«المستحيل ليس سعودياً» جدارية فنّية تتأمل رحلة التنمية وتطلعات «إكسبو 2030»

ضمن مهرجان «رش» لفن الجداريات بمدينة الرياض

جدارية «المستحيل ليس سعودياً» للفنان فؤاد الغريب (الشرق الأوسط)
جدارية «المستحيل ليس سعودياً» للفنان فؤاد الغريب (الشرق الأوسط)
TT

«المستحيل ليس سعودياً» جدارية فنّية تتأمل رحلة التنمية وتطلعات «إكسبو 2030»

جدارية «المستحيل ليس سعودياً» للفنان فؤاد الغريب (الشرق الأوسط)
جدارية «المستحيل ليس سعودياً» للفنان فؤاد الغريب (الشرق الأوسط)

جدارية فنّية تتأمل في رحلة قطار التنمية الذي انطلق في السعودية لتحقيق تطلعاتها التنموية الكبرى، ويمرّ الطريق الناهض بالأحلام على المواعيد الكبرى التي يترقبها العالم في السعودية، التي تُوِّجت أخيراً باختيار الرياض قِبلةً لمعرض «إكسبو» عام 2030، ويتعرف العالم عن كثب على تفاصيل الرؤية السعودية تجاه المستقبل.

ويشارك الفنان السعودي فؤاد الغريب بعمله «المستحيل ليس سعودياً» ضمن أعمال مهرجان «رش» لفن الجداريات الذي انطلق في مدينة الرياض، بمشاركة دولية لأكثر من 50 مشاركاً، ما بين فنانٍ ومتحدثٍ وخبيرٍ في عدد من الفنون، يمدّون جسوراً من التواصل بين رحلة فنية سعودية ناهضة والمشهد العالمي الواسع أفقاً وتجربة.

مهرجان «رش» لفن الجداريات انطلق في الرياض بمشاركة أكثر من 50 مشاركاً (واس)

وعلى مساحة 75 متراً مربعاً، قدّم الفنان الغريب تأملاته في رحلة النهضة السعودية المعاصرة، وقال: «تتلخص فكرة العمل في تتبُّعٍ فنّي، لمسيرة المملكة منذ بدايتها حتى نجاحها أخيراً في اختيار العالم وثقته، وفوزها باستضافتين متتاليتين في معرض إكسبو 2030 وكأس العالم 2034».

ويشارك الفنان الغريب بجدارية أخرى اختار لها عنوان «طموحنا عنان السماء» وتقع على مساحة 30 متراً مربعاً، ويحتفي من خلالها بباكورة إنتاج السعودية في مجال صناعة سيارات اللوسيد، مشيراً إلى علاقة الفن بتلوين طموح الأفراد والجماعات، وتجسيد ذاكرة فنّية توثق تحولات التنمية وتطلعاتها، وتعميق الرسالة الإنسانية التي يشعر بها المرء تجاه الحياة وتفاصيلها غير المرئية.

تزينت جدران مبنى المغرزات الذي اختير محلاً لمهرجان الجداريات برسومات وإبداعات (هيئة الفنون البصرية)

وحول مهرجان «رش»، يقول الغريب في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن المهرجان جميل بتنوع أنماط الفنون وتعدد جنسيات الفنانين وتجاربهم، وعدّه بيئة واعدة ورائعة جمعت فنون العالم من شرقه إلى غربه وتنوعت فيها الثقافات وبرزت من خلاله المواهب، آملاً أن يزيد التوجه في إطلاق هذا النوع من المناسبات الفنية التي تنعكس على إثراء التجربة الفنية والمشهد الثقافي في السعودية وكل العاملين في حقوله.

جمع المهرجان فنون العالم من شرقه إلى غربه (هيئة الفنون البصرية)

حوار فنّي بين الأجيال

يواصل مهرجان «رش» لفن الجداريات، أنشطته حتى الأربعاء، واستقبال ضيوفه للاستمتاع بتفاصيل فن الجداريات المحلي والعالمي، وإجراء حوار فني سخيٍّ بالمعاني والأفكار بين أجيال كثيرة من الفنانين القدامى والجدد على اختلاف انتماءاتهم.

أيقونات للفن الجداري من أنحاء العالم، جمعها المهرجان في جسر من الخبرات بين مختلف الأجيال بدءاً من الفنان العالمي فيوتيورا 2000 المختص بفن الجداريات منذ أوائل السبعينات، الذي سُجّلت أعماله عن طريق المصورة الصحافية الأميركية مارثا كوبر؛ الممتدة جهودها في توثيق فن الجداريات لأكثر من 50 عاماً، وصولاً إلى الفنانين الناشئين الذين بدأوا رحلتهم الفنية من أروقة وزوايا المهرجان، الذي يتيح للجمهور فرصة التعلم والاستفادة من خبراء الفن الجداري ورسوماته المتنوعة.

