع التواصل)
ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت في «تيتانيك» (مواقع التواصل)
TT

«تيتانيك» خاطفُ الأنظار بعد ربع قرن على العرض

ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت في «تيتانيك» (مواقع التواصل)
ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت في «تيتانيك» (مواقع التواصل)

يشغل هذا التساؤل بال كثيرين: هل يمكن معرفة إلى أي مدى ذهب متابعو فيلم «تيتانيك» في حبّهم للملحمة الرومانسية التي أخرجها جيمس كاميرون عام 1997؟

يقول كاميرون إنه ربما حدَّد شخصٌ ما لنفسه هدفاً يتمثّل في مشاهدة الفيلم الحائز 11 جائزة «أوسكار»، من بطولة ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت، آلاف المرات. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية تصريحه لصحيفة «ذا تايمز»: «إنه فيلم طويل، وقد لا يعيش ذلك الشخص فترة كافية لتحقيق هدفه».

بدورها، تقدّمت المغنية أديل بطلب خاص لكاميرون والمنتج جون لانداو من أجل عيد ميلادها الـ30 عام 2018، وكانت أجواؤه مستوحاة من «تيتانيك».

يقول لانداو: «اقترضنا قلب المحيط من أجل عيد أديل»، مشيراً إلى العقد ذي الألماسة الزرقاء، الذي أسقطته شخصية «روز» في المحيط، التي جسّدتها الممثلة غلوريا ستيوارت في شيخوختها، في النهاية.

«بوستر» الفيلم الذي حقّق أعلى إيرادات (مواقع التواصل)

بعد أكثر من 25 عاماً على عرضه، يزداد حبّ «تيتانيك»، لدرجة أنّ كاميرون استقطع أسبوعاً من جدول أعماله المزدحم لتصوير سلسلة «أفاتار» هذا العام، للإشراف على إعادة إذاعة فيلمه ساحق النجاح بدقة عرض «4k»، الذي يُعدّ إعادة سرد خيالي لحادث غرق السفينة الشهير عام 1912، وكلّف إنتاجه 200 مليون دولار.

في هذا السياق، نقلت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» عن كاميرون حديثه عبر «زووم» مع شريكه لانداو عن ذكريات العمل على إنتاج «تيتانيك» الذي بُني من أجله نموذج لسفينة كاملة طبق الأصل، طولها 800 قدم في المكسيك.

اعترف كاميرون بأخطاء في حسابات الأمور اللوجستية قبل التصوير. يتذكّر: «في ذلك الوقت، اعتقدنا أنه لا يمكن مطلقاً أن يحقّق الفيلم إيرادات تغطّي تكاليفه. إنه أمر مستحيل». لكنه حقّق عند عرضه في 19 ديسمبر (كانون الأول) 1997 أعلى إيرادات على الإطلاق، حتى حطّم كاميرون رقمه القياسي السابق بطرح «أفاتار» عام 2009. يقول: «لو نفّذ الاستوديو رأيه، لألغينا مشهد غرق السفينة بأكمله»، مضيفاً: «الأمر الأكثر ذكاءً كان تصوير مشهد الغرق في النهاية».

الفيلم حائز 11 جائزة «أوسكار» (مواقع التواصل)

وجذب صندوق محدود الإصدار لأغراض تتعلّق بالفيلم، محبّيه، وجَعَلهم يندمجون في عالمه. وهو يتضمّن مدوّنة مكتوبة للنغمات الموسيقية لأغنيته الشهيرة «ماي هارت ويل غو أون» لسيلين ديون، ونماذج طبق الأصل من بطاقة الصعود الفعلية، وقوائم الطعام التي وُزِّعت على الركاب خلال الرحلة المشؤومة، بالإضافة إلى ملاحظات كتبتها «روز» إلى «جاك».

وتناولت حلقة «تيتاتيك: 25 عاماً لاحقة مع جيمس كاميرون»، دخول المخرج مختبر انخفاض حرارة الجسم في نيوزيلندا مع فريق من العلماء، واثنين من مؤدّي الحركات الخطرة، للإجابة على سؤال: هل كان يمكن للباب العائم أن يتّسع لـ«روز» و«جاك» معاً؟

يقول كاميرون، الذي وضع «جاك» و«روز» في درجات حرارة تصل إلى التجمّد لمعرفة ما إذا كان يمكن للاثنين النجاة: «سئمت من السؤال عاماً بعد عام».

وأضاف: «المضحك هو أنّ الأشخاص لا يزالون يتجادلون بشأن ذلك بعد 25 عاماً. أعتقد أنها مشكلة جيدة».


مقالات ذات صلة

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق أنجلينا جولي في مهرجان ڤنيسيا (إ.ب.أ)

«الشرق الأوسط» بمهرجان «ڤنيسيا-4»... ماريا كالاس تعود في فيلم جديد عن آخر أيام حياتها

إذا ما كانت هناك ملاحظة أولى بالنسبة للأيام الثلاثة الأولى التي مرّت على أيام مهرجان ڤنيسيا فهي أن القدر الأكبر من التقدير والاحتفاء ذهب لممثلتين أميركيّتين.

محمد رُضا (فينيسيا)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خلال مشاركتها في افتتاح مهرجان البندقية (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر السينمائي» تشارك في مهرجان البندقية بـ4 أفلام

تواصل «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» حضورها بالمهرجانات الدولية من خلال مشاركتها في الدورة الـ81 من مهرجان البندقية السينمائي بين 28 أغسطس و7 سبتمبر.

