تسجيل فنون «النقش على المعادن» في 10 دول عربية بـ«تراث اليونيسكو»

تمكنت 10 دول عربية من تسجيل «النقش على المعادن» ضمن القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بمنظمة «اليونيسكو»، خلال اجتماع اللجنة الحكومية الدولية للمنظمة، في دورتها الثامنة عشرة، والمنعقدة في جمهورية بوتسوانا، وهو ما عدّه خبراء ومتابعون «إنجازاً مهماً».

الدكتورة نهلة إمام، مستشارة وزيرة الثقافة المصرية لشؤون التراث غير المادي وممثلة مصر لدى «اليونيسكو»، عدّت التعاون العربي في مجال تسجيل النقش على المعادن ضمن القوائم التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونيسكو «إنجازاً كبيراً يُحسب لوزارات الثقافات العربية المشاركة في هذا الجهد الضخم». وأضافت إمام، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «تكمن الأهمية الحقيقية لتسجيل التراث في إطار اتفاقية (صون التراث الثقافي غير المادي العالمي) لسنة 2003 في لفت النظر ورفع الوعي لدى المواطن العادي بأهمية هذا الملف».

شارع المعز التاريخي بالقاهرة يضم محال عدة تشتهر بالنقش على المعادن (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وبسبب هجر بعض الشعوب عناصرها التراثية بلا داعٍ، فإن الاعتراف الدولي وإلقاء الضوء على بعض تلك العناصر يشجع الناس على تثمين ما لديهم، وفق إمام التي تضيف: «نعرف كلنا أن الحرف والفنون اليدوية في العالم كله تتوارى بسبب الحداثة والإنترنت، وظهور أشياء جديدة في المجتمعات، ومن ثم يأتي الإدراج نوعاً من الترويج للتراث والحفاظ على الهوية».

ويُعد هذا هو الملف الثالث العربي المشترك في مجال التوثيق على قوائم «اليونيسكو»، فقد نجح مسؤولون عرب في تسجيل الممارسات المرتبطة بالنخلة؛ حيث تم رصد كل الحرف ذات الصلة بها، مثل التمور وجذوع النخيل وأشغال الجريد وغير ذلك، وفق إمام التي تشير كذلك إلى تعاون 16 وزارة ثقافة عربية في تسجيل فنون الخط العربي، قبل أن تنجح أخيراً 10 دول عربية هي (مصر - السعودية - الجزائر - المغرب - العراق - فلسطين - السودان - السعودية - تونس - اليمن - موريتانيا)، في تسجيل فنون النقش على المعادن، مع الاحتفاظ لكل دولة بخصوصيتها الثقافية الأصيلة.

مصر لها باع كبير في النقش على المعادن (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ويلعب هذا التعاون دوراً في تعزيز السلام والاحترام المتبادل بين الشعوب؛ لذلك ترحب وتشجع «اليونيسكو» دوماً على مفهوم «التسجيل المشترك»؛ لأن ذلك يخلق نوعاً من التقارب المطلوب. ومن الضروري بحسب إمام، أن «يستمر هذا التعاون من أجل تفعيل إجراءات الصون التي انطوى عليها الملف؛ لأنه يتضمن أبعاداً تتماشى مع خطط الدول للتنمية المستدامة، ما يساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة، والحفاظ على البيئة واستخدام المواد الطبيعية، فضلاً عن توظيف العمالة، ومن ثم خلق فرص عمل، وأن يكون الممارسون المستفيدين الأوائل من تراثهم».

ويمثل تسجيل الملف نتاجاً لعمل هذه الدول معاً على مدار عامين، بتنسيق من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»؛ لإعداد ملف الترشيح، الذي روعي خلاله إبراز التنوع الثقافي، الذي يحظى به التراث الثقافي غير المادي في المنطقة العربية، والذي حرصت الأجيال على الحفاظ عليه عبر آلاف السنين، بحسب البيان الذي أصدرته وزارة الثقافة المصرية، الأربعاء.

التراث هو مساحة تفاهم بين الشعوب (صفحة وزارة الثقافة المصرية)

وبتسجيل «النقش على المعادن» يصل عدد العناصر المصرية المُسجلة على «قوائم التراث الثقافي غير المادي» إلى 8 عناصر؛ ما يعكس الاهتمام البالغ، وفق الدكتورة نهلة إمام، بالتراث في الآونة الأخيرة، ليس فقط عبر إدراج عناصره على قوائم «اليونيسكو»، لكن من خلال إطلاق دورات بناء القدرات للباحثين، إضافة إلى فعاليات الترويج له، والتعاون المثمر مع مختلف دول العالم المهتمة به.

ويأتي هذا الاحتفاء استكمالاً لتجربة مصرية مبكرة بتوثيق التراث، مقارنة بالدول المجاورة والكثير من دول العالم، بحسب الدكتورة نهلة إمام، التي أشارت إلى أن من علامات ذلك قيام مصر بإنشاء «مركز دراسات الفنون الشعبية بأكاديمية الفنون» سنة 1957، وتبعه اهتمام بعض قطاعات وزارة الثقافة والإذاعة والتلفزيون في مراحل لاحقة، لافتة إلى أن «التجربة المصرية تشهد نضجاً حقيقياً عبر تدشين بيت التراث مؤخراً، الذي يعمل على تجميع كل الجهود المتناثرة ليصبح لدى الدولة (أرشيف معتبر) يليق بتاريخ مصر»، وفق تعبيرها.