شكّل المهرجان نقطة التقاء عالمية لمحبي الفن الجداري (هيئة الفنون البصرية)

وشكّل المهرجان الذي تنظمه هيئة الفنون البصرية في نسخته الثانية، نقطة التقاء عالمية لمحبي الفن الجداري وعشاق تفاصيله، وقدم مواءمة جديدة بين كبار وصغار الرسامين، على اختلاف المفاهيم والرؤى القديمة والحديثة التي انعكست على ثراء وعمق وحيوية النقاشات وورش العمل.

فيما تزينت جدران مبنى المغرزات، الذي اختير محلاً لإبداعات النسخة الثانية من مهرجان الجداريات، برسومات وإبداعات أعادت التعرف على التراث البصري الغني؛ وكشف عدداً من الرؤى الجمالية، وبناء مجموعة من المفاهيم الإبداعية، التي قدّمها مجموعة من الفنانين المختصين في مجال الجداريات والرسومات والفنون.

قدم المهرجان مواءمة جديدة بين كبار وصغار الرسامين (هيئة الفنون البصرية)


مقالات ذات صلة

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

يوميات الشرق أبطال أحد العروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي في بنغازي (وال)

بنغازي الليبية تبحث عن الضحكة الغائبة منذ 12 عاماً

بعد انقطاع 12 عاماً، عادت مدينة بنغازي (شرق ليبيا) للبحث عن الضحكة، عبر احتضان دورة جديدة من مهرجان المسرح الكوميدي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق خالد ربيع خلال تسلّمه جائزة الفيلم السعودي (إدارة المهرجان)

فيلمان سعوديان يحصدان جوائز في «الفيوم السينمائي» بمصر

اختُتمت، مساء الجمعة، فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة الذي أُقيم بمحافظة الفيوم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

بالتضامن مع القضية الفلسطينية والاحتفاء بتكريم عدد من السينمائيين، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من مهرجان «القاهرة للسينما الفرانكفونية»، الخميس.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق عروض الأراجوز تشهد إقبالاً كبيراً من تلاميذ المدارس (إدارة الملتقى)

ملتقى مصري لحماية الأراجوز وخيال الظل من الاندثار

مساعٍ لحماية الأراجوز وخيال الظل والعرائس التقليدية من الاندثار بوصفها من فنون الفرجة الشعبية بمصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

يراهن مهرجان «الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة» في نسخته الأولى التي انطلقت، الاثنين، على الفنون المعاصرة.

أحمد عدلي (الفيوم (مصر))

جولات ميدانية شبابية تعيد اكتشاف دروب القاهرة التاريخية

جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)
جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)
TT

جولات ميدانية شبابية تعيد اكتشاف دروب القاهرة التاريخية

جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)
جولات «تمشية» توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة بأسلوب سرد مشوق (صفحة المعز لدين الله على الفيسبوك)

لا تدور أحداث التاريخ في الكتب فقط، ولا ترويها مقتنيات المتاحف وحدها، ولا يقتصر استكشافها على الزيارات الروتينية التقليدية لأمكنة بعينها؛ فثمة شوارع وأزقة تجسد جواهر مخفية، يفوح منها أريج الزمن، وتحمل بين جنباتها ملامح الحضارات القديمة.

وانطلاقاً من هذه الرؤية عرفت القاهرة أخيراً تنظيم جولات سياحية جماعية ومنتظمة سيراً على الأقدام إلى شوارعها التاريخية ومواقعها العتيقة؛ حيث أسست مجموعة من شباب الآثاريين والباحثين المصريين صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو أبناء المدينة إلى هذه الجولات بعنوان «تمشية»، ليتنقلوا بشغف بين ممرات الماضي سيراً على الأقدام مسترشدين بمصاحبة المتخصصين.

جواهر معمارية ومبانٍ تاريخية وسط صخب المدينة (صفحة سراديب على فيسبوك)

ولاقت هذه المبادرات الشبابية المستقلة إقبالاً لافتاً من جانب المصريين إلى حد أن حصدت عبر مواقع التواصل مئات الآلاف من المتابعين الشغوفين بمعرفة تاريخ بلادهم، وفق الأثري حسام زيدان مؤسس صفحة «سراديب»: «قمت بالتعاون مع اثنين من المؤرخين، وهما إبراهيم محمد ومصطفى حزين، بإطلاق هذه المبادرة بهدف رفع الوعي الأثري وإعادة اكتشاف بعض أحياء القاهرة وشوارعها الخلفية ذات العبق التاريخي، والزاخرة بالمعالم الأثرية».

وتساهم «سراديب» وغيرها من الصفحات والـ«جروبات» الإلكترونية في تنمية الحس السياحي عند المواطنين، وربطهم بتاريخ بلادهم بحسب زيدان: «كثير من المصريين لا يعرفون القدر الكافي عن حضاراتهم، ولم يسبق لهم زيارة أماكن ووجهات سياحية مهمة يأتي إليها السياح من مختلف دول العالم؛ فأردنا أن نحقق لهم ذلك وننشر الثقافة الأثرية بينهم».