«الشرق الأوسط» (البندقية)
سينما جيمس ستيوارت في «انعطاف نهر» (يونيڤرسال)

كلاسيكيات السينما على شاشة «ڤينيسيا»

داوم مهرجان «ڤينيسيا» منذ سنوات بعيدة على الاحتفاء بالأفلام التي حفرت لنفسها مكانات تاريخية وفنية راسخة. ومنذ بضعة أعوام نظّمها في إطار برنامج مستقل

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)
سينما «بالرغم من» ‫(مهرجان ڤينيسيا السينمائي)

شاشة الناقد: فيلم افتتاح «ڤينيسيا» 81 مبهر وموحش

يختلف جمهور اليوم عن جمهور 1988 عندما خرج ما بات الآن الجزء الأول من هذا «بيتلجوس بيتلجوس». آنذاك كان الفيلم جديداً في الفكرة والشخصيات

محمد رُضا‬ (ڤينيسيا)

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
TT

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

القبلات المتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الصيف في لبنان، كانت من القلب. يعلم أنه مُقدَّر ومُنتَظر، والآتون من أجله يفضّلونه جداً على أمزجة الغناء الأخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات الألم، في حين يتجنَّب فنانون الإفراط في مغنى الأوجاع لضمان تفاعل الجمهور. كان لافتاً أن تُفجّر أغنية «لو بتحبّ حقيقي صحيح»، مثلاً، وهو يختمها بـ«وأنا بنهار»، مزاج صالة «الأطلال بلازا» الممتلئة بقلوب تخفق له. رقص الحاضرون على الجراح. بارعٌ هاني شاكر في إشعالها بعد ظنّ أنها انطفأت.

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

تغلَّب على عطل في هندسة الصوت، وقدَّم ما يُدهش. كان أقوى مما قد يَحدُث ويصيب بالتشتُّت. قبض على مزاج الناس باحتراف الكبار، وأنساهم خللاً طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود المتعهّد خضر عكنان لمستوى يليق. سيطر تماماً، بصوت لا يزال متّقداً رغم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص.

أُدخل قالب حلوى للاحتفاء بأغنيته الجديدة «يا ويل حالي» باللهجة اللبنانية في بيروت التي تُبادله الحبّ. قبل لقائه بالآتين من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها المُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحين افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضجَّ صيف لبنان بحفلاته، وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات، فكان الغناء بلهجته وفاءً لجمهور وفيّ.

بقيادة المايسترو بسام بدّور، عزفت الفرقة ألحان العذاب. «معقول نتقابل تاني» و«نسيانك صعب أكيد»، وروائع لا يلفحها غبار. الأغنية تطول ليتحقّق جَرْف الذكريات. وكلما امتّدت دقائقها، نكشت في الماضي. يوم كان هاني شاكر فنان الآهات المستترة والمعلنة، وأنّات الداخل وكثافة طبقاته، وعبق الورد رغم الجفاف والتخلّي عن البتلات. حين غنّى «بعد ما دابت أحلامي... بعد ما شابت أيامي... ألقاقي هنا قدامي»، طرق الأبواب الموصودة؛ تلك التي يخالها المرء صدأت حين ضاعت مفاتيحها، وهشَّم الهواء البارد خشبها وحديدها. يطرقها بأغنيات لا يهمّ إن مرَّ عُمر ولم تُسمَع. يكفيها أنها لا تُنسى، بل تحضُر مثل العصف، فيهبّ مُحدِثاً فوضى داخلية، ومُخربطاً مشاعر كوَقْع الأطفال على ما تظنّه الأمهات قد ترتَّب واتّخذ شكله المناسب.

هاني شاكر مُنتَظر والآتون من أجله يفضّلونه جداً (الشرق الأوسط)

تتطاير القبلات من فنان يحترم ناسه، ويستعدّ جيداً من أجلهم. لا تغادره الابتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنانُ الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى، وللندبة فتتوارى قليلاً. ولا بأس إن اتّسم الغناء بالأحزان، فهي وعي إنساني، وسموّ روحي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر المتألِّمة دواخلَه، إصرار وعناد.

تراءى الفنان المصري تجسيداً للذاكرة لو كان لها شكل. هكذا هي؛ تضحك وتبكي، تُستعاد فجأة على هيئة جَرْف، ثم تهمد مثل ورقة شجر لا تملك الفرار من مصيرها الأخير على عتبة الخريف الآتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، وردَّ بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات المفتتنات بأغنياته، وبما تُحرِّك بهنّ، بجمهور كاظم الساهر. للاثنين سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح بالمشاعر أمام الحشد الحاضر.

نوَّع، فغنّى الوجه المشرق للعلاقات: «بحبك يا غالي»، و«حنعيش»، و«كدة برضو يا قمر». شيءٌ من التلصُّص إلى الوجوه، أكّد لصاحبة السطور الحبَّ الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت من قفصه. ربما هو قفص الماضي حين ننظر إليه، فيتراءى رماداً. لكنّ الرماد وجعٌ أيضاً لأنه مصير الجمر. وهاني شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يا ريتك معايا»، و«أصاحب مين»؛ ففي الأولى «نلفّ الدنيا دي يا عين ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هم أصحابي وعمري وكل أحبابي»، لتبقى «مشتريكي ما تبعيش» بديع ما يُطرب.

ضجَّ صيف لبنان بحفلاته وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات (الشرق الأوسط)

استعار من فيروز «بحبك يا لبنان» وغنّاها. بعضٌ يُساير، لكنّ هاني شاكر صادق. ليس شاقاً كشفُ الصدق، فعكسُه فظٌّ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض المحبّة»، وأكمله بـ«كيف ما كنت بحبك». وكان لا مفرّ من الاستجابة لنداء تكرَّر. طالبوه مراراً بـ«علِّي الضحكاية»، لكنه اختارها للختام. توَّج بها باقة الأحزان، كإعلان هزيمة الزعل بالضحكاية العالية.