تكونت صداقات بين أعضاء الجولات (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

ويضيف زيدان لـ«الشرق الأوسط»: «تتميز هذه الجولات بأنها تعتمد في الأساس على السير على الأقدام، ما يتيح فرصة أكبر لتأمل كل التفاصيل، والاستمتاع بالملامح الإنسانية والمعمارية المتفردة في هذه الأماكن، وتختلف عن الزيارات الفردية بأنها توفر معلومات دقيقة وحكايات تاريخية موثقة من متخصصين يقدمونها عبر أسلوب سرد علمي مشوق؛ حيث ينغمس الجميع بشغف في قلب الحضارات القديمة التي شهدتها مصر، في جولات مُنظمة بعناية».

الجولات تجتذب العشرات (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

وفيما «يرتبط اهتمام الكثير من المصريين بالمناطق الأثرية الشهيرة مثل الأهرامات، وقلعة صلاح الدين، فإنها تأخذهم إلى مناطق أخرى مهمة للغاية بالقاهرة العتيقة على غرار (باب الوزير)، و(الدرب الأحمر)، و(أسوار قلعة صلاح الدين)، و(صحراء المماليك)، و(سفح المقطم) و(الإمام الشافعي)». وفق زيدان.

ويشير مؤسس صفحة «سراديب» إلى أن «هذه المبادرات تسهم في إجادة التعامل مع السياح الأجانب، وتنشيط السياحة من خلال الحسابات الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يقوم الزوار بنشر صورهم في الأماكن التاريخية، مع شرح لتفاصيل المكان بلغات مختلفة، وفوجئنا بأشخاص من دول أجنبية مختلفة يراسلوننا ويطلبون تنظيم (تمشية) مماثلة في شوارع القاهرة عند زيارتها».

جولة في قلب القاهرة يصاحبها شرح علمي مبسط (صفحة سراديب على فيسبوك)

وتعد صفحة «شارع المعز» على «فيسبوك» واحدة من الصفحات الأكثر نشاطاً في تنظيم جولات «التمشية»، يقول أحمد صابر مؤسس الصفحة لـ«الشرق الأوسط»: «التاريخ لا يُحكى فقط في الأماكن البعيدة، المعزولة، لكنه يعيش أيضاً بين الناس في أماكن صاخبة وحيوية، وعلينا أن نقدرها جيداً، ونستمع لحكاياتها، لذلك ننظم جولات على الأقدام في شوارع القاهرة، المليئة بالمساجد والأسبلة والبيوت والمقابر الأثرية وغير ذلك».

ويلفت إلى أن «الكثير من الأشخاص يمرون على هذه المباني يومياً، لكنهم لا يعرفون حجم عظمتها وندرتها، ومنها (شارع المعز) الذي اتخذناه رمزاً للصفحة لكننا نتجول في مختلف أنحاء المدينة».

وأضاف صابر: «تتيح الصفحة - التي تضم عدداً كبيراً من خبراء الآثار والباحثين - للمنضمين للتمشية الاستكشاف الغامر الذي يتجاوز المألوف للمناطق التاريخية، ويحكي عن عالم لم ير معظم الناس مثله في الدول المختلفة، ففي مصر حضارات أضافت الكثير للإنسانية».

الجولات الميدانية تربط المصريين بتاريخ بلادهم (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

وتحت عنوان «تعالوا نعرف مصر» أسست خبيرة ترميم الآثار دكتورة ندى زين الدين جروباً آخر للتمشية، يحتفي بزيارة الأماكن غير المعروفة والأحياء المصرية العتيقة، التي تعدها موطن الأصالة المصرية، وتقول زين الدين لـ«الشرق الأوسط»: «نزور أحياء مثل المنيرة، والناصرية، والضاهر، وشبرا، والزمالك، ومن خلال التمشية فيها نسرد تاريخ الحي وكل ما له علاقة بالآثار والفلكلور والفن والعمارة».

الأحفاد يتطلعون إلى استكشاف حضارة الأجداد (صفحة المعز لدين الله الفاطمي على فيسبوك)

وتتابع: «كما نحتفي بالسياحة البيئية؛ حيث تتجه بعض جولاتنا إلى مناطق بعينها تشتهر بأنشطة معينة، وهو ما أعتبره كنزاً آخر من كنوز مصر».

وتعتبر زين الدين استكشاف هذه المناطق عبر السير على الأقدام «فرصة لاستنشاق عبق التاريخ، مع ممارسة الرياضة المفضلة للكثيرين، خصوصاً في الشتاء؛ حيث نخرج في التاسعة صباحاً في العطلة الأسبوعية، وتكون القاهرة في ذلك الوقت غير مزدحمة».